شاهد.. مقطع فيديو للفريق أول شمس الدين كباشي وهو يرقص مع جنوده ويحمسهم يشعل مواقع التواصل ويتصدر "الترند"    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    محمد وداعة يكتب: مصر .. لم تحتجز سفينة الاسلحة    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصف بشير الأمين : ماذا حدث و يحدث داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ؟
نشر في حريات يوم 25 - 07 - 2017

ماذا حدث و يحدث داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ؟ (1)
ناصف بشير الأمين
اختار كاتب هذا المقال الا يكون طرفا في الحملات الإعلامية من الجانبين التي صاحبت الأزمة الداخلية للحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال منذ تفجرها في بداية مارس 2017م. وذلك رغم قناعته، منذ اليوم الأول، بعدم قانونية قرارات مجلس تحرير أقليم جبال النوبة- جنوب كردفان القاضية بحل المجلس القيادي للحركة و إقالة رئيسها وأمينها العام من مواقعهما وتكليف نائب رئيس الحركة الفريق عبد العزيز آدم الحلو كرئيس جديد للحركة. وأختار بدلا من ذلك ان يدعم المبادرات الداخلية والصديقة التي هدفت الى إقناع طرفي الخلاف بضرورة الجلوس على طاولة الحوار من أجل الوصول الى حل تفاوضي ينهي الأزمة ويجنب الحركة و جيشها الإنقسام. إلا انه ونتيجة لحقيقة رفض نائب رئيس الحركة و المجموعة المؤيدة له كافة مبادرات التسوية السلمية (دون إستثناء) وكافة المبادرات والأفكار التي طرحها رئيس الحركة –التي ستناقش بالتفصيل لاحقا – والتي هدفت جميعها الى الوصول الى حل يحافظ على وحدة الحركة، بات واضحا لكل ذي عينين أن هذه المجموعة قد حسمت أمرها واتخذت قرارها النهائي بفرض قراراتها التي انتجت الأزمة كأمر واقع غير قابل لإعادة النظر، مهما كانت النتائج المترتبة عليه. على ضوء ذلك اصبحت كتابة هذه السطور بمثابة شهادة للتاريخ تفرضها مسؤلية الإنتماء للمشروع والمسؤلية الأخلاقية معا.
يعتبر الشهيد د. جون قرنق دي مبيور اهم قائد سياسي سوداني في مرحلة ما بعد الإستقلال قدم رؤية ذات مصداقية للبناء الوطني وإعادة هيكلة الدولة الكولونيالية الموروثة عن الإستعمار. في مواجهة واقع فشل النخبة التي خلفت المستعمر في مركز السلطة في صياغة مشروع بناء دولة وطنية ديمقراطية علمانية موحدة على أساس قاعدتي المواطنة وإحترام التنوع و تحقيق العدالة لإجتماعية، و سيادة سياسات التهميش والتمييزالمنهجي ضد غالبية السكان على أسس دينية اوإثنية اوثقافية اوإقليمية و تصاعد دورة العنف والإحتراب، طور الشهيد قرنق رؤية السودان الجديد كترياق مضاد للسودان القديم و علله، خطاباته و ممارساته. لقد جعلت الحركة الشعبية لتحرير السودان تحت قيادة الشهيد قرنق أهدافها واضحة لقوى المركز، منذ إنطلاقتها في 1983م، بأن كفاحها ليس من أجل القفز الى السلطة، وإنما توحيد السودان على أسس جديدة و وضع حد للمظالم الإجتماعية العديدة في كل أنحاء السودان. لذلك بالنسبة لجون قرنق، لم يكن يوجد شيء إسمه "مشكلة الجنوب" وإنما هي مشكلة السودان ككل. مشروع بهذا الطموح الوطني العريض وبهذه الرؤية الراديكالية للتغيير التي تدعو لإعادة هيكلة الدولة السودانية لجهة إنهاء التهميش والتمييز لصالح حقوق المواطنة المتساوية، هو بالضرورة مشروع عالي الكلفة كفاحيا، بسبب كثرة الأعداء في المركز الذين يدافعون عن إمتيازاتهم التاريخية. لهذا السبب اصطدم المشروع في محطات كثيرة بتيارات داخل الحركة نفسها ترى في رؤية السودان الجديد حلما عالي الكلفة إن لم يكن مستحيلا تحقيقه، و إنها لا طاقة لها بعبء حمله، لذلك تستعيض عنه بالمطالبة بالإنفصال او الحكم الذاتي للمنطقة المعينة. في رأي د. منصور خالد، لم يكن ممكنا منذ البداية؛ "توطين أجندة قرنق الوحدوية بدون حرب داخلية في صفوف الحركة بين أولئك