أصبح الشعب السوداني يسرح في عالم الأحلام والطموح أمر يثير السخرية ، فالشعب البائس الكسيح و واقعنا المتردي العبثى لا يترك لنا مجالاً للحلم و لغد أفضل و عالم أجمل …فصارت كل الوقائع و الأحداث تصب في نهر العدم وتخبرنا بأن الانصهار فيه هو الحل …فلا أمل ولا أفق …ولكن لن أستسلم لهذا الواقع الأليم و المحبط ،ولن أرفع الراية ،ولن أترك مداعبة حلمى ،و لن اتعب من ملاحقته … فسأظل أحلم بوطن تسود فيه العدالة الاجتماعية ودولة القانون والمؤسسات وتقدس فيه المواطنة وقيمها …وطن تصان فيه للمواطن كرامته، و لا يخاف أن تدوسه رجل الطغيان والظلم والجهل المقدس وتجرفه تيارات الأفكار الرجعية و تصيبه بالبلادة وضمور العقل…وطن لا يستبدل فيه الجيش بالمليشيات …وطن لا مكان فيه لتحكم أصحاب الهوس الديني …وطن يتخرج فيه الطالب من الجامعة وقد تلقى ما يساعده على المساهمة في بناء الدولة و يعرف أن المحسوبية والوساطة لن تمكن أي كائن من اختطاف حقه في العمل …وطن يحتفى بنخبه ولا يلفظها كما يلفظ الجسم الفضلات والقذارة …وطن لا مكان فيه للاستبعاد والاستغلال …وطن متصالح مع ذاته واختلاف مكوناته ولا تحاك فيه المؤامرات من إجل اقصاء فئة من الشعب أو استئثار أخرى بخيرات الدولة …وطن نتقاسم فيه كل التفاصيل الجميلة ونثرى تنوعنا ونحوله إلى مصدر قوة و ليس سببا في النزاع والاقتتال . ومن أحلامى أن يتصالح الشعب بغض النظر عن الفتنة التي زرعها اصحاب الهوس الديني في مجتمعنا السوداني فكلنا واحد أبناء لهذا الوطن …و أن أعيش حتى أسمع أن العنصرية القبلية قد تحولت إلى أخاء و سلام ومحبة ،وأن الشعب قد أيقن أن العنصريه القبلية أمر يهدم استقرار السودان ويقضى على مستقبله وينافي الانسانية وقيمها المتسامحة .