عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطيخة سكانها عبيد !
نشر في حريات يوم 01 - 03 - 2017


خواطر ومواقف وأفكار
عبدالله محمد أحمدالصادق
مقدمة:
سارت مواكبنا في شوارع الخراطيم احتجاجا علي أحكام الاعدام الصادرة ضد الاخون المسلمين في تونس وسارت مواكبنا في نفس الشوارع تأييدا لاعدام محمود محمود محمد طه رائد الديموقراطية وحاديها وشهيدها الأول ، وسارت مواكبنا في شوارع الخراطيم تضامنا مع الضحايا في غزة وسوريا أما الضحايا في الجنوب ودار فور وبورسودان وكجبار وأمرى فلم يحس بهم أحد في السودان ، وفي الهند انطلقت المظاهرات تضامنا مع طالبة جامعية تعرضت للاغتتصاب، ، وفي المغرب انطلقب المظاهرات في كل المدن تضامنا مع شاب يبيع السمك صادرت السلطة بضاعته فتسلق عربة القمامة ودارت آلة الضبغط فقتلته ضغطا مع النفايات، واندلعت الثورة في تونس وأسقطت النظام بسبب شاب صادروا بضاعته فأحرق نفسه احتجاجا ، وضاع ثلث السودان وثلثي موارده الطبيعية ولم يأسف له أحد في السودان ، وبيعت الأراضي الخصبة للدول والشركات الأجنبية وأصبح المواطن السوداني أجيرا في الأرض عودا الي عصور السخرة والقنانة والاقطاع، ولا تختلف ألاعيب سماسرة السياسة الدولية والاقليمية عن ألاعيب سماسرة العقارات في الخراطيم ، ومن المتوقع تصدير آخر برميل من النفط من دول الخليج العربي قبل منتصف هذا القرن علي أحسن التقديرات وقد يأتي العرب ويطالبوننا بالرحيل من السودان ونحن في فضائياتنا السودانية علي مايرام عنواننا المخيم التسعون، وكان البترول الذى تفجر في أرض العرب استجابة لدعاء جدهم ابراهيم وبالا علينا في السودان، فقد هاجرنا اليهم نبني لهم بلادهم وتركنا بلادنا للخراب كحاضنة بيض غيرها وتاركة بيضها في العراء زهدا بما في أيدينا وطمعا في الريالات والدولارات البترولية، فكيفلا نكون في منظور طفل سورى في برنامج الفوازير بطيخة سكانها عبيد تؤكل ويرمي بقشورها وبذورها في كيس القمامة، وكيف أصبحنا كأسيفة فخرت بحدج حصان والحدج الهودج فيه المرأة علي البعير والحصان المرأة الحرة والأسيفة خادمتها، وكيف هان السودان علي أهله وأصبح وطنا بلا وجيع وكيف أصبحنا كما يقال في المثل بيت أبوك كان خرب شيل ليك منوشلية؟ تساؤلات يتحتم عليها والا فالسقوط الي قاع الهاوية.
التركية الأولي:
تساءل عثمان ميرغني بعموده بالتيار لماذا تعاطف السودانيون مع الكمرون ضد الفريق القومي المصرى في منافسات كأس الأمم الأفريقية؟وحاول أن يربط ذلك بقضية حلايب وشلاتين، ولم يكترث السودانيون بانفصال الجنوب فكيف يهتمون بحلايب وشلاتين؟ وقد يكون ذلك ترسبات في الغقل الباطن من الكراهية والحقد الدفين ضد الاستعمار المصرى الذى يعرف في التارخ بالتركية الأولي، وللشايقية والمناصير الكثير من الشهداء في معركة القيقر التي وثقها لنا ود حسونة شاعر الشايقية والشاعر شاهد علي العصر، وكذلك الجعليون لهم الكثير من الشهداء في شندى والمتمة والهدندة في الشرق والنوبة في الشمال ، وكانت مهيرة بت عبود والعزة أم حمد تحرضان الرجال علي القتال أما مندى بت السلطان عجبنا في جبال النوبة فكانت مقاتلة في الصفوف الأمامية، وامتدت المقاومة ضد الحيش المصرى الانجليزي التركي الي الدينكا والنوير والباريا في الجنوب، واعترض بعض القراء الذين يلتقون بي عندما قلت ان النوبة في الشمال والبجا في الشرق ظلوا يقاومون الغزاة المسلمين سبعة قرون بحجة ان المسلمين كانوا أمة رسالية وليس غزاة استعماريين ، وهذا أكذوبة من الأكاذيب الملفقة في كتب التاريخ ومنع عمر بن الخطاب مصادرة الأرض من أهلها وبعد عمر أصبح العرب ملوكا اذا دخلو قرية أفسدوا فيها، يجعلون من أعزة أهلها أذلة ويصادرون أرضهم ودورهم وذهبهم وفضتهم ويسترقون نساءهم واطفالهم ويحولون معابدهم الي مساجد باسم اعزاز الاسلام واذلال الكفر ولا عزة للاسلام الا بالرحمة والاحسان ولا يستثني من ذلك الا سنتان من حكم عمر بن عبد العزيز، وما أرسلناك الا رحمة للعالمين، وللحيوانات والطيور في الغابة أرض تدافع عنها من الدخلاء الطامعين وتحمي الطيور أعشاشها والحيوانات صغارها، والجهاد فريضة علي كل أمة دفاعا عن الأرض والعرض وليس عدوانا والله لا يحب المعتدين، وفي صلح الحديبية اعترض زعماء قريش علي استهلال وثيقة الصلح بعبارة بسم الله الرحمن الرحيم هذا من محمذ رسول الله فقالوا لو كنا نعترف بأنك رسول الله لما قاتلناك فأمر النبي باستهلال الوثيقة بعبارة باسمك اللهم رجوعا الي قوله تعالي أدعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، وفي التركية الأولي التي وصفها شاعر من ذلك الزمان بأنها حوض رملة قط مابيروى هاجر الرعاة بماشيتهم الي أثيوبيا ودارفور هربا من فساد وعنف جباة الضرائب والآتاوات الباهظة مثلما هربوا الآن الي تشاد وأفريقيا الوسطي، وتوقفت السواقي عن العمل فقد كان المزارع كما هو الآن في عهد الانقاذ تلت للطير وتلت للزبير وتلت للاسبير والمزارع فاعل خير فما أشبه الليلة بالبارحة.
