ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا حدث و يحدث داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال؟ (3)
نشر في حريات يوم 28 - 07 - 2017


أسباب أزمة الحركة الشعبية لتحرير السودان- ش
الخلفية العامة لأزمة الحركة الشعبية –ش هي الأزمة الوطنية العامة والشاملة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، والتي وصلت الى مدى غير مسبوق بعد 28 عاما من إنقلاب الجبهة الإسلامية. الإنقسامات الحزبية صارت نتيجة لذلك ظاهرة سياسية عامة شملت تقريبا كل الأحزاب السودانية الرئيسية، بما فيها الحزب الحاكم، و ذلك بسبب ظروف المقاومة و العمل السري في ظل غياب الديمقراطية والحريات العامة الذي ينعكس بدوره في غياب المؤتمرات و تضيق حيز الممارسة الديمقراطية الداخلية، يضاف الى ذلك سياسات التفتيت و الإختراق الأمني للأحزاب. هناك أيضا في الخلفية العامة حالة التشظي وتعميق الإنقسامات المجتمعية على أسس إثنية وثقافية و جهوية، التي استمرت سياسات النظام تعمل على إحداثها في النسيج الاجتماعي الوطني (سياسة فرق تسد). فيما يخص الحركة الشعبية – ش دون غيرها، هناك إشكالات ومصاعب تنظيمية داخل الحركة الشعبية لا يمكن إنكارها و يعترف بها طرفا الخلاف: أبرز تجلياتها هو غياب هياكل تنظيمية رئيسية كمجلس التحرير القومي والتنظيمات الولائية في مناطق سيطرة النظام، و الفشل في عقد المؤتمر العام للحركة و الذي ترتب عليه عدم إجازة وثائق مهمة كالمنفستو..الخ. و هي عوامل ساهمت دون شك في تأجيج الأزمة الحالية. لكن الملاحظ أنه جرى توظيف هذه الإشكالات التنظيمية بكثافة من قبل المعارضين لرئيس و أمين عام الحركة (مع تركيزخاص على الأخير) بإعتبارهما المسؤلين (دون غيرهما) عن هذا القصور الإداري والتنظيمي. لكن الموضوعية تقتضي هنا توضيح ثلاث نقاط هامة: أولا: مع الإقرار بوجود عوامل ذاتية، هناك عوامل موضوعية ساهمت دون شك في خلق هذا المشاكل التنظيمية والإدارية، أهمها تفجر الحرب الثانية في يونيو 2011م والتي اعقبت مباشرة فك الإرتباط مع تنظيم الحركة الشعبية في الجنوب. الحرب المفروضة من قبل النظام فرضت بدورها ترتيبا جديدا للأولويات وضعت المهام العسكرية الميدانية والأمنية و الإنسانية والسياسة – خاصة المفاوضات – أولا، كما أن الظروف الأمنية التي خلقتها الحرب اثرت أيضا سلبا على مهام الإصلاح التنظيمي وعلى رأسها عقد المؤتمر العام. وفي إستقالة نائب الرئيس الثانية، هناك إقرار صريح منه بأن ظروف الحرب تحول دون عقد المؤتمر العام وإختيار ممثلين لشعب النوبة عن طريق الإنتخاب؛ ثانيا: الجانب الذاتي في هذه الإشكالات التنظيمية تتحمل المسؤلية عنه قيادة الحركة بالتضامن والإنفراد و يشمل ذلك بالطبع نائب الرئيس والذي سبقت الإشارة الى انه مسؤول عن تعطيل مبادرات إصلاحية مهمة ذات صلة على رأسها مبادرة تنحي الضباط الثلاث و تسليم القيادة لجيل جديد من عضوية الحركة. و محاولات تحميل المسؤلية عن المشاكل التنظيمية و الإدارية للرئيس و الأمين العام للحركة وحدهما دون غيرهما وأحيانا للأمين العام وحده، التي برزت