الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودانوية: المفهوم والأساس العلمي 6 – 6
نشر في حريات يوم 30 - 07 - 2017


دوائر المعنى والإشتقاق
نموذج آنثروبولوجي
رأينا في الفصل السابق مدى تطابق إسهام المدرسة التاريخية الجديدة مع نتائج البحوث الآثارية وإنتهاجها منهجاً سياقياً أشمل وضع مقولة التعريب في إطارها الآيديولوجي بقاعدته المركبة إقتصادياً وسياسياً، وميّز القوى الإجتماعية الفاعلة ضمن إمتداد تاريخي متصل تتجلى فيه مقولة الإستمرارية بين ماضي قريب وحاضر معاش. كذلك رأيناكيف تشكل جدلية الوعي والتجربة في إستجابة الإنسان السوداني للمتغيرات السياسية والإجتماعية تحدياً لقناعات وتقاليد شعبية راسخة حول الهوية. في هذا المقال نتناول الإسم "سودان" ومشتقاته في سياق دراسة آنثروبولوجية توفر مداخلاً هامة للنظرفي مصطلح السودانوية كمفهوممستند على نظرية الإستمرارية الإثنوثقافية.
كما هو معروف بدأ إستخدام الإسم سودان في القرن التاسع عشر مع الإحتلال التركي ليدل على الكيان السياسي الجغرافي الحالي، وبدأ الإسم في إكتساب بعداً وطنياً سياسياً ومحتوى حداثياً لدولة قومية مع إنبثاق الوعي والشعور الوطني لدى النخب السودانية في العقود الأولى من القرن الماضي، وتحول من محموله القديم كوصف مظهري للسكان إلي مصطلح مشحون بكل أشكال الخطاب الفكري والوجداني والآيديولوجي. ومع مرور الوقت إكتسب إسم السودان رمزيته الوطنية التي تجسد وجدان وأشواق قطاع هام من المجتمعات السودانية، ودالاً في نفس الوقت على ماضيها ومستقبلها. كذلك أخذ الإسم مكانته في الساحة الأكاديمية إصطلاحاً علمياً يشير إلى تاريخ وحضارة سكان وادي النيل الأوسط وما حوله. من ناحية أخرى، لم يكن هذا الإسم في الأصل حاضناً في رمزيته للذاكرة الثقافية والسياسية لسكان المنطقة ولماضيهم القريب والبعيد، مثلما هو الحال، مثلاً، مع إسم "زمبابوي" والذي إرتبط لغوياً وتاريخياً بفترة مهمة في التطور الثقافي لسكان ذلك البلد الأفريقي ومن ثم حل محل الإسم "روديسيا الجنوبية" الذي إستخدمه المستعمر. وربما كان مقدراً لأي إسم آخر غير السودان أن يكتسب نفس هذه الدلالات التاريخية والوطنية والشعورية إذا تصادف أن أستخدم في نفس هذا السياق التاريخي الذي أستخدم فيه إسم السودان، فقد إكتسب هذا الإسم رمزيته هذه فقط بحكم هذا السياق التاريخي الذي أُستخدم فيه رغم قصر الفترة التاريخية لهذا الإستخدام. وربما كان فى الإمكان إستخدام المشتق من أسماء "كوش" أو "مروي" أو "الفونج" وإكتسابه نفس المضامين التي إكتسبها إسم السودان لو كان قد قدر للمنطقة مساراً سياسياً مغايراً. فالمدلول كان سيظل هو نفسه حتى لو تغير الدال. من هنا جاء إستخدام الصفة "سوداني" بشكل دارج، حديثاً وكتابةً، كوصف لكل ما هو موجود في السودان أو ينتمي له، أي كل أشكال الوجود المادي والروحي والفني، إستخداماً يتضمن قبولاً عفوياً بمشروعيتها كصفة دالة على موصوف له خصائص "سودانية" معينة. لكن تتكشف دلالات أكثر تنويعاً وتعقيداً في لفظة سودان عندما ينظر في إستخدام تفريعها الإشتقاقي ضمن سياقات معينة، خاصةً في الدراسات الأكاديمية المتخصصة، مثل الدراسات الآنثروبولوجية التي تنظر في الحراك الإثنوثقافي وطبيعة وإتجاه التحولات الجارية فيه، الأمر الذي يأخذها بعيداً عن هذا الإستخدام العفوي الدارج. مثال ذلك دراسة بول دورنبوس التي أجراها وسط جماعة محلية في دارفوروبحث فيهاحالة التحول من هوية إلى أخرى وحصر نطاق الدراسة في نموذج مصغر microcosmic example. في هذه الدراسة تتبدى بوضوح إشكالية المعنى والمصطلح في سياق تحليل هذا الباحث للعمليات والكيفيات التي ترتبط بها عوامل إقتصادية وثقافية معينة بالهوية الجديدة المختارة كما ألمحنا لذلك في المقال السابق، الأمر الذي يضئ بالفعل جوانب غير مرئية في هذه العمليات ويوفر لنا مداخل هامة وضروريةللنظرفي مفهوم السودانوية ودلالاته.