المؤمنين بسودان جديد يقوم على أساس الوحدة من خلال التنوع و أولئك المؤمنين بفصل جنوب السودان: الذين وصفهم قرنق بالإنفصالين و الإنتهازين. بعد خروجه منتصرا في هذه الحرب الداخلية، واصل قرنق مهمة إعادة هيكلة حركته، التي نشأت في الأصل ذات إهتمام منحصر بالجنوب، لتكون حركة ذات مهام و رؤية قومية لتحويل السودان القديم الى سودان جديد و ليس تدميره." (د. منصور خالد: تناقض السودانين، ص 21& 22). لهذه الأسباب، وكما هو متوقع، لم يكن الشهيد قرنق و طرحه "مرحبا بهما وسط القيادات السياسية التقليدية معا في الجنوب و الشمال لأنهما سحبا الأراض من تحت أقدامهم." في الجنوب، يرى فرانسس دينق أن قرنق "قد ارتفع برؤية الجنوب والشمال ككل موحد الى مستوى لم يكن منظورا او يعتبر ممكنا من قبل، خاصة من قبل القيادات السياسية الجنوبية. و بدلا من أن يكون مصدر فخر للسياسين الجنوبيين، فإن صعود قرنق السياسي والفكري في قمة المشهد السياسي الوطني تم النظر اليه معا بشك و حسد… لأنه أعتبر مهددا لفصل الجنوب. في الجانب الآخر، رأى السياسيون التقلديون في الشمال في أجندة قرنق الوطنية مصدر زعزعة لما كان يفترض أنها حقائق بديهية، ليس فقط حول الهوية الوطنية، ولكن أيضا حول كيفية حكم السودان و إبقاءه موحدا"، (د. منصور خالد، نفس المصدر، ص 30). لذلك استمرت الحركة الشعبية ومنذ إنطلاقتها تحارب في جبهتين: ضد نخبة المركز و ضد التيار الإنفصالي داخلها. خلاصة، استمر تيار القوميين الجنوبيين متواجدا داخل الحركة الشعبية، خاصة بعد توحيد الحركة و عودة مجموعة الناصراليها، و ظلت هناك حالة تعايش صراعي بين التيارين: تيار السودان الجديد الذي يقف على رأسه الشهيد قرنق و تيار إنفصال جنوب السودان، وهو الصراع الذي حسم بعد رحيل الشهيد قرنق المبكر و المفاجيء لمصلحة التيار الإنفصالي وانتهي بإستقلال جنوب السودان. سقت هذه المقدمة الطويلة لحد ما لأن ما حدث ويحدث الآن داخل الحركة الشعبية – شمال يمكن النظر اليه من زاوية معينة كإمتداد لذلك الصراع الإنقسامي القديم/الجديد بين ذات التياريين.
ماذا حدث؟: وقائع أساسية
بدأت أزمة الحركة الشعبية –ش الحالية بتقديم نائب رئيس الحركة الفريق عبد العزيز آدم الحلو لإستقالته للمرة الثالثة خلال عامين أو يزيد. حسب ما ورد في بيان داخلي لرئيس الحركة الشعبية (5 يونيو 2017م)، كانت الإستقالة الأولى شفاهية قدمها نائب الرئيس ل(12) من كبار ضباط الجيش الشعبي في جبال النوبة، ولم يقدمها للمجلس القيادي، وبعد إقناعه بسحبها إتفق مع تلك المجموعة على أن يتم (قتل الأمر في داخل ذلك الإجتماع)، وفي 13 يوليو 2016م تقدم نائب رئيس الحركة بإستقالته الثانية كتابة الي رئيس الحركة. في الإستقالتين، كان السبب الوحيد المذكور كمبرر للإستقالة هو إن نائب الرئيس لا ينتمي الي جبال النوبة إثنياً، ولذا يجب ترك الفرصة للمنتميين إثنياً للإقليم لإختيار نائب للرئيس من بينهم، وأن هذا المنصب من استحقاقاتهم. كان نائب الرئيس ينطلق عن قناعته التي عبر عنها في الإستقالة الثانية بالدور المتعاظم للإثنية في السياسة السودانية (انظر خطاب رئيس الحركة الصادربتاريخ 1 يوليو 2017م تحت عنوان: (Bewitching of the Liberation; Genesis of the SPLM/N Split of 2017 ). حسب بيان رئيس الحركة (5 يونيو 2017م)، تم نقاش مطول مع نائب الرئيس من قبل الرئيس والأمين العام، و تم الدفع بحجج عديدة لإقناعه بسحب إستقالته لأنها لاتتسق مع رؤية الحركة ومشروع السودان الجديد والعطاء الذي قدمه نائب الرئيس عبر السنوات، وقد إقتنع في النهاية بسحب إستقالته. الإ أن نائب رئيس الحركة عاد وقدم إستقالته الثالثة في 7 مارس 2017م، والتي حملت ذات السبب الوارد في الإستقالتين السابقتين، مع إضافة أسباب أخرى جديدة تضمنت إتهامات عديدة لرئيس الحركة و أمينها العام.