إعلاميا مؤخرا مع تفجر الأزمة، تفتقد للحدود الدنيا من الجدية و الموضوعية معا؛ ثالثا (وهو الأهم): هذه المشاكل التنظيمية و الإدارية ليست السبب الرئيسي للأزمة: الأزمة لسيت مجرد أزمة إدرارية وإنما لها بعد يتعلق بأجندة أفراد ومجموعة معينة سعت لعمل (إنقلاب) يغير جذريا بنية القيادة و يقصي الرئيس و الأمين العام للحركة كلية من المشهد السياسي. كذلك الأزمة لها بعد فكري واضح عبرت عنه توجهات و منطلقات هذه المجموعة، و ظهر في مطالبها وشعاراتها و على رأسها المطالبة بحق تقرير المصير. في رأي كاتب هذه السطور، لو كانت هذه الأزمة محض أزمة إدارية تنحصر في الفشل التنظيمي و الإداري للقيادة – كما تزعم بعض الأصوات – لكانت قد انتهت في اللحظة التي وضع فيها الرئيس و الأمين العام عرضهما التنحي طوعا عن القيادة وتسليمها لجيل جديد من أعضاء الحركة، مع الإلتزام بعدم الترشح لأي منصب تنفيذي في المستقبل. و لكن تم تجاهل ذلك العرض السخي واستمرت الأزمة و جرى فرض واقع جديد على الأرض، لأن هناك ما يقبع وراء الأكمة. و في رأيي أن الأزمة ما تزال حتى كتابة هذه السطور، قابلة للحل اذا توفر الحرص على وحدة الحركة و حسن النوايا و إستعداد كل طرف لتحمل مسؤليته كاملة، و تراجع مجلس التحرير الإقليمي عن قراراته وقبل فكرة المضي قدما لمؤتمر عام ينتخب قيادة جديدة دون الضباط القوميين الثلاثة؛ هذا إذا كانت فعلا مجرد خلافات إدارية وتنظيمية تتعلق بكيفية إدارة التنظيم و ملفات التفاوض والعلاقات الخارجية، وليس لها أبعاد فكرية تتعلق بأهداف الحركة و أبعاد سلطوية تتعلق بسيطرة جناح معين وإقصاء جناح آخر.
الأبعاد الفكرية للأزمة:
المطالبة بحق تقرير المصير لإقليم جبال النوبة – جنوب كردفان
ارتبط مفهوم حق تقرير المصير في شكله التقليدي بفكرة تمكين الشعوب المستعمرة (بفتح الميم) من تقرير مصيرها والحصول على استقلالها الوطني و تكوين دولة مستقلة ذات سيادة. حتى وقت قريب، كان أغلب فقهاء القانون الدولي يرون أن مبدأ حق تقرير المصير ليس له أى محتوى قانوني محدد باعتباره نظرية سياسية وأخلاقية لا يوجد تعريف قانوني دقيق لها (أيان براونلي). إلا أنه و منذ 1945م، أدت التطورات التي شهدتها الأمم المتحدة إلى إحداث تغيير راديكالي في هذه النظرة؛ حيث تم النص على مبدأ الحقوق المتساوية وتقرير المصير للشعوب في المادتين 1 و 55 من ميثاق الأمم المتحدة، و من ثم أصبح الفقهاء يعترفون بشكل عام بأن تقرير المصير مبدأ و حق قانوني للشعوب، وأن الجانب العام والسياسي للمبدأ لا يفقده محتواه القانوني. وقد اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات أكدت على حق الشعوب في تقرير مصيرها أبرزها (القرار رقم 545 الصادر في 5/ فبراير/1952، القرار رقم 637 /1952م، والقرار رقم 2625 الصادر في 24/أكتوبر/1970، القرار رقم 2955 /1972م، و القرار رقم 3070 الصادر في 30/ أكتوبر/ 1973م). كذلك ورد النص عليه في المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م. و كنتاج لهذه التطورات أصبح حق تقرير المصير معترف به كأحد قواعد القانون الدولي العامة.
