نظم المعهد الدولي للديمقراطية والانتخابات في يوم الثلاثاء 24 مايو لقاء تشاوريا حول مستقبل تنمية قدرات الأحزاب السياسية السودانية وذلك بمقر المعهد بالعمارات بالخرطوم. شارك في اللقاء الذي حضرته (حريات) ممثلين للمجتمع المدني وللإعلام مع عدد من كادر الأحزاب السياسية الثلاثين المستفيدة من برامج أيديا لبناء قدرات الأحزاب، وبينما غاب المؤتمر الوطني حضر ممثلون عن الحركة الشعبية وحزب الأمة القومي والشعبي والاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي والمؤتمر الشعبي وهي الأحزاب الستة التي استفادت من البرنامج الأول، بالإضافة لممثلين من ال22 حزبا المستفيدة من البرنامج الثاني. وتحدث في البداية الدكتور عطا البطحاني مستشار أيديا في السودان والأستاذ الجامعي المعروف معرفا بأيديا وذاكرا إنها ليست منظمة غير حكومية بل هي منظمة دولية تتكون من حكومات مثلها مثل الاتحاد الأوربي أو الإيقاد، ولها عضوية مراقب في الأممالمتحدة، وقال إن السودان يمكن أن يكون عضوا فيها إذا استوفى الشروط، ذاكرا بأن غانا هي آخر دولة انضمت لأيديا من إفريقيا، وهناك بلدان مثل كينيا قدمت للعضوية ولم يتم قبولها بعد ذاكرا أن هناك شروط متعلقة بالديمقراطية في الحكم. وتطرق لذكر تاريخ تكون المعهد منذ منتصف التسعينات كآلية لإنتاج المعرفة حول الديمقراطية والانتخابات ثم تحولت لناقل للمعرفة عبر التدريب فهي تعمل الآن في 35 دولة، مؤكدا أنه لا توجد ديمقراطية بدون أحزاب، وهذا هو الذي جاء بأيديا للسودان عشية توقيع اتفاقية السلام 2005م، وتطرق للبرنامج الأول الذي بدأ بستة أحزاب، ثم المرحلة الثانية بشراكة مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ل22 حزبا. وقال إن أيديا ترى ضرورة أن يمتد العمل خارج العاصمة ووسط الحركات المسلحة في المستقبل، وقال إن النظام الحزبي في السودان لم يأخذ شكله النهائي بعد فهو في حالة سيولة وتشكل، ذاكرا إنجازات أيديا في السودان وكيف تزامن تدريبها للأحزاب مع وضع قانون الأحزاب ومساعدتها إبان مشاركتها في نقاشاته، وكذلك ورش وضع السياسات بينما الأحزاب تزمع خوض الانتخابات وتكتب برامجها، إضافة لترجمة مادة تدريبية ضخمة لأول مرة تترجم للغة العربية، ذاكرا أن المادة التي ترجموها سوف يستفاد منها الآن في الورش الجارية في مصر وفي تونس. وقال إن الانطباع أن العالم الآن ليس مهتما بالشمال وأن كل مجهوداته سوف تنتقل لبناء الدولة الجديدة في الجنوب، وقال إن هذا الانطباع صحيح وغير صحيح في نفس اللحظة. ففي أيديا قلنا إننا بدأنا مشوارا لم يكتمل ولدينا دور مهم في الشمال ونجري اتصالات مع المانحين لتمديد برنامج رفع قدرات الأحزاب في السودان للاستعداد للانتخابات القادمة ولتحويل الحركات المسلحة مدنيا وللانتقال للريف، وقال إن هذا اللقاء التشاوري هو حلقة في تجويد الخطة المقترحة لمتابعة التدريب داخل الأحزاب، ولكن ليس سرمديا فنحن نتمنى اليوم الذي تكون فيه داخل كل حزب وحدة تدريب تقوم بعملها بكفاءة وأن نصل اليوم