وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما الذي يقوله ماركس لنا اليوم*
نشر في حريات يوم 02 - 02 - 2018


هانز – فيرنر سنHans – Werner Sinn – **
ترجمة: د. حامد فضل الله و فادية فضة
خسرت الاشتراكية المنافسة مع الرأسمالية نتيجةعدم الكفاءة والتعسففي محاولة إدارةالاقتصاد بالتخطيط المركزيالأوامريورفضاعتمادالحوافز المادية.وعندما اتضح الاستعصاء لآخر الحاكمين، انهار النظام.فهلعفا حينذاك الزمن علىماركس؟كلا، وعلى الإطلاق.لقد توقع ماركس حصول الثورة الاشتراكية، ودعا لها في حين انهكتب القليل جدا عنها حاصراًاهتمامه بشكل رئيسي في تشريحعمل نظاماقتصاد السوق الرأسمالي.لقد دحضتنظرية اقتصاد السوق الرأسماليالعديد من مزاعمماركس.لم تحظ مفاهيم ماركس والقيم التيخلص اليها في تحليلاته، بالإجماع العلمي العام وهو الأمر الذي حظى بهما توصل اليه ماكس فيبر في علم الاجتماع من خلاصات واحكام عامة. ومع ذلك، فقد خلص ماركس الىالعديد من الأفكار المهمةالتي أغنت البحوث والاستنتاجات على صعيد تطور النظرية الاقتصادية العامة والعلوم الاجتماعية الأخرى.
الوجود يحدد الوعي
ويتجلى هذا أولافي الأطروحة الأساسية لماركس التيتناقض نظريةهيغلالقائلة بأن الوعي يحدد الوجود، في حين يؤكد ماركس على أنالوجود هو الذي يحدد الوعي،بمعنىأن الشروط الموضوعية لعلاقات الإنتاج هي التي تحددفي نهاية المطاف البنية الفوقية الأيديولوجية كما تتجلى في شكل الدولة والرأي العام والقوانينالسائدة.كما لا توجد أولوية للسياسة على قوانين الاقتصاد.بل تحدد القوانين الاقتصادية الإطار، الذي من خلاله يمكن للسياسة ان تتحرك. وتكرر الفشل الاقتصاديلكافةالأنظمة التيلم تأخذبالقوانين الموضوعيةللسلوك البشري ولندرةالموارد الطبيعية،وتصرفت محكومة برغباتها الذاتية انطلاقا من تصوراتها الايديولوجية كما الدينية أو الأخلاقية.والمصير الفاشل الذي انتهى اليه "النظام الشيوعي" خير دليل على ذلك. وهذا مايشير بدورهالى فشل استنتاج ماركسالقائل بحتمية الانتقال الىالاشتراكية من جهة، في حين انهيدل من جهة ثانية الىصحة أطروحته الأساسية القائلة بسيادة العلاقات الاقتصادية على ما سواها.
الاقتصاديونغالبا ما يختلفونبشأن هذه المسألة مع السياسيين، الذين يروجونبألسنتهم دائما لأولوية السياسة على الاقتصاد.ومن دواعي السخرية أن العديد من السياسيين اليساريينعلى وجه التحديد،يروجون لضرورات التدخل السياسي في مجريات السوق،في حين يشير الاقتصاديونإلى هيمنة القوانين الاقتصاديةوعدم جدوى التدخلات السياسية لعدم فعاليتها ولمردوداتها العكسية احيانا.وتحضر هنا أمثلة من نمط: وضع قانون" الحد الأدنى للأجور"، مظلة الإنقاذ الأوروبية، تحديد دور البنك المركزي الأوروبي (ECB \ EZB) أو قواعد استيعاب المهاجرين في الدولة الاجتماعية. وتلقى هذه الاقتراحاتحالياتجاوبا واسعا.والاقتصاديون يتماهون مع ماركسفي قناعاتهمبأولوية القوانين الاقتصادية على أمانيالسياسة ووسائل الإعلام.ولذلك يقف الاقتصاديونفي الغالب أقرب الى ماركس من أولئك السياسيين الذين يوالونه بشكل خاص.
لا يفترض القول بأولوية القوانين الاقتصادية على السياسة، إمكانيةتخلي المرءعن دور الدولة. اذ أناقتصاد السوق لا يعنيالفوضى، وإنما يتطلب إطارا قانونيا متينا يمكنه من العمل.
