بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أما وقد ترجل الجنوب عن الاتحاد السوداني .. بقلم: د. قرنق توماس ضل
نشر في سودانيل يوم 15 - 04 - 2011


د. قرنق توماس ضل
أما وقد ترجل الجنوب عن الاتحاد السوداني
(( حفريات إنسانية ))
أما وقد ترجل الجنوب عن الاتحاد السوداني فأن الظروف المنفرة التي أفضت لاختيار الجنوبيين السودانيين الانفصال عن دولتهم الأم التي بنوا عمرانها ورفدوا نسيجها الاجتماعي ومكوناتها الثقافية لما ظل تقسيم السودان الشاغل الأكثر تاثيرآ علي مجمل المسار المترنح لتاريخ السودان وهي اللحظة الاكثر صدمة وجنونآ علي الاطلاق علي ما تماهي عليه السودانيين من قبول يخفي النزاع والاحتراب ولعل الكثيرين لم ينتبهوا أننا شهدنا أطول حرب أهلية في أفريقيا والعالم الثالث حتي يبدو تسونامي التقسيم ( اذا جاز) مفاجأة وسيناريو غير متوقع وربما كان ( سيكون ) كذلك لو تحلي الزعماء السياسيين بقليل من الارادة الوطنية المتجردة مما ظللت اسميه ( الاعتداد الزائف ) بالجهة والعرق والعنصر والدين وما الي ذلك من عوامل الافتراق .. أما وقد ..
فأن كل ذلك متروكة الآن لمحكمة التاريخ فقد قتل بعضها بحثآ وتحليلآ وتسبيبآ. أما وان سيف العزل الان قد سبق – الا أن المسار الانساني المتجلي وراء ضبابات الاحتقان والضغينة و( الاعتداد الزائف ) – كان يلوح دائمآ – بتشكل سودانآ من وراء حجب الساسة واساطين الهزيمة حاملي أدران التشظي – يفضح الأفتراءات الداعية للاستحالات الأفتراضية بين شطري البلاد ... والمسار الانساني هو المعني بهذه الحفريات معنيين بما يجمع السودانيين من تداعي إنساني هو الاكثر عمقآ والأكثر تجليآ في تفاصيل الحياة البسيطة البعيدة عن الاشتطاط السياسي الماثل والذي يستدعي عوامل الافتراق ضرب لاذب ودون هوادة حتي بدي الحديث عن ما يجمع الناس أّيّ (( السودانيين )) هو الاستثناء وما عداه هو القاعدة في هذا المناخ الآسن بالشوفونية والعنصرية والجهوية ولعل المسار السياسي الموسوم بالفشل ولاستلاب وضيق الافق وقلة الارادة والنزوع المتعمد ( للاعتداد الزائف ) والأستعداد الفطري للتطرف هو ما آضر أيما ضرر وآحادت بعجلة التماذج والتلاقح والقبول عن مسارها الطبيعي في كيفية تطور الشعوب ... إلا أن اصواتآ جميلة (في الشمال) والمعنيين بهذه الحفريات – تعي الحقيقة كما تعي المأساة .. تعي خطل المركز .. كما تعي فداحة التقسيم .. عن صدق عن صدق وليس عن غرض ظلت تكتب عن جزر الجنوب العميق في الثقافة السودانية بصدق اقرب الي جلد الذات ونزع الاظافر وما أقسي علي المبدع من ان يري وطنه وركين إلهامه أن يضيع في هكذا مساومات وفي هكذا فشل في الاحتكام للعقل الا وهو منصة التأسيس مرتكزآ للسودان الجديد كما في أدبيات الزعيم المفكر الراحل د. جون قرنق .. والذي نستدعيه الآن وقد فات الاوان – تعزية – وقد ترجل الجنوب عن الاتحاد السوداني بل ونحن مقبلون علي عصر السودانات إذا إنتظرت العقلية المركزية ضحي الغد ..
والاقلام التي تكتب الان وتكابد اللعنات باحرف من دماءهم علي سطور من أعصابهم لانقمطهم حقهم ومنطلقاتهم ونتحسر ذات حسرتهم بإعتبار وعيهم النافذ بالتاريخ المشترك وبيان ذلك في نضالاتهم وفي مجمل منتوجهم الانساني والابداعي والوطني ولعلمنا الاكيد بأن الجنوب وقد ترجل .. فأنه ما أشاح وجهآ ولن يكون جنوب البرازيل كما تداعي في ادبيات السياسة مؤخرآ .. كما ولا يمكن لكائن كان ان ينتزع من وجدانهم ومن تراكم خبراتهم وتجاربهم كما تفعل الجغرافيا والسياسة الان .. كما وأنه من بؤس التقدير وعظيم جحود أن تمر كتاباتهم هكذا ...
