الرأى اليوم الأزمة الإقتصادية الراهنة، هى نتاج سوء إدارة الإقتصاد القومى، على مدى يقارب الثلاثة عقود، تم فيها إهدار للموارد الناضبة مثل البترول ومن بعده الذهب، بالفساد والصرف السياسي غير المرشد، وبعد أن وقع الفأس فى الرأس، ما زالت الحكومة مُصرة على المعالجات الخاطئة، مثل الإتجاة لرفع سعر العملة بالإجراءات، من شاكلة حبس السيولة، وتقليل الإستيراد، هذه السياسة فى الواقع تعمق الأزمة ولن تحلها رفع قيمة العملة إدارياً، سيضعف الصادر، ويوقف الإستثمار الأجنبى، ويشجع هروب رأس المال المحلى عن طريق التهريب، ويزيد من الإحتياج للسوق الموازى، وتفقد ثقة المواطن فى النظام المصرفى، وكل هذه أدوات تضيف أعباء على زيادة الإنتاج، وهو المدخل الأساسى للحلول الجذرية. لقد إطلعت على الأزمة الإقتصادية الطاحنة الى تجتاح دولة فنزويلا حالياً، الأسباب تشابه أزمتنا، الفساد وإهدار الموارد، لقد إختارت الحكومة الفنزويلية، خيارات تشابة خيارة حكومة الإنقاذ، معالجة الأزمة بدفن رأسها فى الرمال، فقد عملت على رفع سعر العملة المحلية بالإجراءات، وقللت الإستيراد، الذى حدث، هربت رؤوس الأموال المحلية للخارج خوفاً من التضخم، ونتج عن ذلك إقتصاد ندرة، قاد إلى إنفلات الأمن فى البلاد، مع العلم أن فنزويلا من أغنى الدول البترولية فى العالم، إختياطى النفط فيها يفوق الملكة العربية السعودية، إتبعت خطوات لمواجهة إخفاقاتها الإقتصادية عبر السنين، قادت المعالجات إلى الندرة الحادة والتضخم الجامح، وهذا هو نفس الطريق الذى تسير فيه حكومة الإنقاذ الآن، معالجة الأزمة بالإجراءات الإدارية،وتغيير الموظفين، أحذية جديدة على ذات الأرجل القديمة New shoes on same old feet . يواجه النظام الأزمة الإقتصادية الحادة، وهو يعانى من ضعف وصراع، واضح فى الحزب الحاكم، الذى أصبح خالى من النشاط السياسي، فقد تحول بحكم طبيعة النظام، إلى مجموعة من الموظفين العطالى، يقضون وقتهم فى القطيعة Gossip ,والصراعات البينية، ونزاعات تقاسم الفتات، الذى يصلهم من مركز السلطة ، سواء من القصر، أو مؤسسات الفساد الإقتصادى،التى تعتبر أحد تحديات النظام فى مواجهة الأزمة الإقتصادية، كما خطط النظام لتجريف الحياة السياسية عامة، قام بتجريف مؤسسات الحزب الحاكم نفسها، فخرج منها الأذكياء وتسيدها الأغبياء، وعاطلى المواهب، من يجيدون حرق البخور وقرع الطبول، بالتالى أصبح الحزب الحاكم عبأ على الأزمة الإقتصادية وأحد عوامل إستفحالها وتعمقها . نتيجة للأزمة الإقتصادية الطاحنة، تصدت قوى المعارضة، لكل الإجراءات الحكومية بالرفض، وتعبئة الرأى العام ضدها، وأعلنت مقاومتها، بالتظاهر والمواكب، كان قرار النظام مواجهة تحرك قوى المعارضة بالقمع الأمنى، من خلال الإعتقالات، والعنف فى مواجهة المتظاهرين السلميين، مما حدا بسفارات الإتحاد الأوربى والولايات المتحدةالأمريكية إصدار بيانات تطالب فيها النظام بإطلاق سراح المعتقلين وعدم التصدى بالعنف للمتظاهرين السلميين، وهنا تقاطعت سياسات النظام، مع محاولاته المستميتة، تسويق نفسه للدول الغربية، أنه قابل للتحول لنظام ديمقراطى، وسينفتح على النظم الدولية فيما يتعلق بالحكم الرشيد، أفسدت عليه مظاهرات الأيام الفائتة الطبخة،التى كان يريد تسويقها فى الغرب، لفتح ممرات آمنة لتحسين علاقاته الدولية، والخروج من شبكة الحصار السياسي الغربى، التى تحرمه من صناديق التمويل الدولية، البنك الدولى والصناديق الأوربية، كما أن هذه الإنتهاكات المستمرة ستدعم خط المطالبين بتصعيد المراقبة الدولية على النظام، فى مجلس حقوق الأنسان التابع للأم المتحدة . ????مواجهة الأزمة الإقتصادية الراهنة، تحتاج لسياسة خارجية مستقرة، تدعم التنمية، لكن الواقع أن النظام القائم، فاقد للثقة فى المسرح الدولى، هو مع الأمريكان لرفع العقوبات، وضدهم مع الروس بحثاً عن الحماية من الهيمنة الأمريكية، وهو مع الخليج فى اليمن، ومع قطر وتركيا فى نفس الوقت، وهو مع أثوبيا، ضد مصر وأريتريا، ومع مصر للتهدئة، ومع التنظيم الدولى للأخوان المسلمين الذى يستهدف إستقرار مصر، وهو مع تشاد من أجل إستقرار دارفور، وضدها فى ليبيا مسانداً للجماعة الإسلامية، سياسة خارجية (بظرميط) سمك لبن تمر هندى، وهى لاتخدم السودان للخروج من الأزمة الراهنة. ختامة سياسة السير على الحواف الحادة، هى أسوأ سياسة يختارها نظام، يحتاج للأسرة الدولية والمجتمع الإقليمى، وهى سياسة تفرش الطريق للهزيمة والخسارة المؤكدة، كما يقول الإنجليز، الحصان الدامى الحواف لا تراهن عليه، Blade runners were losers ،الأزمة الإقتصادية الراهنة فى الواقع هى كرة ثلج متدحرجة، حجمها كل يوم فى أزدياد، وضغوط الحياة اليومية على المواطن تحاصرة وترهقه فى لقمة العيش وجرعة الدواء، فقد تحولت حياة المواطنين لجحيم لايحتمل، فى ظل فشل كامل للنظام فى مواجهة تحديات الأزمة، مع إنسداد الأفق الحالى، والعجز الكامل للدولة، أمام النظام واحد من خيارين، التنازل السلمى عن الحكم، لحكومة قومية إنتقالية لإنقاذ البلاد، و إما أن يكون الحل فى الحبل حتمى، الشعب سيحسم أمره بطلاً أو مجبراً بقوة دفع الأزمة، ليتصدر المشهد، ليقرر مصيره ومستقبله، هذا النظام لم يتبقى له هذه اللحظة سوى، الحلول الأمنية، فهو يعيش على الأجهزة الأمنية Live support ، سيصل حتماً للمرحلة التى يعجز فيها عن تحريك هذه الأجهزة، وستتخلى عنه، وتبحث عن بديل، فهم بشر يعيشون بين الناس ويتحدثون إليهم ويسمعون منهم، حتماً سيبلغون رشدهم لحظة ما، على النظام أن يتخارج، خيرا له بيده لا بيد عمر، لابد من صنعاء و إن طال السفر، الثورة طريق الخلاص . [email protected]