وتأتي أهمية كل من القانون المدني والقانون الجنائي في المقام الأول، لأن الشرط الأساسي لتبادل فعال للسلع والخدمات هو ضمان حقوق الملكية لتلك السلع والخدمات.فلا يمكن للأسواق أن تُدفق نعمها الوفيرة الا على تأمين حقوق الملكية على السلع كما على عوامل الانتاج من العمل الى السلع الرأسماليةبما في ذلكالأرض وكما توجدمجالات في السوق يجب أنتُستكمل عبر تدخلاقتصاد الدولة، مثل مجال البيئة، فعندما تحدث أخطاء لايمكن للأسواق ان تتحمل تبعاتهامثل انتاجالمواد الملوثة، أو مثلانجاز السلع العامةذات النوعية والمواصفات المشتركةالأمثلة الكلاسيكيةعلى ذلك هي بناء الطرق والجسور والسدود وأخيرا، في حال فشل السوق في توفير نظام عادل لتوزيع الدخل،الأمر الذييوجب استكمالاقتصاد السوق عبر الدولة الاجتماعية لضمانإعادةتوزيعالدخل بينالاغنياءو الفقراء.
يشيرماركسالى أن قاعدة الاقتصاد في حالة تطورباستمرار، في حينتستمرالبنية الفوقية الأيديولوجيةالمعبرة عن آراء الطبقة الحاكمة – ويمكنهنا الحديث عن "المكون السياسي الاِعلامي " –على جمودها.ويفضي هذا الجمودمع مرور الوقت إلى تزايد التوترات الاجتماعية، وفي نهاية المطاف الى الاضطرابات، التي قد تنتهي الىالثورة.
ويؤكد في يومنا الراهن على صحة ما خلص اليه كارلماركس في مقولته آنفة الذكر، ما انتهت اليهفي عام 2016نتائج الاستفتاء في بريطانيا (بريكست) والانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية(ترامب) بفضل ضغوط الطبقات الدنيا والوسطى المعترضة والرافضةللسياسات الممارسة من قبل الفئات الحاكمة على صعيد كلمنالعولمة والهجرة.
لجأ"المكون السياسي الاِعلامي"لتبريرالصدمة العامة الناتجةعن الواقعآنف الذكر بردهالتأثيرالشعبويين،متناسياً التلازم الثابت بين الشعبوية والنظام الديمقراطي.وهويروجبذلك الىأنالشعبويينهم دائما الآخرون، أي الذين لم يصلوا الى السلطة بعد ويرومون احتلالالمواقع المغرية والوظائف الكبيرة في جهاز الدولة حتى على اشلاءزملائهم ضمن الحزب الواحد.يا له من توصيفخاطئ. يعبر عن استمرارالطبقة الحاكمةفي عدم تفهم الحراك المعارض لهاوخاصة فيحال تعرض وجودها في السلطة للخطر.
لا يعنيانتخاب دونالد ترامب ولاالاستفتاء لصالح خروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي (بريكست)التعبير عنثورات بالمعنى الماركسي.بلتشيرانالى تحولاتتعبرعن انفصاممتنام بين:البنية الفوقيةالأيديولوجيةوالأساس الاقتصاديفي كلا البلدين. ولذلكيعبر المروجونللأهمية الحاسمةلكل من فنون التضليل الممارس من جهة وللقصور التي تميزت بها شخصيةترامب من جهة أخرى، عن فهم سطحي لمعطيات الواقع في كل من البلدين.
ماركس كاقتصادي
تتجلى في"نظرية قيمة العمل"أكبر الأخطاء العلمية لماركس، فهيوضعت بدافعأيديولوجي وذلك لتعليل نظرية فائض القيمة والاستغلال. فهويخطئ في استنتاجه القائل بأن مستوى أسعارالبضائعفي اقتصاد السوق انما يحددها الوقت المبذوللإنتاج السلع.ويكمن الخطأ أولا في أن الأجور تشكل واحدة من جملة عناصر التكلفة للشركة المنتجةوثانيا إن الأسعار هي اسعار حجم وفرة البضائع المعروضة في السوق(العرض والطلب)،والمواصفات التفضيلية لمكوناتها ايضا ولمدى تنامي الطلب والتنافس عليها في السوق.لذلك يصح التساؤل على سبيل المثال، عن علاقةسعر لوحة لرامبرانتمع أجر الصانع (الفنان)؟ وما علاقةسعر النفط مع أجور العمال في الآبار النفطية؟لا شيء، أو لا شيء تقريبا.