أوضح نائب الرئيس في خطاب إستقالته إن هناك خلاف بينه وبين رئيس الحركة و الأمين العام حول عدة قضايا شملت المنفستو والدستور و حول محتويات بعض المسودات التي اقترحت فيما يخص الوثيقتين؛ وبين نقاط الخلاف من وجهة نظره في هذا الخصوص. واضاف أنه يختلف معهما أيضا حول الموقف من قضية تقرير المصير و كذلك حول المؤسسية ويحملهما مسؤلية عدم إكمال عضوية المكتب السياسي/المجلس القيادي و عدم تكوين مجلس التحرير القومي و مكاتب الأمانة العامة للحركة. وجه خطاب الإستقالة أيضا اتهاما للأمين العام للحركة رئيس وفد التفاوض بأنه تجاوز تقاليد تكوين لجان التفاوض فى الحركة الشعبية منذ تأسيسها و عدم وضوح المعايير التى اعتمدها، و ركز الخطاب على ما اسماه عادة تخفيض سقف مطالب الحركة الشعبية فى المفاوضات و باستمرار دون مقابل أو تنازلات من جانب وفود الحكومة …و الاختلاف حول المواقف التفاوضية و خاصة فى بند الترتيبات الأمنية، وأن التنازل فى الترتيبات الأمنية يعنى فى نظره تجريد الجيش الشعبى من سلاحه عبر وسيلة استيعابه فى جيش المؤتمر الوطنى، و إنهاء دوره كضامن لتنفيذ اى اتفاق…." و بناءا على ما تقدم خلص خطاب نائب رئيس الحركة الى انه توصل الى عدة قناعات أهمها: "
وقد سبقت الإستقالة الدعوة لإجتماع مجلس تحرير إقليم جبال النوبة/جنوب كردفان، والذي عينه نائب رئيس الحركة نفسه. وقد وردت – حسب البيان – قبل الإجتماع معلومات مفصلة أرسلها (جاتيكا أموجا) قمر دلمان والجاك محمود وعمار آمون قبل عدة أسابيع حول ما يريدون التوصل إليه في إجتماع مجلس التحريرالإقليمي لتغيير التركيبة القيادية للحركة وأهدافها المعلنة وموقفها التفاوضي. كذلك اشار بيان رئيس الحركة (1 يوليو 2017م) الى وقوع أعمال مهدت الطريق لما سيحدث لاحقا؛ حيث بدأت حملة جمع توقيعات في الإقليم تطالب بعزل الأمين العام للحركة من منصبه بحجة انه لاينتمي للمنطقتين، وذلك قبل ثلاث أشهر من تاريخ إجتماع مجلس التحرير الإقليمي. بعد الإطلاع على إستقالة نائب الرئيس، قام مجلس التحرير الإقليمي وفي رد فعل فوري بأصدار قرار ب (أ) حل وفد التفاوض وتكوين وفد جديد؛ (ب) سحب الثقة من الفريق/ ياسر سعيد عرمان كأمين عام للحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال؛ (ج) سحب ملفات التفاوض ، العلاقات الخارجية والتحالفات السياسية من الفريق/ ياسر سعيد عرمان. كان واضحا أن القرارات أيضا استهدفت وضع رئيس الحركة أمام خياري أما أن يباركها، رغم عدم صدورها عن جهة مختصة، وأما أن يواجه ذات مصير الأمين العام كما حدث لاحقا. بتاريخ 7 يونيو 2017م، أصدر مجلس التحرير الإقليمي قرارا إضافيا بحل المجلس القيادي للحركة، إقالة رئيس الحركة والأمين العام ومنعهما من دخول المناطق المحررة، وتعيين نائب الرئيس رئيسا للحركة. صدرت كل هذه القرارات دون الإستماع لوجهة نظر رئيس الحركة وأمينها العام و دون إتاحة الفرصة له حتى للرد على التهم المحددة التي و جهت له. في إجتماعة المنعقد بالمناطق المحررة (2 – 3 أبريل 2017م)، قرر المجلس القيادي للحركة الشعبية- ش إلغاء كآفة القرارات الصادرة من مجلس التحرير الإقليمي المتعلقة بالقضايا والمؤسسات القومية، وألا يترتب عليها أي أثر قانوني او سياسي."
