ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكلام بقى في النقعة ما دار وما يدور في أزهان من حدثتهم أنفسهم عن الحركة
نشر في حريات يوم 15 - 04 - 2017

ما دار وما يدور في أزهان من حدثتهم أنفسهم عن الحركة الشعبية
أبكر آدم إسماعيل نموذجاً
هل أبناء الهامش يستبطنون عناصر فناءهم( علامة إستفهام)؟
النقيب إبراهيم خاطر مهدي
طالعنا في الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي الحملة الشعواء التي يقودها أبكر آدم إسماعيل وغيره من أبناء الهامش، ليس ضد جزء من قيادة الحركة الشعبية فحسب، بل ضد فكرة وجوهر/مضمون، الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي نناضل من أجل توطين أهدافها ومبادئها المعلنة.
تريسنا كثيراً في عدم المبادرة بالعداء في البدء، رئفةً منا بالرجل بإعتباره حديث عهدٍ بالحركة الشعبية لتحرير السودان، ربما مسه الجهل بها وسرعان ما يعود لرشده، أو يشفي غليله الذي ربما سببته له صدمة الفصل التي تعاطفنا فيها معه كثيراً، لكن طفح الكيل بمعاودته الحالية لمسلسله القديم، وبشرنا بمزيد من العرضحالات التي إن لم نقل جلها فكلها نابعة من بنات أفكاره وخياله الخصب.
خياله الخصب الذي عبر به المحيطات ليكشف لنا، حضور الحركة الشعبية لتحرير السودان، في الأجندة الإستعمارية/الإمبريالية، الجديدة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، تحت ما يقدل به معرفياً بإسم ال (سوفت لاندينغ) التي فنطها د. منصور خالد من قبل في تحليلة لثنائية الحل في إتفاق السلام الشامل بعنوان "إتفاقيات السلام الشامل البدايات والمآلات".
ونتيجةً لذلك حضرنا الي هذه الحلبة أو "النقعه كما يحلو لي تسميتها يا ولاد أبوك" ولم يكن في نفوسنا شئً من حتي بل كل حتي، للرد عليهم دفاعاً عن الحركة الشعبية وقيادتها في هذا المقال وبهذه الطريقة، فلماذا يحدث ذلك بين الرفاق يا تُري، إذا إفترضنا ذلك؟
أولاً/ أن أبكر آدم إسماعيل، تخطي كل حدود الإحتمال الممكنة، وصَوَّر الحركة الشعبية لتحرير السودان، رغم نضالاتها التي لا تحتاج الي مخبر عنها، علي أساس أنها عميل أمريكي ينفذ ما يشار إليه بوضع اليد، وبذلك جردها وما زال يجردها من مشروعها الوطني الذي فقدنا من أجله الكثير، ليس فحسب، بل والتشكيك في وطنية قادتها وكوادرها من الشرفاء علي الصعيدين المدني والعسكري.
ثانياً/ تصوير الرفيق القائد، الفريق/ ياسر سعيد عرمان، بإعتباره الخائن المطلق لمشروع السودان الجديد، الذي إنتمي إليه الرفيق وهو في نعومة أظافره ومازال يفعل المستحيل من أجله، عندما كان الذين يدَّعون إمتلاكهم له "حصرياً" هربوا،،، هربواااااا، الي أوروبا وأمريكا، ما وراء البحار، يستجدون دهاقنة (السوفت لاندينغ) ويتوسلون إليهم لإيوائهم وإعادة توطينهم ومنحهم حق المواطنة هناك، وكما يقول المثل: (الخَلَا دارا قلا مقداره) خوفاً من الدودو الإسمو (المركز) ولم يفكروا ولو للحظه بأنه كان بإمكانهم أن يبنون شقق من "طرق الشدر، أوراق الأشجار وغصونها " في الغابة (كما لجأ إليها ياسر سعيد عرمان ورفاقه من الآخر الثقافي باكراً، مناضلين، قبل أن تصحي كثير من طيور الهامش المهاجرة من ثباتها العميق وهرولتها لإنجاز الخاص، ليتجنبوا شر المهانة التي تعرضوا لها هناك في بلاد العم سام تاركين حام وزريته من خلفهم يحترقون، وحولتهم لمؤزمين "ولا يلومون في ذلك إلا أنفسهم"، يغارون من كل مبدئي يتحدث عن الوطنية والثورة والنضال ويقوم بمهامه بمهنية عالية.
وبعد، أن أنجزوا الخاص، بمفهوم (تأمين سكة المخارجات إذا تأزمة الأمور) بعد حصولهم علي الجوازات الغربية، وحق المواطنة هناك (إعادة التوطين)، عادوا (عودة عجيل حولي)، لتعريف الثوار من المقاتلين عن حركتهم التي بنوها بالتجربة العملية علي أرض الواقع وليس عبر الخيال والمحمولات الذهنية.
وبدؤا تأسيس شرعيتهم الثورية الجديدة مما هو: عرقي/جهوي، (قياساً علي الإسهامات الفردية في المشروع التي لا يدخر لهم التاريخ منها نصيب)، وذلك بنفيهم للحركة الشعبية لتحرير السودان كوجود فعلي علي أرض الواقع، وتجسيدها بشكل لا يوجد إلا في خيالهم، لتسهيل مهمة القضاء عليها، بعد إختراع تسمية جديدة لها وهي "الحركة الشعبية الأخري" بمعني بتاعة ياسر عرمان، لممارسة المغالطات المنطقية، بشكل يكفيهم شر المواجهة مع الرفاق، لتنفيذ مفهوم (يا فيها يا نطفيها).
والمتابع لذلك يخال إليه بالبلدي كدا (دي ياتو حركة شعبية) التي يتحدث عنها "أبكر آدم إسماعيل" ورعاة أغنامه الزهنية كما يحلو له من إستهتار وتعالي معرفي علي الرفاق "، لكنه مع سبق الإصرار والترصد، يقصد الحركة الشعبية الواحدة دي، التي تقاتل ستة سنوات ضد المركز أي منذ 6/6/2011م، التي يسميها إبن الهامش، ربيب المركز المجرم، أحمد محمد هارون بالكتمة، ومؤامراته هو ومركزه مع القوي الغربية، بشهادة أبكر نفسه، ولم يستطيع أيً منهما النيل منها.
ثالثاً/ يجرد أبكر آدم إسماعيل، كل عضوية الحركة الشعبية لتحرير السودان، من فريقها (رتبة فريق في الجيش) الي جنديها، من رئيسها الي عضوها العادي، من أية قدرات ذهنية/عقلية، تمكنهم من الحكم علي الأشياء كما تبدوا للملاحظ العادي أوالحصيف، ويقلل من مقدرتهم علي التعاطي مع الأحداث السياسية بشكل عام، والدينامية الداخلية للحركة الشعبية وما صاحبها، ويصاحبها من صراع فكري كشئ طبيعي يدور في كل المنظومات السياسية في أية مكان في العالم بشكلٍ خاص.
ويصوِّر المشهد علي أساس أنه صراع بين الخير والشر/ النور و الظلام/ الحق و الباطل / المعرفة والجهل، …الخ، من الثنائيات، الخير/النور/ الحق / والمعرفة، وغيرها من المعاني والقيم التي ينسبها لنفسه ضمناً (طبعاً من خلال منطقه الداخلي)، ويقف هو وحده في ناصيتها كمخلص، والشر/الظلام/الباطل/ والجهل، الذي إبليسه الفريق/ ياسر سعيد عرمان علي الضفة الأخري، متجاوزاً بذلك كل مؤسسات الحركة الشعبية وإرثها النضالي الذي يشوبه النقصان في طريقه للبحث عن الكمال النسبي، ولم يتبقي له سوي أن يقول، أقصد "أبكر" أن يقول: (أنا ربكم الأعلي إياي فأعبدون).
وبما أن الحركة الشعبية لتحرير السودان هي واحدة من حركات التحرر الوطني التي سيكتب عنها التاريخ يوما ما عن تجربتها الحالية، وجدارتها في إدارة الأمواج المتلاطمة للسياسة الدولية والإقليمية والداخلية، وإثباتها لنفسها وهي ثابتة علي مبادئها متطورة في بنيانها وأهدافها ووسائلها، فلنا الشرف في الدفاع عنها.
لكل ماذُكِر أعلاه، آلينا علي أنفسنا وإلتزمنا بضرورة التصدي لمثل هذه الهمجية النقدية التي لم تجد قياساً سابقاً عليها في كل مدارس النقد، حتي الفوضوية منها (لعدم تحديدها للعلاج أو البديل).
وإحقاق الحق، وتبيين التوجه السياسي/ الفكري للسودان الجديد الذي تتبناه الحركة الشعبية وتحاول تنفيذه وفقاً لمحدودية الشرط البشري الذي يتولي تنفيذ المهام فيها بعيداً عن دعاوي الإطلاقية والثبات الدوغمائي الأزلي.