ان غالبية الاقتصاديين الانجلو سكسونيينلا ترى في ماركس مساهماأساسيا في بناء وبلورة الفكر الاقتصاديليس بسبب "نظرية قيمة العمل" فحسب، بل ولإخفاقه الفاضح في مجال نظرية التوزيعوالتي ترتبط بها بشكل وثيق"نظرية أسعار التجزئة" والتي تشكل بدورها النظام الحاكم في علم الاقتصاد.
وأنا أخطئ هذا التقييملتقديريبأنمساهمة ماركس الفعلية تتجلى في بلورة "نظرية الاقتصاد الكلي".فهوكان تاريخيا أحد الأوائل من علماء الاقتصاد الكلي وقام بدور أساسي في تأسيس وإنشاء هذا الفرع اذ لم تكنلمصطلحات مثل "الدخل القومي"، "الاستهلاك" أو "الاستثمار" من قبلهاي أهمية تذكر في علم الاقتصاد.لقد فهم ماركس وأوضح،بأن الدخل القومي هوعبارة عن مجموع قيمة السلع المنتجة حديثا ويستخدم للاستهلاك الجاري كما يستخدم لتراكم رأس المال.وما كان لجون مايناردكينز (JohnMaynardKeynes) أية امكانية لتطويرنظريته حول أهمية"دور الطلب الكلي في استقرار الاقتصاد" بمعزل عناستخدامه لتصورات مركبة مماثلة.
نجح ماركس في المجلد الثاني من عمله الرئيسي "رأس المال" وبفضل تشريحه لنظرية الاقتصاد الكليبتطوير "نظرية النمو"، التي أضحت في الجوهر المقدمة لكل" نظريات النمو" القائمة على العلاقة الثابتة بين رأس المال و"الناتج الاجمالي" والتي طورها كل منإفسيدومار(EvseyDomar) و بول رومر(PaulRomer).وأظهرماركس في نظريته هذهوباستخدامالحسابات التفصيليةبأن النمو لا يتحقق عموما بفضل الاستهلاك، وانما من خلالالزُهدفي الاستهلاك، أي من خلال الادخار وتراكم رأس المال. وبقدر ما تتنامىالنسبة من الدخل القوميللتوفير والاستثمار، يرتفع معهامعدل النمو الاقتصادي.
حاول الاتحاد السوفيتي في فترة ما بعد الحربأن يضع علىأساس من نظرية ماركسللنمو،استراتيجية يتجاوز بها الغرب.وإن لم تتكلل هذه الجهود بالنجاحفمرد ذلك لعدممراعاةأهم الشروط التيأكد ماركس على ضرورة توفرها لضمانالعلاقة النسبية بين معدل الادخار من جهة ونسبة النمو المأمولة من جهة أخرىوالتي تتمثل بدورهابتوفر جيش احتياطي صناعي كبير بما فيه الكفاية من العاطلين عن العملالأمر الذييضمن بدورهزيادة قوة العمل المستخدمة بمايتناسبمع نمورأس المال المستثمر.ان تواترنمو رأس المال بأسرعمن وتيرة نمو العمالة المطلوبةواستحالة التوسع النسبي الموازيفي مواقع الانتاج ممايجبر هذه الىالأخذ بأساليب توفر في قوة العمل، الأمرالذي يضعفبمجملهحافز النموالمتوقعبنتيجة تراكم رأس المال وبذلك لا تصح معادلةماركس الا بصيغة معدلة.
وهذا ما خلص اليه ايضا ماركس في تحليله الذيضمنه بالتفصيل في الجزء الثالث من "رأس المال"، الذي حرره واصدره بعد وفاته "انجلز"..لقد فسر ماركس"نموذج النمو" كما وصفه في "المجلد الثانيمن رأس المال"،والمستند الىنسب ثابتة على أنه مجرد أفكار وسيطه على طريقانضاجنموذجللنمو يتميز بتصاعد تكثيف رأس المال في الانتاج.وتحدث في هذا السياق عن تنامي "التركيب العضوي لرأس المال"، أي زيادة العلاقة بين رأس المال الثابت والمتحرك، أو بلغة اليوم: توثيقالعلاقة بينالرأسمال الانتاجيوقوى العمل.
