مها سليمان قبل أن أبدأ مقالي هذا لابد لي ان اترحم على روح المناضلة الكبيرة الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم والتي قدمت للحركة النسائية السودانية هي وزميلاتها اكبر خدمة حتى الان. وان ماقدمنه فاطمه وزميلاتها يحتاج الى زمان طويل ليفهم الناس مضمونه ومحتواه ، ويكفي انهن وفي بلد متخلف كالسودان تقدمن الصفوف للدفاع عن حقوق النساء ولم يكن الطريق سالكاً بالنسبة لهن ، لكن بالعزيمة والاصرار حققن الكثير وكلماتي لن تكفيها مهما كتبت وهى التي قاست وماتت بعيداً عن بلدها فألف رحمه ونور على قبرها ولذكراها الطيبه. تعاني المرأة في السودان من الاضطهاد المزدوج والمؤسف ان هذا الاضطهاد وبدلاً من أن ينتهي لكنه ازداد في ظل حكم الكيزان, ولازال مستمراً لانهم ينظرون الى المرأة نظرة دونيه ولايهتمون بها وهي في نظرهم مجرد وعاء لافراغ شهواتهم فيها وكفقاسة تنجب الاطفال لا أكثر ولا أقل. يلاحظ ان الهجمة على النساء بدأت ومنذ الايام الاولى للانقلاب في العام 1989 وبدأوا في ملاحقة الناس فارضين عليهن غطاء الرأس وبالتدريج الزامهن بارتداء الملابس الطويله رغم ان الثوب السوداني والذي ارتدته جداتنا وامهاتنا يعتبر زياً محتشماً جداً ويغطي كل جسد المرأة ، لكن العقول المتحجرة رفضت ذلك وكان لها رأي مخالف ، مع أني اعتقد ان فرض الزي الكيزاني وقف وراء ذلك تجارة الحركة الاسلامية لبيع هذه الملابس حتى تغتني مجموعه معينة كما فعلوا في البداية ووزعوا الالبان للبعض والخضار للبعض الاخر وتحكموا في كل المواد التموينية بعد ان جففوا الاسواق منها ، ومن هناك كانت البداية في التطبيق الفعلي لنظرية التمكين. وجاء مجذوب الخليفة والياً للخرطوم فقام بمنع النساء من العمل في طلمبات البنزين والفنادق والاماكن السياحية وامتد الامر وشمل حتى بائعات الكسرة والشاي ، وهن شريحة كبيرة من النساء العفيفات الشريفات وكلهن يقف خلف اسرة كبيرة وممتدة يقمن بواجب أسرهن بشكل كامل غير منقوص منهن من تستأجر بيتاً وتعيله وتدفع الرسوم الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة بعد أن دمرت السياسات الكيزانية التعليم وجعلته للقادرين فقط ، وهنا لم تجد الاف النساء من خيار سوى هذه الاعمال الهامشية وتوكلن على الله وشرعن في العمل ، لكن هل رحمهن المرحوم مجذوب الخليفة والذي سلط عليهن شرطة النظام العام فطاردتهن ولاحقتهن وصادروا ممتلكاتهن والاغرب انهم يصادرونها من ناحية ويعودوا لبيعها لهن مرة أخرى ولازال هذا المسلسل السخيف مستمراً وسياسات القلع لازالت تدور، ومع ذلك يتم تقديم النسوة الى المحاكم التي تجلدهن وتغرمهن لانهن قمن ببيع الشاي او الكسرة. فبأي قانون سماوي أو أرضي يحدث ذلك والسؤال موجه الى كل العصابة، ايهما افضل للنساء ان يتوجهن الى العمل الشريف ام يتوجهن لطرق ابواب الرذيله وهي الاكثر مالاً والاسهل أداءً؟ كيف يتجرأ هؤلاء الناس ليغرموا هؤلاء النسوة؟ والاكثر ألماً انهن يتعرضن للملاحقة والضرب وأثناء ذلك يقعن على الارض ويتعرضن للجروح والاذى الجسدي وجلد الشرطة في اجسامهن المنهكة. هل الحال المقلوب لازال مستمراً ورغم ذلك برزت اسماء لنساء عظيمات مثل عوضية سمك وغيرها وغيرها بعد ان استطعن فتح محلات وتشغيل اعداد كبيرة من الناس وتوفير وجبات السمك بشكل متطور ومنظم. تتعرض المرأة السودانية كذلك للخضوع الاجباري لقانون الاحوال الشخصية والذي يحط من كرامة المرأة السودانية ويحولها الى مجرد كائن تابع وذليل حيث تطبق عليها شروط في غاية القسوة والاجحاف وماعليها سوى السمع والطاعة لان قانون الاحوال الشخصية للعام 1991 والمادة 126 والخاصة بالحريات تتيح لرجال القوات النظامية والامن وغيرهم وعلى رأسهم القضاة تطبيق القانون بشكل تعسفي وهو قانون لابد من الوقفة الجادة لمقاومته وازالته الى الابد لانه يشكل وصمة عار في جبين النساء والرجال. أما قانون النظام العام فهو الاسوأ ويستفيد منه كل مشوه ليبرز عضلاته على الاخرين ، فكم امرأة قدمت للمحاكم بسب هذا القانون وتم جلدهن وسجنهن في احيان كثيرة ، وكلنا شاهدنا أشرطة الفيديو والتي يتم فيها ضرب النساء واذلالهن لانهن بسيطات وغير واعيات بحقوقهن وهناك المئات ممن يصمتن ولايتحدثن حول ماجرى لهن خوفاً من المجتمع . واكثر النماذج الصارخة هو العداء للبنطلون وحالات كثيرة قدمت للمحاكم ومن قاومن هذه الاحكام اضطرت السلطة للافراج عنهن واسقاط التهم أما النساء البسيطات فلا بواكي عليهن وحادثتي الأستاذة ويني عمر دليل ساطع على إستغلال النفوذ والتسلط اذا قام احدهم بفتح بلاغ ضدها وفي الاخير انصفتها المحكمة وبرأتها من التهمة والتي قال الشاكي أن ملابسها غير محتشمة وزاد على ذلك ان مشيتها غير طبيعية لكنه لم يشرح لنا ماهي وكيف هي المشيه الطبيعية؟ . انني إذ احيي ذكرى يوم المرأة واقف اجلالاً لنساء شامخات في بلادي اطالب جميع الشابات والنساء ضرورة التصدي لمثل هذه القوانين المهينة للنساء ومقاومتها لتذهب الى مزبلة التاريخ مع من كتبوها او نفذوها واترحم مرة اخرى على روح الاستاذة الكبيرة فاطمة احمد ابراهيم وزميلاتها في ذكرى يوم المرأة العالمي والتحية لكل نساء العالم خاصة اللائي يقاومن الانظمة الدكتاتورية.