أخطر ما حدث في هذه الأزمة هو النزاع المسلح ذو الطابع القبلي في النيل الأزرق. حوى بيان رئيس الحركة الصادر بتاريخ 5 يونيو 2017م إتهاما صريحا للفريق عبدالعزيز الحلو نائب رئيس الحركة بأنه، ومنذ تقديم إستقالته، حاول التعامل مع قبائل بعينها في النيل الازرق وعمل على الإتصال بالجنرال جوزيف تكه – كما اثبت ذلك الأخير في إجتماع المجلس القيادي للحركة – وحاول تحريض مجموعة الادك، وهي قبيلة مجاورة لحدود جنوب السودان وقع عليها ظلم تاريخي. و ذكر البيان أن قيادات الحركة الشعبية كانت لها حوارات مطولة مع قيادات الادك حول رؤية السودان الجديد وحول مطالب سابقة للقبيلة لتقرير المصير والانضمام لجنوب السودان. و أن نائب الرئيس إتصل بهذه المجموعة بعد تقديم إستقالته ذاكراً لهم إنه الآن يطالب بحق تقرير المصير و عليهم لذلك مساندته. و قد انتهت إتصالات نائب الرئيس، حسب البيان، الي إقتتال داخلي في النيل الأزرق راح ضحيته العشرات من مختلف الاطراف. ربما يجد هذا الإتهام سندا له في البيان الصادر من المجموعة المؤيدة للفريق عبد العزيز الحلو في النيل الأزرق بتاريخ 1 مايو 2017م. حسب ذلك البيان الصادر عن خطاب قبلي مبين؛ "فإن القيادة في الحركة الشعبية والجيش الشعبي تاريخيا تقوم على الثقل القبلي وتعداد المقاتلين، ففي النيل الأزرق كانت قبيلة الأدك هي أول قبيلة تمردت ضد النظام بدايات العام 1983م…. وبعدها تمرد مالك عقار في العام 1985م…" و حسب البيان فإنهم قبلوا في الماضي قيادة رئيس الحركة فقط نزولا على رغبة جون قرنق. ولنا أن نتساءل عن علاقة هذا الفهم الذي يربط تولي القيادة بالثقل القبلي برؤية السودان الجديد التي تزدحم بها الشعارات؟
الفريق عبد العزيز آدم الحلو يمثل دون شك أحد أعمدة الحركة الشعبية ورموزها، ولا يستطيع أحد أن يزاود على تاريخه الكفاحي الطويل في الحركة و أدواره العسكرية البطولية في قيادة المقاومة المسلحة في ميدان القتال في مواجهة مليشيات النظام. ولكن التطورات الأخيرة كشفت عن جوانب لم تكن مرئية من شخصية الرجل ولم تكن معلومة حتى للعديدين من قواعد الحركة الشعبية-ش. من ذلك أنه ظل لأكثر من عام يرفض حتى مجرد الجلوس و الحديث مع رفاقة في القيادة: الرئيس والأمين، و ذلك بعد أن قال للرئيس في اخر إجتماع بينهما في 22 اغسطس 2016م "أنه لم يعد يثق فيه." وأنه ظل معتكفا خارج السودان لحوالي عامين (أنظر بيان رئيس الحركة 1 يوليو 2017م). وإستمر يرفض بعد إنفجار الأزمة التي نحن بصددها كل النداءات والمبادرات التي قدمت من قبل الرئيس والأمين العام للحركة وكذلك أصدقاء الحركة في الداخل و الخارج والتي هدفت جميعها الى جلوس الطرفين حول طاولة الحواربغرض الوصول الى حل سلمي تفاوضي يحفظ و حدة الحركة وجيشها ويجنبهما الإنقسام. وأن السبب الوحيد لتقديم إستقالته في المرتين الأولى والثانية هو قناعته بأن للإثنية دور متعاظم في العمل السياسي وأن النوبة كإثنية غير ممثلين بما يكفي في القيادة، وإنه يريد، من خلال إستقالته، أن يفسح المجال لتمثيلهم. هذا مع العلم بأن المجلس القيادي حسب الدستور يمكن أن تصل عضويته الى 19 عضوا، وكان يمكن بالتالي إضافة أي عدد من الأعضاء من إقليم معين لضمان عدالة التمثيل في المجلس القيادي دون حاجة لأن يقدم الفريق الحلو إستقالته. حديث الفريق الحلو الداعي للإعتراف بالدور المتعاظم للإثنية في السياسية السودانية يثير أسئلة عديدة حول