اول مرة اعرف ان السودان به ندرة فى الماشية، وانها السبب فى ارتفاع أسعار اللحوم، كما انها المرة الاولى التى اعرف فيها ان ماشيتنا العزيزة النادرة تمنعت عن المشى وأقسمت إلا ان تركب وسائل الترحيل فاصبح اسمها ( الراكبة ) مما فاقم فى ارتفاع اسعار اللحمة فى اسواق الخرطوم بسبب ارتفاع تكلفة الترحيل، حسب فتوى السيد وزير المالية السودانى للزميلة ( الوطن الغراء ) لا فض فوه سيادته فى لقاء صحفى نشر قبل يومين أجراه معه الصحفى القدير الاستاذ ( عبدالرحمن حنين ) .. وقال فيه ان سبب ارتفاع اللحمة هو ندرة الماشية وارتفاع تكلفة الترحيل!! سيدى وزير المالية ، لقد ظللت متعاطفا معك فى كل معاركك مع الصحف بدءا من دعوتك للشعب السودانى بالتقشف والاعتماد على (الكسرة ) مرورا بعقد عمل الوجيه مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية وانتهاء بموضوع علاج إبنك فى الولاياتالمتحدة، لا لسبب غير اننى لاحظت ان الجميع ليس لهم حيطة يقفزون فوقها الا حيطتك القصيرة لملاحقة الجهل والفساد الحكومى بينما يتفشى الجهل والفساد خلف كل الجدران الحكومية التى لا يجرؤ احد على القفز فوقها، فكان لا بد ان اتعاطف معك حتى لا يظن الناس أن (حيطة) وزارتك القصيرة هى الوحيدة فى الدولة التى تخفى وراءها الجهل والفساد ..!! غير أننى بصراحة لا استطيع ان اتعاطف معك هذه المرة وإلا كنت مجنونا، او ان كل ما تعلمته فى الروضة والابتدائى والثانوى العام ( الوسطى سابقا ) والثانوى العالى والجامعة، وكطبيب بيطرى عشر سنوات كاملة عن تعداد الماشية فى السودان هو مجرد كذب أو محض أمنيات لانسان مريض عقليا عاش فى العصور القديمة كان يتخيل أن السودان غنى بالماشية فأشاع ذلك بين الناس فصدقوه وتبنوا شائعته وتوراثوها جيلا بعد جيل حتى قيض الله لأهل السودان أخيرا من لينفيها ويعزى ارتفاع أسعار اللحوم الى ندرة الماشية السودانية والى تحولها الى ( راكبة) رغم كل ما يعرفه الغادى والماشى والطفل الغرير انها تتجول فى السودان ماشية على أرجلها المسافات الطويلة بحثا عن الماء والكلأ والبيع فى الاسواق والتصدير والذبح فى السلخانات ، ولدى وزراة الثروة الحيوانية طرق تسمى طرق الماشية، وهى الطرق التى تسلكها الماشية ( راجلة ) إلا الماشية أولاد الذوات من مناطق الانتاج الى مناطق الاستهلاك، ووظيفة هذه الطرق هى توفير المتطلبات الاساسية للماشية او الراكبة ( بتاعت الوزير ) من ماء وتحصين ضد الامراض وعلاج ..إلخ !! صحيح ان الماشية السودانية ضبلانة وكحيانة وجيعانة وعطشانة ومرضانة، ولكنها ليست بأى حال من الاحوال نادرة كما أفتى السيد الوزير، وإلا فعلى جهات الاختصاص مراجعة معلوماتها بخصوص أعداد هذه الثروة التى تقدرها آخر الاحصائيات بمائة مليون رأس، او ان الثروة الحيوانية المقصودة هى شئ آخر لا يعلمه الا الله ، كما عليها أن تسأل السيد رئيس الجمهورية كيف يتبرع بخمسة الاف رأس الى مصر والبلد عدمانة من الماشية كما قال السيد وزير المالية ..!! أما حكاية ركوب الماشية، فيبدو لى أن السيد الوزير لا يزال مصدوما من زيارته الى امريكا، وهى مشكلة بسيطة تحدث لمعظم سكان العالم الثالث الذين يذهبون الى العالم الاول ويعودون ببعض الأعراض العقلية البسيطة التى سرعان ما تزولولا تخلف وراءها أثرا يذكر مثل ان يرى بعضهم الابقار والخرفان الضبلانة تركب القطارات المكيفة وهى فى طريقها الى السلخانات !!