ولذلك، ندافع وسنظل ندافع عن الحركة الشعبية ما دمنا مقتنعين بأهدافها ومبادئها والتضحية من أجلها، وأيضاً الدفاع عن قاداتها، إبتداءاً من الفريق/ مالك عقار إير، الفريق/ عبد العزيز آدم الحلو، الفريق/ ياسر سعيد عرمان، اللواء/ جقود مكوار مرادة، اللواء/ عزت كوكو أنجلو، اللواء/ جوزيف توكة، اللواء/ أحمد العمدة، وكل قادة العمل العسكري والمدني والإنساني علي إمتداد السودان المتبقي، من المؤمنين بفكرة السودان الجديد، الي أن يثبت جرم المجرم من بينهم وتتم محاسبته عبر مؤسسات الحركة الشعبية، وليس عن طريق الهيجان المزاجي الذي يحركة الطموح الذاتي الزائف، وعندها لكل حادثة حديث.
وما ذلك إلا تأكيداً لثقة الحركة الشعبية في نفوس عضويتها وجماهيرها ومحبيها كما قال عنها دكتور جون قرنق: أنها لا تخون أهدافهم التي ناضلنا من أجلها فسالت دماؤنا وأنهمرت دموعنا.
لكل ما ذُكِرَ،،،،
نتناول في هذا المقال تطورات الأزمة السودانية وما قادت إلية من خلط مفاهيمي أصاب العقول بلوثة الإنقسامات: العرقية/ الثقافية/ الدينية/ والجهوية، التي أثبتت التجربة بأنها جزء أصيل من روافد تفاقم الأزمة نفسها.
فمنذ مساء 6 يونيو 2011م، لحظة إنفجار الصراع المسلح فيما تبقي من السودان بعد إنفصال الجنوب، بين الحركة الشعبية لتحرير السودان/ وحكومة المؤتمر الوطني ، هناك أصوات تعلو وتتهاوي؟؟ وأبواغ تنفخ ويتلاشي صداها وأنفاسُ تشهق وتزفر ، والثورة مستمرة.
فيا تُري ما شكل السيناريو؟:
الحقيقية التي توصلنا إليها من خلال متابعتنا لمجريات الصراع ومشاركتنا الفاعلة فيه، أن هناك سيناريوهان إثنان لا ثالث لهما، وهما:
1- السيناريو الجزئي.
2- والسيناريو الشامل.
أولاٍ/ السيناريو الجزئي:
وهو تناول قضايا الأزمة السودانية بصورة جزئية وتأجيج نيران الفتنة : العرقية/القبلية، والثقافية/الإثنية، والجهوية، بين مكونات النسيج الإجتماعي بواسطة خطاب الأزمة وكل من تبناه بسبب الجهل، أو لنوايا ذاتية ظل يضمرها طويلاً، نتيجة لإنتهاج هذا الخطاب لسياسية (فرِّق تسد Divide and rule) الإستعمارية، علي شاكلة، مشكلة: (دارفور، النيل الأزرق، وجبال النوبة/ جنوب كردفان)، والحوار الكسيح المسمي بالحوار الوطني والذي أُريد به إضفاء شرعية لمواصلة الحرائق والجرائم والإستقطابات ذات الطبيعة الإنتهازية التي أفرزت وثيقة ثامبو أمبيكي والمؤتمر الوطني التي حُرِرَت في أديس أبابا في 21مارس 2016م، والإستفتاء الإداري لدارفور الذي أُجري في أبريل 2016م، وما تبع ذلك كله من محاولات للنظام ومن لف لفه لفرض رؤي قاصرة علي المشهد السياسي السوداني بتأييد من المجتمع الإقليمي والدولي.
وهذا السيناريو يمثل شكل المسألة كما يطرحها خطاب المركز الذي يطلق عليه أبكر آدم إسماعيل مصطلح ال(إسلاموعروبي)، وتؤيده القوي الغربية الإمبريالية وعلي رأسها (أمريكا). والذي، أثبت الواقع العملي أن المآآآآل النهائي له هو إنتاج الآلآم علي مستوي اليوم وتقسيم ما تبقي من السودان الي قبائل وإثنيات وإتجاهات متحاربة لا رابط يجمعها ولا مستقبل لها يرتجي، وإفشال كل المحاولات لإنجاح تجربة الإجتماع البشري في السودان عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد، طبعاً بسبب الخبث والجبن والجهل، والطمع في الموارد أيضاً، وهذا الموقف تترجمه الحكمة التالية:
"لأن الخبث ملازم للجبن فهو يقضي علي نفسه بشهادته ولَقَلَقُ الضمير لا يزال متخيلاً الضربات.
فإن الخوف إنما هو ترك المدد الذي من العقل .
وإنتظار المدد من الداخل أضعف ولذلك تُحسب مجلبة العزاب المجهولة أشد"
الحكمة 17: 10 – 12
ثانياً/ السيناريو الشامل:
وهو إنتصار الثورة بشتي السبل وإختلاف الميكانيزمات، أو إيجاد تسوية سياسية شاملة تفضي الي حل بنيوي (structural solution) يخاطب كافة عناصر الدولة السودانية وقضاياها المطروحة عبر مؤتمر دستوري قومي، يوجد الحلول المتفق عليها وطنيا فيما يتعلق ب: (أزمة الحكم، الدستور، علاقة الدين بالدولة، قضايا الهامش السوداني"أزمة الهوية ،التنمية غير المتوازنة، والوحدة الطوعية …الخ" وقضايا التغيير"الحرية، العدالة، المساواة ،…الخ"، والمشاركة الديمقراطية التي تفضي الي تحول ديمقراطي حقيقي يضع السودان في موجة التطور والتقدم الذي ينتج حضارة الإنسان السوداني.
وهذا السيناريو يمثل جوهر المسألة كما يطرحها خطاب الثورة.
حيث: "الحضارة مدرسة الإقدام، إنها مقياس لنتاج جهد الإنسان للتغلب علي مخاوفه المتوهَّمة ومعرفة المخاطر الحقيقية التي تتهدده.
التطور هو ما يصبح عليه الإنسان أو ما يساعده في التغلب علي مخاوفه المتوهَّمة بإكتشاف أبعاد المخاطر الحقيقية. الحضارة هي حصيلة تطور مُدرك علي هذا النحو".
غوغليلمو فرّيرو Guglielmo Ferrero
تأسيس مفاهيمي:
تحدثنا من قبل عن ضرورة المفاهيم وذهبنا مع هيغل (1770-1831) الي مكمن المفاهيم التي تصدينا بها لأحد أبناء الهامش من الذين حدثتهم أنفسهم بأن لا أحد سواهم يفهم قضايا الهامش والتغيير، في خلطهم المخل ل: (الثورة كإنتماء مفاهيمي بدءً، يصقله العمل ويترجمه السلوك أثناء رحلة الكمال اللامتناهية في حقل القصور البشري) و (العرق كإنتماء قرابي طبيعي لا يحتاج الي مواقف معلنة أو مدسوسة بكونه حقيقة أنثروبولوجية تقع في خانة البديهيات في أمثال مجتمعاتنا الحالية).
وبحسب جاك دريدا: (عندما يتعلق الأمر في السياسة بالتحليل والحكم، بل وحتي بالمجابهة العملية لهذه التجاوزات والتعسفات، فإن الدِّقة المفاهيمية تكون مطلوبة، حتي حين تأخذ بعين الإعتبار، عبر معانقتها والإفصاح عنها، المفارقات أو المعضلات. إنها من جديد شرط المسؤلية)1
وبطبيعة الحال فنحن مسؤولون مسؤلية كاملة حيال الواقع الذي نكتب عنه ومسؤولين عما نكتب وعن ما نقوم به من عمل، وإنطلاقاً من تلك المسؤولية يصبح الأمر وفقاً لرؤيتنا مربوط بالدقة المفاهيمية أولاً، وبالمواقف الشخصية منها ثانياً، وبالحوار الذي يفضي الي إنجاح تجربة إجتماعنا البشري مع بعضنا البعض في رقعة جغرافية محددة سمها السودان أو الكون أخيراً، وربط كل ذلك بالسياق الزماني منظوراً إليه من زاوية التطور الطبيعي والإجتماعي/التاريخي.
لأنه: لا فهم ولا سلطة ولا شئ بلا خطاب ، أما إنتصار الخطاب وتوطين نفسه في الممارسة الإجتماعية فهو الوصول الي السلطة بأوسع معانيها.
ووفقاً للسيناريوهان المذكوران في بداية المقال فإن لكل سيناريو خطاب يسنده ويعبر عنه ويتصدران هذان الخطابان ساحة الصراع الأساسية في السودان، أي:
1- خطاب المركز.
2- خطاب الثورة.
أولاً/ خطاب المركز وعناصره الاساسية:
هذا الخطاب هو خطاب السلطة المركزية في السودان، نشأ مع ظهور الدولة الحديثة منذ فترة الإستعمار التركي المصري "وهي فترة ظهور الأزمة المؤسسة والممنهجة" واستمر في التطور في شكل أزمة متصاعدة الي فترة الحكومات الوطنية بعد الإستقلال المعلن في 1يناير 1956م، وما بعدها الي آخر تجلياته الحالية.