مدى إنسجام هذه الرؤية مع برنامج الحركة الشعبية – ش. هذه الدعوة يمكن أيضا ملاحظة صداها في البيان المشار اليه أعلاه، الصادر من المجموعة المؤيدة للفريق عبد العزيز الحلو في النيل الأزرق بتاريخ 1 مايو 2017م، والذي اعتبر صراحة أن "القيادة في الحركة الشعبية والجيش الشعبي تاريخيا تقوم على الثقل القبلي." و ذات الفهم يقف خلف خطوة مجلس التحرير الإقليمي لجبال النوبة – جنوب كردفان الذي اعطى نفسه بنفسه صلاحيات قومية لا يملكها (كما سنبين بتفصيل لاحقا) أصدر بموجبها قرارات بحل المجلس القيادي للحركة، و إعفاء الرئيس والأمين العام للحركة وتعين رئيس جديد لها. و مع الإعتراف بعدالة المطالبة بأن يعكس تمثيل إي إقليم في مؤسسات الحركة القيادية ثقله العددي النسبي، فإن هذا الإعتبار لاينبني بداهة على أسس أثنية، و إلا لشكل مصادرة للأسس المركزية لرؤية السودان الجديد العابرة للإثنيات والثقافات والأديان و الجهويات.
في رده على ما ورد في إستقالة الفريق عبد العزيز آدم الحلو، ابان الفريق مالك عقار رئيس الحركة الشعبية -ش (بيان داخلي 5 يونيو 2017م) انه و خلال عامين بذل الرئيس والأمين العام للحركة كافة الجهود لإحتواء الخلاف وتمت الدعوة ل (17) إجتماعاً في الآراضي المحررة يضم المجلس القيادي وقيادة الجيش والوفد التفاوضي لإعطاء الفرصة لنائب الرئيس لطرح كل أرائه وإتخاذ الموقف الذي يراه قادة الحركة مجتمعين، ولكن نائب الرئيس رفض ذلك، و فضل البقاء خارج السودان على مدى عامين. فيما يخص الدعوة الي حق تقرير المصير، اعتبر ذات البيان أن "المطالبة بتقرير المصير ليست جزء من مشروع السودان الجديد، بل إن الإنفصال هو حد أدنى وأقل شأناً من مشروع السودان الجديد، ولم يطرح الشهيد الدكتور جون قرنق حق تقرير المصير الا في عام 1991م كمشروع للحفاظ على وجود القوميين الجنوبيين داخل الحركة الذين شد إنتباههم دعاوي مجموعة الناصر والتي من الناصر إنتهت في الخرطوم!!، وقد قمنا بمناقشات عديدة مع الرفيق عبدالعزيز الحلو منذ تأسيس الحركة الشعبية في 10 أبريل 2011م، وقد إعترض الرئيس والأمين العام على طرح حق تقرير المصير لأنه سيكون ضد سكان المنطقتين أولاً، وسيؤدي الي إهتزاز شامل في طرح فكرة السودان الجديد، وإنه ما عاد جاذباً بعد إنفصال الجنوب، وسيعزل الحركة الشعبية بإبعادها عن القوى الوطنية والديمقراطية وسيقسم الحركة الي جبال النوبة في إتجاه والنيل الأزرق في إتجاه…الخ (راجع البيان).
فيما يتعلق بالتفاوض والجيشين، جاء في ذات البيان أن وفد الحركة الشعبية المفاوض اوضح في أغسطس 2016م، ردا على مطالبات الوفد الحكومي، إن الترتيبات الأمنية النهائية تحتاج الي مبادئ، ودفع بمقترح الحركة الذي شمل خمسة مبادئ، وذكر إن ذلك لا ينتقص من حقها في طرح مبادئ آخرى لاحقا، وقدم الوفد التفاوضي النقاط الأتية:
الجيش الشعبي في الشمال سيتم إنصهاره عبر مراحل زمنية في جيش سوداني جديد تتم إعادة هيكلته وكذلك في المؤسسات الأمنية الآخرى والتي ستكون مهنية وغير مسيسة وتعكس تركيبة ومصالح المجتمع السوداني؛
كل المليشيات بمافي ذلك قوات الدعم السريع سيتم حلها؛
عملية إنصهار الجيش الشعبي عبر المراحل الزمنية في الجيش السوداني الجديد ستبدأ بعد الإنتهاء من تنفيذ الترتيبات السياسية الخاصة بالمنطقتين؛
عملية التسريع وإعادة الدمج المجتمعي ستشمل القوات من الطرفين؛
المبادئ الآخرى ستطور لاحقاً بواسطة الطرفين.