مع ذلك ظل هناك جدال بين فقهاء القانون الدولي حول من يملك المطالبة بهذا الحق و حول ممارسة هذه الحق داخليا في إطار الدولة الواحدة؛ حيث يرى بعضهم أن تمديد هذه الحق للأقليات في الدول المستقلة يؤدي إلي عدم الاستقرار في المجتمع الدولي، وأكدوا على ضرورة التضييق على مجال حق تقرير المصير، واقتصاره على محتواه الكلاسيكي في التحرر من الإستعمار. مؤتمر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقد في جنيف 1993م حاول أن يحسم هذه الخلافات فقدم تفسيرا لمفهوم تقرير المصير شمل حق التحرر من الاستعمار الخارجي، حق الحفاظ على الاستقلال، الحق في حل الدولة وتغيير شكلها وطبيعتها كما حصل في الاتحاد السوفييتي و تشيكوسلوفاكيا، الحق في الانسحاب أو الانفصال كما حدث في بنغلادش وارتيريا، الحق في توحيد البلاد المقسمة كما حدث في ألمانيا، الحق في حكم ذاتي لمجموعات محدده ومعرفه إقليميا كما هو شائع في الاثنيات واللغة في إطار كنفدرالي، حقوق الأقليات والمجموعات التي لها وجود سياسي وقانوني كبير يحظى بإعتراف، و حق المصير الداخلي في حرية اختيار شكل الحكومة، وبشكل أكثر وضوحا الشكل الديمقراطي مثال "هاييتي." و يمكن القول بأن تقدير درجة التعامل مع حق تقرير المصير للأقليات وفي الدول المستقلة سيكون وفقا لتقدير درجة ديمقراطية النظام السياسي وشرعية تمثيله من جهة، ومن جهة أخرى، إلى مدى اعتماد المجموعات والأقليات المطالبة بحق تقرير المصير على مصداقية تاريخية تسند هذا المطلب. و هناك شروط أخرى إجرائية تتعلق بالظروف التي يمارس فيها الحق والتي يكفل فيها حرية التعبير و التنظيم بما يضمن ان نتائج الإستفتاء على ممارسة الحق تعبر فعلا عن الإرادة الحرة لمن يمارسونه.
سوف يكون هناك دون شك مجالا كبيرا جدا للخلاف و الإتفاق بين وجهات النظر المتباينة عند محاولة تطبيق هذا الإطار القانوني-النظري العام على المطالبة المعينة الخاصة بمنطقة جبال النوبة- جنوب كردفان؛ فيما يتعلق بوجود مجموعة إثنية واحدة متميزة و معرفة إقليميا، مقابل وجود حالة تعدد إثني، وكذلك مدى توفر شرط الوجود التاريخي لكيان سياسي و قانوني كبيريحظى بدرجة من الإعتراف الداخلي. بمعنى أن تكون له حدود جغرافية محددة و معروفة تاريخيا و معترف بها (كما كان حال جنوب السودان)…الخ. تجب الإشارة أيضا الى انه تم الإعتراف سودانيا بحق تقرير المصير لكل المناطق المطالبة به (وفق شروط معينه) في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995م.