وعرّفناه أي "هذا الخطاب" بشكل دقيق وفقاً لراهن الأزمة بأنه: (الخطاب الذي يقوم علي خلط الإسلام بالقيم العربية التي كانت سائدة في الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام وفرضه عبر التيارات التي كانت تمثل الطور الجنيني للسلفية في السودان بهدف بناء الدولة الإسلامية فيه، إبتداءاً من أزمة الدستور الإسلامي في بداية الستينات وما تلاها من محاولات لتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وما صاحبها من تطورات في المشهد السياسي السوداني الي هذه اللحظه، ووفقا لذلك أنتجت تلك التيارات فكرة سياسية (أيديولوجيا) هي أيديولوجيا المركز، وليس إنتماءاً عرقيا أو ثقافيا بالمعني الأنثروبولوجي الذي يروج له البعض في الراهن ويؤسسون عليه اقصاءاً عرقياً أو ثقافياً/إثنياً.
وهذه عتبة أولي ينبغي الوقوف عليها في قراءتنا للصراع في السودان وما آلت إليه الأوضاع في الراهن وفقا للسياق الحالي للأزمة، وإزالة الإلتباسات المنهجية لدي عامة أبناء الهامش من غير العرب "الزنوج" وتطمين العرب "عاربة أو مستعربة" بتحرير خطاب الثورة من ما هو ذاتي، وذلك بفك الإرتباط بين ما هو : (عرقي/ثقافي/ إثني/ وجهوي) وما هو (فكري/ أيديولوجي/ وسياسي) في خطاب الثورة.
ولا يضيرنا شئ في أن ينتمي أي فرد أو جماعة للثقافة العربية الإسلامية بإعتبارها حقيقة من حقائق الواقع الثقافي المعاصر في السودان.
أما ما يحدث من أسلمة وإستعراب ممنهج وفرض هوية أحادية إقصائية علي الواقع المتنوع ثقافيا، فهو أمر مرتبط بوعي حاملي أيديولوجيا المركز في السودان بخصوص السبب وليس (العرب) كعرق وثقافة ولا (المسلمين) كمعتقدين في الاسلام بعموم اللفظ.
فمن هم العرب ومن هم المسلمين في السودان؟
العرب:
هم كافة القبائل العربية (العاربة والمستعربة) في السودان ???? مناصير، شوايقة، رباطاب، جعليين…الخ شمالاً، وحوازمة، مسيرية، كواهلة… الخ جنوباً، و ورشايدة، زبيدية …الخ شرقاً، و رزيقات، معاليا، هبانية، بني هلبة…الخ غرباً ، وكبابيش، شكرية، بطاحين …الخ وسطاً).
أما المسلمين:
فهم كل من إعتقد من عامة السودانيين في الإسلام كرسالية روحية ولا يربطون إسلامهم بالدولة الإسلامية كتوجه سياسي يقتضي تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية علي الدولة من خلال دستور إسلامي.
السؤال الجوهري:
هل كل هذه التكوينات القبلية العربية والمسلمين من عامة الشعب السوداني هم حاملين لأيديولوجيا المركز؟ ووفقاً لذلك يكونون محكوم عليهم بالتآمروالإجرام، وتصنيفهم في خانة الأعداء ومحاكمتهم دون حيثيات كما يحلم أبكر وأعوانه؟ أم كيف نفسر ذلك الهجوم غير المبرر علي أحد قادة الحركة الشعبية والجيش لتحرير السودان- شمال؟ هل لأنه جعلي (بالفهم القبلي) أم عربي (بالإنتماء الثقافي)؟ أم عميل للأمريكان ومتواطئ مع المركز بحسب أبكر؟ وهل أبكر آدم إسماعيل هو الجهة المسؤلة عن كشف ذلك داخل الحركة الشعبية التي انتمي إليها في العام 2007م ولم يسعفه الصبر للإستمرار فيها طويلاً؟ ومن الذي كلفه بذلك أي من أين يستمد المشروعية لمهاجمة تنظيم قائم بالفعل هو ليس أحد مقاتليه في الجانب العسكري، ولا من عضويته المدنية؟ وماهو مبتغاه من ذلك النقد الهدام؟
وما نريد توضيحه وإجلاء أمره، هو أن: الحركة الشعبية تعرف أعدائها جيداً ولا تحتاج ل (أبكر) أو غيره ليخبرها عن ذلك. وبذلك نؤكد لعضوية الحركة الشعبية وجماهيرها، بشكل واضح ودون مواربة بأنه (لا) العرب و(لا) المسلمين بعموم اللفظ هم من حملة أيدولوجيا المركز في السودان، ولا يمكن تجريم أحد أو محاكمته وفقاً لذلك التعميم المخل بمبدأ العدالة الذي نناضل من أجله.
إذن، من هم حملة هذه الأيديولوجيا؟:
بكل وضوح وشفافية هم : (كافة عضوية جماعات الإسلام السياسي والجماعات السلفية المتشددة وحلفاءهم) الذين يتخذون من إنجاز الدولة الإسلامية برنامجاً سياسياً.
عتبة ثانية:
بحسب حنة أرندت Hana Arendt "إن الوضعية التي يكون فيها من المستحيل تحديد المسؤلية وتعريف العدو، هي من بين أقوي الأسباب الكامنة خلف القلاقل التي تعم العالم في الزمن الراهن وتعطيه شكله الكابوسي"2.
ووفقاً لهذه الشهادة نتسائل:
هل يمكن تعريف العدو بشكل دقيق حتي لا تتأشكل علينا المسألة ونقع فيما لا يحمد عقباه؟
وهل بإستطاعتنا تحديد المسؤلية؟
الإجابة: نعم.
إذن، من هو العدو؟:
العدو هو كل حملة أيديولوجيا المركز الموضحين (سواءً كانو في السلطة أو يعدون العده للوصول إليها) وهم معروفون بالضرورة من خلال وجودهم في شكل منظومات سياسية أو منابر إعلامية بعينها أو جماعات دعوية تمثل حراسات إيديولوجية لمشروع الهيمنة والإقصاء) وكل الإنتهازية الذين يتسلقون تلك الجماعات للوصول الي السلطة السياسية في الدولة عن طريق شرعية العنف (بصرف النظر عن إنتماءاتهم العرقية/الثقافية/الإثنية، أو الجهوية)، ويمثلهم في السياق الراهن للأزمة المؤتمر الوطني.
فماهي المسؤلية؟:
المسؤلية تكمن في تبني خطاب الثورة وإنجاز التغيير.
ثانياً/ خطاب الثورة:
إذن، ماهو خطاب الثورة؟:
إستلهاماً للثالوث اليغلي "الوضع، فالنفي، ومن ثم التركيب" تكمن الاجابة.
الوضع:
نحدده بأنه الوضعية التاريخية التي تأسست في السودان منذ العام 1821م وما تلاها من تطورات لحين ظهور المؤتمر الوطني علي السلطة في السودان، وهذه وضعية مأزومة يجب تغيرها ولا خلاف في ذلك بين كافة قوي التغيير في السودان.
النفي:
ونقصد به مرحلة النقد لتلك الوضعية، وهذه المرحلة تمثل جوهر الخطاب الثوري بإختلاف آلياته، وبذلك يصبح خطاب الثورة هو كل الرؤي النقدية التي تبدي بشكل واضح عدم إرتياحها للوضعية القائمة وماتلاها من تطورات لحين ظهور المؤتمر الوطني الحاكم في هذه اللحظة التاريخية، بصرف النظر عن الآليات المستخدمة والهدف النهائي من ذلك، وهذا أمر مفتوح يرفده الجميع برؤآهم وفقاً لفلسفاتهم التنظيمة المختلفة وأهدافهم المعلنة وآلياتهم المستخدمة في تحقيق التغيير، لحين بلورة مشروع وطني يتبناه الجميع ودون إقصاء لأحد أو تجريم لآخر وفقاً لما نستبطنه جميعاً في دواخلنا من أفكار وأوهام لا تمت للتسامح والسمو الإنساني بصلة، لتجاوز الأزمة.
التركيب:
وهي مرحلة الإبداع في إيجاد مشاريع الحلول الوطنية المتطورة والمتفق عليها، التي تستلهم التجارب الإنسانية الرائدة في بناء الأمم، وتعتبر هذه المرحلة هي الغاية التي يبتغيها خطاب الثورة والتي نطلق عليها مصطلح (إعادة هيكلة وبناء الدولة السودانية) والتي يشملها بشكل واسع مفهوم التغيير(Change) والذي نعتقد أنه سيحدث بفعل الثورة السودانية، التي نحن في الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان جزء لا يتجزأ منها.
وسنلحق هذا المقال بمقال آخر عن: (مفهوم الثورة) لكن في هذه السانحة الوقوف علي بعض المفاهيم المتعلقة بالثورة يعتبر أمر ضروري.