دور الطلب
لم يكن اهتمام ماركس موجها في الأساس لمعالجة شروطالنمو وإنما لدراسةأسباب نشؤ الأزمات الاقتصادية.فأن صح القول،بأن النمو ينتج حصرا عبر الادخار والاستثمار،الا انه من المهم ايضا التنويهلدورالاستهلاك في تحجيم حركة الطلب الاقتصادية.وقد يترتب على تعثر حركة الاستهلاك كما رأى ماركس بحق، نشؤ"أزمةقصورالاستهلاك" التيتدفع الاقتصادالى سلسلةمنالاختناقات البنيوية.وفي هذا الاطارروجماركس للنظرية التي عمل لاحقا جون مايناردكينز (John Maynard Keynes) على تطويرها والتيتؤكدعلى أهمية تطوير حركة الطلب في السوق والتي ساد الترويج لها والتركيز على أهميتها في السنواتالأخيرة لمواجهة النتائج السلبية أو العضوية لسياسة التقشف المزعومة في جنوب أوروبا.
لقد أسيئتفسير ماركسوكذلك كينز عبر الزعم بأن اصرارهما على تعظيم دور الطلب في السوق، انما يهدف حصرا الى الزيادة في الاستهلاك العام وفي القوة الشرائية العامة ايضا.وهذا الادعاء يتنافىوحرص وتأكيد كلاهماعلىأن طلب الشركات على السلع الرأسمالية ومراكمتها يشكل مكوناً مهماً في صلب الطلب العام للسوق الاقتصادية الرأسمالية ويؤدي الإخلال بها الى أزمات فيالدورة الاقتصادية العامة
نظرية ميل معدل الربح
تمثل نظريات الازمات أهممساهمات ماركس في تطوير علم الاقتصاد.
وتتقدم"نظرية ميل معدل الربح"على سواها من النظريات بما في ذلك "نظريةقصور الاستهلاك".وعرض ماركس نظرية ميل معدل الربح في المجلد الثالث ل "رأس المال" وتحتل موقعا مميزاً في الفكر الماركسي.وينخفض"معدل الربح" الذي نسميه اليوم العائد الاقتصادي أو الريع من وجهة نظرماركس، في مسار التنمية الاقتصادية ويميل باستمرار الى مستوى أدنى،نظرا لنمو التركيب العضوي لرأس المالبما يعني امكانية تسارع تراكمرأس المالقياسابمدى نمو القوى العاملة.وهكذا يتراكم المزيد من رأس المال بالنسبة للعامل الواحد دون ان ينعكس ذلك في زيادة الدخل.
توقع ماركس بأن استمرارانخفاض معدل الربحسوف يبلغمستوىيصبح معه الريع متدنيا جدا بالنسبةلرجال الاعمال ، فيحجمون عن الاقدام على أية استثمارات جديدة. وعندما يبلغ التطور هذه النقطة يسودالاضراب العام عن الاستثمار مما يغرقالاقتصاد في أزمة تنتج بدورها احجاماعنشراء السلع الاستثماريةوهو الأمر الذي يدفعالمنتجين لهذه السلع أيضا الى التوقف عن شراء المواد الأولية اللازمة لها… وهكذا تشمل كافة فروع الاقتصاد سلسلة من الازمات المترابطة.إن قانون "ميل معدل الربح"يربط مابيننظرية النمو وما يرافقها منزيادة للتركيب العضوي لرأس المال وبين نظرية الطلب ويتحول بذلك الى نظرية الازمة التكوينية الكامنة في صلب بنيةالنظام الرأسمالي .
تتجلى نظرية الأزمة بكل وضوحعبر تطور الاوضاعالراهنة.فاليوم تبرز بعد 150 عام على ماركس، علامات واضحة على انخفاضالعائد على رأس المال على المدى الطويل. و بات دوران الفائدة سمةثابتة منذ سنوات، وكذلك خضوع أجزاء من العالم مثل جنوب وغرب أوروبا وكذلكاليابان لأزمة مستمرةلا تتوافر أيةمؤشرات الى نهاية قريبة لها.