مع ذلك يظل الإعتراف بحق تقرير المصير للشعوب كحق إنساني شيء، وإعتماده كمنفستو للحركة الشعبية- ش، (عمليا) لصالح منطقة معينة، شيء آخر. طرحت الحركة الشعبية لتحرير السودان و منذ إنطلاقتها الأولى في عام 1983م نفسها كتنظيم قومي مفتوح لكل السودانيين يعمل من أجل تحقيق هدف قومي مركزي وهو إعادة هيكلة السودان القديم لصالح بناء السودان الجديد العلماني الديمقراطي الموحد. و هذا هو بالضبط ما شكل قطيعة تامة مع تراث حركات التمرد في الجنوب التي كانت تحصر أهدافها في المطالبة بأنفصال الجنوب. والظروف التي جعلت الحركة و قائدها د. جون قرنق تقبل تبنى المطالبة بحق تقرير المصير في بداية تسعينات القرن الماضي، تحت ضغط تيار القوميين الجنوبيين، والتي تمت الإشارة اليها في مقدمة هذا المقال معروفة. ومنذ ذلك الحين، رأى كثير من المحللين أن برنامج الحركة صار ينطوي على هدفين متناقضين: الدعوة للسودان الجديد و المطالبة بحق تقرير المصير. وإن هذا التناقض الفكري هو المسؤل الأول عن كل الأزمات السياسية والتنظيمة التي شهدتها الحركة فيما بعد. الرحيل السريع والمفاجيء للشهيد جون قرنق و التطورات التي اعقبته ادت الى تقوية تيار القوميين الجنوبيين ذي النزعة الإنفصالية والذي ينحصر إهتمامه في المطالبة بممارسة تقرير المصير من أجل فصل الجنوب كدولة مستقلة. بعد إستقلال جنوب السودان والإقتتال الأهلي الدامي الذي اعقبه، باتت الحركة الشعبية-ش مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء تقيم شامل لتجربة إنفصال الجنوب التي اعقبت الإستفتاء على تقرير المصير ولإتفاقية السلام الشامل 2005م التي قادت اليه، بدل أن تمهد الطريق لبناء السودان الجديد، وتحديد نصيبها من المسؤلية. وكذلك توضيح موقفها الفكري من قضية وحدة السودان، وذلك قبل أن تنجرف لتبنى مطالبة جديدة بإستفتاء على تقرير مصير مواطني منطقة أخرى.
في خطاب إستقالته المقدم لمجلس التحرير الأقليمي بتاريخ 7 مارس 2017م، ذكر الفريق عبد العزيز آدم الحلو: "يجب التأكيد على أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لا زالت تعمل من أجل بناء سودان علمانى ديمقراطى موحد على أسس العدالة و المساواة و الحرية. و إذا تعذر ذلك و تمسك المركز بثوابته المتمثلة فى تحكيم قوانين الشريعة الإسلامية و كل القوانين الأخرى التى تفرق بين السودانيين على أساس العرق و الدين و اللون و الثقافة و اللغة و استمرار الإبادة بشكليها الثقافى و الحسى، فإن شعب النوبة، قد سبق أن طالب بحق تقرير المصير فى مؤتمر كل النوبة فى عام 2002 عندما تأكد من أن الاتفاق الإطارى لمشاكوس لم يلغ الشريعة الإسلامية فى الشمال و الذى يمثل أداة الاضطهاد الأولى. و ذلك المطلب بحق تقرير المصير ليس منقصة أو عيب أو جريرة يقوم بها شعب مضطهد فى وطنه، بل هو حق ديموقراطي للشعوب و منصوص عليه فى كل المواثيق و المعاهدات الدولية و مورس بواسطة عشرات الشعوب… و هو أداة للتحرر حتى من المركزية الداخلية عندما تفقد عقلانيتها و تتحول لمستعمر كما تم فى حالة جنوب السودان." اذا وفق خطاب الفريق عبد العزيز آدم الحلو، العمل من أجل بناء السودان الجديد – وبالتالي عدم المطالبة بممارسة تقرير المصير لشعب النوبة – مشروط بعدم تمسك المركز بثوابته المتمثلة في الشريعة و حروب الإبادة..الخ. السؤال هل هناك من يتوقع أن تتخلى نخبة المركز طوعا، يوما ما، عن مشروعها التمكيني و شعارات الشريعة وحروبها الجهادية؟ كذلك ورد في قرارات مجلس تحرير أقليم جبال النوبة –جنوب كردفان (6-25 مارس 2017م): "عند مداولة وثيقة القضايا الإستراتيجية إتخذ المجلس وبالأغلبية العظمى قرار إعتماد مطلب حق تقرير المصير لشعب الإقليم إستناداً على المبررات التالية…"