وهو الانساني المعني بهذه الحفريات في تجلياته وفي أبعاده في سياحة استقرائية لكتابات وجدتها معبرة عن حقيقة مشاعر الفقد وكثير التأثر بفقد الجنوب هكذا ومرور ذلك وكأن شيئآ عظيمأ جللآ مجلجلآ لم يحدث .. وآن كان لا يخفي علو أصوات الابواق الصدئة بالتغييب مرة وبالتسطيح والتبسيط مرات ومرات إالا أن أصوات المبدعيين في فضاءهم الانساني لم يغيب عن هذا المشهد السوداني المشجون .. وسنجول في هذاالفضاء الانساني عبر كتابات اساتذة انسبهم وبحزن الي شمال السودان وهم الذين ما حلموا يومآ إلا وبالسودان واحدآ وفي ذلك تحركت غالب إنتاجهم الابداعي والوطني اخترتهم علي سبيل الاستدلال وهم شاعر الشعب الاستاذ محجوب شريف في رائعته الاخيرة (مرت الاشجار ) والاستاذ الشاعر والحقوقي كمال الجزولي في رزنامته الراتبة في الاخبار والمواقع الاسافيرية المعنونة ( الاطاحية ) ثم كتابه الروائي خالد عويس ( لكم جنوبكم ولي جنوبي ) ثم سرديات العم الاستاذ الروائي شوقي بدري وهو الامدرماني الحقاني الحكاى ثم النص الابداعى للشاعر (القدال) محمد طة (القدال)
(ما بجيب سيرة الجنوب وهم فى أسفارهم لا نملك الا ان نبادلهم ذات الحب السودانى وذات المشاعر التى مهما تكابرنا عليها خلف هذه الاحداث الجسام فتفضحها سيرة القرب الطويلة على مدار السنين التى مرت على السودان – واحدآ – وسيرة مكان – واغصان – وسيرة سلام وحب وحرب وسيرة اجنة فى سيرة غابة ونيل وجبال وصحاري وفوق كل ذلك – سيرة انسان سودانى.
وانا استجمع فكرة هذا المقال استحضرتنى قصة الاغنية الشهيرة للفنان السودانى يوسف فتاكى (شكل منقة ذاتو – فى سوق باريا لاقيتو). والتى تحكى قصتها دينامية التفاعل السودانى التى غطت عليك بؤس حال الفكرة السياسى والساسة – الاغنية من تاليف عمنا الاستاذ شمس الدين حسن خليفة وهو شاعر وصاحب رباعيات وساخر" وفى تحدى الكتابة بعربى جوبا واجتراحها فى قصيدة غنائية – ذوب فيها خليفة شاعرية سودانية والتقطتها سودانوية فتاكى لحنا وموسيقى – فاشتهرت والتمست وترا اثيرآ فى الوجدان (السودانى) فدخلت قاموس العشق (السودانى) والملاطفة (السودانية) كاصدق ادوات التعبير الاجتماعى – ويوسف فتاكى حالة سودانية اخرى سنفرد له حفريات اخرى
اما وقد ترجل (شكل منقة ذاتو) فان التداعى الانسانى الذى نحن بصدده ما لا ينفع معه التقسيم ... والمشترك الوجداني الذى صنعه امثال فتاكى وشمس الدين يظل باقيآ بقاء الابداع.
وهولاء الذين نستدل بهم اليوم هالهم وثقل عليهم ابتعاد الجنوب فى تناهي حقيقى فى متانة الروابط الانسانية والاخوية وصلات الرحم التى تجمع السودانين والتى خلقت عالمآ فريدآ وتاريخآ ناصعآ فى خيره وفى شره ولكنه ظل ولا يزال سودانيآ.
هولاء هم ضمير الوطن وحداه الشعب الحقيقين حيث يبكون جزرآ من جزورهم وجزء عزيز يعملون تمامآ كمونه فى دماءهم وفى تراتيب حياتهم ..
وحين يكتب المبدع يفضح بالضرورة الضلال والشوفونية العرقية وطمس الحقائق.
حين يكتب المبدع يتوارى الافاقين اساطين الاحتقان السابحين فى المياه الاسنة –
حين يكتب يبكى ويبكى الناس معه على تاريخ اضعناه بقلة الهمة – وقلة الفكر – وقلة الارادة (والاعتداد الزائف) اعرضنا عن وطننا فى سبيل الانتماءات الزائفة المليئة بالاختلاق وفى سبيل الغرق فى الاستلاب.