عروبةا لسودان:
لا تختلف حلايب عن المثلث السوداني في الحدود السودانية الكينية فلماذا حلايب؟ ولماذا تجاهلوا ذلك المثلث الذى كان أرضا سودانية؟ تساؤلات أجاب عليها الترابي عندما قال ان الجنوب ليس سوى تابغ بمعني انه ليس طرفا أصيلا في السودان، وعند ما قال ان الحرب في الجنوب دفاع عن ثغور العروبة والاسلام، ونافع علي نافع عندما قال لو أن الانقاذ لم تنجز شيئا سوى فصل الجنوب لكان ذلك انجازا، والطيب مصطفي عندما ذبح الذبائح احتفالا بانفصال الجنوب، وبدليل أن حكومة الانقاذ كانت تعمل ضد الوحدة الجاذبة التي التزمت بها في اتفاقيات نيفاشا، ومن ذلك تحييد العاصمة القومية عندما هددت جماعة الصادق عبدالله عبد الماجد بتحويل شوارع الخرطوم الي أنهار من الدم، وقال ابراهيم أحمد عمر ان تحييد العاصمة يعني الانتقاص من سيادة الدولة بمعني أنها عاصمة السودان العربي المسلم وليست عاصمة السودان الواحد والا لما كان التحييد ينتقص من سيادتها، وبدليل هوية السودان العربية والاسلامية القاسم المشترك بين الأحزاب الطائفية والاسلامية،ولولا أن الدستور الانتقالي كان حبرا علي ورق وحبالا بلا بقر لما انفصل الجنوب، وبدليل أن أدعياء العروبة والاسلام تحالفوا مع الحركات الانفصالية ومولوها وسلحوها واستعانو بها في حربهم ضد جون قرنق ومشروع السودان الجديد وأسموها بالقوات الصديقة، وتحالفوا مع جيش الرب وهو ملشيات مسيحية تسعي لتكوين دولة مسيحية في شمال أوغندا وجنوب السودان لأن ذلك يساعدهم علي التخلص من الجنوب وجون قرنق ومشروع السودان الجديد وهو مشروع وحدوى يقوم علي دولة المواطنة وما لله لله وما لقيصر لقيصر، وبدليل أنهم كانوا يزعمون ان مشروع السودان الجديد يقوم علي حساب هوية السودان العربية والاسلامية تمسكا بسودانهم القديم الذى أسسوه من واقع تحيزاتهم العنصرية ومصالحهم الاقتصادية وامتيازاتهم التي حصلوا عليها في غفلة من الزمن، وبدليل أن الحكومات الوطنية المتعاقبة منذ الاستقلال لم يكن لديها مشروعا خاصا للنهوض بالمناطق المتخلفة ومنها جنوب السودان كمشروع النهوض بالمناطق المتخلفة في ماليزيا والتمييز الايجابي في مجال التعليم للسود في أميركا الذى تضمنه قانون الحقوق المدنية في الستينيات من القرن الماضي، وبدليل أنهم كانوا يزعمون ان الحرب في الجنوب استنزفت الشمال بدليل مشروع عبد الرحيم حمدى الذى تحول من الجهوية الي القبلية علي حساب المهجرين بسبب خزان الحامداب، أما أدعياء العروبة والاسلام الذين جعلوا من الاسلام كاليهودية دينا عنصريا فقد كان بعضهم يرى ان الجنوب عقبة كأداء أمام مشروعهم الاسلامي ولا بد من التخلص منه وهؤلاء هم جماعة الطيب مصطفي، وبعضهم يرى ان الجنوب أرض اسلامية لا يجوز التخلي عنه وهؤلاء هم الدواعش الذين يريدونه أرضا بلا شعب، ويكفي هذا دليلا علي أنها للسلطة والقوة والمال والجاه والنفوذ لأن الجنوب كان جسرا للاسلام واللغة العربية من شمال القارة الي جنوبها حتي المحيط الهندى، وأتوقع أن تتراجع العربية أمام الانجليزية وكان عربي جوبا لغة الحياة اليومية في جنوب السودان والقبائل الحدودية شرقا وغربا وجنوبا، وقال أرنولد تويبني الفيلسوف الأيرلندى الشهير ان اللغات تختفي في مثل هذه الحالات في الجيل الثالث، وبدليل ان الترابي تجاهل قرار منظمة الوحدة الأفريقية الصادر في سنة1965 وبموجبه أصبحت الحدود التي ورثتها الدول الأفريقية من الاستعمار حدودا نهائية وبناء عليه رفضت المنظمة انفصال كاتنقا في نيجريا، وكان السودان وحدة ادارية في التركية الأولي والثانية، والسودان أقدم الدول العربية والأفريقية تحديدا فقد كان يعرف بأملاك الخديوي في أفريقيا تحت حماية الأمبراطورية البريطانية منذ القرن الثامن عشروكان ذلك يشمل أوغندا وارتيريا، ولم تتشكل حدود الدول العربية والأفريقية الا في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان الطيب مصطفي في الانتباهة يزعم ان مشروع السودان الجديد مخطط لطرد العرب من السودان لاستقطاب القبائل العربية التي سلحوها ضد القبائل الأفريقية، ولا يختلف الاخوان المسلمون في السودان وتركيافي الكذب علي الله والناس بدليل ان حزب العدالة والتنمية يحاول ارضاء القوميين الترك الذين يعارضون دولة المواطنة منذ مصطفي كمال أتاتورك ويريدون تركيا للاتراك، ولو كان الاسلام هوية سياسية كما يزعم الطيب مصطفي لما كان للأكراد مشكلة في تركيا والعراق وايران.
