صباح الأحد المقبل ( التاسع من يوليو 2011 ) ، يعلن جنوب السودان دولته المستقلة .و يودّع شمال السودان . وحتّى وقت قريب ، كان أهل السودان ( مودّعين ) ” بكسر الشدّة على الدال “ أو ( مودّعين ) بفتح الشدّة على الدال ” يذرفون الدموع لحظة مغادرة ( الوطن) ” الصغير أو الكبير “. كانت لحظات الوداع – و ما زالت و ستبقى – صعبة على الجميع ، سواء كانت المغادرة إجبارية أو إختيارية . كان مشهد (الوداع ) مؤثّراً تختلط فيه مشاعر الحزن و الفرح و تجرى فيه على الخدود أنهر من ( الدموع ).ترى هل سيتكرر المشهد صباح الأحد القادم ؟. مهما حدث و سيحدث سيبقى وجدان أهل السودان ( جنوبه و شماله ) موحّداً و متّحداً و متآخى و سليم . و ستبقى فى الوجدان السودانى ” عشرة الأيّام ” و ذكريات الجيرة الحسنة و ( الملح و الملاح ) رغم مآسى الحرب و الإقتتال و إنتهاكات حقوق الإنسان . فالمشاعر الإنسانية أقوى من السياسة و الإقتصاد . ظلّ أهل المغنى و الطرب الأصيل يوثّقون للحظة المغادرة منذ عهد ( من بف نفسك يا القطار) يطلبون من القطار أن بعيد المحبوب ( زى ما شلتو جيبو يا القطار ) . و تجلّت عبقرية موسيقار السودان الخالد إبراهيم الكاشف فى ( الحبيب وين قالو لى سافر ) . و كانت العودة مدعاة للفرح ( عاد الحبيب المنتظر ) . و حتّى عهد (الليلة مسافر ما جبر الخاطر ) . من حقّنا و واجبنا أن نودّع أهلنا من جنوب السودان بالدمع السخين و بأصدق المشاعر و أطيب الأمنيلت بدوام الإستقرار و النماء و التطور و إحترام و تعزيز حقوق الإنسان . و هاهو الشعر و الغناء حاضراً . و قد جسّد مشاعرشعبنا شاعر الشعب محجوب شريف فى قصيدته الرائعة ( مرّت الأشجار ) (( مرّت الأشجار .. كالخيال أحلام …ناس لطاف وظراف .. . مابين غزال وزراف …مابين ظلال وغمام .. . مرت الأشجار )) و قد أرسلها محجوب شريف على لحن الأغنية الخالدة ” مرّت الأيّام ” بصوت مغنيها الأوّل المبدع عبدالدافع عثمان .. و كأنّما ” جارا ” فيها محجوب شريف الشاعر الغنائى الكبير مبارك المغربى ” . فسلام و ألف سلام لشعب جنوب السودان و لشعرائه ومبدعيه و للشاعر الإنسان محجوب شريف .أمّا الزملاء الشيوعيون و الشيوعيات فى جنوب السودان . ما أنبلهم .. ما أروعهم . فقد تركوا خلفهم صعوبات الجبال . و تبقى أمامهم صعوبات السهول !. و هانحن نحييهم و نودّعهم بالأنشودة الأممية الخالدة ” لن ننسى أيّماً مضت .. لن ننسى ذكراها ” . و حتماً سنلتقى فى دروب النضال و الكفاح المشترك و الدفاع عن مصالح الشعوب و الأوطان . فإلى اللقاء !.