وأكدت الحركة الشعبية ان المؤتمر الوطني هو اكبر حزب مسلح، ولايمكن أن ينزع سلاح الاخرين الا اذا اتفق مع الآخرين على نزع سلاحه، وهو يسيطر على كل القطاع الامني بما فيه الجيش. عرضت هذه المبادئ قبل تقديمها على الرئيس ونائب الرئيس، وقبلهم على الوفد التفاوضي ، وحينما تم تقديمها إنسحب الفريق عماد عدوي، وقبل الوفد الحكومي بعدها بالرجوع لوثيقة وقف العدائيات كما هي دون الحديث عن مبادئ الترتيبات الأمنية النهائية. و اضاف البيان أن نائب رئيس الحركة يرى مع ذلك إنه قد تمت التضحية بالجيش الشعبي وقد أكد له خمسة من قادة الوفد التفاوضي ورئيس الحركة في إجتماع مشترك إن هذا غير صحيح، ولكنه أصر على رايه وهو يطالب بنقل تجربة الجنوب بحذافيرها… وان طرح الحركة الحالي لا يتخلى عن الجيش الشعبي بل إن عملية تنفيذ الإتفاق كمرحلة أولى وبناء جيش جديد كمرحلة ثانية ربما تاخذ في ظل الأوضاع الراهنة أكثر من (15) عام لإنجازها. اللافت للإنتباه، أن الجيش الشعبي الذي إستخدم كموضوع و رقة إتهام رئيسية (التضحية بالجيش) من قبل نائب الرئيس ضد رئيس الحركة وأمينها العام لم يكن طرفا في الأزمة و ظل طرفا محايدا، و لم تصدر عنه قرارات ذات صلة الا بعد إجتماع المجلس العسكري في 15-16 يونيو 2017م (راجع بيان إجتماع المجلس العسكري). و لعل ذلك يعود الى وجود رئيس هيئة أركان الجيش اللواء جقود مكوار و نوابه كأعضاء في المجلس القيادي للحركة وكذلك مشاركتهم في بعض جولات التفاوض الخاصة بوقف إطلاق العدائيات وبند الترتيبات الأمنية و لذلك هم على دراية كاملة بعدم صحة الإتهامات التي يسوقها نائب الرئيس و الخاصة بعقد الرئيس والأمين العام صفقات سرية للتضحية بالجيش. واضاف البيان: "وقد طرح على نائب الرئيس أن يتولى قيادة الوفد التفاوضي مرات عديدة من جانب رئيس الوفد التفاوضي ومن جانب رئيس الحركة، ورفض ذلك، وطلب منه كتابة الترتيبات الأمنية التي يراها، ولم يقم بذلك، وطلب منه مناقشة هذه القضية مع قيادات الحركة مجتمعة ولم يستجب لذلك." وفي بيان رئيس الحركة (1 يوليو2017م)، اوضح الرئيس انه اقترح على نائب الرئيس في إجتماع ضمهما مع وفد الحركة المفاوض في 16 أغسطس 2016م انه يمكن تطوير الورقة الخاصة بالترتيبات الأمنية او سحبها خاصة أنها ورقة مباديء عامة ورفضت من قبل الوفد الحكومي، وتقدم بإقتراح ثالث بأن يتم تجاوز الورقة كلية بعد رفضها وصياغة موقف تفاوضي جديد يخاطب النقاط الخمس، كذلك اقترح في ذات الإجتماع أن يتولى نائب الرئيس قيادة وفد التفاوض في وجود او عدم وجود الأمين العام، ولكن رفض نائب الرئيس الإقتراح واصر على ان يستمر الأمين العام في قيادة وفد التفاوض.
