وصفت نائبة المجلس الوطني بدرية سليمان، مردود القوانين التي تكافح الفساد، بالضئيل وغير المحسوس، واقترحت دمج تلك القوانين في قانون واحد، وأكدت ازدهار المحسوبية والرشوة في أي بيئة آلياتها القانونية غامضة وسيادة القانون فيها معطلة. ورأت بدرية، خلال حديثها في ندوة مركز التنوير المعرفي حول (آليات مكافحة الفساد)، أنه لا بد أن تكون الأطر المؤسسية والقانونية فاعلة. وأشارت إلى وجود الكثير من التشريعات التي وضعت للحدِّ من الممارسات الخاطئة، (لكن المردود العملي والفعلي لها قليل جداً وغير محسوس). وعللت عدم فاعلية الإجراءات التي تحارب ظاهرة الفساد بقصر الرقابة على التطبيق، وأوضحت: (من الشاهد أنه مع وجود المراجع الخاص بالوحدة يأتي المراجع العام ويكتشف أن هناك خللاً إدارياً ومالياً)، وزاد: (لا بد من وجود إطار إجرائي فعّال حتى لا تكون هذه القوانين واللوائح مجرّد حبر على ورق وحتى لا تكون سلاحاً في يد السلطة تشهره على من تشاء). وحذّرت بدرية من أن الفساد يقلل ثقة الجمهور في مؤسساته ويؤدي إلى التفكيك الاجتماعي ويقلل من سلطة القانون. واعتبرت أن المحسوبية والرشوة موجودتان في القطاع العام والخاص، موضحة أنها ظواهر تزدهر في البيئة التي تكون فيها الآليات القانونية غامضة وسيادة القانون معطلة. وذهبت إلى أن منظمات المجتمع المدني والصحافة الحرة يمكن أن تكون آليات فاعلة لمحاربة الفساد بجانب وسائل وآليات المجلس الوطني . وتعد شهادة بدرية سليمان شهادة ( شاهد من أهلها) تؤكد ما ظلت تردده (حريات) بان حملة مكافحة الفساد الإنقاذية ، ولو صدقت نواياها ، مجهود عبثي لا طائل من ورائه، ففي مقابل أي مفسد يتم القبض عليه تفرخ بيئة الإنقاذ عشرات المفسدين ، لأن فساد الإنقاذ فساد شامل يرتبط بكامل البيئة الفكرية والسياسية والقانونية للنظام ، ببيئة التعامل مع الدولة ومواطنيها كغنيمة من غنائم الحزب الاسلاموي ، وبيئة مصادرة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، التي تحطم المؤسسات والنظم والآليات اللازمة لمكافحة الفساد ، كحرية وسائل الإعلام ، والقضاء المستقل ، وحيدة أجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . ولكن حملة الإنقاذ الحالية حملة علاقات عامة ، تضحي ببعض صغار المفسدين لاستدامة فساد الكبار ، ولإسكات الأصوات المتزايدة و الناقدة للفساد ، إضافة الى انها حملة تندرج ضمن (الصراع الداخلي ) لمراكز قوى الإنقاذ ، فالمركز المتنفذ الحالي يستخدم بعض قضايا الفساد ، لا لأجل محاربة الفساد ، وانما لتصفية بعض خصوماته مع المراكز الأخرى ، وأوضح مثل على ذلك ، قضية التقاوي الفاسدة ، التي استخدمت للتغطية على فساد وفشل وزير الدفاع ، وبدلا من محاسبة مفسدي التقاوي ووزير الدفاع معاً ، استخدمت التقاوي الفاسدة كبديل ( تغطية) و(تعويض ) و (مساومة) في قضايا وزير الدفاع . والدليل الأهم على أن حملة مكافحة الفساد الإنقاذية حملة غير نزيهة كونها اعلنت من مسجد بني على الفساد ، وعبر المشير البشير حامي أكبر وأهم مراكز الفساد المرتبط به وباخوانه واسرته .