في دراسته هذه إستخدم دورنبوس لفظ "تسودُن"Sudanization وصيغة "أن تصير سودانياً"to become Sudaneseكمفهومين متطابقين في دلالتهما يشرح ويحلل بهما الكيفية التي إنتشر بها أثر الثقافة العربية الإسلامية وسط السكان في إحدى مناطق غرب دارفور كما يرى. يحدد دورنبوس معنى "تسودُن" بأنها "عملية تحوّل الإثنيات المختلفة القاطنة في مناطق الهامش السوداني وتبنيها لأساليب الحياة في وادي النيل الأوسط لعلو مكانتها وغلبتها." (دورنبوس 1988)ويبدو هنا فعل "التسودن" خياراً واقعاً من جهة "الفاعل" أي الإثنيات وليس من جهة "المفعول به" بمعنى أنه جاري "سودنة" هذه الإثنيات. وفيما يلي يشرح عملية التسودن هذه كما فهمها من خلال بحثه الميداني، مشيراً على وجه الخصوص إلى سلوك الأفراد الطموحين من ممتهني حرفة التجارة وكذلك دور الوعاظ الدينيين، يكتب دورنبوس:
"أن تصير سودانياً to become Sudanese يعني أن تكون قادراً على المشاركة، روحياً ومادياً، كعضو منتمي للطبقة الوسطى من التجار والموظفين وأن تُعتبر جاداً في ذلك، كما وتُعتبر مصدر ثقة في المعاملات التجارية داخل السودان وعل إمتداد المناطق المجاورة خلف حدوده … فالتسودن عبارة عن تحول جذري، آيديولوجياً وعملياً، وذلك لأنها عملية تشكل في المقام الأول هجمة شاملة على النظم الإجتماعية والثقافية التقليدية هناك." (دورنبوس)
تتيح لنا خلاصة دورنبوس هذه وتفسيره لمفهوميْ "تسودن" و"أن تصير سودانياً" إستدعاء عدة قضايا هامة نوردها كالآتي:
أولاً، تبين هذه الخلاصة وهذا التفسير البعد الطبقي والعامل الإقتصادي ودورهما في إختيار الهوية، كما ينهضا دليلاً معاصراً يدعم المعطيات التاريخية التي أوردناها حول صعود "طبقة وسطى" من تحالف التجار (الجلابة) وزعماء الصوفية والعلماء الدينيين وذلك في القرن الثامن عشر وإختيارها للنسب العربي كما جاء في نص المؤرخان أوفاهي وسبولدنق. كذلك تشير هذه الخلاصة إلى عنصر مشترك بين الطبقة الوسطى التجارية في ذلك القرن والشريحة التجارية في زماننا هذا في دراسة دورنبوس، ذلك هو سعي كليهما إلى الإرتباط بقوى إقتصادية في نطاقهما الجغرافي خدمةً لمصالحهما وتمتيناً لهذا الإرتباط بعلائق ثقافية متمثلة في تبني هوية تلك القوى ونواحي من سلوكها وتقاليدها. في الحالة الأولى كان الإرتباط بالقوى الإقليمية في العالم العربي الإسلامي، وفي الثانية كان الإرتباط بالقوى الإجتماعية النافذة إقتصادياً وسياسياً في الشمال النيلي. كذلك أكدت دراسات أخرى مشابهة هذا النمط من التحول الهويوي (أنظر أعمال وندي جيمس في جنوب الفونج، والإشارة السابقة إلى دراسة بروفسور علي مزروعي حول ظاهرة الإنتماء للأصول العربية في المجتمعات الإسلامية).
