الرأى اليوم سلاح دارفور كعب أخيل صلاح جلال – بدأ تدفق السلاح النارى لدارفور نتيجة للحرب الأهلية فى تشاد والصراع الليبى التشادى (قوات بن عمر) كانت كميات السلاح المتُسرب محدودة إنحصر تاثيرها فى وصول السلاح لبعض العصابات الإجرامية ، إستٌخدِم فى النهب المسلح فقد وضعت الحكومة خطة جيدة لنزع السلاح ومحاصرة أسباب إنتشاره فى تلك الفترة . – جاء إنقلاب الإنقاذ وفى مقدمة أهدافة تفكيك التركيبة الدارفورية التقليدية و إعادة صياغة مجتمع دارفور ، ليسهل صبه فى قوالب النظام الجديد فكان أول أهدافه السيطرة على مؤسسات الإدارة الأهلية بشطب القديم لبناء نظام الأمراء بدل النُظار والشراتى والعمد ، كانت هذه أولى الخطوات لتفكيك النسيج الإجتماعى الدارفورى. – فى بداية العام 2002 إنفجر الصراع السياسي المسلح فى الإقليم ، قرر النظام مواجهة العنف الشعبى بعنف مُؤسسات الدولة ، لأسباب موضوعية لم تتمكن مؤسسات العنف الرسمى من السيطرة على العنف الشعبى قررت قيادة الإنقاذ بعد عدة هزائم مواجهة الحركة الشعبية المسلحة بتعبئة شعبية مضادة،فبدأت بتسليح القبائل مستخدمة سياسة فرق تسد(عرب ضد زرقة ). – نتيجة لهذه الأسباب السياسية إمتلكت القبائل التى إعتبرتها الحكومة موالية لها مليشيات مسلحة بمعرفة الدولة ،ظهر مصطلح مليشيا الرزيقات الأباله ومليشيا البرتى هذا الواقع فتح شهية بقية القبائل للتسلح ، فتوسع سوق السلاح و أزدهر فى كل مدن دارفور ، توغلت الحكومة فى مشروعها ،فعملت على تقنين نشاط المليشيات كنشاط قانونى محمى بالسلطة السياسية . – فى هذا المناخ ظهر مصطلح مليشيات الجنجويد بقيادة السيد موسي هلال الذى أصبح من لوردات الحرب فى دارفور، وهو مقاول عمليات الحكومة العسكرية يتم تأجيره بالقطعه و إمداده بالسلاح والذخيرة، بحكم طبيعة قوات الجندرمة بعد الفراغ من تكليفاتها الرسمية تدير مؤسسة لإقتصاد الحرب، من خلال التعدين الأهلى والتجارة الحدودية، فقد وصلت مليشيا حرس الحدود لدرجة من المؤسسية الإقتصادية حتى شعرت بعدم حوجتها لغطاء الدولة لحماية مؤسسة المصالح التى شيدتها ، فقد حدثنى أحد قيادات الرزيقات بانه زار السيد موسي هلال بعدإطلاق سراحه ، من إعتقاله الأول فى مدينة بورتسودان ، زاره فى منزل بالإيجار مكون من غرفتين وفرندة، وقد زاره ذات الشخص بعد عودته للخرطوم لحضور تنصيب البشير للإنتخابات ، فى ضيعة ضخمة من المعمار الفاخر فى أحد ضواحى الخرطوم ، – هذا يفسر كيفية نموا إقتصاد الحرب الذى صنعه النظام تحت رعايته و إشرافه، – موسي هلال مليشيا تتمتع بشئ من الإستقلالية فى إدارة مؤسسة المصالح التى أنشأتها، هذه الإستقلالية بالطبع لم ترضى الحكومة . – قررت الحكومة الزواج من ثانية لإغاظة الشيخ موسي هلال ، فأنشأت قوات الدعم السريع (ضُرة)بقيادة حميدتى دقلو ، و إمعاناً فى الإساءة لزعيم مليشيا حرس الحدود ، إختارت الحكومة أحد صبيان القائد ليصبح زعيم على المليشيا الجديدة، لتقول فى رساله واضحة للشيخ موسي أنا من يصنع الملك . – تطورت مليشيا حميدتى بسرعة كبيرة من مليشيا خلويه ،إلى قوى عسكرية تابعة لجهاز الأمن الوطنى ، ومن ثم قوة تابعة للرئيس البشير مباشرة ونتيجة للضغوط الدولية، تم أخيراً تقنين تبعية قوات الدعم السريع للقوات المسلحة ، كل هذه التحولات لم تغير من طبيعة المليشيا فى شئ ، فهى بعد الفراغ من تكاليفها القتالية، تقوم بأنشطتها الأخرى لصالح زعيمها الجديد (حميدتى )، فقد كان إتفاق الحكومة مع المليشيا أن لها ملكية خالصة لكل غنائم الحرب وكل ما تسطو عليه من ممتلكات المواطنين ، هذا بالإضافة للتجارة الحدودية وتجارة المواشى والتعدين الأهلى ، الآن حميدتى من أثرياء الحرب ففى الجرائد الرسمية تم نشر خبر ، بتبرع قائد الدعم السريع