يفسر بعض الاقتصاديين، مثل كارل كريستيان فون فايتسكر (Carl Christian von Weizsäcker) أو لورانس سمرس (Lawrence Summers)، وزير الخزانة الأمريكي السابق، اتجاهالانحدارللفوائد المتدنيةواستمرار الأزمة الاقتصادية التي تعم العالم الغربي منذ عام 2008،بانها تعبيرا عن "الكسادالعلماني".وبلورهذا المصطلح ألفين هانسن (Alvin Hansen)أحد معاصري كينز – وعلى الأرجح تحت تأثير ماركس فيثلاثينيات القرن الماضي (1930).تقولنظرية"الكساد العلماني"بأن الإنسانية قد استثمرت بالفعل أكثر من اللازم، بحيث أن نسبةعوائد المشاريع الاستثمارية اللاحقةلن تكون مرتفعة بما يكفي تغطيةفائدةصفرية مضمونة.ان فائدة صفر لا يمكن تجاوزهاالى الأدنى بسهولة في الاقتصاد النقدي، لما يترتب على ذلك منإضراب عن الاستثمار وما يولده من ضمورإن لم يكن أزمة مستمرة.
ويتماثل كل هذا معنظرية ميل معدل الربح،إلا أن الكتابالمعاصرينلا يدعون نتيجة لذلك الى تغيير النظام، بل الىتحفيز الطلب في سياسة الموازنة العامة للدولة.فإذا كان الطلب الخاص على السلع الرأسمالية غير كاف، وجب على الدولة تحفيزالطلب الكلي بوسائل الإنفاق الحكومي الممول بدوره عبر الديون، بما يعوض تراجعالطلب في السوق على الاستثمار.يحاجج فون فايتسكر، بأن تأمينمعاشات التقاعد المؤسس على نظام الضريبةهو في الجوهر دين مستتر على الدولةمثلميزانيات الظل الأخرى يوفرامكانيةالالتفاف على "سقف الديون" الأوروبي، بما يفيد حركةالطلب في السوق.وسوفيتراجعوباستمرار مستوىاستهلاك الأجيال القادمة عن مستوى استهلاك الأجيال الحالية، الأمر الذي يضمنتعويض ما يترتب عنالعجز في الطلب الحالي.ويدعو سامرسالى التغلب أو إلغاء "سقف الديون" القانونية.
يأخذ اقتصاديون آخرون، مثل كينيث روجوف (Kenneth Rogoff) مخاطر الكساد العلماني بجدية أكبرفيطالب بضرورةالتخلص من الكتلة النقدية بهدف تعظيم"الفائدة السلبية"لتصبح الاستثمارات الجديدة مربحة مرة أخرى. فلا يمكن في الاقتصاد النقدي وبمعزل عن خفضالكتلة النقدية الوصول بالفائدة الى مستوى سلبي يوازي كلفة التخزين الذاتي للنقود، اذ لا ينتظر من أحد ان يقرض أمواله ويدفع فائدة عليها للمقترض أذا تمكن من تخزينها بنفسه وبكلفة أقل.
تلقت إدارةالبنك المركزي الأوروبينظرية الكساد العلماني بترحابكبيرلرغبتها في إنعاش الاقتصاد الأوروبي من جهة، خدمةلسياسةتهدف لإنقاذالبنوك والشركات المثقلةبالديون في جنوب أوروبا من جهة ثانية.الأمر الذي يتعارض مع الوظيفة المنتدبة لها.
حدد مجلس ادارة البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة لخدمة الودائع التي تديرها البنوك مع البنوك المركزية الوطنية، ودفع بهذه الفائدة منذ بعض الوقت الى المستوى السلبي، وترتب على ذلك استقرار الفائدة السلبية في سوق التبادل بين البنوك.وكان يفضل على الأرجح الاستمراربتكثيف هذه السياسة. الا أن المشكلة تكمنفيكتلة السيولة النقدية التي لا يسمح وجودها بمستوى للفائدة السلبية يتجاوز تكاليف تخزينها. فالمدخرون يفضلون إبقاء أموالهم معهم بدل إعارتها، حين يتجاوز سعر الفائدة السلبي تكاليف التخزين.وتمثل بذلك تكاليف التخزين الحدود القصوى للفائدة السلبية في الاقتصاد النقدي والتي لا يمكنلأيبنك مركزي تجاوزها.