اعلن رئيس الحركة و الأمين العام كذلك رغبتهما وإستعدادهما للتنحي والتنازل طوعاً عن القيادة وتسليمها لجيل جديد من عضوية الحركة – حسب أقدمية المجلس القيادي الحالي – منذ سبتمبر 2016م، وفي 5 يونيو 2017م أعلنا ذلك للرأي العام. وزادا على ذلك إلتزامهما بعدم الترشح لأي منصب تنفيذي في المستقبل، وقد كررا هذا الإعلان أكثر من مرة فيما بعد. وأكد بيان الفريق مالك عقار (1 يوليو 2017م) أن الفكرة نوقشت في أكتوبر 2016م، و تمت مناقشة النموذج الأمثل لإجراء تداول المسؤلية القيادية: "آخذين بعين الإعتبار حقائق و واقع الكفاح التحرري، قمنا بدراسة إيجابيات و سلبيات السيناريوهات التالية: (i) أن يتنحى ثلاثتنا معا و بشكل فوري ويتم تعيين قيادة جديدة. هذه الصيغة ربما تخلق نوعا من الإرباك في إنسياب إدارة الحركة و كذلك تثير تساؤلات من جانب الأعضاء و المتعاطفين، ولا تعطي وقتا كافيا للقيادة القادمة و كذلك المتنحية للتجهيز لتسليم وتسلم المهام والمسؤليات؛ (ii) تبادل ممرحل للسلطة خلال 18 شهرا، يبدأ بتنحي الأمين العام بعد 6 أشهر و تعين من يحل مكانه؛ ثم يتنحى نائب الرئيس بعد 12 شهرا ويعقبه الرئيس بعد 18 شهرا: هذا الخيار كان سيسمح بإعداد وتجهيزات مناسبة من جانب الطرفين و كان يمكن إنجازه على أكمل وجه." حسب البيان، تم تحديد المجموعة المختارة لتولى القيادة وتمت مناقشة الأمر معها وقبل المرشحون للقيادة الفكرة من حيث المبدأ، و لكن طلبوا منحهم بعض الوقت قبل بدء عملية التسليم و التسلم. وقد تم الإختيار حسب الأقدمية في ترتيب المجلس القيادي: أن يتولى رئيس هيئة الأركان الذي هو الشخص الرابع في قيادة الحركة الحالية منصب الرئيس، وأن يتولى نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات موقع نائب الرئيس، وأن يتولى نائب رئيس هيئة الأركان للإدارة رئاسة هيئة الأركان، وفي أكتوبر 2016م تمت مناقشة أنور الحاج ليتولي منصب الأمين العام. الصوت الوحيد الذي الذي أعترض على عملية التداول السلمي الداخلي و السلس للقيادة – حسب البيان – هو الفريق عبد العزيز الحلو، نائب الرئيس؛ كانت حجته إنه لم يحن الوقت بعد لطرح مقترح كهذا للنقاش. تم تأجيل الموضوع لهذا السبب لأجتماع المجلس القيادي و المؤتمر العام ليتم تنفيذه. وبعد إنفجار الأزمة كرر رئيس الحركة و الأمين العام التزامهما بالتنحي وإفساح المجال لجيل جديد لتولي قيادة الحركة، وطالبا نائب الرئيس أن يحذوا حذوهما، وطرحا ذلك كمخرج من الأزمة. في تقدير كاتب المقال المتواضع، ليس هناك ما هو أكثر و ضوحا من هذا الموقف في التعبير عن الزهد في الموقع والإستعداد الجدي وليس التكتيكي للتنحي من أجل الحفاظ على وحدة الحركة. لكن هذا العرض قوبل للأسف بالتجاهل من قبل نائب الرئيس وبالإستخفاف من قبل مجلس تحرير جبال النوبة-جنوب كردفان. تجاهل هذا العرض كشف عن حقيقة أجندة الطرف الآخر وعن أن هدفه و دوافعه الحقيقية ليست هي التجديد و الإصلاح التنظيمي و تدوال المسؤليات القيادية سلميا و تصعيد جيل جديد لقيادة الحركة الشعبية و المحافظة على وحدتها (كما تقول بذلك الشعارات)، وإنما إقصاء الرئيس و الأمين العام للحركة بشكل تام و نهائي من المشهد السياسي و التنظيمي وإنفراد نائب الرئيس بقيادة الحركة، و هو ما سماه الطرف الأول "إنقلابا."
بخصوص المنفستو، أوضح البيان (1 يوليو 2017م) انه تم تكوين سبعة مجموعات عمل لإعداد مسودات شملت المنفستو و قانون للحكم الذاتي…الخ، وكان الغرض هو انجاز وثيقة برنامج متكامل لعمل الحركة الشعبية. فرغت اللجان من إعداد المسودات المطلوبة ورفعتها للمجلس القيادي لإعتمادها. اعترض نائب الرئيس على أن تعتمد وثيقة البرنامج قبل إعتماد المنفستو. حسب بيان رئيس الحركة فإنه ارسل مسودة المنفستو بالأيميل لنائب الرئيس في 9 يونيو 2016م مع مسودة قانون الحكم الذاتي المقترح للمنطقتين و لكنه لم يتلق منه رد حتى تاريخه. عدم رد نائب الرئيس عطل مجمل خطه انجاز البرنامج المتكامل للحركة، وقد ابدى رئيس الحركة إستغرابه لإحتجاج نائب الرئيس على عدم وجود هذه الوثائق في خطاب إستقالته.