في بيانه بتاريخ 5 يونيو2017م، اورد الفريق مالك عقار رئيس الحركة الشعبية الأسباب العملية التي تعترض المطالبة بتقرير المصير للمنطقتين ومنها: الدعوة لتقرير المصير ليست جزء من مشروع السودان الجديد، بل إن الإنفصال هو حد أدنى وأقل شأناً من مشروع السودان الجديد، ولم يطرح الشهيد الدكتور جون قرنق حق تقرير المصير الا في عام 1991م كمشروع للحفاظ على وجود القوميين الجنوبيين داخل الحركة، وانه (رئيس الحركة) قام بمناقشات عديدة مع الرفيق عبدالعزيز الحلو منذ تأسيس الحركة الشعبية في 10 أبريل 2011م في هذا الخصوص، وقد إعترض الرئيس والأمين العام على طرح حق تقرير المصير لأنه سيكون ضد سكان المنطقتين أولاً، وسيؤدي الي إهتزاز شامل في طرح فكرة السودان الجديد، وإنه ما عاد جاذباً بعد إنفصال الجنوب، وسيعزل الحركة الشعبية بإبعادها عن القوى الوطنية والديمقراطية وسيقسم الحركة الي جبال النوبة في إتجاه والنيل الأزرق في إتجاه آخر إذ لا حدود جغرافية مشتركة بينهما. كذلك أضاف انه في النيل الأزرق السكان الأصليين لن يكونوا أغلبية وبالإستفتاء سيتنزع هذا الحق منهم، وفي جبال النوبة/ جنوب كردفان سيشعل فتنة في أوساط النوبة أنفسهم لاسيما ان الأعداد الكبيرة من النوبة أنفسهم من سكان المدن، والذين لديهم مصالح مرتبطة مع باقي سكان السودان، ثم إنه سيحرض القبائل العربية وآخرى غير العربية (الفلاتة والبرقو والتاما...الخ) في المنطقتين، وربما سيؤدي الي تعبئة ذات خطوط إثنية شبيهة لما حدث في دارفور، وسيبعد جميع أعضاء الحركة الحقيقيين الذين ينتمون الي خارج المنطقتين، وبعد تجربة الجنوب لن تجد الدعوة لحق تقرير المصير سند إقليمي ودولي، وقضية الجنوب ذات تاريخ مختلف ووقائع مختلفة عن قضية المنطقتين فيما يتعلق بالتأييد الإقليمي والدولي، و الإستفتاء في الجنوب لم يتشارك فيه أحد غير الجنوبيين بخلاف الوضع هنا..، وحدود المنطقتين الجغرافية ليست كحدود الجنوب وغير متفق عليها، والمطالبة بحق تقرير المصير ستطيل أمد الحرب مما يؤدي الي إرهاق المقاتلين في داخل المنطقتين، والحرب تحتاج أهداف واضحة وقاطعة، وهي ليست بنزهة. و في بيانه بتاريخ 9 يونيو 2017م، اوضح الفريق مالك عقار رئيس الحركة الشعبية – ش أن "حق تقرير المصير قضية تحتاج الي مناخ ديمقراطي ومناقشة واسعة داخل المنطقتين، موقفي والأمين العام وكثير من قادة وأعضاء الحركة أن نتمسك برؤية السودان الجديد ووحدة السودان على أسس جديدة دون المراوحة والتارجح بين حق تقرير المصير ووحدة السودان كما حدث في الماضي، وهذه هي أيضا إحدى قضايا الخلاف مع الرفيق عبدالعزيز آدم الحلو."
وأضاف بيان 5 يونيو 2017م بأن قضية حق تقرير المصير يجب أن تطرح وتدرس بعناية وبموضوعية، ويقرر قادة الحركة في المنطقتين بعد ذلك ماذا يريدون؟ دون تهييج أو عواطف إنما بعقل وحسابات باردة، والتجارب من حولنا كثيرة، وأن رئيس الحركة والأمين العام يؤيدان الحكم الذاتي ، الذي يعطي أهل المنطقتين حق حكم أنفسهم بأنفسهم بمافي ذلك السلطات التشريعية في إطار سودان لا مركزي موحد، تحدد درجة لا مركزيته الأقاليم المختلفة، مع أخذ خصوصيات المنطقتين في الإعتبار ومعالجتها، وهذا لا يسقط حق المنطقتين في قضايا التغيير في كل السودان، بل والنضال من أجل ومع كآفة بنات وابناء السودان، وهذه هي رؤية السودان الجديد بعينها.