ويبدو لنا اليومبالفعل، أن سعر الفائدة السلبي قد بلغ منتهاه. ان كبار المستثمرين مثل البنوك وشركات التأمين والذين يملكون خيارات الاحتفاظبالنقودبتكلفة منخفضة قياسا بالسعر الراهن لليورو، يخزنون الموجودات النقدية الضخمة المتوفرة لديهم للهروب من أسعار الفائدة السلبية.تشير بعض البنوك وبحذر الى انهاتحتفظ بأوراق نقدية من فئة ال500 يورو تتجاوز قيمتها ما يزيد على عشرة مليارات يورو في مخازن ضخمة.وأعرب الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته ل ميونيخ ري (Munich Re) وهي أكبر شركة إعادة تأمين في العالم نيكولاوس فون بومهارد (Nikolaus von Bomhard) وبكل صراحة في خطابه الوداعي عام 2016 بأن شركته تحتفظ ذاتيابموجودات نقدية كبيرة لتجنب أسعار الفائدة السلبية. وهكذا ارتفعطلب البنوك و لدرجة كبيرة جدا علىاماكن لتخزين رأس المالالنقدي،بما في ذلك أنفاق المناجم السويسرية.
تشكلهذه المناورة"شوكة في عين"مجلس ادارة البنك المركزي الأوروبي،فلجأ الى تعقيدها حين قرر في عام 2016 سحب العملة الورقية منفئة500 يورو تدريجيا من التداول في السوق، الأمر الذي دفع بمالكي المخزونات المالية، الى اعتمادالأوراق النقدية منفئة200 يورو، وارتفعت بذلك التكلفة الى حوالي الضعفين ونصف، ممايكسب البنك المركزيوقتاً أكثر لإدامة اسعار الفائدة السلبية.وأنلم يكتف بذلكيمكنه اللجوء عندئذ الى إلغاء الورقة النقدية منفئة 200 يورو، ويجبرهم على تخزين الورقة النقدية منفئة100 يورو، وتتضاعف بدورها مجدداتكلفة التخزين.نعم، يمكن ايضا توقع الإلغاء التام للعملة النقدية بهدف القضاء على أية حواجز لاستمرار أسعار الفائدة السلبية.
فقدان (القيمة)والتدمير الخلاق
تحظى النظرية الماركسية حول ميلمعدل الربح بمزيد من الاهتمام العام نتيجة لسياسة الفائدة السلبية التي يتبعهاالبنك المركزي الأوروبي. لقد انخفض معدل ربح الرأس المالبشكل كبيرجدا كما يتجلى حالياولدرجة أنالشركات باتت لا ترغبفيالاستثمار الا اذا امكن استدراجها لذلك، بإغداقالمالعليهاجزافا، ولربما ايضامكافأتهابالأجر لقبولها تلقي الرساميل و ممارسة الاستثمار!!ومع ذلك،فمن نافل القول والمغالاةالاستعانة بماركس من أجل تشريح سياسة البنك المركزي الأوروبي، أولا لأنه لم يتحدثفي السياسة النقدية وثانيا، لأنه يتحدث فقط عن "ميل معدل الربح". وهو أنقام بذلكفلأنه تلمس دور قوى المعارضة العضوية التيتقاوم هذا الميلفتقوم بتوقيفه مؤقتا، الى حينرفعه نهائيا.هنا تأخذ نظريته حولفقدان قيمة رأس المال أهمية خاصة.
يعبر ماركس من خلال "فقدان قيمة رأس المال" عن الفقدان النسبي المتواصل بفعلتطور "قيمةالعمل"، الذي يفرضه التقدم التكنولوجي، والذي يمكناختصاره ب "زيادة الأجورنتيجةلنمو الإنتاجية".
ويكررماركس دائما حديثهعنفقدانقيمة رأس المال بنتيجة الأزمات. كما أن فقدان قيمة رأس المال يدفعتلقائيانسبة الربحالىالأعلى، لأنها تخفض من مستوىالمعدل الناتج عن العلاقة ما بين قيمة رأس المال والارباح.وينتج ذلك ايضا بتأثيرالتقدم التكنولوجي الذي يتجلى على شكل شركاتحديثة، ويمهد لها الطريق بمنحهاالفرصة لبدء مشاريع جديدة على أنقاض القديم القائم،فتحظى عبر ذلكوبأسعار منخفضة جداً على الآلات والمباني القائمة. وهكذايسهم تدمير رأس المال القديمبإنتاج وتعزيز ريعية رأس المال من جديد.