عتبة ثالثة:
تقول حنة أرندت (ونحن نعلم كم هي نادرة ثورات العبيد وإنتفاضات المضطهدين والمحرومين علي مدي التاريخ، وفي المرات القليلة التي حدثت فيها إنتفاضات من ذلك النوع، كانت مجرد "فورات غضب مجنون" حولت الأحلام الي كوابيس سقط الجميع في وهادها" وتضيف قائلة " منذ الذي ياتري، شكك يوماً في أن الذي تعرض للعنف يحلم بالعنف، وأن المضطهد إنما "يحلم بأن يجلس ولو ليوم واحد مكان ذاك الذي إضطهده" وأن الفقير يحلم بتملك ما لدي الغني وأن المقموع يحلم بأن يلعب دور الصياد بدلاً من أن يلعب دور الطريدة" وأن أضأل أبناء المملكة شأناً يحلم بأن "يصبح أول أبنائها وأن يصبح الأول أخيرها")3.
وما هو أكثر خطورة في مجريات الصراع السوداني هو خلط ذلك النوع من الإنتفاض وتلك الأحلام، لدي بعض أبناء الهامش الذين نحن بصدد نموذجهم الناصع في هذا المقال، خلط ذلك ب: (حركات التحرر الوطني) التي تقود الثورة المسلحة حالياً في السودان، بمختلف فلسفاتها التنظيمية.
وما هو بديهي "أن الخلط بين هذا النوع من الإنتفاض وبين حركات التحرر الوطني معناه التنبؤ بإخفاق هذه الأخيرة (أي حركات التحرر الوطني)، ناهيك عن الإنتصار غير المرجح علي أي حال ، لن يسفر أبداً عن تغيير العالم (أو النظام) بل عن تغيير القادة"4. وبذلك تقويض مفهوم العدالة الإجتماعية التي تمثل محور إرتكاز خطاب الثورة، وإستبدالها بمفاهيم الإنتقام وفشّ الغبينة (مع إعتبار كمية الغبونات التاريخية المتراكمة).
وما يؤكد هذه الشهادة التاريخية للفيلسوفة الأمريكية حنة أرندت هو إنصراف الحركات الدارفورية لتغيير قادتها تاركين مفهوم وأهداف الثورة التي تنادي بتغيير النظام، وإنجاز التغيير، جانباً، وأصبحت تنشطر يومياً مسفرتاً عن ميلاد حركة جديدة تحمل إسم لقائد جديد مع بقاء نفس الخطاب الثورى بعد أن تم تجريده من فعاليته التي كانت من قبل في زحزحة النظام وتكسير آلياته. ولا نستبعد دور النظام في ذلك لكن السبب الأساسي هو هشاشة الفهم وقصور الوعي بأبعاد الصراع وفقاً لسياقه الراهن، وذلك الخلط والأحلام المذكورة أنفاً.
وفي هذه الجزئية نشير الي الهاربين من أبناء الهامش عن النضال طيلة العقود المنصرمة من عمر النضال المسلح للحركة الشعبية، وعودتهم الحالية للمشهد السياسي الثوري حاملين معاول الهدم العرقية و (أحلامهم وأوهامهم الموضحة في الشهادة التاريخية أعلاه) عن الثورة، التي لم يسعفهم الحظ في التشرف بالإنتماء إليها والتشبع بمعانيها وأفكارها و التضحية من أجلها، أو الهاربين منها عندما حمي الوطيز وتكاثفت النيران.
عادوا وفي جعبتهم إستعدادات وتصورات وإنطباعات مسبقة في تحديدهم لمفهوم ما هو ثوري وما هو متآمر وما هو خائن. فالثوري لديهم هو:(كل من ينتمي الي كيان عرقي/ ثقافي/ جهوي، بعينه) والمتآآآآآمر هو الآخر الثقافي من المناضلين الملتزمين بمبادي وأهداف الثورة، أما وصمة الخيانة فهي من نصيب الملتزمين من أبناء الهامش بمشروع التغيير الذي يتشاركون مفهومه مع رفاقهم ممن أفنوا عمرهم في خدمة مشروع التغيير السوداني الذي يؤمن بالنضال المسلح.
وبما أن ("السخط الإقتصادي أو الطبقي أو الفكري يهدد بالثورة" فإن "السخط المستند الي العرق أو اللغة أو الثقافة يهدد بالإنقسام أوالمناداة بتوحيد المناطق التي يتكلم سكانها نفس اللغة أو الإندماج، أي إعادة رسم حدود الدولة وإدخال تعريف جديد لمجالها")5
ناهيك عن التعريف الجديد لمجال الدولة ربما نأتي أليه في مساحات أخري، فقط دعونا نتوقف عند شكل الوحدة الثقافية أو الإثنية بل حتي الجهوية، التي يهددنا هواتها بالإنقسام، لأنه عندما يبدأ التصنيف لا يتوقف "بحسب ليفي ستراوس، وإليكم السؤال الآت
هل هناك وحدة لغوية، أو ثقافية، أو إثنية في: (جبال النوبة، أو النيل الأزرق، أو دارفور) تسند مبررات دعاة السيناريو الجزئي في الحل، وهل هناك وحدة موضوعية بين من يسمون أنفسهم أبناء الهامش السوداني؟ وما شكلها ومضمونها؟ وما فكرتها التي تستند عليها؟
نطلب الإجابة من كل من يعتقد أن هذا الموضوع جزء من مسؤليته.
لكن بالنسبة لنا ومن خلال معايشتنا لواقع التعدد القبلي والثقافي والإثني المعاصر في السودان ككل، بل وفي كل جزء من أجزائه علي حدة، لا توجد أي وحدة موضوعية ولا حتي ذاتية بين تلك التباينات والإختلافات سوي (وحدة الهدف أو وحدة المصلحة الذاتية)، وحدة الهدف: المتمثلة في التغيير الذي يقوده نظرياً خطاب الثورة، وهذا الخطاب في المقام الأول هو خطاب ("فكري سياسي") يتجاوز كل الإعتبارات اللغوية، القبلية، الثقافية، والإثنية، ويخترع مفهوم للقومية/أو الوطنية التي تقود مستقبلاً عبر الحوار الي تبني وتطوير ثقافة وطنية سمها المشروع الوطني السوداني أي ما نطلق عليه (السودان الجديد في أدبيات الحركة الشعبية)، والذي لا يمكن أن يتأتي دون مشاركة الجميع كما ذكرنا من قبل، أما وحدة المصلحة الذاتية: فهي تلك الوحدة التي يقودها فعلياً خطاب المركز في الراهن، ولها الكثير من المناصرين من أبناء الهامش الذين يدافعون عنها ويفوجونهم زرافاتاً ووحدانا، آناء الليل وأطراف النهار، للقتال من أجل المحافظة عليها.
ونلخص هذه الجزئية بأن المركز السوداني ليس حقيقة من حقائق الواقع الثقافي في السودان، كما أن الهامش في المدلول السياسي الراهن أيضاً ليس بحقيقة ثقافية، وإنما أيديولوجيا يحملها ويسندها خطاب ("فكري سياسي") بعينه.
أما الثقافة العربية في السودان فهي إرث الخبرات التاريخية للقبائل العربية جميعها وحقيقة من حقائق الواقع الثقافي المتنوع في السودان، ومن حقهم التعبير عنها، لكن محاولة تجريم وتخوين كل من ينتمي الي الثقافة العربية في ذهنية جزء مِن مَن يسمون أنفسهم بأبناء الهامش ويحاولون إقصاءهم هذا ما نفرد له المساحة القادمة.
أبكر آدم إسماعيل نموذجاً:
وفقاً، لشهادته هو نفسه، عن الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، في حلقاته الثلاث المعنونة ب (ما دار وما يدور داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال) نتسائل عن:
أولاً/ من هو أبكر آدم إسماعيل؟:
1- من البديهي هو كاتب له إسهاماته المحترمة في التنظير للشأن السوداني لا ينقصه أحد حقه.
2- أعلن إنضمامه للحركة الشعبية لتحرير السودان وكنا مسهلين لوصوله لقيادتها حينها، في العام 2007م، بعد أن أضناه الرحيل هرباً من الوضعية التي ينظر لها.
3- تم فصله بموجب قرار من رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال،ٍ في العام 2016م.
ومنذ أن تم فصله أنصب علي الحركة الشعبية بوابل من الإنتقادات التي إذا تم تتبعها بشكل دقيق تنجم عن فرط عقلانية.
فما الذي يعطي أبكر وأمثاله هذا الحق علي التطاول علي الحركة الشعبية وقيادتها بهذا الشكل؟ وهل يحركه الحقد العرقي تجاه ياسر سعيد عرمان؟ أم أن هناك شئ آخر موضوعي يدور في ذهنه؟ وتتوالي الأسئلة، ويبقي إعطاء كل زي حق حقه شرف لا يضاحيه شرف.