حين يكتب يغشي الخجل قلوب الساسة على قصور ما خلصوا اليه ولو تجاسروا وتكابروا وحاولوا الهتاف من على جبل الجليد. حين يكتب يغشى الهم قلوبنا نحن الذين حلمنا ذات يوم بسودان جديد.
ونستهل هذة الحفريات بشاعر الشعب محجوب شريف – ومن لا يتذكر رائعتة الزائعة (ميرى ذكرينا وعشة كلمينا) من اقاصى السودان الى اقاصيها – التى اصبحت من كلاسيكيات التربية الوطنية السودانية وهو صاحب اسفار ناضحة بالروح السودانية يستحق منا ألامتنان ويستحق منا الموازرة كما يستحق منا الاحتفاء على الطريقة الافريقية بالحزن حيث – يغنون ويرقصون – كما تقول الان الاحرف التى اجادت بها قريحته – يستحق لان مبدئيته سودانية حزنه سودانى وقصيدته سودانية وحرفه ايضآ.
وفى خضم هذا التيه ياتيك صوتة دافئآ واسرآ وحزينآ يفهم قطعة الكبد هذه التى تقول وداعآ يلوح شاعر الشعب على طريقته فى تلوين التفاصيل وفى ازالة التغبيش وفى التعبير عن الذاتالسودانية المتفردة. يقول فى العودة الحزينة جنوبآ – يقول بدمه الذى احتمل السودان حبآ ونضالآ – يقول وهو يرى عمره يبتره النزق السياسى يقول وهو يرى اشجار عمره تنتزع من صميم قلبه لتسير جنوبآ – يقول وهو اعلم العارفين بالوجدان السوداني وحارس حراسه – يقول وهو اقرب الاقربين للدقائق مايجمع ألسودانيين.
يقول:
مرت الاشجار
كالخيال كالاحلام
ناس لطاق وظراف
مابين غزال وزراف
مابين ظلال وغمام
مرت الاشجار
ومفردة شاعر الشعب تنثني حبا حين تغرق في التعبير عن الوجدان السوداني المعافي وتستطيل في حياة تفاصيلها وتستقيم تماما في نضالاتها فتخرج الصور المعنية فخيمة بالانسانية انيسة بالوجدان السليق ومموسقة باجمل ما يحبه الناس في الكلام ومصادمة بكل مايحفظ للانسان كرامته – نغني معها ونرقص بها ونحارب لاجلها حربنا لاجل هذا الوطن المكلوم – وشاعر الشعب احال مرور بعض شعبه مودعا ومفارقا ومنزوعا من حقيقته علي النحو الذي اهمه واغمه وآلمه الي مرور الاشجار لما لها من دلالة السموق والسمو والخضرة الي دلالة التشابك والتراص والظلال مستلهما اغنية الفنان عبدالدافع عثمان صاحب البحيرة ( مرت الايام كالخيال احلام ) وهي اغنية اثيرة ذات وقع أسر لحنا ونصا شعريا واداءا وتتجلي شفافية شاعرنا في احالة ايام الاغنية الي اشجار نصه – وهي ايام – السودانيين الجنوبيين – غنية بمساهماتهم في نسج مشاهد من أواصر التلاقي والتواصل ورفد المشهد الاجتماعي والثقافي السوداني بتنوع جميل وفريد - - ومفردة شاعر الشعب ثرية بكل تلك الصور المعبرة وسهلة وممتنعة (ناس لطاف وظراف مابين غزال وزراف) (ثيمات وصف السودانين الجنوبين دون تكلف وشاهدة علي وغول الشاعر في المعرفة بالذات السودانية كما شاهدة علي تأثره الجم بما يفقده الان
يقول:
طابق طبق طابقين
في ضلهن كرتون
حر والسقط اولاد
تحت المطر ياجون
لاعندكم عداد
ولابوهيتك كم لون
ما احتجت لي حداد
يوما ولا نجار
وكنت الطف جار
وكنت الطف جار
ومرت الاشجار
ثم ينتقل هنا في وصفه للحالة الاجتماعية يحملها لمفردته الثاقبة والموقظة للضمير من سبات التعمية عن بؤس معاش السواد الاعظم من السودانين الجنوبين ممن امتنهوا الخفر والبناء والحفر ثم مفارقات مسكانهم ومأويهم ( طابق طبق طابقين في ضلهم كرتون) " ولايخفي هنا لطف التلميح في فن التصوير السلس والشاعرية المتالقة في قيام المفردة الواحدة باكثر من دور ما بين التعبيري والتصويري والفكري والايحائي والتسجيلي ثم ضف لها البعد الدلالي والعمق الموسيقي حتي يصل الي حفظ الحق في الوجود الاجتماعي (وكنت الطف جار) . .