لقد تم تعميق هذا الرأي في وقت لاحق من قبل الاقتصادي جوزيف شومبيتر (JosephSchumpeter)، الذي نشر في عام 1912 كتابه "نظرية التنمية الاقتصادية" واتبعه بعد ذلك بكثير، في الولايات المتحدة الأمريكية وخلال الحرب العالمية الثانية، بنشرهكتاب "الرأسمالية، والاشتراكية والديمقراطية".صاغ شومبيتر في هذا الكتابمفهوم "التدمير الخلاق" لشرحالبداية الجديدة على أنقاض الصناعات القديمة.
وتعبر هذه العلاقاتعن وشائجمهمة للغاية وجدت طريقهاللمزيد من التطويرفي النظرية الحديثة للفقاعات الاقتصادية.وتنشاهكذافقاعة في الغالبنتيجةلتوفر الاقتراض بسهولة مفرطة،وهو ما قديسمح بممارسة الاستثمارات بإسهاب.ويصح هذا، في المقام الأول في مجالالاستثمارات العقارية لقدرتها المعروفة على استيعاب الكثير من رؤوس الأموال.فمن المعلوم أن العقارات تشكل خمسة أسداس من قيمة موجودات رأس المال الاقتصاديفي اقتصاد متقدمكالاقتصاد الألماني في حين تنحصر قيمة التجهيزاتالرأسمالية بمعنى الآلات والمنشآت بسدس رأس المال فقط.ويترتب علىالاستثمارات العقارية ارتفاعافي أسعار العقارات القديمة ايضا، الأمر الذي يعزز من نشاط الاقتصاد العقاري عمومافيزيد من فرص العمل والأجور.وينعكس هذا ايضاعلى بقية قطاعات الاقتصادالأخرىكما يتجلى في ارتفاع حركة الاسهم وهبوطنسبةالعائدات.
ويؤديالنمو في مستوى وحجمالأجور الى طلب اضافي على الخدمات والسلع المحلية، مما ينعكس في بقية قطاعات الاقتصاد الأمر الذي يرفع من مستوى وحجم الأجور فيها ايضا. ويشجع هذا النمو للدخل عموما الناس على استثمار المزيد من المال في القطاع العقاري، نظرا إلى الزيادات التي تلاحظ في أسعار العقارات، مما يعزز من اعتقادهم في صحة خياراتهم.ولكن عندما يبدأ الشك في مرحلة ما يساور المستثمرين الأوائل فيتوقفون عن الاستثماروتتعزز الشكوك عند الآخرين و تنشأ سلسلة من ردود الفعل السلبية فتؤديالى تدهور سريع في أسعار العقارات وأسعار الأسهم، تليها بطالة جماعية.هذه هي الأزمة كما وصفها كل من ماركس وشومبيتر بجدارة.
وتكون الأزمة مؤلمة، الا انهاتحمل في طياتها أيضا بذرة النهوض الجديد،بفضل عودة الاستقرار في اسعار العقارات والسلع الرأسمالية والأسهم.وتشجع الأسعار المنخفضة من جهةوارتفاع نسب الأرباحومستوى العائدات مرة أخرى علىالعودة الى الاستثمارمجددا، مما يسرعفي وتيرة النمو الاقتصادي من جديد. ويحمل هذا النمو في طياته مجددا مخاطرالمغالاة وتشكيل الفقاعات وخاصة في غياب الدولة أو احجامها عن ضبط اتجاهات التطور وسقوفه.ان هذهالدوراتبما فيها منصعود وهبوط، تشمل عقد أو عقدين من الزمن أي ما يتجاوزدورات الانتاج الاقتصادية العادية، وتحمل معها دائما موجات جديدة من الابتكار، التي تعزز من جديدالتنمية الاقتصادية وتوسع الرفاه الاجتماعي.
بعض الشكوك في دورالبنوك المركزية
تعيق راهنا البنوك المركزية في العالم دور"التدمير الخلاق" الذي يضم في طياته بذرة لطفرة جديدة. فهي تحافظ علىأسعار للفائدة منخفضة جدا وتستمر في الحفاظ على المستوى المرتفع لأسعارالأصولمن خلال شراء الأوراق المالية مما يحول دون انفجار الفقاعات، أوفي حال انفجارها الحؤول دون عودة هذهالأصول الى قيمتها الفعلية السابقة.لا تزال البنوك المتعثرة ((Zombi – Bankenوزبائنها(Zombi – Clients) في مواقعها من الاقتصاد الحقيقي رغم أنها في الواقع مؤسسات غير قادرة على المنافسة وانمايحافظ عليها بالرغم من ذلك كأموات أحياء عديمي التأثير في مواقعهم التي يحتلونها دون نشاط يذكر.وهميحولون بالتاليدونتقدم رجال الأعمال الشباب وما يقدمونهمنمنتجات جديدة.هكذا يشاع الوهم عن تفادي أزمة حادة في الوقت الذي يدفع بمجمل الاقتصاد الى أزمة دائمة.