تعمدت سرد هذه الوقائع المطولة لحد ما لأهميتها في إبراز وجهة نظر رئيس الحركة و أمينها العام في مقابل الحجج و الإتهامات الواردة في إستقالة نائب الرئيس. وهذه الوقائع غيبت تماما ولم ترد الإشارة اليها في قرارات مجلس التحرير الأقليمي. وحسب بيان رئيس الحركة، فإن مجلس التحرير الإقليمي ليس فقط فشل في أن يقوم بمحاولة إستيضاح وجهة نظر الرئيس والأمين العام للحركة حول ما ورد في إستقالة نائب الرئيس من إتهامات ضدهما، قبل إصدار قراره، وإنما قصد تغيب وجهة نظرهما بشكل متعمد والإكتفاء بما ورد في خطاب إستقالة نائب الرئيس كأرضية لتسبيب قراراته. حسب البيان (1 يوليو 2017م)، اعد رئيس الحركة كلمة مسجلة مدتها 11 دقيقة لتذاع في الجلسة الإفتتاحية لإجتماعات مجلس التحرير الإقليمي، تحدث فيها عن ضرورة تركيز المجلس على الشؤون الإقليمية والمحافظة على الوحدة داخل الإقليم وعدم التطرق للقضايا القومية و تركها لإجتماع المجلس القيادي. كلمة رئيس الحركة سلمت لحاكم الإقليم بتاريخ 5 مارس 2017م الذي قام بتسليمها لعمار آمون – وهو ليس عضوا بالمجلس – بدلا من تسليمها لرئيس المجلس الإقليمي؛ والنتيجة تم إستبعاد كلمة رئيس الحركة عمدا ولم تقرأ لأعضاء المجلس. الإستبعاد المتعمد لسرد و إثبات هذه الوقائع الأساسية قاد لنتيجة كارثية اخرى صاحبت إدارة الأزمة، حيث فتح الباب على مصراعيه للإتهمات غير المؤسسة في الإعلام و وسائط التواصل الإجتماعي، خاصة من قبل القومين النوبة، والتي هدفت الى شيطنة و تخوين رئيس الحركة وأمينها العام بصورة غير مسبوقة.
بروز أصوات القوميين النوبة داخل و خارج الحركة الشعبية شكل أمرا لافتا ميز هذه الأزمة: بعضهم أبعد عن الحركة بسسب توجهاتهم المعادية لرؤية السودان الجديد. والمقصود هنا مجموعة من أبناء جبال النوبة ظلت تنادي بأن يتولى أبناء جبال النوبة قيادة الحركة وإبعاد العناصر من خارج الإقليم (خاصة الأمين العام)، وأن تعمل الحركة بشكل رئيسي على تحقيق مطالب سكان الإقليم وعلى رأسها حق تقرير المصير وأعطاءها الأولوية، و ذلك بسبب حجم التضحيات التي قدموها مقارنة بالأقاليم الأخرى وثقلهم العددي في عضوية الحركة والجيش الشعبي. في ظل غياب صوت نائب الرئيس شبه التام في الشهور التي اعقبت إستقالته، تولى القوميون النوبة ملء الفراغ وقيادة الحملة الإعلامية والتعبئة الإثنية ضد رئيس الحركة وأمينها العام في المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي. استهدف خطابهم بشكل خاص إغتيال شخصية الأمين العام للحركة وحشد التعبئة الإثنية ضده من خلال رسم بورتريه له يظهره ك"جلابي" عنصري و معادي لتطلعات أبناء جبال النوبة. كذلك اشتمل خطابهم تخوين رئيس الحركة وأمينها العام من خلال إتهامهم بعقد صفقات سرية مع النظام الحاكم تهدف الى بيع القضية و تصفية الجيش الشعبي. حديث القوميين النوبة عن رئيس الحركة وأمينها العام والإتهامات الموجهة للإثنين تذكرنا بالمبررات التي كان يستخدمها رياك مشار في تسعينات القرن الماضي لتبرير تحالفه مع النظام الحاكم ضد الحركة الشعبية، وذلك بالقول أن قرنق يشكل تهديدا لقبيلته "النوير" أكبر من حكومة الخرطوم.
(نواصل).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.