ثانياً، يمكن النظر لعملية التسودُن هذه من منظور تاريخي إجتماعي أكثر تحديداً، أي من خلال مفهوميْ المركز والهامش Centre and Periphery بإعتبارها توسع للنفوذ الإقتصادي والثقافي والآيدولوجي للنخب الإقتصادية في المركز، وذلك من خلال سلوك وتوجهات أفراد وشرائح معينة وسط سكان الهامش ممن يطمحوا في الإنضمام إلى هذه النخب التجارية ترقيةً لمصالحهم، ولا ننسى ترقية وزنهم الإجتماعي والذي سيكون له مردوده السياسي عندما يحين الوقت. إذ ينبغي الإعتماد هنا على مبدأ الفرز الطبقي إلى جانب الضبط الإصطلاحي عند تفسيرنا لعمليات المثاقفة الجارية وطبيعة القوى الإجتماعية الفاعلة فيها.
ثالثاً، رغماً عن التسليم بوجود هذا النمط من التفاعل الثقافي، كأن يتبنى بعض الطموحين من سكان الهامش بعض الأنماط السلوكية والثقافية للسكان النيليين خاصة نخب المركز، كجزء من سعيهم للصعود في السلم الإقتصادي والإجتماعي، إلا أنه من غير الممكن الحديث ببساطة عن قولبة هؤلاء وصهرهم ضمن الثقافة العربية الإسلامية بالمعنى الذي ظنه دورنبوس، وهو المعنى الذي يتطابق، في رأيه، مع معنى "تسودُن". إذ ينطلق دورنبوس، كما يتضح من بحثه، من فرضية أساسية وهي أن السكان النيليين ونخبهم قد تعربوا ثقافياً وأن تبني أنماط من وسلوكهم وقيمهم من قبل بعض شرائح الهامش المشار إليها يعني من ناحية، مفارقة هذه الشرائح لأنماط ثقافتها المحلية التقليدية وتبنيها لثقافة سكان الشمال النيلي والمفترض بحسب دورنبوس أنها ثقافة ذات طابع عربي إسلامي، وتعني من ناحية أخرى، أن هذه الشرائح قد تم إستيعابها ضمن هوية أوسع هي هوية "سودانية"، كما أن هذه الهوية "السودانية" بطابعها العربي الإسلامي تمثل التيار الثقافي الغالب في عمليات المثاقفة الجارية في المنطقة، وهذا ما عناه دورنبوس في تعريفه لمعنى "تسودُن" وتبني الإثنيات المختلفة في الهامش لأساليب الحياة في وادي النيل الأوسط "لعلو مكانتها وغلبتها." هذا وأهم شروط إكتساب هذه الهوية "السودانية" بطابعها العربي الإسلامي في تصور دورنبوس هي "أن تكون قادراً على المشاركة روحياً ومادياً، كعضو منتمي للطبقة العليا من التجار والموظفين وأن تعتبر مصدر ثقة في المعاملات التجارية ….إلخ." لكن يمكن القول، مع دورنبوس، أن هذه الشرائح الطموحة تتبنى بعض نواحي الحياة والأنماط السلوكية للطبقة التجارية في الشمال النيلي كسباً لمنافع إقتصادية لكنهم، بالطبع، غير مدركين لطبيعة هذه الطبقة الإجتماعية ومنطلقها الآيديولوجي. و هذا يقودنا إلى دور الوعاظ في دراسة دورنبوس. وهؤلاء ينطبق عليهم ما جاء في تحليل غرامشي Gramsci لمقولة الهيمنة ووصفه لإحدى شرائح المثقفين ]والمتعلمين[ – وهم الوعاظ في حالة الجماعة التي يدرسها دورنبوس – ودورهم في تمديد وتكريس هيمنة الطبقة المسيطرة، إذ يصفهم بأنهم "آليات الهيمنةfunctionaries of hegemony."
