علمتنا التجربة طويلة الأمد مع الكتابة للناس أنه لا يمكن إرضاء الجميع مهما حاولت وتفننت لأن اهتمامات الناس تختلف وطبائعهم تختلف واتجاهاتهم تختلف حتى تجاه القضايا الاجتماعية التي قررنا تخصيص كلام السبت عنها. وجدت نفسي محاصراً بين الذين اتهموني بأنني انحزت للمرأة وأنني بدأت منذ أسبوعين أدافع عنها وأبرر لها وبين اللاتي صببن جام غضبهن عليَّ لأنني حملتهن مسؤولية ضعف العلاقة بين الرجل والمرأة وحدهن دون الرجال. مهما يكن من أمر فقد فتحت طاقة ليس من حقي قفلها بعد ذلك وهي طاقة مهمة لأنها تطل على المشاكل الأسرية من مختلف الزوايا، ولن أخشى لومة لائم من الجانبين ولكنني سأفتح الباب كاملاً لمن يريد أن يعبر أو تعبر عبر كلام السبت لإثراء النقاش حول هذه المسائل الحيوية المسكوت عنها، رغم أنها بصراحة سبب المشاكل والتعقيدات التي تهدد استقرار الحياة الأسرية. *نتوقف اليوم عند رسالة إحداهن وهي تحاول الحديث بوضوح عن أسباب فتور العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا بخلاف الانشغال بالأولاد وإهمال الزوج تقول صاحبة الرسالة إن تربيتهن والتجارب العملية التي تمر بهن تجعلهن كثيرات الشك في الرجال عامة. ومضت صاحبتنا قائلة: إننا نعيش وسط مجتمع نٌحرم فيه منذ الصغر من التعبير عن مشاعرنا، ويعتبر أن مجرد التعبير عن هذه المشاعر عيب حتى انطبق حالنا على القول المأثور “يتمنعن وهن الراغبات” حتى وإن عبرت إحدانا عن مشاعرها فإنها تٌفهم خطأً” وربما يتسبب ذلك في فقدانها مشروعها العاطفي. اختتمت صاحبتنا رسالتها غاضبة وهي تقول كيف تريدون من المرأة التي عاشت طفولتها وشبابها وهي محاصرة بسلسلة من المحاذير والمخاوف أن تمارس حياتها الزوجية بصورة طبيعية معافاة من مخلفات هذه الرواسب والمخاوف؟ صحيح هناك تحسن نسبي في الأجواء الأسرية وسط الأجيال المعاصرة ولكنه تحسن اصطناعي ناجم من ثورة الاتصالات ووسائط الاتصال الحديثة التي قربت المسافات النفسية، ولكنها تفتقد الحميمية المطلوبة للصحة النفسية والأسرية، فقط علينا أن نسعى لحماية الحميمية وتعزيزها في العلاقات الأسرية، خاصة وسط سأولئك الذين في بداية حياتهم الأسرية للحفاظ على درجة مناسبة من الحميمية الأهم لحماية البناء الأسري وتحصينه من التصدع.