يقول ولانه ذاكرة وطن وذاكرة شعب نحتفي بما كتب ونتئازر به ونسلط به الضؤ علي ما تغافل عنه زمرة الساسة الداعيين للانقسام بداعي إنقضاء هذه الحقائق . . وبما ان الانقسام اصبح واقعا فإن ما يقوله شاعر الشعب يبقي علي الدوام معبرا عن فضاء انساني طالما احتمل حيات السودانين بكل اتجاهاتهم جيرة ومهنة وتلاقحا وعلاقات حيات بؤسها . . ومأسيها ودوران المحن عليها فتكاد المفردات كالمطارق علي هذه الظهور التليدة (كانونا كان بي جاي) . . (ياحليل جناها جناي) . . وحين الحديث عن الذاكرة الشعبية تظل مفردة شاعر الشعب هي القائدة انظر هذا التلميح اللطيف عن ما يعرف عن المفارق:
القدرة كم تشتاق. .
كم كمشة موية فول. .
سمسم عمل زقزاق. .
لما عرف عن السودانين الجنوبين لحبهم لموية الفول والزيت (العمل الزقزاق). . وهو حب المغلوب علي وجبته. . . ولكن شاعرنا هنا يخرج بالحالة الانسانية الي عوالم الجمال وصورة الاخر التي هي ذات الوجه الاخر او كان الاعتراف ديدن اساطين المنابر الهواء . . ولانه شاعر الشعب وذاكرة الحياة الشعبية والكاميرا ذات الابعاد الانسانية التي تذوب في مكونات المجتمع التحتاني الذي لايلاك فيه التفاريق والتخاريف والتخاريح السياسية لذلك نجد كل تلك المعرفة والتماهي تنتفض من بين الصور الشعرية فتتراقص لكنة السودانين الجنوبين حين تتعاطي العربية وتشحن معاني الاختلاف والقبول والتعاطي احترافا مع الاخر (ياخيت وهيت ياكيت) – لو ان العقلية المركزية قد عرفت ان هناك دائما جمال اخر ولكنة اخري ولغة اخري تريد غرسا في المجموع وليس نفيا وإقصاء . . ان امثال شاعرنا يشعرنا بان كلامآ كثيرا اهدر وراء التقاليع والتهاويم والاشتراطات السياسية . . وان القليل من قبول بهولاء حداة وقادة راي في فسحة المنابر يساعد علي اكتشاف الاخر والاعتراف به ومن ثم الي ثم ...
يغرقنا شاعرنا بإشارات لطيفة وبليغة وحزينة لما يعتمل دواخله الشفيقة من إنتماء لعوالم الشعب الحقيقية من تداخل وتعايش ثم والم عميق لمألات الافتراق الاليمة هذه متنقلا بتصويره المباشر والرامز الممتلئة باللقطات الانسانية التي تتشكل منها لوحة سودانية تختلف خطوطه والوانه وابعاده ويظل ذلك الاختلاف ميزة الابداع المنسجمة مع فلسفة الحياة رغم انف ( سطوة المكابرة السياسية) انظر لاحتشاد المعاني والقيم والمشاهد في حفر انساني بليغ في (حس المقص بكاي) تلخيصا للحرفة بخلفيتها الموسيقية ورواية حالة التأثر بفراق العاملين والمتعاملين ثم اوانطر ياهداك (صمت الكبابي عويل) ( برادا ساكت ساي) مشهد اخر عن مشاهد المهن المقهورة يهتف بالحزن ويتفطر ألما ويعاني وحشة الفراغ الذي اجبر عليه بخلو المحفل من رواده ومن الإجابات الشافية للاسئلة الحائرة عن هذا المأل الدرامي تتلاحق الصور . .