وبما أن "تقدم البشرية يمثل نوعاً من الظلم الدائم، لأن الذين يأتون متأخرين هم الذين يستفيدون من العمل الذي أنجزه السابقون عليهم من دون أن يكونوا مضطرين لدفع الثمن نفسه"6، فإنهم غير معفيين من ترميم القصور في التجربة كما تقتضي فلسفة كانت الذي يقول "وأن هذه الأجيال الأخيرة هي التي سيكون من حسن طالعها أن تشغل البناء المكتمل"7، وطالما أن هذه الأجيال لم يسعفها الحظ في وجود البناء مكتملاً، فمن أقدارها أن ترجح صوت العقل وتتبع مسيرة حكمة الأوائل في بناء الحركة الشعبية والصبر علي حنات الدهر عليها، لإكمال البناء وترميم ما يشوبه من نواقص أو قصور.
وحتي لو لم نكتفي بأن "لحظة التأسيس: اللحظة المؤسسة سابقة علي ظهور القانون أو الشرعية التي تؤسسها.(و) إنها إذن خارج القانون ومن هنا طابعها العنيف"8، فيجب علينا أن نتحلي بقيم الرحمة السياسية التي إحتفي بها التاريخ الإنساني عندما أطلت علي الأفق منذ العام (403ق.م) وذلك "بعد القضاء علي ديكتاتورية الثلاث عشر حيث توج الديمقراطيون عودتهم المظفرة الي أثينا بتسطير قطيعة مع الممارسة الجاري بها العمل في المدن اليونانية : فتخلوا عن الإنتقام أصدروا عفواً عاماً"9 .
لكن المذهل، أن جزء مِن مَن أتو متأخرين للحركة الشعبية، يحملون كل خيبات إنهزامهم ويتسترون خلف خجلة هروبهم عن ساحات الوغي، أتو بكل أمراضهم التي تحركهم علي نحو غير واعي لكن كانوا يخبونها تحت قناع كونهم الأكثر فهماً ودراية لما "حفظوه من نظريات خلابة في بلاد العم سام" تحت لافتة المثل السوداني المشهور (فلهمة التكارين البلبسوا الحرير وبمشوا حفيانين) أتو وحاولوا ومازالو يحاولون، نسف كل ما حققه السابقين عليهم في الإنتماء لهذا المشروع العظيم وهو مشروع السودان الجديد الذي تقوده الحركة الشعبية لتحرير السودان، (ودونما رحمة)، وعلي رأسهم إبن الهامش البار ،،،، أبكر آدم إسماعيل،،،،.
ثانياً/ أين أبكر آدم إسماعيل عندما نادي منادي النضال المسلح؟:
لماذا لم يختار أبكرآدم إسماعيل الثورة (النضال المسلح)، التي يخبرنا عنها الآن ويغير عليها أكثر من مقاتليها، بعد ما أكمل تعليمه الجامعي، حتي يصل لموقع متقدم في هياكلها يعطيه الحق في التنظير لها وقيادة جبهتها الفكرية؟، بل فضل الفرار العظيم الي أمريكا التي يحدثنا عن سياستها في الهبوط الناعم Soft Landing policy الذي ذكرناه من قبل.
فما هو ما يضمره أو ما لا يقوله (أبكر)، خلف نصوصه؟:
لا يهمنا في هذا الجانب ما قاله أبكر في مقالاته الثلاث، لكن ما يهم بالضبط هو ما لا يستطيع قوله مباشرةً لكن يحمله وراء النص، وبحسب علي حرب (ما لا يقوله النص أو ما يسكت عنه) ويمكن تسميته أيديولوجيا النص، أي الفكرة التي تحمل الرغبات داخلها:
فهو بكل تأكيد يريد أن يقول أن (ياسر سعيد عرمان) هذا، هو متآمر علينا وبما أنه ينتمي لقوم غير قومنا (نحن) نظرية، ويمتلك كثير من الصفات التي يفضلها الأمريكان، وهي: 1/ طموحه الزائد، الذي يفوق قدراته الحقيقية، فهو في الواقع شخص متوسط القدرات، 2/ النرجسية وهي الأنانية المركبة، التي يجمع فيها بين الطمع والحسد، 3/ الديماجوجية النشطة: إستراتيجيته لإقناع الآخرين(الجماهير)، 4/ الإستبدادية: وهي صفة لازمة لمتوسطي المواهب الطموحين عبر التاريخ وهي في نفس الوقت محببة عند صناع السياسة في الغرب عموماً، 5/ تواطؤه الأيديولوجي مع النظام الحاكم: إن موقف عرمان الإيديولوجي هو التواطؤ مع إيديولوجية السودان القديم، الإسلاموعروبية وهذا الموقف كان قائماً منذ البداية ولكنه كان مدفوناً تحت سطوة قرنق وسيطرة الجنوبيين. وأساطين ربييكا هاميلتون،(يقصد الأمريكان)، 6/ شخصيته التآمرية: التي هي نتيجة طبيعية لما ذُكر أعلاه، والتي تتجلي في حبه ل (شغل تحت الطاولة وخلف الكواليس)، 7/ ثم بالإضافة لذلك كله، معرفته بأساليب الإختراق والسيطرة التي تعلمها في تنظيمه"السابق"، فلماذا نتركه يلعب في (حوشنا أو أملاكنا) ويقصد بحوشهم أو ممتلكاتهم الحركة الشعبية لتحرير السودان، لكن لا يصمد عندما يترك هذا التعالي الأعمي ويسأل نفسه من أنتم، وما هي معايير الإنتماء التي تحددون بها التواصل مع غيركم؟
ويسترسل قائلاً خلف السطور …وطالما، أن قرنق عبر جسر الغياب (بفعل أنصار الدولتين)، وأنفصل الجنوبيين الذين يلجمون ياسر سعيد عرمان في الحركة الشعبية ،،، فأنتم أيها المساكين لا تعلمون ما يفعله بكم، وبما أننا (نحن)، أبناءكم موجودين وتعلمنا وعرفنا نظريات الغرب (الإمبريالية) التي نفضح لكم بها ياسر وغيره من الأوليغارشية ويقصد (بقية القيادات في الطاقم القيادي) من رئيس هيئة الأركان وما دون، هذا طبعا بعد أن حيد (عبد العزيز الحلو بإعتباره الضحية، ونسف قدرات مالك عقار الإدارية والتنظيمية وحوله الي مطية لياسر).. فلماذا لا تطردوا ياسر هذا من الحركة الشعبية وتستعينوا بنا.. نحن أصحاب القدرات العالية والمواهب المتفردة …. الخ.
ويا للعجب، فماذا تبقي بعد هذا علي المسرح؟؟، الإجابة هي بقي أبكر آدم إسماعيل، المعلم الأول والمثقف المكتمل، المبدع صاحب القدرات المطلقة، والذين لا يفهمون من المساكين أبناء الهامش، الذين يخاطبهم بأستاذية منقطعة النظير كما يلي:(وأرجو من بعض الرفاق، الذين بدأوا يكتبون عن موضوع "السوفت لاندينغ" بغير علم الكف عن ذلك حتي لا يصبحوا جزءا من آلة التضليل، فأنتم أصحاب القضية، والمستقبل ينتظركم، والتاريخ لن يرحم. أتركوا التضليل لعرمان ورعاة أغنامه الذهنية ونحن سنتكفل بهم).
عن أي رفاق تتحدث، يا أبكر يا آدم إسماعيل؟
وتعال نوريك (السوفت لاندينغ) الما بتعرفوا كويس ومن هم منفذيه في الحركة الشعبية تاريخياً والآن، أي من هم حلفاء الإمبريالية الغربية التي تقودها أمريكا:
أولا/ السياسة الأمريكية تجاه السودان واضحه وضوح الشمس ولا تحتاج لكل تلك الفهلوة، وبالتحديد فيما يتعلق بتقسيم السودان وليس لدولتين فقط، بل لعدة دويلات ضعيفة ومتحاربة فيما بينها حتي يسهل ذلك مهمة الإستعمار الإمبريالي وهي، نهب ثروات الشعوب. وهذه نقطة يعلمها القاصي والداني.
ثانياً/ من هم الحلفاء الحقيقيين لمشروع الدولتين، بالحركة الشعبية؟:
الحركة الشعبية لتحرير السودان حركة وحدوية وظلت تنظيماً وحدوياً منذ تأسيسها والجيش الشعبي في العام 1983م، والحقيقة التي لا يدركها كثير من الناس هي : أول قطرة دم أريقت كانت في داخل صفوف الحركة الشعبية الوليدة ولم يتجاوز عمرها شهر واحد، حيث لم تكن أول طلقة صوبتها الحركة الشعبية ضد الجيش السوداني ، بل كانت في النضال ضد الإنفصاليين داخلها ، لأنه دار حوار ونقاش مستفيض داخل مجموعة مؤسسي الحركة الشعبية حول أهدافها وإتجاهها فوقف بعض الإنفصاليين منهم ( أكوت أتيم ، قاي توت ، قبرائيل قاني ، وعبد الله شول …. وغيرهم) ضد التوجه الوحدوي للحركة الشعبية ، لأنهم كانوا يريدون أن تكون الحركة الشعبية شبيهة بحركة الأنانيا الإنفصالية والتي كانت تدعو لإستقلال جنوب السودان.