الاستعانة بالخارج علي الداخل:
لولا سماسرة السياسة ومرتزقتها من شاطين الانس الذين كانوا ولا يزالون يتاجرون بالسودان في سوق السياسة الدولية والاقليمية ويستعينون بالخارج علي الداخل لما كنا في هذا النفق المظلم والمصير المجهول ولما انفصل الجنوب، فقد تعرضنا لغزو من الجماعات السلفية وأعداء اليموقراطية في العلم العربي بجنود من ريالات ودولاات بترولية اخلت بتوازناتنا الاثنية وأفسدت حياتنا السياسية وأضعفت شعورنا القومي واحساسنا الوطني فأصبح السودان وطنا بلا وجيع، ولوكانت الهوية رجلا لقتلته فهي ليست مزارع ومصانع ومدارس ومستشفيات، وانتقلت بنا مايو من توتو كورة وحاكمية الاتحاد الاشتراكي ال حاكمية الله، ومن الكريملن في موسكو الي البيت الأبيض في واشنطن ومن طرابلس الي القاهرة ومن طهران الي الرياض، وأدعياء العروبة في السودان كأسيفة فخرت بحدج حصان في مناقضات جرير والفرزدق، بدليل أن الخرطوم في نظر ظفل سورى في برنامج الفوازير بطيخة سكانها عبيد والبطيخة توكل ويرمي بقشرتها وبذورها في برميل القمامة، وهذا شأن السمسار بين البائع والمشترى، والسود في نظر العرب عبيد بالميلاد وهم كالبيض في أميركا وجنوب أفريقيا الذين لم يكونوا يعترفون بأن اعتناق المسيحية يرقي بالسود الي مرتبة البيض، ويذكرني ذلك بافلاطون عندما قال الشكر لله الذى خلقني ذكرا وليس أنثي وحرا وليس عبدا بمعني ان الانسان يخلق حرا أو عبدا مثلما يخلق ذكرا أو أنثي، والرق في الاسلام حرام قطعا لأنه اهانة للانسان الذى كرمه الله ولأنه ظلم مبين والظلم أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ولم تكن تبريرات محمد ابراهيم نقد في كتابه علاقات الرق في المجتمع السوداني تختلف عن تبرير أفلاطون ومحمد متولي الشعراني لكنه أدان الرق ادانة واضحة، وكانت الادارة البريطانية أقرب الي القرءان الكريم عندما تفادت تحريم الرق بجرة قلم علي الرغم من تواصل ضغوط جماعات محاربة الرق في لندن لكنها فشلت في تفادى انهيار القطاع الزراعي وماترتب علي ذلك من المجاعات، وأدعياء العروبة في السودان يبتزون العرب بأنهم عربوا لهم مليون ميل مربع في مجاهل أفريقيا ويطالبون بالأتعاب ريالات ودولارات بترولية، بدليل أنهم لا يريدون شريكا أفريقيا في سودانهم العربي الاسلامي،بدليل سياسات الأرض المحروقة في عهد حسن بشير نصر وزير الدفاع في حكومة عبود وفي عهد الانقاذ، وبدليل ان الحركة الشعبية أطلقت سراح ثلاثة ألف أسير ولم يكن لحكومة الانقاذ أسيرا واحدا، وأذكر أن الصادق المهدى اتهم الجبهة الاسلامية بتلقي الأموال من الخارج عبر منظمة الدعوة الاسلامية ورد الترابي بأن حزبه حزب دعوى يلتقي مع المنظمة في أهدافها ومن حقه الاستفادة من أموالها، ومنظمة الدعوة الاسلامية منظمة اقليمية استضافها السودان لأهداف انسانية لكنها كانت ولا تزال ضالعة في السياسة الداخلية.
حلايب وشلاتين:
كان محمود في الصحافة السودانية شخصية رمزية وكذلك عنتر الراكب الهنتر وحماد في المثل السوداني الخيل تقلب والشكر لي حماد،ولا أعرف من بدأ باختراع الشخصيات الرمزية وقد يكون السلمابي أو عبدالله رجب، ومحمود يريد أن يعرف لماذا حلايب سودانية ؟ لأنه هو الذى يتحمل فواتير الحرب وويلاتها، ولماذا يدعي المصريون بأنها مصرية؟ وحماد يريد بالونات اعلامية ودعاية شخصية فيطلق التصريحات العنترية، والاجابة علي تسؤلات محمود لدى ادارة الحدود التابعة لوزارة الداخلية بصفتها الجهة المختصة لكن حماد يحتكر الحديث باسمها، وحماد في مصر دعا الي ضرب سد النهضة بالطائرات، وثبت من التحيق الذى نشرته جريدة التيار ان عنتر الراكب هنتر هو الذى أغرى نميرى بالتنصل من اتفاقية أديسأبابا وافشال السلام، وأذكر أن مجلة المصور المصرية في الثمانينيات نشرت تحقيقا حول حلايب تضمن صورا من المكاتبات التي دارت بين الحكومة المصرية والحاكم العام حول تبعية حلايب الي مصر اداريالأسباب تتعلق بالتداخلات القبلية مما يعني أنها كانت في الأصل سودانية، ولا يفترض أن تحال هذه المكاتبات الي دار الوثائق المركزية لآن النزاع لا يزال حيا، وأذكر أيضا أن ضابط شرطة أعد رسالة حول حلايب وشلاتين لنيل الماجستير وربما كان من العاملين بادارة الحدود، لكنني أضعت الرسالة وأضعت اسم الضابط، وتعذر الاتصال بالأصدقاء من ضباط الشرطة القدامي الذين التقيت بهم في دروب الخدمة العامة وصولا الي الرسالة أو اسم ذلك الضابط فقد يكون من الاحياء، فقد تفرقت بنا السبل وامتدت بيننا المسافات، وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا، وقد توجد الرسالة لدى ادارة الحدود أو ادارة المعلومات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء ولديها كنوز من المعلومات، وهذا شأن الباحثين من الشباب ولا حيلة لرجل في العقد الثامن مثلي يعاني من الفقر وأمراض الشيخوخة سوى ذاكرته الهرمة، وبمناسبة