الذي تكون فيه الأحزاب بغير احتياج لأيديا. وتحدث الدكتور عمر عبد الله العجيمي حول تقييم أداء أيديا في الفترة الماضية منذ 2006م ذاكرا في البداية التوقعات التي وضعت لمشاريع أيديا ببناء قدرات الأحزاب من تعريف الأحزاب بدورها ورفع مقدراتها ومعارفها أثناء الحملات الانتخابية ووضع السياسات ونشوء علاقات أفضل وتحالفات بينها، وأكد أن أيديا أحرزت قدرا وافرا من النتائج المتوقعة للمشروع في تفهم الكادر الحزبي لطبيعة الحزب بشكل أفضل كعامل في الإصلاح الديمقراطي وزيادة معرفتها الانتخابية وعمل الحملات وفي نشوء علاقات أفضل خاصة تجربتي النادي السياسي الذي كونته الأحزاب الستة في البرنامج الأول واللجنة التنسيقية للأحزاب السياسية التي تكونت في البرنامج الثاني وضمت في النهاية كل الأحزاب التي استفادت من عمل أيديا. وكانت الملاحظة هي أن النادي السياسي كفكرة لم يعش طويلا. كذلك أدى عمل أيديا إلى تمكين النساء داخل الأحزاب السياسية وترقية أدوارهن والنظرة إليهن، كما أن فكرة ضرورة الديمقراطية الداخلية سرت أصداءها داخل كل الأحزاب السياسية. ووصف نهج إدارة المشروع بأنه كان مرنا وانفتاحيا، وقال إن من النتائج غير المتوقعة التكوينات الحزبية المذكورة (النادي السياسي واللجنة التنسيقية) وكذلك ذكر أن عمل أيديا شجع الانقسامات إذ أن (بعض الأحزاب شهدت انقسامات كانت بوضوح ناتجة عن الهزات العميقة التي حدثت داخل هذه الأحزاب والتي سببتها مطالب الكادر الذي تدرب في المشروع بمزيد من الحريات والهياكل الديمقراطية) كما كان من النتائج تلطيف الأصولية السياسية بين الأحزاب، وصعود نجم أيديا . ثم ذكر عجيمي في النهاية التحديات التي واجهت أيديا ومنها التباين بين ما يطمح له المشروع وبين تثبيت ما تم إنجازه، ومن التحديات جذب قادة الأحزاب السياسية لحضور التدريب، والانقسامات التي ضربت عددا من الأحزاب مما أهدر الكادر الذي درب لها. ومن ناحيتها قدمت الأستاذة نبوية حربي من مكتب أيديا ملامح المشروع القادم الذي تزمع أيديا بالتقدم به لمواصلة التدريب في السودان. وأدار الدكتور أحمد أبو سن في النهاية جلسة النقاش وطلب من الحضور بحث المطلوب لرفع قدرات الأحزاب السياسية في السودان سواء بقيت أيديا أم لم تبق. وكان من أهم الأفكار التي اجمع عليها المشاركون ضرورة إقامة أكاديمية قومية متخصصة لتدريب الأحزاب، وقد طرح أبو سن أسئلة هامة حول هذه الأكاديمية ومن يملكها وكيف تمول؟ ومن التوصيات كذلك ضرورة إقامة منبر للنوع يهتم بترقية أداء النساء داخل الأحزاب، وضرورة اهتمام الأحزاب بالبيئة. كذلك ضرورة أن يتم تطوير المادة التدريبية الخاصة بالأحزاب السودانية بناء على مسح ميداني ومعلومات ونهج علمي. انتهت الحلقة التشاورية، وظل السؤال معلقا.. ترى بعد أن صارت أيديا قبلة الأحزاب السياسية للتدريب في السودان، فهل تواصل سيرها في المساعدة والتطوير أم تتبع الهوى العالمي وترحل، مثل كل الآمال والروائع السودانية جنوبا؟ ويبقى لنا في الشمال الهجير والمؤتمر اللاوطني ؟