وإستمر النضال ضد المجموعة الإنفصالية ستة أشهر كاملة في الفترة من يونيو الي نوفمبر 1983م وتم حسمه لصالح القيادة الوحدوية للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل د. جون قرنق دي مبيور وتم تثبيت مبدأ وحدة السودان في منفستو الحركة الشعبية .
وفي الوقت الذي كانت تدافع فيه الحركة الشعبية عن وحدة البلاد تواطأ جعفر نميري والفريق سوار الدهب والذي كان حينها نائباً للقائد العام وتحالفوا مع فلول الإنفصاليين للقتال ضد الحركة الشعبية ، فإذا طرحنا سؤال : من الذي يقف مع الإنفصال ويدعمه ولماذا ؟ نجد أن الإجابه عن هذا السؤال تقودنا الي الأسلوب الذي تنتهجة المركزية في طرائق عملها، وهو نفس الأسلوب الذي إنتهجته الجبهة الإسلامية لأحقاً مع الإنفصاليين أمثال (د. رياك مشار ، و د. لام أكول و قوردون كونق وغيرهم) وذلك في عام 1991م والحركة الشعبية تمر بظروف عصيبة عندما إنشق هؤلاء المذكورين من صفوفها.
حيث كان رياك مشار حينها هو أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة حتي 28 / أغسطس 1991م عندما أزاع بيان مع لام أكول وقوردون كونق أعضاء هذه القيادة وأعلنوا فيه الإنقلاب ضد قيادة د. جون قرنق، ودعوا في ذلك البيان الي إنفصال جنوب السودان وإقامة دولتة المستقلة وإعادة هيكلة الحركة الشعبية ، وعرفت هذه المجموعة بمجموعة الناصر وهو المكان الذي أعلن فيه بيان الإنقلاب ثم أطلق عليها " حركة إستقلال جنوب السودان "(SSIM) والتي وقعت في 21 أبريل 1997م إتفاق الخرطوم للسلام مع حكومة الجبهة الإسلامية وتم تعيين رياك مشار بموجب تلك الإتفاقية مساعداً لرئيس الجمهورية ورئيساً لمجلس تنسيق الولايات الجنوبية في أوائل 1998م.
وبسبب الإرتباك الذي أحدثه الإنشقاق وسط قواعد الحركة الشعبية جاءت الدعوة لعقد مؤتمر عام (عرف بالمؤتمر العام الأول"N.C" وكان في الفترة من 2 12 أبريل 1994م وذلك بغرض مناقشة كل القضايا التي تهم الحركة الشعبية ومستقبلها وقد وضع أكثر من عشرين موضوعاً أهمها وحدة السودان ، ومراجعة منفستو الحركة الشعبية ، وتثبيت مبدأ الديمقراطية ، وحق تقرير المصير الي آخر هذه القضايا ولمذيد من المعلومات راجع رؤية ودستور ومنفستو الحركة الشعبية 1994م .
من الملاحظ في كل هذه الصراعات التي دارت داخل الحركة الشعبية وسارعت بنضوج تجربتها نجد الإقرار الكامل في كل مؤسساتها بوحدة السودان ، لكن ! حق تقرير المصير لم يكن جزء من أهدافها المعلنة إلا بعد العام 1994م بسبب الملابسات أعلاه.
إذن، من هم أنصار الدولتين الحقيقيين، يا أبكر؟
طبعاً، أبكر سيجاوب بكل بساطة، هم: (ياسر سعيد عرمان، والأمريكان وحليفهم المؤتمر الوطني) وبذلك يخلق الإلتباس الضروري لتعتيم الرؤية حول أعداء مشروع السودان الجديد، والتضحية بمن يتمسكون به وإظهارهم بأنهم المتآمرين عليه، كما كال وما زال يكيل من إتهامات ضد الرفيق/ ياسر سعيد عرمان.
ويا أبكر، لو ما عارف، أعرف إنو أعداء السودان الجديد هم الإنفصاليين الذين هيأوا الوضع لأمريكا لفرض إمبرياليتها علي المشهد برمته، من خلال حق تقرير المصير الذي كان دكتور جون قرنق، أُضطر إليه إضطراراً، لكنه رتب له رؤيته الكاملة كعنصر من العناصر التي تقود الي الوحدة الطوعية في السودان الجديد.
ونتيجة للمخاوف الإمبريالية من كارزميته، إقتضت المؤامرة الكبري التي تديرها أمريكا (إغتيال) الدكتور جون قرنق دي ما بيور حتي يتهيأ الجو لأنصار الدولتين وأهمهم (القوميين الجنوبيين).
وبذلك نجد (أمريكا) هي الطرف الأساسي في المؤآمرة، وصاحبة الفكرة، ويسندها التوجه الإنفصالي للقوميين الجنوبين ك(حليف) داخلي، لكن لم تكتمل المؤآمرة ولابد من تأييد هذا السيناريو الجزئي من قبل من يمسكون بزمام الأمور في الخرطوم فكان تقديم (العصا) للرئيس عمر البشير في عهد إدرة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية (أوباما).
وبذلك تم إستخدام معاناة الموطنين في دارفور بتحريك المحكمة الجنائية الدولية، التي هي أكبر آلية تستخدمها الإمبريالية لتحقيق مصالحها بعيداً عن روح العدالة (تابع في ذلك المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الروسي "سيرجي لأبروف" في مساء الأربعاء 12أبريل 2017م، فيما يخص السياسة الأمريكية الفاشلة وإنفصال الجنوب) لتكتمل عندك الصورة ،،، يا أبكر ،،،
ووفقاً، لذلك تم توقيف عمر البشير بإرتكابه لجرائم تتعلق ب(الإبادة الجماعية، جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية) في دارفور، ويجب مثوله أمام المحكمة، لكن يا تُري ماذا حدث؟ ماحدث هو ذهاب أساطين ريبيكا هاملتون،(الأمريكان) للبشير وعرضوا عليه سياسة الجزرة والتي من مقتضياتها (موافقته علي إنفصال الجنوب التي ستعفيه عن المثول أمام المحكمة)، وراح المسكين موافق علي طول،، وأصبح،، القبض عليه أحلام تهدهد في نفوس البسطاء من أمثالك يا أبكر،، الذين أصبحوا جزء من آلة التضليل. ونحن سنتكفل بكم.
وبعدها، إكتمل سيناريو (السوفت لاندينغ) وأركانه الثلاث (الأمريكان، الإنفصاليين الجنوبيين الذين لا يؤمنون بفكرة السودان الجديد وتعاملوا معها تكتيكياً لإيصالهم لدولتهم الجديدة، والمؤتمر الوطني الذي يجني إمتيازات تلك المؤامرة الآن).
وعندما إندلعت الحرب الثانية كان الجند الأساسي الذي تم تداوله بين الرفاق في أول لقاء بعد 6/6/2011م في مدينة البرام، وبحضور (ثامبو أمبيكي وممثلين دوليين آخرين، وحضور عبد العزيز آدم الحلو، و ياسر سعيد عرمان، وآخرين من الرفاق ربما كان من بينهم رئيس الحركة مالك عقار إير، هو مسألة تقرير المصير وما آلت إليه من تقويض مفهوم السودان الجديد في جنوب السودان، وتم الإتفاق علي التوجه الوحدوي للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، الهادف الي الحل الشامل وتحقيق السودان الجديد.
ووفقاً لما إتفقوا عليه الرفاق في قمة القيادة في مقبل الأيام، هو أن يدير الرفيق/ عبد العزيز الجيش كرئيس لهيئة الأركان، بالإضافة لمهامه الأخري كنائب للقائد العام ونائب لرئيس الحركة الشعبية، وتم تكليف الرفيق/ ياسر سعيد عرمان، بإدارة الملف السياسي كأميناً عاما للحركة، ونائباً لرئيس هيئة الأركان توجيه، علي أن يقوم الرفيق/ مالك عقار إير، بالإشراف عليهما، كرئيس للحركة الشعبية وقائداً عاماً للجيش الشعبي لتحرير السودان، ومن ثم إقتضت الضرورة لأسباب لا يسع المجال لذكرها بأن يتم توسيع قاعدة الهرم القيادي، وتم الإتفاق علي شكله الحالي.
لكن، دون سابق إنزار، أطلت دعاوي حق تقرير المصير في هذه الأيام بطريقة لا تختلف كثيراً عن إنشقاق الناصر في محتواها مع إختلاف آلياتها هذه المرة، وتتخذ من جبال النوبة منبراً لها، تاركتاً بذلك خلط ولقط سياسي ومفاهيمي علي مستوي الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال، برمتها، فيا تُري من المسؤل عن ذلك؟
المسؤل هو أبكر آدم إسماعيل ورعاة أغنامه الذهنية (هو نفسه)، الذين يريدون حرف الحركة الشعبية عن توجهها القومي/الوطني، وتفصيلها علي شكل إنتماءات إقليمية جهوية يتساوي فيها أبناء الإقليم الواحد من كافة التنظيمات السياسية، حتي ولو كانوا مؤتمر وطني، ويتم فيها إستهداف الآخر بطريقة لا تمت لمشروع السودان الجديد بصلة ولا للعرف السياسي الحديث.