رابعاً، لعل أصدق دليل عملي على هذا الخلط في تفسير عمليات المثاقفة الجارية وضعف الأساس النظري لمثل هذه البحوث هو التمرد الواسع الذي شهدته دارفور والذي بدأ في العام 2003م بقيادة حركة تحرير السودان. ولهذا التمرد دلالة ثقافية عميقة. فقد جاء من طرف مسلم معلناً رفضه لهيمنة المركز المسلم، وتبنى قادته مبادئ التعددية الثقافية والدينية والقسمة العادلة في السلطة والثروة، وتبعتهم في ذلك حركة العدل والمساواة ذات التوجه الإسلامي. فمن الأوفق، إذن، تفسير المعطيات الميدانية في عمل دورنبوس في إطار التفاعل والتواصل التاريخي وآلياته السياسية والإجتماعية والثقافية الأكثر تجذراً في العلاقة بين دارفور وسكان وادي النيل الأوسط، وفي ضوء المشهد السياسي والإقتصادي وتعقيداته التي وسمت تاريخ السودان المعاصر، على الأقل في عقود ما بعد الإستقلال وحتى الآن. مثل هذا التفسير، إلى جانب حالة التمرد هذه التي يقودها طرف مسلم في الهامش ضد طرف مسلم فى المركز يذكراننا مرة أخرى بنقد سبولدنق لمقولتيْ التعريب والأسلمة وكيف أنهما يصفان كيانات متخيلة بل ويجسدان نوع من العلاقات المفترضة لا تمت للواقع بصلة. من الأوفق أيضاً أن ندرج القضايا التي بحثها دورنبوس في سياق فهمه لمصطلح "تسودن" ضمن أنماط الهوية المتنقلة shifting identify. هذا الإنتقال من هوية إلى أخرى، على مستوى الأفراد والأسر أو جماعات إثنية أو قبلية كاملة يمكن فهمه بإعتباره عملية جارية ضمن عملية تاريخية أشمل من التماذج الإثني والثقافي في المنطقه منذ وقت بعيد، وأن هناك تيار رئيسي غالب في هذا التماذج يمكن أن نطلق عليه، أو "نسقط" عليه، نفس المصطلح "تسودُن" لكن بمفهوم مغاير تماماً لمفهوم دورنبوس. عموماً، وكما هو واضح في دراسة دورنبوس وغيره من الباحثين، أجانب وسودانيين، فإن المتغير الثقافي والسياسي يستلزم إجتراح لغوي جديد، عربي أو أجنبي، أو إعادة إستخدام ألفاظ ومصطلحات قديمة وإلباسها مضموناً جديداً، خاصةً إذا كان هذا المضمون الجديد، بحكم أساسه الفكري، مرتبط لغةً باللفظ القديم مثلما هو الحال في مصطلحي تسودن وسودنة.
خامساً، هناك قضية مركزية في مسألة الهوية السودانية لم يوليها البحث الآنثروبولوجي الإهتمام الكافيوالتي يشار لها في الخطاب السياسي والثقافي بصيغة "الوحدة في التنوع". تبدو هذه الصيغة خلاصة وصفية حقيقية للواقع الثقافي السوداني الراهن، وقد أصبحت في الآونة الأخيرة لحناً تتغنى به كل الأحزاب والفصائل السياسية والعسكرية داخل وخارج السلطة. فهي صيغة يمكن أن تصبح مبدأً متفقاً عليه، لكنه، في حقيقة الأمر، لا يوفر حلاً مجمعاً عليه لراهن الأزمة السودانية، وهي في جوهرها أزمة هوية. ليس ذلك، في التحليل النهائى، بسبب "سوء نية" أو "مؤامرة" من جانب هذا الحزب أو ذاك الفصيل، لكن مرد ذلك إلى مسار التطور التاريخي للمجتمع السوداني ومعنى هذا التطور. وبتفكيك مبدأ الوحدة في التنوع والنظر في مقصده في ضوء هذا المسار التاريخي وتطورات الصراع السياسي منذ الإستقلال وطبيعة القوى الإجتماعية المتصارعة لن يبدو مبدأً محايداً، أي