أذا المطالبة بحق تقرير المصير لإقليم جبال النوبة – جنوب كردفان التي وردت في إستقالة نائب رئيس الحركة الفريق عبد العزيز الحلو و تبنتها قرارات مجلس التحرير الإقليمي، جاءت دون أن تخضع هذه القضية المصيرية للدراسة والنقاش الكافي داخل مؤسسات الحركة الشعبية – ش، وحتى عندما نوقشت داخل القيادة رفضت من قبل الغالبية، وأنها طرحت بطريقة استهدفت فرضها كأمر واقع قبل عقد المؤتمر العام للحركة الذي تقرر عقده. فإذا كانت هناك رغبة جادة لعقد مؤتمر عام للحركة وكونت لجنة لإعداد مسودة منفستو ليجيزه ذلك المؤتمر، فلماذا يتم حسم قضية بحجم المطالبة بحق تقرير المصير ببيان يصدره مجلس إقليمي ولا تترك للمؤتمر العام؟ لا شك أن تبنى قضية تقرير المصير لإقليم جبال النوبة – جنوب كردفان وإعطاءها أولوية على تحقيق هدف السودان الجديد الموحد يغير طبيعة وهدف الكفاح المسلح، وكما جاء في بيان رئيس الحركة، فإنه أيضا يحول الجيش الشعبى لتحرير السودان الى جيش يقاتل لفصل جزء من البلاد. و سيؤدي ذلك أيضا الى تحويل الحركة الشعبية – شمال من حركة قومية تقود حركة المقاومة المدنية والمسلحة الهادفة الى أحداث التغيير و تحقيق التحول الديمقراطي الى حركة ذات نزعة إقليمية إثنية، مما سيؤدي الى عزل الحركة عن قوى التغيير في البلاد. لذلك لن يكون هناك مستفيد من هذه التحولات سوى نظام التمكين الإسلاموي الحاكم في الخرطوم. الذي لا جدال حوله، أن النظام استمر طوال تاريخه يعمل على تقزيم الحركة الشعبية وكافة حركات المقاومة المسلحة في الهامش من خلال دفعها بإتجاه أن تظل حركات إقليمية تنحصر أجندتها في المطالب الخاصة بأقاليمها ولا تتطور لحركات قومية تتبنى أي أجندة قومية تهدد المركز. لذلك ليس مستغربا أن يكون النظام أول من يرحب بأي طرح يأتي من قيادة الحركة الشعبية في هذا الإتجاه. وكان الشهيد جون قرنق برؤيته الثاقبة أول من أشار الى ذلك التناقض. فعندما طالبت حكومة الإنقاذ الدخول في مفاوضات مع الحركة الشعبية في الأسابيع الأولى التي اعقبت الإنقلاب ((لحل مشكلة الجنوب))، سجل الشهيد قرنق إعتراضه المبدئي على الإفتراض والزعم الضمني الزائف بأن البشير يتحدث نيابة عن كل السودان بينما يمثل قرنق الجنوب فقط، و ذلك في رسالة بثتها إذاعة الحركة الشعبية في 10 أغسطس 1989م، حيث ذكر قرنق: "يعتقد عمر البشير أنه القومي السوداني بينما نحن في الحركة الشعبية الجنوبيون، ووفقا لقناعته تلك فإن كل المطلوب هو أن يجلس مع جون قرنق الذي يمثل الجنوب بينما يمثل هو السودان.. وطرح قرنق سؤاله الساخر: هل كلف البشير ذاته عناء أن يطرح على نفسه السؤال حول الأسباب التي جعلته هو "السوداني" و جون قرنق "الجنوبي؟"" لقد بات واضحا لكل متابع وبعد 28 عاما من حروب الإبادة وفشل النظام في القضاء على المقاومة المسلحة و المدنية في الهامش، أن النظام يسعى ويعمل على دفع شعوب الهامش للمطالبة بالإنفصال، حتى لا يحدث تغيير في المركز "التمكيني"، بذات الأسباب والدوافع التي وقفت وراء فصل الجنوب: ((إستراتيجية مثلث حمدي)). و ما حدث و يحدث الآن لمواطني دارفور – على سبيل المثال – من إبادة و قتل على الهوية، وإغتصابات جماعية وإحتلال للأرض وتهجير قسري لسكانها الأصليين وإستهداف عنصري للطلاب في الجامعات وصل حد مهاجمة داخليات الطالبات في قلب العاصمة..الخ لا يمكن فهم ذلك إلا في إطار هذا السياسة الرسمية التي صممت لتعمل على دفعهم دفعا للمطالبة بتقرير المصير والإنفصال. إذا على كل طرف في هذه الأزمة أن يسائل نفسه بنفسه دون مداورة عن موقع و موقف توجهاته من إستراتيجية مثلث حمدي.