الاستفتاء علي الوحدة بين مصر وسوريا في سنة 1958 أرسلت الحكومة المصرصناديق الاستفتاء الي حلايب بأعتبارها أرض مصرية، فتوترت العلاقات ولم يكن أمام عبد الله خليل رئيس وزراء السودان خيار سوى اعلان التعبئة العامة، وخير مثال للفساد السياسي والاستعانة علي الداخل بالخارج وقوف دعاة وحدة وادى النيل مع مصر ضد السودان وعبد الله خليل وكذلك الشيوعيون من منطق معارضة عبد الناصر لحلف بغداد الذى تكون لمحاربة المد الشيوغي في الشرق الأوسط، لكن عبد الناصر أنفذ عبدالله خليل من ورطته عندما أمر بسحب صناديق الاستفتاء من حلايب لآن الحرب تتنافي مع مشروع الوحدة العربية الذى تبناه عبد الناصر، وكان مؤتمر الخريجين أصل الفساد السياسي وجرثومته الأولي باستثتاء عرفات محمد عبد الله الذى كان له موقفا ضد الطائفية، وذلك لأن كل حركات التحرر من الاستعمار تحولت الي أحزاب قومية ما عدا مؤتمر الخريجين في السودان الذى انقسم الي حزبين طائفيين، ولو أن أبو الطيب عاش في السودان لقال المال أكثر انباءا من السيف والقلم ولقالت له أقلامه أكتب به قبل الكتاب بنا فنحن للأموال كالخدم، وقد يحتج المصريون بأن حلايب تقع شمال خط العرض 22 الحد الفاصل دوليا بين السودان ومصر، لكن التبعية الادارية ليست حقا أصيلا بدليل أن السودان أعاد قمبيلا الي أثيوبيا في سنة 1956، والقول الفصل لأهل حلايب مثلما كان القول الفصل في الانفصال لأهل الجنوب، وادرة الحدود مطالبة بتنوير الشعب السوداني لأن حماد يستغل القضية استغلال سيئا وكذلك عنتر الراكب الهنتر.
مثلث قمبيلا:
بدأت الادارة البريطانية بقيادة ونجت الحاكم العام ومؤسس الدولة الحديثة في السودان بمطاردة تجارالرقيق، وفي العشرينيات من القرن الماضي تمكنت من استئصالهم والقضاء عليهم لكن بعضم هرب الي قمبيلا علي الحدود السودانية الأثيوبية وأصبحت قمبيلا اهم سوق لتصدير الرقيق الي اسواق الرقيق في اسنا في مصر وسواكن والسعودية، وتكونت عصابة لاصطياد العبيد قي جنوب أثيوبيا بزعامة امرأة تعرف بالشيخة آمنة، وبناء عي طلب من الادارة البريطانية في السودان وافقت الحكومة الأثيوبية علي تبعية قمبيلا اداريا الي السودان، وأعادتها أول حكومة وطنية بعد اعلان الاستقلال من داخل البرلمان في عام 1956 الي أثيوبيا بناء علي طلب الحكومة الأثيوبية.
التداخلات القبلية:
أذكر أن الطيب زين العابدين قال ان التداخلات القبلية قنبلة زرعها الاستعمار، وأنها مؤامرة استعمارية ، ويقال ذلك للهروب من المسئولية وتبرير غياب المسئولية الوطنية والاخلاقية وبصفة خاصة أدعياء الاسلام وأبواقهم والمنتفعين بهم ومنهم طابورهم الخامس من أدعياء الوسطية والعقلانية كالطيب زين العابدين وحسن مكي وغازى العتباني فأين كانوا في عشرية بيوت الأشباح والصالح العام واعلان الجهاد في الحنوب والتحريض علي الكراهية الدينية والعرقية من الاذاعة والتلفذيون ومنابر المساجد وشعارات الدفاع الشعبي وبرنامج في ساحات الفداء وهي العشرية التي يتفاخر بها النجيب قمر الدين ، ومنهم سوار الذهب في لقاء مع احدى القنوات العربية، ويمكن الرجوع الي كتابي بعنوان مشاهد في الطريق الي قاع الهاوية الذى صادروه من المكتبات ومنعوا عرضه أو الاعلان عنه والتعليق عليه ويوجد بحسابي غلي الفيس بوك وكذلك كتابي بعنوان انتكاسات التحول الحضارى في السودان المحتجز لدى المصنفات الأدبية منذ أربعة أشهر، والتداخلات القبلية واقع لا يمكن تجاوزه في أفريقيا لأن القبائل الرعوية لا تعترف بالحدود السياسية أو الادارية، ومن ذلك المساى في كينيا وتنزانيا وأوغندا والزاندى في جنوب السودان وراوندا وأوغندا والعرب والقرعآن والزغاوة في السودان وتشاد والنيجر وأفريقيا الوسطي والبني عامر في أثيوبيا وارتيريا والسودان والقبائل الجنوبية في جنوب أثيوبياوالعبابدة والبشاريين في مصر والسودان ، وفي السودان 144 قبيلة وأكثر من مائة لغة قبلية فهل كان الطيب زين العابدين يتوقع دولة لكل قبيلة؟ وكذلك يزعمون أن السودان دولة مصطنعة لتبرير ما لا يمكن تبريره، والدولة كائن غير طبيعي صنعه الناس لتفادى الصراع حول الموارد الطبيعية والسلام والأمن والاستقرار، وكان الناس قبل الدولة قبائل تتصارع علي موارد والماء والطعام كالحيوانات في الغابة، ولولا الاستعمارلما كان قيام الدول في أفريقيا ممكنا فقد كانت القبيلة مؤسسة أمنية ومعسكرا حربيا، وقال محمود محمد طه ان الاسلام رسالة حضارية وأخلاقية جاءت في الوقت المناسب ، فقد كانت الحروب التوسعية سجالا بين الأمبراطوريا الاغريقية والرومانية والفاريسية علي حساب الشعوب المغلوب علي أمرها التي كانت فرائس يتصارع عليه المفترسون واناثا يتصارع عليها الفحول، وكانت القبائل العربية تتصارع علي موارد الماء والكلأ ويغير بعضها علي بعض للنهب والسلب والشعر العربي في الجاهلية شاهد علي ذلك الحال المأساوى.