وهكذايفرض بدلالمجرد احتمال ميل معدل الربحتراجعا يدار بفعل سياسة نقدية تؤدي تدريجيا الىالضمور ويبدو هذا الضمور بشكلكساد علمانييترافق مع هبوط متواصل لمعدلات الربح، والذي يأتي نتيجة لاستنفاد الفرص الاستثمارية، ولكنها في الحقيقة سياسة عامة للبنك المركزيموجهة لخدمة مصالح محددةوتحول دون عودةأسعار الأصول الى مستوياتها السابقة المتوازنة.
تهدد السياسة النقدية الفضفاضةباستنزافالرأسمالية، وتؤدي عمليات الإنقاذاللامحدودة،مباشرة الى اقتصاد الدولة الدكتاتوري، فهي تقود الى تجاوزالبنوك المركزية لحدود وظائفهاالمحددة لها.فقد وفر البنك المركزي الأوروبي للبلدانالمأزومةوفي ذروة الأزمة السابقة (في صيف عام 2012) نصيب الأسد من قروض الإنقاذ العامة (83 في المئة) بلغ مجموعها 1342 مليار يورو، وذلك بدون قرارات برلمانية.كم أكد البنك المركزي الأوروبي مواصلته لشراء الأوراق والاصدارات الماليةمن كافة بلدان مجموعة اليورو وذلكحتى نهاية 2017وبقيمة 2300 مليار يورو منها حوالى 80 في المئة أوراقحكومية وهو ما يتناقض مع المادة 123 من معاهدة آليةعمل الاتحاد الأوروبي.وعملا بقول "مهما كلف الأمر"لماريو دراغي (Mario Draghi) رئيس مجلس أدارة البنك المركزي الأوروبي،أصدرهذا أوامرهلشراء سندات حكومية من البلدان التي تمر بأزمات ومن دون تحديد سقف لذلك. وقد تبلغ تكلفتها عشرات المليارات من اليورو. وهكذايعمل البنك المركزي الأوروبيومنخلال هكذاتدابيرعلى توجيه الاستثمار الاقليمي لصالح المواقعفي جنوب أوروبا، والتي تذكر بالإدارة القاتلة لجمهورية المانيا الديمقراطية(سابقا)لصندوق الإنتاج الاجتماعي باسم "النظام الاقتصادي الجديد للتخطيط وادارة الاقتصاد القومي".
يبعث كل هذاأعلى درجات القلق، إذيمكن في النهاية ان يصحقول ماركس بهذه الطريقة أو تلك:"بأن الرأسماليةتدمر نفسها بنفسها عبر استمرارانخفاضمعدلالربح وتمهدبذلك الطريق الى الاشتراكية"، وان أختلف مسار هذا الطريق قليلا عما كان ماركس يعتقد به.
Hans – Werner Sinn, Was uns Marx heute noch zu sagen hat,*
APuZ. Zeitschrift der Bundeszentrale für politische Bildung, 76. Jahrgang, 26 / 2017, 26. Juni 2017
نُشر المقال في مجلة المركز الاتحادي للتثقيف السياسي ملف خاص بعنوان "رأس المال" والتي تصدر مع الصحيفة الاسبوعية "البرلمان"
نُشرتْ ترجمة هذا المقال في كتاب " اليسار السوداني والثورة الروسية، آثار الانتصار ودروس الانهيار ".
تحرير د. صديق الزيلعي، مركز آفاق جديدة للدراسات ( بريطانيا ) 2017
**هانز فيرنر سن، اقتصادي الماني وأستاذ جامعي و أستاذ فخري في جامعة لودفيجماكسيميليان في ميونيخ، وكان 1999-2016 رئيس معهد (ايفو) للبحوث الاقتصادية. منذ 2017 أستاذ زائر في جامعة لوسيرن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.