من الأسئلة الفكرية التي اثارتها الأزمة أيضا السؤال حول الموقف الفكري والسياسي للحركة من الدور المتعاظم للإثنية في السياسة السودانية الذى تم إيراده كسبب وحيد في إستقالتي نائب رئيس الحركة الأولى والثانية وسبب رئيسي في إستقالته الأخيرة. حديث الفريق عبد العزيز الحلو الداعي للإعتراف بالدور المتعاظم للإثنية في السياسية السودانية يثير أسئلة عديدة حول مدى إنسجام هذه الرؤية مع برنامج الحركة الشعبية – ش المعلن. أثننة السياسة السودانية واقع تم إنتاجه و تكريسه بفعل فاعل و ليس ظاهرة طبيعية كالمطر والجبال: النظام الحاكم هو الذي اعتمد سياسة العنصرية المؤسسية الرسمية التي تمارسها أجهزة الدولة و مسؤليها الكبار (مثال حديث الغرباوية)، و تعميق حدة الإنقسامات الإثنية في المجتمع وإستثمار الورقة الأثنية، خاصة بعد سقوط ورقة الدين والجهاد بعد فصل الجنوب، وحوجة النظام لدافع ايديولوجي لحشد المقاتلين في حرب الإبادة الثانية في دارفور "المسلمة"، فلم يجد غير إشعال الفتنة الإثنية والعرقية وتقسيم أهل الهامش الى عرب وزرقة، ليتولوا مهمة إبادة بعضهم بعضا، لأجل أن يبقى النظام مسيطرا على المركز. الورقة الإثنية ظل يستخدمها إعلام النظام الحاكم أيضا بكثافة ضد الحركة الشعبية – شمال نفسها بهدف ضرب وحدتها الداخلية، خصوصا في حملته ضد الأمين العام للحركة الذي كان إعلام النظام لا يمل من تكرار لازمة أنه لاينتمي للمنطقتين ولا يحق له بالتالي التحدث بإسمهما. الورقة الإثنية ظلت أيضا الورقة المفضلة والأثيرة لدى القوميين النوبة والذين لا تعنى السياسية عندهم شيئا اخر سوى الإثنية؛ و ظلوا يستخدمونها ضد نائب الرئيس نفسه كما ورد في خطاب إستقالته. على ضوء ذلك يثور السؤال حول موقع و دورالحركة الشعبية و برنامجها تجاه أثننة السياسة السودانية: هل تكافح من أجل فصل الإثنية عن السياسة كما هو موقفها من فصل الدين عن السياسة لصالح المواطنة المجردة المبنية فقط على الإنتماء للأرض، أم تعمل على الإعتراف بدور الإثنية السياسي و تكريسه؟ اعتقد أن الإجابة موجودة في رؤية السودان الجديد. و مع الإعتراف بعدالة المطالبة بأن يعكس تمثيل إي إقليم في مؤسسات الحركة القيادية ثقله العددي النسبي، فإن المعيار لذلك لاينبني بداهة على أسس أثنية، و إلا لشكل مصادرة للأسس المركزية لرؤية السودان الجديد العابرة للإثنيات والثقافات والأديان و الجهويات.