وفي هذا نتسائل، من هم حلفاء الإمبريالية (السوفت لاندينغ) الجدد إذا تخيلنا المشروع الأمريكي الهادف الي تقسيم السودان؟
هل هو ياسر سعيد عرمان، أم الذين يروجون للفهم الإقليمي للحركة الشعبية أو سميهم (القوميين الذين ينادون بإنفصال جبال النوبة أو دارفور أو النيل الأزرق، حسب نشاطهم في الأسافير ونرجسيتهم التي غيبتهم عن الفعل الثوري الحقيقي مع بقية رفاقهم علي الأرض)؟ وما مصلحة ياسر عرمان في ترك السودان والإنكفاء علي أقاليم لا يربطه بها سوي النضال ومفهوم السودان الجديد؟
فإذا تتبعنا ماقاله أبكر في كل مقالاته حول مركز نقده وهو الرفيق/ ياسر سعيد عرمان، نخلص الي نتيجة مفادها أن أبكر مصاب بالفوبيا (الرهاب الفكري) من ياسر سعيد الذي يصفه بمتوسط القدرات، وبلا وعي منه يأتي ليؤكد أنه يمتلك قدرات رهيبة (لا تتوفر حتي في السوبر مان) وذلك من خلال المرور علي مقالاته الثلاث، والسبعة نقاط التي يتصف بها ياسر حسب ما حدثته نفسه بذلك.
شخص لديه طموح يفوق قدراته (فيا تُري، من الذي يحدد القدرات للإشخاص إذا إفترضا أن الطموح أمر مكفول للجميع؟، وهل أبكر هو من يضع السقوفات القصوي لطموح الناس في مجريات الحياة وصراعاتها؟ وما هو المعيار الذي يعتمد عليه أبكر في تحديد درجة الطمع والحسد في نفوس الآخرين أي مايسميه (النرجسية/ أو الأنانية المركبة)؟، ثم يأتي لصفة الإستبدادية بإعتبارها ملازمة لمتوسطي المواهب وبما أن ياسر من متوسطي المواهب فهو إستبدادي، وتأكيداً لإسبدادية ياسر يضيف لمقدماته التي إستخلص منها النتيجة، فرضية أخري يزيد بها تأكيد تآمر (ياسر عرمان) وهي حب الأمريكان للأشخاص الذين تتوفر فيهم هذه الصفة، والسؤال هنا، ما هو قياس المواهب الذي بناءاً عليه يصنف أبكر الناس ووفقاً لنتائجه يحكم عليهم، وهل أبكر هو المرجعية في قياس مواهب الناس؟، أما كون ياسر سعيد متواطئ مع المركز وبالتحديد إيديولوجيته الإسلاموعروبية، فهذا محتاج الي براهين ساطعة وأدلة قاطعة تثبت ذلك، وإلا أنه "أبكر" يقصد أن طالما ياسر سعيد هو لاينتمي إلينا عرقياً أو ثقافياً فهو بالضرورة متآمر مع قومه علينا، وبالتالي لابد من التخلص منه.
ثم يأتي أبكر نفسه وينسف دعاوي ضعف القدرات لدي ياسر بالنقطتين (3و7)، بأن لدي ياسر إستراتيجية لإقناع الجماهير، ومعرفة كافية بأساليب الإختراق والسيطرة، وربما فات عليه الموضوع بأن هذه الصفات هي نقاط قوة في الشخصية القيادية وليس سُبة تترتب عليها أحكام قيمة Value Judgments كما يزعم.
وبعد ما رتب أبكر هذه التهم التي لا يمكن التحقق منها مادياً لإثباتها أو نفيها، أكتشف أن ياسر هذا لم يتوسل الي أحد ليحمله علي عنقه ليصل الي ما وصل إليه، بل ذهب مثله ومثل كل الأفراد الذين قرروا سياسياً الإنضمام الي الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في العام 1987م، بعد إندلاع الثورة في 1983م، وتدرج من مستجد بميادين الجيش الشعبي لتحرير السودان (SPLA) حتي وصل الي رتبة ال (فريق)، فيه، وأيضاً تدرج في هياكل الحركة الشعبية وصقلته التجربة الي أن وصل الي منصب (الأمين العام) فيها، وليس متغولاً ولا مغتصباً لحق أحد، بل بجدارته وقدراته الشخصية وإلتزامه التنظيمي.
لكن، أبكر عندما إكتشف ذلك، ووجد بما لا يدع مجال للشك بأن الترقي في السلم القيادي للحركة الشعبية يقوم علي التراتبية العسكرية وفقاً لما تم إنجازه من تكاليف بحسب مفهوم ال Vision and Missions ويعني الرؤية والمهام المؤكلة علي حامليها، راح يقوض المفهوم الراسخ والذي علي أساسه ظهر كل قادة الحركة الشعبية المخلصين، ويستبدلة بتصنيف آخر من بنات أفكاره ليحدد من خلاله أقرب الناس لتحقيق أحلامه ليتقرب منهم، وبالمقابل يقصي الذين يبتعدون عنه، ربما بدافع الإختلاف العرقي، الجهوي، والثقافي، من دائرة القيادة في الحركة الشعبية رغم علمه التام بأنه لا يستطيع فعل ذلك، لكن من المؤسف تنكب مشقة الطريق، وحتما سيخسر الكثير، وليس وحده، بل حتي الذين خاطب خياله أمانيهم التي كانت من المفترض أن يحققوها دون ما لجأوا إليه.
ووفقاً لما ذُكر أعلاه، أحيل القاري الي ماذا يقصد أبكر بما ذكره من مؤامرات يديرها الرفيق ياسر سعيد داخل الحركة الشعبية؟ وإذا فعلاً أنه يعمل ذلك فأين بقية الطاقم القيادي الذي يعمل تحته وأقصد الرفاق (مالك عقار وعبد العزيز الحلو)؟ الذان يعلوان عليه موقعاً تنظيمياً وورتبةً عسكرياً، وأين أعضاء المجلس القيادي؟ ولماذا يتركونه يعمل ذلك؟ أم فعلاً أنهم لا يفهمون شئ كما يزعم "أبكر".
هذا طبعاً، ليس ما يبحث عنه أبكر لكنه يريد،، تغييبه ووضعه في خانة اللا مفكر فيه بعد إستخدام سياسة التخوين والإغتيال السياسي ل (مالك عقار) والتحييد ل (عبد العزيز الحلو) و (وصفة الأوليغارشية لما دونهم في السلم القيادي)، و(وصف بقية كوادر الحركة الشعبية وعضويتها بعدم الفهم).
ثم يمضي في مشروع تقويضه للحركة الشعبية بأن يثبت ما بين الأقواس(ياسر عرمان، فارس بني خيبان) ولا ندري أنه يقصد ياسر بصفته التنظيمية السياسية أم العرقية الجهوية؟ فإذا كان يقصد الصفة التنظيمية السياسية فهذا يعني أن كل من ينتمون الي الحركة الشعبية سيتقاسمون مع فارسهم تهمة الخيبة من أقصي قمتها الي أدني قاعدتها، أما إذا كان يقصد إنتماءه الثقافي/العرقي، فهذا ما يدل بوضوح علي ما يدور بخلده، وجهله المركب والمتعمد لحقائق الواقع الثقافي في السودان، والذي يحلم عبره مؤزمي الهامش لبلوغ الفوقية التي لم يسعفهم الجبن من بلوغها.
أما الجانب الآخر ل أبكر فهو الإستخفاف بالقدرات العقلية لقيادة الثورة (العسكريين منهم والمدنيين) ذلك الإستخفاف الذي ذكرناه في مقدمة المقال، بعد صوغه للمقدمات الضرورية، التي تكفيه شر مهاجمة قمة الهرم السياسي للحركة الشعبية مجتمعاً.
وبذلك حسب فهمه يكون قد هيأ الأجواء الضرورية لمهاجمة (خصمه التاريخي) بشكل لم يكلف نفسه مشقة السؤال: عن ماذا تعني كملة (رفيق) ناهيك عن (رتبة فريق) في الجيش الشعبي؟ وكلمة (الأمين العام) في الحركة الشعبية؟.
فياسر سعيد الذي يتحدث عنه بهذه الطريقة، لم يثبت فيه أي جرم يتعلق بخيانة الثورة منذ أيام المفكر الوطني د. جون قرنق دي مابيور والي الآن، فمن أين يأتي أبكر بهذه التُهم؟ ووفقاً لمفاهيمنا الثورية وأعرافنا المعمول بها طول عمر النضال المسلح، لم نجد مثل هذه القساوة والتطرف والحكم غير المبرر علي الرفاق بهذه الطريقة العشوائية، لأنه حتي من ثبت جرمه بين الرفاق تنزل عليه العقوبة لكنه لا يُحرم من (الرفقةComradeship).