مبرأً من حالة الصراع الدائر. فلفظ الوحدة "حمّال أوجه" وكذلك لفظ التنوع. كليهما يحمل من المعنى ما يريده له كل طرف من أطراف الصراع. ومن هنا لا يمكن لأي سياسي أو مثقف أن يخطو خطوته الأولى نحو ترجمة وإنزال هذا المبدأ إلى أرض الواقع السوداني الراهن دون مرجعية آيديولوجية، أي دون موازنة هذا المبدأ مع موقعه في صراع المصالح والإنتماء الفكري ومن ثم تفسيره لمعنى لفظيْ المبدأ. فبالنظر إلى فكر وإستراتيجية النخبة الحاكمة منذ الإستقلال يبدو جلياً هنا معنى التنوع كحالة طارئة وأن الوحدة هي الهدف النهائي "الطبيعي"، كما أنه هدف يتحقق فقط في وجود مجتمع موحد في ظل ثقافة واحدة سائدة، قوامها وحدة الدين ووحدة اللغة، أي ثقافة عربية إسلامية تحت رعاية وسلطة هذه النخبة. أما إشكالية التنوع هذه فيمكن تجاوزها من خلال إستدامة سلطة النخبة والإعتماد على عقيدة ثقافية فحواها غلبة تيار الثقافة العربية الإسلامية في عمليات التفاعل الثقافي ضمن حالة التنوع الطارئه هذه، كما أن إستدامة السلطة ستظل هي السند والضامن الأساسي لهذه الغلبة. (Abusabib 2004)
السودانوية: الأبعاد والمضامين
في ضوء ما سردنا أعلاه وما جاء من نقاش في المقالات السابقة يمكن النظر في المصطلح "سودانوية" كمفهوم إكتسب جملة من المضامين. ولا بد من أن نتطرق أولاً لمحاولات رائدة في طرح هذا المفهوم وتكريسه ضمن الخطاب الثقافي والسياسي الراهن وإختلاف مضامينه في بعض هذهالمحاولات، الأمر الذي يوفر إضاءة تعيننا في تحديد أفضل لهذه المضامين.
بين عامي 1979 و1981 نشر نور الدين ساتي ثلاث مقالات بمجلة الثقافة السودانية صاغ فيها لأول مرة مفهوم السودانوية ودفع به إلي معترك الجدل الثقافي حول الهوية، وقد أحدث ذلك تطوراً نوعياً في البحث عن مفهوم يؤطر لمضامين الهوية السودانية في إفصاحها عن الواقع التاريخي الثقافي للشعوب السودانية. وقد طرح هذا المفهوم "كإطار جامع ومتكامل يتسع لإستيعاب كافة مكونات وتباينات، بل وتناقضات، الأمة السودانية التي هي في طريق التكوين"، بحسب قوله. في معناه العام يلتقي مفهوم السودانوية عند ساتي مع دلالة هذا المفهوم كرؤية شاملة بالمعنى الذي نتبناه هنا، خاصة في ضوء منظوره في تناول قضية الهوية والذي أشار إليه مؤخراً كالآتي: "والبحث عن الهوية يجب أن يوضع في إطاره التاريخي والإجتماعي إلي جانب الإعتراف المبدئي، الذي لامناص منه، بالحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية للجميع، فانه من الضروري أن نلتفت إلي أن موضوع الهوية أو البحث أو التعبير عنها ليس عملاً جامداً بل هو يتجدد ويتطور بتطور المجتمع وبتراكم الوعي الإجتماعي." (ساتي 2007) كذلك يتبنى ساتي صيغة "الحوار" بمعنى أكثر عمقاً وإتساعاً في جدلية الحوار/الصراع بما يجعلها صيغة مرادفة لمضمون "مثاقفة" بالمعنى الذي نتبناه هنا أيضاً؛ أي أن المثاقفة فعل قاعدي جاري تاريخياً بين مكونات المجتمعات السودانية حتى في حالة الصراع "ناعماً" كان أم "خشناً". ويقطع ساتي برأي واضح في مقاربته لطبيعة الصراع الثقافي وآلياته بما يتسق مع طرحه لمفهوم السودانوية، إذ يكتب ما يلي:
"وثمة خياران لا ثالث لهما، فإما أن يدور هذا الصراع الثقافي بصورة قمعية تفضي إلى تجريد ثقافات "الأقليات" من مقدرتها على الإستمرار وإغراقها – غثها وسمينها – في لجج الثقافات الأخرى، أو أن تتاح الفرص لهذه الثقافات كي تبرز ما عندها لمضاهاته وممازجته مع تلك الثقافات الأخرى. ويكون النصر في الحالتين – إن كان ثمة نصر – ربما للثقافات قوية الشكيمة. لكنه في الحالة الأولى يفضي إلى الثقافة الإستيعابية ذات البعد الواحد، أما في الحالة الثانية فإنه يفضي إلى الثقافة الإمتزاجية متعددة الأبعاد." (ساتي 2013)
ثم كان تناول مؤرخ الفن أحمد الطيب زين العابدين لهذا المفهوم في سلسلة مقالات أهمها مقالته المعنونة "السودانوية هل هي آخر المطاف، مجلة حروف 1991". إنحصر هذا المفهوم عند أحمد الطيب في إطار تاريخ الفن ومستصحباً معه معياراً إستطيقياً طبقه على مراحل وأساليب معينة في الحركة التشكيلية السودانية. وأهم قياس في هذا المعيار هو "محلية" العناصر البصرية في العمل التشكيلي، ومن هنا إضفاءه "هوية سودانوية" على كل الأعمال والأساليب التي تحمل مثل هذه العناصر. لكنه غض النظر عن الدلالات والمواقف الفكرية والآيديولوجية التي تضمنتها هذه الأعمال وتلك الأساليب.وبحسب قوله، "تخير الفنانونبدرجات مختلفة الموروثات العربية الإسلامية أو السودانية المحلية والأفريقية كمصادر إلهام."وبذلك أصبحت هذه المعادلة بثنائيتها العربوإسلامية والسودانوأفريقية تلخيصاً لهذه الخيارات. لكن هذه الخيارات لها بالضرورة مرجعيتها في جدل ممتد في الساحة الثقافية والصراع السياسي حول أطروحات العروبية والآفروعربية والأفريقانية والسودانوية، وكلها في نهاية الأمر آيديولوجيات تتبناها قوى سياسية وشرائح إجتماعية يمكن تمييزها. وزين العابدين لم يميز بين هذه الخيارات ضمن منهج تاريخي إجتماعي يتجاوز سطح هذه الخيارات إلى جذورها، وهذا ما جعل من معياره معياراً غامضاً ومفتوحاً بلا حدود، وجعل من مفهومه للسودانوية مفهوماًبلا ضفاف ضم في إطاره إتجاهات ورؤى متناقضة ومتصادمة.تتجلى حالة التناقض والمصادمة هذه فيما حدث في الواقع العملي المعاش. فعندما إمتلك "المكوّن" العربوإسلامي في هذه المعادلة زمام القرار السياسي والإداري في ظل التمكين الاسلاموي بعد إستيلاء الحركة الإسلامية على السلطة كان من أولى أهدافه تعريب وأسلمة "المكوّن" السودانوأفريقي "شريكه" في المعادلة ضمن مشروعها "أسلمة" الفنون كجزء مما سموه بالمشروع الحضاري. بمعنى آخر، إنقلب أحد طرفيْ المعادلة على الطرف الآخر إعتماداً على محض غلبة سياسوعسكرية غاشمة. كانت هذه هي اللحظة التي تجلى فيها المضمون الآيديولوجي لخيارات بعض الفنانين وتبنيهم لما إعتبروه مصدر إلهام في العروبة والإسلام.وأسطع مثال لذلك ما يسمى بمدرسة الواحد، والتي شملها زين العابدين ضمن "السودانوية"، وما رأيناه من تحول صاحبها إلى أداة إدارية تنفيذية لمشروع "أسلمة الفنون" عند توليه عمادة بعض المؤسسات الفنية مثل كلية الموسيقى والدراما وكلية الفنون الجميلة.