خواطر ومواقف وأفكار
عبدالله محمد أحمدالصادق
مقدمة:
سارت مواكبنا في شوارع الخراطيم احتجاجا علي أحكام الاعدام الصادرة ضد الاخون المسلمين في تونس وسارت مواكبنا في نفس الشوارع تأييدا لاعدام محمود محمود محمد طه رائد الديموقراطية وحاديها وشهيدها الأول ، وسارت مواكبنا في شوارع الخراطيم تضامنا مع الضحايا في غزة وسوريا أما الضحايا في الجنوب ودار فور وبورسودان وكجبار وأمرى فلم يحس بهم أحد في السودان ، وفي الهند انطلقت المظاهرات تضامنا مع طالبة جامعية تعرضت للاغتتصاب، ، وفي المغرب انطلقب المظاهرات في كل المدن تضامنا مع شاب يبيع السمك صادرت السلطة بضاعته فتسلق عربة القمامة ودارت آلة الضبغط فقتلته ضغطا مع النفايات، واندلعت الثورة في تونس وأسقطت النظام بسبب شاب صادروا بضاعته فأحرق نفسه احتجاجا ، وضاع ثلث السودان وثلثي موارده الطبيعية ولم يأسف له أحد في السودان ، وبيعت الأراضي الخصبة للدول والشركات الأجنبية وأصبح المواطن السوداني أجيرا في الأرض عودا الي عصور السخرة والقنانة والاقطاع، ولا تختلف ألاعيب سماسرة السياسة الدولية والاقليمية عن ألاعيب سماسرة العقارات في الخراطيم ، ومن المتوقع تصدير آخر برميل من النفط من دول الخليج العربي قبل منتصف هذا القرن علي أحسن التقديرات وقد يأتي العرب ويطالبوننا بالرحيل من السودان ونحن في فضائياتنا السودانية علي مايرام عنواننا المخيم التسعون، وكان البترول الذى تفجر في أرض العرب استجابة لدعاء جدهم ابراهيم وبالا علينا في السودان، فقد هاجرنا اليهم نبني لهم بلادهم وتركنا بلادنا للخراب كحاضنة بيض غيرها وتاركة بيضها في العراء زهدا بما في أيدينا وطمعا في الريالات والدولارات البترولية، فكيفلا نكون في منظور طفل سورى في برنامج الفوازير بطيخة سكانها عبيد تؤكل ويرمي بقشورها وبذورها في كيس القمامة، وكيف أصبحنا كأسيفة فخرت بحدج حصان والحدج الهودج فيه المرأة علي البعير والحصان المرأة الحرة والأسيفة خادمتها، وكيف هان السودان علي أهله وأصبح وطنا بلا وجيع وكيف أصبحنا كما يقال في المثل بيت أبوك كان خرب شيل ليك منوشلية؟ تساؤلات يتحتم عليها والا فالسقوط الي قاع الهاوية.
التركية الأولي:
تساءل عثمان ميرغني بعموده بالتيار لماذا تعاطف السودانيون مع الكمرون ضد الفريق القومي المصرى في منافسات كأس الأمم الأفريقية؟وحاول أن يربط ذلك بقضية حلايب وشلاتين، ولم يكترث السودانيون بانفصال الجنوب فكيف يهتمون بحلايب وشلاتين؟ وقد يكون ذلك ترسبات في الغقل الباطن من الكراهية والحقد الدفين ضد الاستعمار المصرى الذى يعرف في التارخ بالتركية الأولي، وللشايقية والمناصير الكثير من الشهداء في معركة القيقر التي وثقها لنا ود حسونة شاعر الشايقية والشاعر شاهد علي العصر، وكذلك الجعليون لهم الكثير من الشهداء في شندى والمتمة والهدندة في الشرق والنوبة في الشمال ، وكانت مهيرة بت عبود والعزة أم حمد تحرضان الرجال علي القتال أما مندى بت السلطان عجبنا في جبال النوبة فكانت مقاتلة في الصفوف الأمامية، وامتدت المقاومة ضد الحيش المصرى الانجليزي التركي الي الدينكا والنوير والباريا في الجنوب، واعترض بعض القراء الذين يلتقون بي عندما قلت ان النوبة في الشمال والبجا في الشرق ظلوا يقاومون الغزاة المسلمين سبعة قرون بحجة ان المسلمين كانوا أمة رسالية وليس غزاة استعماريين ، وهذا أكذوبة من الأكاذيب الملفقة في كتب التاريخ ومنع عمر بن الخطاب مصادرة الأرض من أهلها وبعد عمر أصبح العرب ملوكا اذا دخلو قرية أفسدوا فيها، يجعلون من أعزة أهلها أذلة ويصادرون أرضهم ودورهم وذهبهم وفضتهم ويسترقون نساءهم واطفالهم ويحولون معابدهم الي مساجد باسم اعزاز الاسلام واذلال الكفر ولا عزة للاسلام الا بالرحمة والاحسان ولا يستثني من ذلك الا سنتان من حكم عمر بن عبد العزيز، وما أرسلناك الا رحمة للعالمين، وللحيوانات والطيور في الغابة أرض تدافع عنها من الدخلاء الطامعين وتحمي الطيور أعشاشها والحيوانات صغارها، والجهاد فريضة علي كل أمة دفاعا عن الأرض والعرض وليس عدوانا والله لا يحب المعتدين، وفي صلح الحديبية اعترض زعماء قريش علي استهلال وثيقة الصلح بعبارة بسم الله الرحمن الرحيم هذا من محمذ رسول الله فقالوا لو كنا نعترف بأنك رسول الله لما قاتلناك فأمر النبي باستهلال الوثيقة بعبارة باسمك اللهم رجوعا الي قوله تعالي أدعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، وفي التركية الأولي التي وصفها شاعر من ذلك الزمان بأنها حوض رملة قط مابيروى هاجر الرعاة بماشيتهم الي أثيوبيا ودارفور هربا من فساد وعنف جباة الضرائب والآتاوات الباهظة مثلما هربوا الآن الي تشاد وأفريقيا الوسطي، وتوقفت السواقي عن العمل فقد كان المزارع كما هو الآن في عهد الانقاذ تلت للطير وتلت للزبير وتلت للاسبير والمزارع فاعل خير فما أشبه الليلة بالبارحة.