(حليل تريزا قريب) . . " اتمحن الكنتين . !! ومن يا تري يشتري من "الكنتين" بهذا المعني غير جل هولاء المارة كالاشجار . . ويا لمحنة الصورة ومحنة الشاعر ومحنة الكنتين بإخراج هذه المشاهد البليغة . . "النيمة ذات الساق" واهل الظلال يغادرون . . (ليل القهاوي حزين) وعامري القهاوي اندية الانس حيث لايسأل عن اتجاه يغادرون . . جفت عروق السوق) السوق الافرنجي واسواق الاخوان ومالي ذلك من اسواق السودانين الجنوبين . . حيث الشراء جودة وحرية ودقسة . . يغادرون .. وغول الشاعر في عوالم الناس . . ابنوسة اللاوة – الزي المميز لنساء السودانين الجنوبين خط وبعد جمالي لمشهد السودان الكبير – يغادر بيأس لذلك (يا حليلا غصن البان) ثم يغني . . يغني . . يغني . . يغني:
ميري الفراق بي طال
وسال سيل الدمع هطال
الشاعر يبكينا بأغنية مركزية فهو ايضا شمالنا الحبيب لولا جثم " المتنطعين علي البصيرة" . . وميري تبدو اسم الشهرة للنساء السودانيات الجنوبيات ستات الشاي وستات الاطعمة وستات العرقي وستات الناس كيف فلا يسيل دمع الشاعر سيلا ثم يسجل الاعتراف الذي هو أس الحقيقة اليقين الذي يلتف عليه التنظير السياسي .
لكن مها كان
لو بالوسم سكان
ولو بالرسم جيران
متين بقيت يانيل
عددآ من الخيران

يزرع شاعرنا الأمل .. يستشف مستقبلآ لن يعصي علي الارادة الوطنية المرجوه .. ونختتم هذه الحفرية الخاصة بشاعر الشعب بتحيته واتمني له دائمآ الصحة ونقول له أن من بين السودانيين الجنوبيين أن لم يكن جلهم يحبك ويبادلك ذات المشاعر يحفظ مقامك - رمزآ ومناضلآ - ومبدعآ مبادرآ - لا نجحدك حقك الوطني في هذا الحزن ونتعزي معك بانه ما يزال الجنوب السوداني منبع ذلك العشق ورافد الثقافة الاعظم الذي يروي حركات وسكنات السودانيين ولانك .. مرآة كل ذلك .. وراوي كل ذلك وملاكها الحارس .. نحزن معك .. ونتعزي بك .. ونحبك حبنا لهذا الوطن .. وقطع شامة هواك من قلبو ألإ هواك نبت تاني وعلي بابك وقف تاني وملا الساحات كما كتبها الكتيابي وغناها مصطفي سيد أحمد وأستقر في في وجدان السودانيين ... وسلمت أينما كنت ..
نلتقي في حفرية أخري قادمة من الأساتذة كمال الجزولي في (( الاطاحية )) .. والقدال في (( (ما يجيب سيرة الجنوب).
وللاخوة في المصير العتبى حتي يرضوا لتاخرى عليهم لاسباب قاهرة ها انا اعود لان الحق ايضآ قديم
وللجميع احتراماتي ومودتي
د. قرنق توماس
أويل مارس 2011 م
النص كاملا
مرت الاشجار
محجوب شريف
مرت الاشجار
كالخيال أحلام
ناس لطاف وظراف
مابين غزال وزراف
مابين ظلال وغمام
مرت الاشجار
* * *
طابق طبق طابقين
في ضلهن كرتون. .
حر والسقط اولاد
تحت المطر ياجون
لا عندكم عداد
ولابوهيتك كم لون
ما إحتجت لي حداد
يوما ولا نجار
وكنت الطف جار
ومرت الاشجار
الباقي تحت العين
حيث الرماد أحجار
من يوما داك فاقداك
كل الدروب فوق راي
يا خيت وهيت يا كيت
حس المقص بكاي. .
سكسك سنون براق
نار الفراق جواي
أمونة ست الشاي
صمت الكبابي عويل
يا حليل تريزا قريب
كانونا كان بي جاي
هم يسألون وعيون
يا منتهي الشواق
إتمحن الكنتين
والنيمة ذات الساق
القدرة كم نشتاق
كم كمشة موية فول
سمسم عمل زقزاق
وين الملامح ديك
يازحمة البصات واللفة والدقداق
ليل القهاوي حزين
عدد الكراسي فراق. .
جفت عروق السوق
ريق الطريق العام
واتحتت الاوراق. .
وين يا سواد العين
مشهد علي صعبان
شبان وهم حبان
الشوق بلا تبيان
من وين ذهاب وإياب
وكلاهما تعبان
أبنوسة اللاوو
ياحليلا غصن البان
جمر الحصي الوقاد
علا الكتف اركان
ميري الفراق بي طال
وسال سيل الدمع هطال
لكنو مهما كان
لو بالوسم سكان
لو بالرسم جيران
متين بقيت يا نيل
عدد من الخيران
نتدفي بس او قول
نغرم بعض يوم داك
بنولع النيران
يناير 2011م
abdin khalifa [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.