أما المؤسف في الأمر حقيقةً، هو تحول أبكر الي أيديولوجيا قائمة بذاتها، أصطف حولها كل الهاربين عن النضال وأصبحوا ينثرون سمومهم في وجه كل من يختلف عنهم ثقافياً/عرقياً، ويتجهون الي فرضها علي الحركة الشعبية بعد أن دبلج لهم (زعيمهم أبكر)، التهم بشكل مجنون ضد الرفاق الذين أثبتوا جدارة الحركة الشعبية ومقاتليها وعلي رأسهم اللواء/ جقود مكوار مرادة رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي ونائبه للإدارة اللواء/ عزت كوكو أنجلو وباقي قيادات المؤسسة العسكرية في الجبهتين، بإعتبار أنهم ينفذون مخططات ياسر عرمان.
والكلام في هذا الجانب يطول لكن تقتضي الحكمة عدم فتححه، الآن؟؟؟ وحتماً سنفتححه في حينه، لكن، ما نرجوه من أبكر ومن لف لفه، الكف عن ذلك السخف ومحاولة زرع بزور الفتنه والإنقسام بين الرفاق، أو أن (يَركِزو) لأن الكلام دخل الحوش، ولو ما (ركزو) أسمحو لي أخلي الكوكاب السلجاي، لأني المره الجاية بطلق فوقم أم جركول أو كما يسمونها الطبيقة، وهذه لا يتم إشهارها إلا في وجه من تأكدت عداوته للرفاق، لأنها لا تسمح بمساحة كبيرة بين الشخص وخصمه إلا مساحة "فصين قنا".
ثالثاً/ هل هناك موضوعية في إحتجاجات بعض عضوية الحركة الشعبية؟:
نعم، هناك موضوعية في بعض الإحتجاجات والتي لا نجزم أن الحركة الشعبية جسم مطلق الكمال، وتتعلق تلك الإحتجاجات بمواضيع يمكن إفراد مساحة لها داخل مؤسسات الحركة الشعبية ومناقشتها بما تستحق من بحث وإستقصاء بغرض الوصول الي فهم مشترك فيها بين الرفاق.
فما هي تلك المواضيع؟:
1- الخلاف علي دستور 2013م: بالنسسبة لموضوع الدستور بأي حال من الأحوال لم يكن سابق علي وجود الحركة الشعبية لتحرير السودان، لأن الحركة الأم نفسها أتوجد الدستور لأول مرة في تاريخها في العام 1994م، أي بعد عشرة سنوات من تأسيسها، وذلك بعد مؤتمرها الدستوري الأول في شقدوم، وظلت الممارسة العملية عبره لحين مؤتمر رمبيك في العام 2006م بعد توقيع إتفاقية السلام الشامل، وهو الدستور الإنتقالي الذي استمر العمل به لحين إنعقاد المؤتمر العام الثاني في العام 2008م. ولذلك، نعتبر أن تجربة الحركة الشعبية في صناعة الدساتير التي تحكمها لا تحتاج الي أوهام الواهمين، والغبار الكثيف المُثار حول مشكلة الدستور يمكن تجاوزه عن طريق مؤسسات الحركة الشعبية وليس في الأسافير ومنابر الإعلام.
2- إكمال الهياكل التنظيمية: أما في ما يتعلق بالهياكل التنظيمة فهذا الأمر يتعلق في مجمله بترتيبات إنفصال الجنوب بعد ظهور نتيجة الاستفتاء وإندلاع الحرب وعودة الشرعية الثورية المتعارف عليها في الجيش الشعبي والتي تقتضي تولي القيادة حسب الأقدمية في الرتبة العسكرية، وبذلك جاءت القيادة الحالية التي يسميها المرجفين، والواهمين بأنها نتيجة ل(السوفت لاندينغ)، رغم إيماننا في الحركة الشعبية والجيش الشعبي بأنها القيادة الشرعية للثورة، وإلتزامنا التام بموجهاتها.
ومن واجب هذه القيادة إكمال بقية الهياكل، فإن قصرت في واجبها هذا لا يعني أن نقوم بتقويض الحركة الشعبية برمتها وتصويرها علي أساس أنها: (مالك عقار وعبد العزيز آدم الحلو و ياسر سعيد عرمان)، كما نشاهده من عبث في الأسافير. وهذه المشكلة أيضاً يمكن حلها في داخل مؤسسات الحركة الشعبية الموجودة بالفعل.
3- المنفستو والخط السياسي للحركة الشعبية وقضايا التفاوض: وهذه أيضاً يتم بحثها في مؤسسات الحركة الشعبية الموجودة والتوافق عليها.
4- وضعية الجيش الشعبي لتحرير السودان وتطويره وقضايا الترتيبات الأمنية: وهذه من القضايا التي لا يمكن التناظر حولها في منابر الإعلام، لأن الجيش الشعبي موجود وله قيادته علي الأرض ولديه مؤتمرات تسمي ب (مؤتمر الضباط) الذي يناقش بمهنية كل القضايا في حالة وجود أي أمر ضروري يتعلق بالجيش الشعبي.
5- مراجعة بعض القرارات غير الموفقة التي تم إتخازها في السابق إن وجدت.
6- ومجمل القول في هذا لابد من إصلاحات تنظيمية يتحاور عليها الرفاق داخل مؤسسات الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان – شمال، الموجودة بالفعل، للوصول الي فهم مشترك، وتوزيع التكاليف التنظيمية بشكل يضمن الإنسجام في أداء المهام الموكلة لكلٍ منهم، وتعيين مجلس تحرير قومي كجهة رقابية يحتكمون لها، لحين إنعقاد المؤتمر العام.
وبكل بساطة ما يدور من تهويل للأمور وعكسها في الأسافير بهذه الطريقة لا يخرج عن إطار النفوذ السياسي لكل من يمني نفسه بشغل منصب أو موقع محدد في هياكل التنظيم الموجودة بالفعل أو التي ستوجد مستقبلاً، وهذا أمر طبيعي في ما يسمي بالتنافس السياسي، لكن من غير الطبيعي والمرفوض هو تجريم الآخرين وتجريدهم من حقوقهم في الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو نسف الحركة برمتها.
وفي ختام هذا المقال نقول: (فالناس عندما لا تكون لديهم أية إنجازات سياسية أو مؤسساتية يفتخرون بها، قد يفاخرون بدلاً من ذلك بهوياتهم العرقية أو اللغوية أو الثقافية الموروثه)10.
فنحن في الحركة الشعبية لتحرير السودان لدينا إنجازات سياسية ومؤسساتية تُنجينا شر الإرتماء في التباهي بالجوانب الذاتية.
ويا أبكر ومن داعب طيفك أحلامه أفعلوا ما شئتم لكن أتركوا الحركة الشعبية في حالها إن لم يكن ما يصلح حالها ويقويها جزء من إهتماماتكم، لأنها مازالت تملك (رؤية واضحة وأهداف مفصلة ومبادئ راسخة) تقود نضالها، ولديها كم هائل من الرفاق والرفيقات الشجعان الذين يضحون بأنفسهم من أجل إستمرارها وتطورها.
وفي كل هذا (التقدم هو الذي يجب علي السؤال المقلق: فماذا الذي سوف نفعله الآن؟ أما الرد علي أدني مستوياته فيقول: "دعونا نطور ما لدينا لنطلع منه شئ أفضل وأعظم". وكما يقول هيغل "أن لا شئ سوف ينتج غير ماهو قائم بالفعل")11.
ونواصل….
نقيب/ إبراهيم خاطر مهدي
– قائد شعبة التدريب برئاسة هيئة الأركان- توجيه
– ونائب عميد معهد التدريب السياسي والقيادي للشئون الأكاديمية
– 14أبريل 2017م
المراجع:
1- جاك دريدا وآخرون، المصالحة والتسامح وسياسات الذاكرة، ترجمة حسن العمراني دار توبقال للنشر، الطبعة الأولي 2005م ص29.
2- حنة أرندت، في العنف ، ترجمة إبراهيم العريس، دار الساقي الطبعة الأولي 1992م.
3- حنة أرندت، مرجع سابق ص21.
4- حنة أرندت، أعلاه ص 21.
5- إعداد دانيال برومبرغ، التعدد وتحديات الإختلاف: المجتمعات المنقسمة وكيف تستقر؟ ترجمة عمر سعيد الايوبي الطبعة الأولي دار الساقي 1997م ص50.
6- نص الكسندر هرتزن هنا مستعار من نص إيزايا برلين الذين يقدم لكتاب فرانكو فنتوري "جذور الثورات" نيويورك 1966م.
7- إيمانويل كانط، فكرة من أجل تاريخ كوني مع نوايا كوزموبوليتيه، المبدأ الثالث، في "فلسفة كانط" مطبوعات مودرن لايبريري.
8- جاك دريدا، نفسه ص35.
9- جاك دريدا، نفسه ص40.
10- التعدد وتحديات الإختلاف في المجتمعات المنقسمة وكيف تستقر؟ مرجع سابق ص116.
11- حنة أرندت، مرجع سابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.