أما عالم الآثار أسامة عبدالرحمن النور فقد إقترح مسمى "علم الدراسات السودانوية" كترجمة لمصطلح Sudanology وطرحه كبديل لمصطلحيْ "الدراسات المروية Meroitic studies" و"الدراسات النوبية Nubiology" الجاري إستخدامهما بحجة أن كلا الإصطلاحين محدودين زمنياً وجغرافياً بفترة مملكة مروي فقط. أما مقترحه فيعبر، حسب رأيه، عن الإنتشار الفعلي زمانياً وجغرافياً للحضارة السودانية في كل مراحلها وإمتدادها شرقاً وغرباً حتى دارفور وفي الجنوب وجنوب النيل الأزرق. وكان طرحه هذا متسقاً أيضاً مع ما جرى في علم الآثار من فصل تام بين الدراسات السودانية والمصرية Egyptology. لا بد من الإتفاق، بالطبع، مع أسامة حول قصور هذين المصطلحين إذا كان المعني بهما هذه المنطقة المحدودة جغرافياً في وادى النيل والممتدة من الشلال الأول وحتي السادس. لكن يتوجب الإختلاف معه في نقطة لغوية أساسية. فمصطلح السودانوية بدلالته كرؤيه تاريخية وثقافية وسياسية شاملة يترجم في الإنجليزية إلى Sudanism، لأن إضافة المقطع "-ism" يجعله من ناحية لغوية دالاً على مذهب أو مبدأ أو نظرية…ألخ، فهو مصطلح دال على رؤية وموقف. أما إضافة المقطع"-logy" فيجعل منه إسماً لتخصص علمي محدد، مثل كلمة Sociology و Egyptology. لذلك يلزم إستخدام صيغة "علم الدراسات السودانية" وليس " علم الدراسات السودانوية" كترجمة لإصطلاح Sudanology وبذلك يشير إلى المعنىالذي يقصده أسامة.
يمكن أن نخلص الآن إلى أن ما نعنيه بمفهوم السودانوية هو رؤية شاملة لتاريخ وحاضر ومستقبل الإنسان السوداني والدولة السودانية. وفي ما يلي من نقاط نبين ما نراه من دلالات أساسية يشملها هذا المفهوم إعتماداً على ما جاء في هذه المقالات:
أولاً، هو مفهوم يتبنى تفسيراً ومعنى محدداً للتاريخ الثقافي والإثني للمجتمعات السودانية إعتماداً على المعطيات العلمية خاصةً إنجاز مدرستا الآثار والتاريخ وتأسيسهما لنظرية الإستمرارية الإثنوثقافية في تاريخ الحضارة السودانية والتي بدونها، بحسب نظرية الهجرات القديمة، يصبح إنسان السودان المعاصر بكل موروثه ومشمول حياته المادي والفكري والفني والروحي مجرد عابر سبيل ضمن سيرورة تاريخية عشوائية بلا مقصد وبلا معنى. وهذا مستحيل، إذ لم يعد الحديث هنا عن فرضيات وإنما عن ضرورة تجاوز الإثبات إلى إدراك "المعنى" أصلاً من وجودنا في هذه المنطقة من العالم.
ثانياً، هذا التفسير وهذا المعنى للتاريخ الإثني والثقافي للمنطقة ينهضان كمسوغ موضوعي يجعل من هذا المفهوم صيغة معرّفة ومحددة لهوية سكان السودان، ويشكل بالتالي الإطار النظري لأي نشاط تأصيلي وقاعدة لأي منهج أو برنامج تربوي يستهدف غرس وتنمية الوعي بالإنتماء الوطني إستناداً على الحقائق التاريخية.
ثالثاً، إذا كان التأسيس العلمي لنظرية الإستمرارية الإثنوثقافية، المستند بدايةً على نفي نظرية الهجرات في الفكر الآثاريعموماً، يحيل نظرية الهجرات العربية ومنتوجها "التعريب" من دائرة الفرضية التاريخية والتحقق العلمي إلى خانة الخطاب الآيديولوجي، فإن إستناد مفهوم السودانوية على نظرية الإستمرارية ينقلها من حيزالخطاب الآيديولوجي إلى الباحة العلمية.