عروبةا لسودان:
لا تختلف حلايب عن المثلث السوداني في الحدود السودانية الكينية فلماذا حلايب؟ ولماذا تجاهلوا ذلك المثلث الذى كان أرضا سودانية؟ تساؤلات أجاب عليها الترابي عندما قال ان الجنوب ليس سوى تابغ بمعني انه ليس طرفا أصيلا في السودان، وعند ما قال ان الحرب في الجنوب دفاع عن ثغور العروبة والاسلام، ونافع علي نافع عندما قال لو أن الانقاذ لم تنجز شيئا سوى فصل الجنوب لكان ذلك انجازا، والطيب مصطفي عندما ذبح الذبائح احتفالا بانفصال الجنوب، وبدليل أن حكومة الانقاذ كانت تعمل ضد الوحدة الجاذبة التي التزمت بها في اتفاقيات نيفاشا، ومن ذلك تحييد العاصمة القومية عندما هددت جماعة الصادق عبدالله عبد الماجد بتحويل شوارع الخرطوم الي أنهار من الدم، وقال ابراهيم أحمد عمر ان تحييد العاصمة يعني الانتقاص من سيادة الدولة بمعني أنها عاصمة السودان العربي المسلم وليست عاصمة السودان الواحد والا لما كان التحييد ينتقص من سيادتها، وبدليل هوية السودان العربية والاسلامية القاسم المشترك بين الأحزاب الطائفية والاسلامية،ولولا أن الدستور الانتقالي كان حبرا علي ورق وحبالا بلا بقر لما انفصل الجنوب، وبدليل أن أدعياء العروبة والاسلام تحالفوا مع الحركات الانفصالية ومولوها وسلحوها واستعانو بها في حربهم ضد جون قرنق ومشروع السودان الجديد وأسموها بالقوات الصديقة، وتحالفوا مع جيش الرب وهو ملشيات مسيحية تسعي لتكوين دولة مسيحية في شمال أوغندا وجنوب السودان لأن ذلك يساعدهم علي التخلص من الجنوب وجون قرنق ومشروع السودان الجديد وهو مشروع وحدوى يقوم علي دولة المواطنة وما لله لله وما لقيصر لقيصر، وبدليل أنهم كانوا يزعمون ان مشروع السودان الجديد يقوم علي حساب هوية السودان العربية والاسلامية تمسكا بسودانهم القديم الذى أسسوه من واقع تحيزاتهم العنصرية ومصالحهم الاقتصادية وامتيازاتهم التي حصلوا عليها في غفلة من الزمن، وبدليل أن الحكومات الوطنية المتعاقبة منذ الاستقلال لم يكن لديها مشروعا خاصا للنهوض بالمناطق المتخلفة ومنها جنوب السودان كمشروع النهوض بالمناطق المتخلفة في ماليزيا والتمييز الايجابي في مجال التعليم للسود في أميركا الذى تضمنه قانون الحقوق المدنية في الستينيات من القرن الماضي، وبدليل أنهم كانوا يزعمون ان الحرب في الجنوب استنزفت الشمال بدليل مشروع عبد الرحيم حمدى الذى تحول من الجهوية الي القبلية علي حساب المهجرين بسبب خزان الحامداب، أما أدعياء العروبة والاسلام الذين جعلوا من الاسلام كاليهودية دينا عنصريا فقد كان بعضهم يرى ان الجنوب عقبة كأداء أمام مشروعهم الاسلامي ولا بد من التخلص منه وهؤلاء هم جماعة الطيب مصطفي، وبعضهم يرى ان الجنوب أرض اسلامية لا يجوز التخلي عنه وهؤلاء هم الدواعش الذين يريدونه أرضا بلا شعب، ويكفي هذا دليلا علي أنها للسلطة والقوة والمال والجاه والنفوذ لأن الجنوب كان جسرا للاسلام واللغة العربية من شمال القارة الي جنوبها حتي المحيط الهندى، وأتوقع أن تتراجع العربية أمام الانجليزية وكان عربي جوبا لغة الحياة اليومية في جنوب السودان والقبائل الحدودية شرقا وغربا وجنوبا، وقال أرنولد تويبني الفيلسوف الأيرلندى الشهير ان اللغات تختفي في مثل هذه الحالات في الجيل الثالث، وبدليل ان الترابي تجاهل قرار منظمة الوحدة الأفريقية الصادر في سنة1965 وبموجبه أصبحت الحدود التي ورثتها الدول الأفريقية من الاستعمار حدودا نهائية وبناء عليه رفضت المنظمة انفصال كاتنقا في نيجريا، وكان السودان وحدة ادارية في التركية الأولي والثانية، والسودان أقدم الدول العربية والأفريقية تحديدا فقد كان يعرف بأملاك الخديوي في أفريقيا تحت حماية الأمبراطورية البريطانية منذ القرن الثامن عشروكان ذلك يشمل أوغندا وارتيريا، ولم تتشكل حدود الدول العربية والأفريقية الا في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان الطيب مصطفي في الانتباهة يزعم ان مشروع السودان الجديد مخطط لطرد العرب من السودان لاستقطاب القبائل العربية التي سلحوها ضد القبائل الأفريقية، ولا يختلف الاخوان المسلمون في السودان وتركيافي الكذب علي الله والناس بدليل ان حزب العدالة والتنمية يحاول ارضاء القوميين الترك الذين يعارضون دولة المواطنة منذ مصطفي كمال أتاتورك ويريدون تركيا للاتراك، ولو كان الاسلام هوية سياسية كما يزعم الطيب مصطفي لما كان للأكراد مشكلة في تركيا والعراق وايران.
