* اعترفت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي البروفيسور (سمية ابو كشوة)، بافتقار السودان لكثير من مقومات البحث العلمي، وقالت إن كثيرا من طلاب البحث العلمي يمارسون السرقات في بحوثهم، ودعت المشرفين على الابحاث لتنبيه الطلاب للابتعاد عن السرقات والانحرفات. وقالت ابو كشوة في الجلسة الافتتاحية ل(مؤتمر الدراسات العليا التاسع لجامعة النيلين)، ان وزارتها تسعى (لاكمال صندوق البحث العلمي)، كما تعهدت بالمساهمة في تمويل المشاريع البحثية للشباب!! * من منكم يصدق أن (صندوق البحث العلمى) الذى وعدت الوزيرة باكماله، هو مشروع بدأ العمل فى تأسيسه منذ أكثر من 15 عاما، وأذكر أننى كنت قد إلتقيت فى عام 2004 بالبروفيسور (عبدالملك محمد عبدالرحمن) مدير جامعة الخرطوم (آنذاك) فى حضور البروفيسور (معاوية مختار) مدير معهد الأمراض المستوطنة (آنذاك)، للتفاكر حول تحضيرات الاجتماع التأسيسى للصندوق!! * وعرضت خلال الاجتماع الأفكار والآراء التى نتجت عن لقائى بعدد كبير من المفكرين والعلماء ورجال الأعمال ومديرى المؤسسات الكبرى، وكان من بينهم (على سبيل المثال لا الحصر)، العالم الجليل ووزير الصحة السابق بروفيسور (أحمد محمد الحسن) صاحب السمعة العالمية فى البحث العلمى وأكثر المهتمين به، وأكثر العلماء السودانيين مساهمة فى البحث العلمى، وله مئات الأوراق العلمية المنشورة فى كبرى المجلات والدوريات العلمية الدولية المرموقة، ورجلا الاعمال المعروفان السيد (انيس حجار) والسيد (أسامة داؤود عبداللطيف)، والمهندس (مهدى بشير) مدير شركة السكر السودانية (آنذاك)، والمهندس (عبدالعزيز عثمان) المدير العام لشركة سوداتل (آنذاك)، ونائبه المهندس (عبدالقادر عبداللطيف، (آنذاك)، ومدير العلاقات العامة بالشركة (آنذاك) الأستاذ (احمد عثمان)، والدكتور (يسن أحمد النعيم) المدير العام لشركة هادر، ونائبه الدكتور (مجدى المرضى)، والأستاذ (إبراهيم محمد الحسن) مدير التسويق والمبيعات (آنذاك) بشركة موبيتيل (زين حاليا)، فضلا عن الاستاذ (كمال عبداللطيف) وزير الدولة بمجلس الوزراء (آنذاك)!! * وكان الجميع قد رحبوا بالفكرة، واتفقوا على ضرورة إنشاء الصندوق لاستقطاب العون والدعم من المؤسسات والأفراد من داخل وخارج السودان، وتأهيل المؤسسات البحثية والباحثين، وتمويل البحوث التى لا غنى عنها لأى بلد يسعى للتقدم والتطور، ولقد كان (ولا يزال) أحد أهم أسباب تخلف الدولة السودانية هو ضعف البحث العلمى فى بلادنا، وعدم إهتمامنا به، وإعتمادنا على المصادر الأجنبية فى التمويل، أعطتنا أم منعتنا، أو فرضت شروطها علينا فى إجراء البحوث بما يحقق أهدافها ومصالحها فى المقام الأول، وكم عانى الباحثون السودانيون ومؤسسات البحث العلمى السودانية من الشروط التعسفية لمؤسسات التمويل الأجنبيىة، وفى ذاكرة (البروفيسور أحمد محمد الحسن) أطال الله عمره الكثير الذى يمكن أن يُروى فى هذا الجانب، كما عانى البحث العلمى أشد المعاناة من (سياسة توسيع قاعدة التعليم العالى) التى أفرغت المؤسسات البحثية من كل الباحثين الذين فضلوا الإلتحاق بالجامعات بسبب الاهمال الشديد للبحث العلمى ومؤسساته، ولا يزال هذا الاهمال قائما حتى اليوم، بل زاد كثيرا مما أودى بالبحث العلمى فى هاوية سحيقة، لدرجة أن الدكتورة (ابوكشوة) تعترف بعدم وجود بحث علمى بالبلاد، وأن معظم الأطروحات البحثية مسروقة !! * كان من رأى معظم الذين إلتقينا بهم آنذاك، أن ينشأ الصندوق كمؤسسة غير حكومية، يسهم فيها كل من يريد بالفكر والرأى والمال، وأن تتولى الدعوة للاجتماع التحضيرى والاشراف عليه، جامعة الخرطوم لريادتها للعمل الأكاديمى والبحثى فى السودان، ولقد نقلنا ذلك لبروفيسور (عبدالملك) الذى تحمس للفكرة، وكلف الأستاذين الجليلين البروفيسور (فاروق هبانى) نائب المدير (آنذاك) وأستاذ الفيزياء المعروف، والبروفيسور (معاوية مختار) مدير معهد الأمراض المتوطنة (آنذاك) وشخصى الضعيف، بالاتصال بكافة الجهات المعنية والتحضير للاجتماع التأسيسى، وبالفعل تم التحضير بشكل جيد جدا، إلا أن محاولة هيمنة الحكومة على المشروع أفسدت كل شئ، لعدم ثقة رجال الاعمال والمؤسسات الخاصة فى نواياها الحقيقية، فتركنا لها (الجمل بما حمل)، ووضعنا كل كافة المستندات الخاصة بالمشروع على طاولة (وزير التعليم العالى)، وانصرفنا الى حال سبيلنا !! * وها نحن نسمع الآن بعد مرور 14 عاما كاملة برغبة البروفيسور (سمية أبوكشوة) وزير التعليم العالى، فى اكمال إنشاء (صندوق البحث العلمى) .. تخيلوا مدى تقديرنا واحترامنا للوقت والزمن، والى أى مدى تجهض الأنانية ومحاولات الهيمنة والسيطرة المشروعات الكبيرة، وتحيل الاحلام الى رماد، فلماذا لا نتخلف ونقبع فى قاع العالم، وليت الدكتورة ابو كشوة تفى بوعدها ونرى الصندوق حقيقة واقعة، ولكن نصيحة منى أن يُترك التنفيذ لمن هو جدير بذلك، وأمين على البحث العلمى والاهداف المرجوة منه، حتى لا يتحول الى مأكلة جديدة، ومطية للاقارب والمحاسيب وأهل الثقة!! [email protected] الجريدة الالكترونية