رابعاً،يتبدى المردود العملي في هذا المفهوم تجاه مشكلة الهوية في منهج سياقي شامل وعميق. فهذا المفهوم بقدر ما يؤسس لوعي الإنسان السوداني بأصالة ثقافته وإمتدادها التاريخي بقدر ما يضع أي مشروع للتأصيل في موضعه الصحيح. فأي مشروع لتأصيل إبداعنا الفني مثلاً وبيان مصادره الثقافية يبدأ بإستجلاء وتحديد هذه المصادر في المنتوج الفني والفكري الإستطيقي لدى هذا الوجود السكاني السوداني في تنوعه الإثني والثقافي من ناحية، وفي عمليات التفاعل الثقافي ضمن هذا التنوع الإثني والثقافي لهؤلاء السكان من ناحية أخرى. لأن ما يستلزم هذه الخطوة ويبررها هو بالضبط وجود خصائص وملامح متطابقة أو متشابهة في الحياة الثقافية والإبداع الفني والرؤى الإستطيقية في إطار هذا التنوع، ومن هنا تحديداً يمكننا إستنباط معنى أعمق في مفهوم السودانوية وهو محاولة "إسترداد الذاكرة الجمعية السودانية"لأنها موجودة هناك تحت ركام من التجهيل والتزييف الممنهج.
خامساً، عمليات التفاعل والتداخل الثقافي والإثني هذه ذات طابع قاعدي، جارية في كل مكونات المجتمع السوداني. وتبدو العلاقة واضحة بين هذه العمليات الثقافية الإثنية والواقع الجغرافي والتاريخي للمنطقة والذي يربط وادي النيل بما حوله من سكان وما يفرضه هذا الواقع من روابط إقتصادية وتداخل إثني وسياسي. كذلك تدل طبيعة هذه العمليات على أن "التنوع" في صيغة "الوحدة في التنوع" ليس حالة طارئه كما يريد له البعض، لكنه واقع وضرورة جغرافية تاريخية.كما أن التمازج الإثني تبدو معالمه أكثر وضوحاً في هذه البانوراما السودانية من الملامح والسِّحنحتى في الإثنية الواحدة.
سادساً، إستدعاء الإشتقاق "سودنة" Sudanization كنفي للإشتقاق "تعريب" Arabizationكدلالة على "إتجاه" و"هوية" عمليات التفاعل الثقافي باعتبارها حدث ومتغير وصيرورة تجسد في الواقع الحياتي مفهوم السودانوية في كل أبعاده. فهو سودنة جارية عبر التاريخ للوافد من الثقافات في كل أجناسها، من لغة ودين وحرفة وفن ومعتقد، إلخ بإستيعاب ما ينفع منها وما يفيد.
سابعاً، مفهوم السودانوية بإرتكازه على نظرية الإستمرارية يجعل من المطلب الحقوقي الإنساني في كل مفرداته، سياسية، إقتصادية، ثقافية، إلخ، حقاً مشروعاً لكل فرد وجماعة سودانية، فهو ليس من فضل العطاء السياسي أو الدستوري من طرف لآخر أو من باب الوفاق السياسي حفاظاً على كيان سياسي قائم وموحد لكنه حق يفرضه واقع الرباط التاريخي والمشاركة الفاعلة في الحضارة السودانية عبر تاريخها. فهنا "مشروعية تاريخية" تثبت مبدأ الشمول وتنفي الإقصاء.
وما تبقى هو الكيفية التي يؤَسس بها هذا الواقع التاريخي في وعي الأفراد والجماعات ليصبح وعياً بإنتماء مشترك أساسه الحقائق التاريخية. أما هذه الكيفية وآلية تحققها فترتكز على مشروعين يسيران يداً بيد: مشروع تربوي تنويري قوامه الكشف عن التاريخ الحقيقي للحضارة السودانية والتطور الثقافي لشعوب المنطقة، وتحويل الحقيقة العلمية إلى قناعة فكرية ومن ثمّ إلى إنتماء شعوري إلى هذا التاريخ الحضاري،ومشروع سياسي متمثل في ربط هذا المشروع التنويري بالهدف الأساسي لقوى التغيير الفاعلة الآن في إزاحة النظام الحالي وإحلال البديل الديموقراطي، إعادة هيكلة الدولة وصياغة دستور يعبر في جوهره عن الحقائق التاريخية لهذا البلد وأهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.