حميدتى بحوالى عشرين عربة لاندكروزر لقيادات من الإدارة الأهلية ، وتبرعه لبناء مدارس وصيانة أخرى . – كل هذا يقف دليل على قوة مؤسسة إقتصاد الحرب التى أنشأتها الإنقاذ ، هذه المؤسسة صاحبة مصلحة فى حالة عدم إستقرار دارفور ، وعودة الحياة الطبيعية إليها . – نتيجة لتحركات العالم التحتانى والوجه الآخر لهذه المليشيات ، شعرت بقية القبائل غير المعتمدة من الدولة كمليشيات رسمية ، بالتهميش وضياع مصالحها، فأنطلق عقال التسليح القبلى لتأمين المراعى والمحافظة على الثروات، فبدأ شراء السلاح من مصادر غير الحكومة ، خاصة بعد سقوط نظام القذافى فى ليبيا، فقد أصبحت مليشيات القبائل تمتلك أسلحة ميدان إستراتيجية من حر مالها الأهلى ، بهذا إنفتح باب التباهى بالسلاح بين قيادات الإدارات الأهلية فأصبح حديث مجالس الاُنس القبلى عن عدد الدوشكات وعربات الدفع الرباعى التى تمتلكها القبائل ، مما خلق مناخا للإستعراض بالسلاح والقوة بين القبائل . – هذه هى حقيقة صندوق البندورة الذى فتحته الإنقاذ ، فقد أخرجت المارد من القمقم ، وهاهى الآن تشكو منه ، وتريد ارجاعه لقمقمه ، ولكن المهمة أصبحت شاقة فتحضير العفريت ليس كتقييده. – كيف يتم جمع السلاح بعد إنتشاره ، هناك تجارب عالمية أصبحت لها معادلات معروفة وبروتوكولات تتبع فى مثل هذه الحالات ، فهناك تجارب فى أميركا اللاتينية ،وتجارب فى أفريقيا (ليبيريا – الكنغو ) ،وتجربة بنقلاديش فخريطة الطريق لجمع السلاح فى ظل ظروف حرب أهليه يجب أن تكون كالتالى:- 1- التوصل لإتفاق سلام شامل مع الجماعات المسلحة يعالج أسباب الحرب ويوقف إطلاق النار. 2- تسريح المجندين و إعادة دمجهم فى المجتمع المدنى ، ففى حالة دارفور معظم المجندين لدى المليشيات يعتبرون هذا العمل هو الفرصة الوحيده المتاحة أمامهم فى ظل إقتصاديات الحرب القائمة ، ولذلك لابد من خلق وسائل وفرص عمل بديلة ، ففى الكونغو وجدت المنظمات أن كل فرد من المليشيا لم يجد فرصة عمل سيعود للعمل العسكرى كطريقه لكسب العيش . 3- تحقيق العدالة الإنتقالية ، وتمكين الضحايا من الوصول للعدالة فالمصارحة والمكاشفة و الإنصاف من ضرورات الإنتقال للسلم الأهلى. 4- تفكيك مؤسسات إقتصاد الحرب القائمة ، إذا لم يتم تفكيك هذه المؤسسات لن تسمح بالأستقرار ، لأنه يعادى طبيعة مصالحها. 5- تشكيل لجنة قومية من قيادات المجتمع المحلى الأهلية ، للمصالحات القبلية والسلام المجتمعى ، تقوم بالمعالجات من دفع للديات المتأخرة وتعويض المتضررين فردياً وجماعياً. 6- تشكيل لجنة قومية من المجتمع الأهلى المحلى ، والسلطات الأمنية(شرطة وقوات مسلحة وقيادات المليشيات والمتمردين السابقين ) ، للطواف على تجمعات المواطنين لتطمينهم على أمنهم ، والإستماع لمخاوفهم والتحديات من منظورهم ، والعمل على معالجتها . 7- أن تقوم الحكومة بجمع السلاح الذى سلمته للمليشيات التابعة لها فوراً دون إبطاء (حرس الحدود + الدعم السريع) . 9- أن تمنح القبائل مدة سماح للتسليم الطوعى لسلاحها ، وتقدير التعويض المادى المناسب لكل قطعة سلاح تسلم خلال مدة السماح ، لأن سلاح القبائل غير الموالية لمليشيات النظام ،قد تم شراءه من حر مال هذه القبائل لذلك يجب أن يعامل كممتلكات خاصة ،يتم دفع التعويض المناسب قبل نزعها 10- الخطوة الأخيرة إستخدام القوة الجبرية لنزع السلاح بعد إكتمال الإجراءات المذكوره عاليه . – الخاتمة : الإنقاذ إرتكبت حماقات كثيرة من بينها التسليح العشوائى لللقبائل ، هل تترك لترتكب جهاله إضافية لجمع السلاح ، كما يقول السيد حسبو محمد عبدالرحمن نائب الرئيس منهج البصيرة أم حمد ، لذلك أذا سارت الأمور على هذا النحو سيصبح جمع السلاح فى دارفور كعب أخيل كما جاء فى العنوان . اللهم قد بلغت فاشهد.