الاستعانة بالخارج علي الداخل:
لولا سماسرة السياسة ومرتزقتها من شاطين الانس الذين كانوا ولا يزالون يتاجرون بالسودان في سوق السياسة الدولية والاقليمية ويستعينون بالخارج علي الداخل لما كنا في هذا النفق المظلم والمصير المجهول ولما انفصل الجنوب، فقد تعرضنا لغزو من الجماعات السلفية وأعداء اليموقراطية في العلم العربي بجنود من ريالات ودولاات بترولية اخلت بتوازناتنا الاثنية وأفسدت حياتنا السياسية وأضعفت شعورنا القومي واحساسنا الوطني فأصبح السودان وطنا بلا وجيع، ولوكانت الهوية رجلا لقتلته فهي ليست مزارع ومصانع ومدارس ومستشفيات، وانتقلت بنا مايو من توتو كورة وحاكمية الاتحاد الاشتراكي ال حاكمية الله، ومن الكريملن في موسكو الي البيت الأبيض في واشنطن ومن طرابلس الي القاهرة ومن طهران الي الرياض، وأدعياء العروبة في السودان كأسيفة فخرت بحدج حصان في مناقضات جرير والفرزدق، بدليل أن الخرطوم في نظر ظفل سورى في برنامج الفوازير بطيخة سكانها عبيد والبطيخة توكل ويرمي بقشرتها وبذورها في برميل القمامة، وهذا شأن السمسار بين البائع والمشترى، والسود في نظر العرب عبيد بالميلاد وهم كالبيض في أميركا وجنوب أفريقيا الذين لم يكونوا يعترفون بأن اعتناق المسيحية يرقي بالسود الي مرتبة البيض، ويذكرني ذلك بافلاطون عندما قال الشكر لله الذى خلقني ذكرا وليس أنثي وحرا وليس عبدا بمعني ان الانسان يخلق حرا أو عبدا مثلما يخلق ذكرا أو أنثي، والرق في الاسلام حرام قطعا لأنه اهانة للانسان الذى كرمه الله ولأنه ظلم مبين والظلم أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ولم تكن تبريرات محمد ابراهيم نقد في كتابه علاقات الرق في المجتمع السوداني تختلف عن تبرير أفلاطون ومحمد متولي الشعراني لكنه أدان الرق ادانة واضحة، وكانت الادارة البريطانية أقرب الي القرءان الكريم عندما تفادت تحريم الرق بجرة قلم علي الرغم من تواصل ضغوط جماعات محاربة الرق في لندن لكنها فشلت في تفادى انهيار القطاع الزراعي وماترتب علي ذلك من المجاعات، وأدعياء العروبة في السودان يبتزون العرب بأنهم عربوا لهم مليون ميل مربع في مجاهل أفريقيا ويطالبون بالأتعاب ريالات ودولارات بترولية، بدليل أنهم لا يريدون شريكا أفريقيا في سودانهم العربي الاسلامي،بدليل سياسات الأرض المحروقة في عهد حسن بشير نصر وزير الدفاع في حكومة عبود وفي عهد الانقاذ، وبدليل ان الحركة الشعبية أطلقت سراح ثلاثة ألف أسير ولم يكن لحكومة الانقاذ أسيرا واحدا، وأذكر أن الصادق المهدى اتهم الجبهة الاسلامية بتلقي الأموال من الخارج عبر منظمة الدعوة الاسلامية ورد الترابي بأن حزبه حزب دعوى يلتقي مع المنظمة في أهدافها ومن حقه الاستفادة من أموالها، ومنظمة الدعوة الاسلامية منظمة اقليمية استضافها السودان لأهداف انسانية لكنها كانت ولا تزال ضالعة في السياسة الداخلية.
حلايب وشلاتين:
كان محمود في الصحافة السودانية شخصية رمزية وكذلك عنتر الراكب الهنتر وحماد في المثل السوداني الخيل تقلب والشكر لي حماد،ولا أعرف من بدأ باختراع الشخصيات الرمزية وقد يكون السلمابي أو عبدالله رجب، ومحمود يريد أن يعرف لماذا حلايب سودانية ؟ لأنه هو الذى يتحمل فواتير الحرب وويلاتها، ولماذا يدعي المصريون بأنها مصرية؟ وحماد يريد بالونات اعلامية ودعاية شخصية فيطلق التصريحات العنترية، والاجابة علي تسؤلات محمود لدى ادارة الحدود التابعة لوزارة الداخلية بصفتها الجهة المختصة لكن حماد يحتكر الحديث باسمها، وحماد في مصر دعا الي ضرب سد النهضة بالطائرات، وثبت من التحيق الذى نشرته جريدة التيار ان عنتر الراكب هنتر هو الذى أغرى نميرى بالتنصل من اتفاقية أديسأبابا وافشال السلام، وأذكر أن مجلة المصور المصرية في الثمانينيات نشرت تحقيقا حول حلايب تضمن صورا من المكاتبات التي دارت بين الحكومة المصرية والحاكم العام حول تبعية حلايب الي مصر اداريالأسباب تتعلق بالتداخلات القبلية مما يعني أنها كانت في الأصل سودانية، ولا يفترض أن تحال هذه المكاتبات الي دار الوثائق المركزية لآن النزاع لا يزال حيا، وأذكر أيضا أن ضابط شرطة أعد رسالة حول حلايب وشلاتين لنيل الماجستير وربما كان من العاملين بادارة الحدود، لكنني أضعت الرسالة وأضعت اسم الضابط، وتعذر الاتصال بالأصدقاء من ضباط الشرطة القدامي الذين التقيت بهم في دروب الخدمة العامة وصولا الي الرسالة أو اسم ذلك الضابط فقد يكون من الاحياء، فقد تفرقت بنا السبل وامتدت بيننا المسافات، وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا، وقد توجد الرسالة لدى ادارة الحدود أو ادارة المعلومات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء ولديها كنوز من المعلومات، وهذا شأن الباحثين من الشباب ولا حيلة لرجل في العقد الثامن مثلي يعاني من الفقر وأمراض الشيخوخة سوى ذاكرته الهرمة، وبمناسبة الاستفتاء علي