الأزمة اثارت أيضا سؤال الديمقراطية الداخلية في الحركة الشعبية-ش و تمتع جميع الأعضاء بحقوق عضوية وأصوات متساوية، و أنهم يحملون أسهما متساوية ولا وجود لدرجات عضوية ممتازة وأخرى عادية. الحجج التي قدمت كمبررات لقيام مجلس التحرير الإقليمي بإعطاء نفسه صلاحيات قومية تتجاوز إختصاصه الإقليمي وإصدار القرارات التي أصدرها، تطرح هذا السؤال بقوة. تركزت هذه الحجج حول الثقل العددي لأبناء الأقليم في الحركة والجيش الشعبي و سبقهم التاريخي و عظم التضحيات والمساهمات التي قدمها الإقليم للثورة. كل هذه المبررات – مع صحتها – لا تمنح أعضاء الحركة في إقليم جبال النوبة – جنوب كردفان، دون غيرهم من الأعضاء في سائر أنحاء السودان، الكلمة العلياء و النهائية في التقرير في شئؤون الحركة الفكرية و السياسية والتنظيمية و عزل قيادتها، وإلا صار هناك أعضاء درجة أولى و أعضاء من الدرجة الثانية. لذا حاجج البعض بأن هذه المبررات و المنطق الذي تقف عليه تتناقض جذريا مع أساسيات رؤية السودان الجديد، التي يشكل مبدأ حقوق المواطنة المتساوية دون أدنى تمييز حجر الزاوية فيها. إذا كانت الحركة الشعبية لا تمنح حقوق عضوية متساوية داخل تنظيماتها لكل عضويتها، فإنه لا يمكنها أن تدعو الى تحقيق المواطنة المتساوية وإزالة التمييز والتهميش؛ ففاقد الشيء لا يعطيه. و كما ورد في بيان رئيس الحركة الشعبية (17 يونيو 2017م): "لايمكن القبول بالتهميش داخل مؤسسات المهمشين والتي في الأصل نشأت لإبطال كآفة أشكال التهميش."
الأزمة اثارت أيضا سؤال صناعة القائد الفرد و خطر الإنزلاق للدكتاتورية. لم تتردد بيانات رئيس الحركة في وصف ما حدث بكونه إنقلابا، والإنقلاب بالتعريف هو فعل معادي بطبيعته للديمقراطية وحكم المؤسسات و منتج للدكتاتورية. يمكن النظر لحل القيادة الجماعية للضباط القوميين الثلاثة للحركة وهم المتقاربون تاريخا كفاحيا و عمرا و تجربة لصالح تنصيب و تفويض قائد فرد لا انداد له، بأنه صناعة لظاهرة القائد الأحد الفرد الذي تقابل كل أراءه بالسمع و الطاعة. واضح من قراءة الوثائق التي استعرضناها، أن العديد من آراء نائب الرئيس الخلافية كانت تمثل رأي فردي او رأي أقلية وسط عضوية المجلس القيادي، وكان يصر عليها مع ذلك. ولكن كان ذلك يدل على وجود رأي و رأي آخر و نوع من توازن القوى و الرقابة المتبادلة داخل مؤسسة القيادة: فالإختلافات ليست كلها محض شر مستطير ولكنها أمر طبيعي وأحيانا هي دليل حيوية و عافية. و كفاءة و قوة التنظيم أي تنظيم ليست في خلق حالة تنعدم فيها الإختلافات فهذا غير ممكن، وإنما هي في قدرته على إدارة هذه الخلافات بطريقة ديمقراطية، دون أن يحدث عطل في ماكينة التنظيم او إنقسام.
(نواصل).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.