الوحدة بين مصر وسوريا في سنة 1958 أرسلت الحكومة المصرصناديق الاستفتاء الي حلايب بأعتبارها أرض مصرية، فتوترت العلاقات ولم يكن أمام عبد الله خليل رئيس وزراء السودان خيار سوى اعلان التعبئة العامة، وخير مثال للفساد السياسي والاستعانة علي الداخل بالخارج وقوف دعاة وحدة وادى النيل مع مصر ضد السودان وعبد الله خليل وكذلك الشيوعيون من منطق معارضة عبد الناصر لحلف بغداد الذى تكون لمحاربة المد الشيوغي في الشرق الأوسط، لكن عبد الناصر أنفذ عبدالله خليل من ورطته عندما أمر بسحب صناديق الاستفتاء من حلايب لآن الحرب تتنافي مع مشروع الوحدة العربية الذى تبناه عبد الناصر، وكان مؤتمر الخريجين أصل الفساد السياسي وجرثومته الأولي باستثتاء عرفات محمد عبد الله الذى كان له موقفا ضد الطائفية، وذلك لأن كل حركات التحرر من الاستعمار تحولت الي أحزاب قومية ما عدا مؤتمر الخريجين في السودان الذى انقسم الي حزبين طائفيين، ولو أن أبو الطيب عاش في السودان لقال المال أكثر انباءا من السيف والقلم ولقالت له أقلامه أكتب به قبل الكتاب بنا فنحن للأموال كالخدم، وقد يحتج المصريون بأن حلايب تقع شمال خط العرض 22 الحد الفاصل دوليا بين السودان ومصر، لكن التبعية الادارية ليست حقا أصيلا بدليل أن السودان أعاد قمبيلا الي أثيوبيا في سنة 1956، والقول الفصل لأهل حلايب مثلما كان القول الفصل في الانفصال لأهل الجنوب، وادرة الحدود مطالبة بتنوير الشعب السوداني لأن حماد يستغل القضية استغلال سيئا وكذلك عنتر الراكب الهنتر.
مثلث قمبيلا:
بدأت الادارة البريطانية بقيادة ونجت الحاكم العام ومؤسس الدولة الحديثة في السودان بمطاردة تجارالرقيق، وفي العشرينيات من القرن الماضي تمكنت من استئصالهم والقضاء عليهم لكن بعضم هرب الي قمبيلا علي الحدود السودانية الأثيوبية وأصبحت قمبيلا اهم سوق لتصدير الرقيق الي اسواق الرقيق في اسنا في مصر وسواكن والسعودية، وتكونت عصابة لاصطياد العبيد قي جنوب أثيوبيا بزعامة امرأة تعرف بالشيخة آمنة، وبناء عي طلب من الادارة البريطانية في السودان وافقت الحكومة الأثيوبية علي تبعية قمبيلا اداريا الي السودان، وأعادتها أول حكومة وطنية بعد اعلان الاستقلال من داخل البرلمان في عام 1956 الي أثيوبيا بناء علي طلب الحكومة الأثيوبية.
التداخلات القبلية:
أذكر أن الطيب زين العابدين قال ان التداخلات القبلية قنبلة زرعها الاستعمار، وأنها مؤامرة استعمارية ، ويقال ذلك للهروب من المسئولية وتبرير غياب المسئولية الوطنية والاخلاقية وبصفة خاصة أدعياء الاسلام وأبواقهم والمنتفعين بهم ومنهم طابورهم الخامس من أدعياء الوسطية والعقلانية كالطيب زين العابدين وحسن مكي وغازى العتباني فأين كانوا في عشرية بيوت الأشباح والصالح العام واعلان الجهاد في الحنوب والتحريض علي الكراهية الدينية والعرقية من الاذاعة والتلفذيون ومنابر المساجد وشعارات الدفاع الشعبي وبرنامج في ساحات الفداء وهي العشرية التي يتفاخر بها النجيب قمر الدين ، ومنهم سوار الذهب في لقاء مع احدى القنوات العربية، ويمكن الرجوع الي كتابي بعنوان مشاهد في الطريق الي قاع الهاوية الذى صادروه من المكتبات ومنعوا عرضه أو الاعلان عنه والتعليق عليه ويوجد بحسابي غلي الفيس بوك وكذلك كتابي بعنوان انتكاسات التحول الحضارى في السودان المحتجز لدى المصنفات الأدبية منذ أربعة أشهر، والتداخلات القبلية واقع لا يمكن تجاوزه في أفريقيا لأن القبائل الرعوية لا تعترف بالحدود السياسية أو الادارية، ومن ذلك المساى في كينيا وتنزانيا وأوغندا والزاندى في جنوب السودان وراوندا وأوغندا والعرب والقرعآن والزغاوة في السودان وتشاد والنيجر وأفريقيا الوسطي والبني عامر في أثيوبيا وارتيريا والسودان والقبائل الجنوبية في جنوب أثيوبياوالعبابدة والبشاريين في مصر والسودان ، وفي السودان 144 قبيلة وأكثر من مائة لغة قبلية فهل كان الطيب زين العابدين يتوقع دولة لكل قبيلة؟ وكذلك يزعمون أن السودان دولة مصطنعة لتبرير ما لا يمكن تبريره، والدولة كائن غير طبيعي صنعه الناس لتفادى الصراع حول الموارد الطبيعية والسلام والأمن والاستقرار، وكان الناس قبل الدولة قبائل تتصارع علي موارد والماء والطعام كالحيوانات في الغابة، ولولا الاستعمارلما كان قيام الدول في أفريقيا ممكنا فقد كانت القبيلة مؤسسة أمنية ومعسكرا حربيا، وقال محمود محمد طه ان الاسلام رسالة حضارية وأخلاقية جاءت في الوقت المناسب ، فقد كانت الحروب التوسعية سجالا بين الأمبراطوريا الاغريقية والرومانية والفاريسية علي حساب الشعوب المغلوب علي أمرها التي كانت فرائس يتصارع عليه المفترسون واناثا يتصارع عليها الفحول، وكانت القبائل العربية تتصارع علي موارد الماء والكلأ ويغير بعضها علي بعض للنهب والسلب والشعر العربي في الجاهلية شاهد علي ذلك الحال المأساوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.