اهتمت الصحف الأجنبية الصادرة الخميس بمحاكمة الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، إلى جانب قضايا أخرى مثل أحداث سوريا وليبيا، إلا أن محاكمة مبارك كانت تتصدر صفحاتها، وكلها أشارت إلى بداية عصر جديد من خلال تلك المحاكمة، وأنها ينبغي أن تكون عبرة للزعماء الآخرين. التلغراف تحت عنوان “حسني مبارك في المحكمة لمواجهة تهمة القتل”، كتبت الصحيفة البريطانية تقول إنه رغم أن صدام حسين أول زعيم عربي يحاكم، ولكن بتدخل غربي، فإن ظهور الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، أمام المحكمة يبدو أنه إثبات على أن عصراً جديداً قد بدأ. فلأول مرة في الشرق الأوسط الحديث، بل ولأول مرة في تاريخ مصر الممتد على مدى 4 آلاف عام، تتم مساءلة زعيم عربي، ليس نتيجة لتدخل غربي خارجي، وإنما بإرادة الشعب. وحتى قبل دقيقة من فتح باب المحكمة، كان كثير من المصريين مقتنعين بأنه سيتم حرمانهم من لحظة انتصارهم من قبل المجلس العسكري الذي يدير البلاد في مرحلة انتقالية منذ الإطاحة الرئيس في الحادي عشر من فبراير/ شباط الماضي. غير أن المجلس العسكري اضطر للاستجابة لقوة الشعب، واختار التخلي عن ولائه للرجل الذي حكم البلاد حتى لحظة الثورة الجديدة، والخضوع لإرادة الشعب. الاندبندنت كتب الخبير في شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة البريطانية، روبرت فيسك، تحت عنوان “الرجل القوي المنيع، أقدم طاغية ونجلاه يواجهون غضب أمة روعوها”، يقول: “كانت هذه اللحظة، لحظة أثبتت فيها البلاد أن ثورتها ليست حقيقية فحسب، بل إن ضحاياها حقيقيون.” وقال فيسك: إنه فقط عندما يكون ديكتاتوري عربي في حاجة ماسة إلى رشفة آمنة من مياه باردة لصيف عربي، “جاء الدور على المصريين الأربعاء، لتسمم البئر الذي سيشرب منه.” وأضاف أنه “كان يمكننا أن نرى خفقان وجه مبارك، وهشاشته فيما كانت أصابعه تلعب في أنفه تارة، وفمه تارة أخرى، وتحاول منع الأضواء من الاقتراب كثيراً منه.” ثم ظهر صوته يقول بعينين متغطرستين “أنا هنا”، وألحقها بصوت قوي تقشعر له الأبدان: “كل هذه الاتهامات أنكرها جميعاً.” الغارديان عنونت متابعتها لمحاكمة مبارك كالتالي: “مبارك في قفص الاتهام: البدء بمحاكمة تاريخية للرئيس المصري السابق.” وقالت إن ملايين الناس حولوا تلفزيوناتهم صوب القنوات التي تعرض محاكمة مبارك وهو يواجه تهماً وسط إرباك يخيم في أجواء قاعة المحاكمة في القاهرة واستمرار العنف خارجها. وأضافت أن آخر مرة زار فيها مبارك أكاديمية الشرطة كان اسمه يعلو بوابتها، وهي واحدة من عدة مئات من المؤسسات التي كانت تحمل اسمه قبل الثورة، هو الذي كان بطل حرب، وتحول لرئيس قبل أن يحول مصر إلى مزرعته الخاصة. نيويورك تايمز تحت عنوان “مشهد مبارك يخطف الأنظار في الشرق الأوسط”، كتبت الصحيفة الأمريكية تقول: حولت محاكمة حسني مبارك، ونقلها في بث حي ومباشر، مصر والشرق الأوسط إلى غرفة معيشة ضخمة الأربعاء، وذلك لتسمر ملايين الناس أمام شاشات التلفزيون في العاصمة الأردنية عمان، وفي القدس واليمن.. كلهم تسمروا لمتابعة مشاهد لم تكن تخطر على بال أحد، وهي تبث من قاعة المحكمة في القاهرة. لوس أنجلوس تايمز وتحت عنوان مماثل “مصر تتسمر بظهور مبارك في المحكمة”، كتب الصحيفة الأمريكية تقول: المشهد الغريب للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، ولنجليه اللذين كانا حتى وقت قريب منيعين ومحصنين، أخذت تتضح معالمه، عندما سأل القاضي أحمد رفعت: “لقد سمعتم التهم التي وجهها الادعاء العام لكم، ماذا تقولون؟” قال مبارك وهو يحمل ميكروفون وبصوت واضح وقوي: “كل هذه الاتهامات أنكرها جميعاً.” دير شبيغل كتبت المجلة الألمانية تحت عنوان “الشرق الأوسط يدخل عصراً جديداً بمحاكمة مبارك”، وقالت: إن مصر دخلت عصراً جديداً الأربعاء، بعد أن أصبحت أول دولة عربية تحاكم رئيسها السابق، من دون تدخل أجنبي (في إشارة للعراق). وقالت إن مشهد حسني مبارك وهو مستلق على نقالة طبية داخل قفص الاتهام، ينبغي أن يكون عبرة للطغاة الآخرين. جيروزليم بوست كتبت الصحيفة الإسرائيلية تحت عنوان “إعدام مبارك سيكون خطأ فادحاً” تقول: إن إعدام حسني مبارك سيكون خطأ قاتلاً، وفقاً لخبير في الشرق الأوسط والمسؤول السابق في السياسة الخارجية الأمريكية. وأضاف الخبير أن هذا الأمر لن يكون مثمراً لمحاولات مصر بالتحول نحو الديمقراطية. وتساءل: ولكن إذا ما أدين الآن فمن سيصفح عنه؟.. وإذا ما أصبحت الرئيس المصري المقبل، فهل سيكون ذلك أول قرار مسؤول لك؟.. هذا الأمر سيثير غضب الكثيرين في مصر. الصحف العربية : هيمنت محاكمة الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، على العناوين الرئيسية لمعظم الصحف العربية الصادرة الخميس، وإن تباينت في تناول التفاصيل التي شهدتها الجلسة الأولى للمحاكمة، ولفت بعضها إلى أن الرئيس السابق ما زال يضع خاتم الزواج، مما يلقي بشكوك حول حقيقة تلقيه العلاج في مستشفى شرم الشيخ الدولي. وأمام “طغيان” الأنباء الخاصة بما يُعرف ب”محكمة القرن”، حظيت التطورات الجارية على صعيد الملفين السوري والليبي باهتمام محدود نسبياً، تركز معظمه في عرض البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن بإدانة لجوء نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، لاستخدام العنف ضد المدنيين، وكذلك تداعيات مقتل القائد العسكري للثوار، اللواء عبد الفتاح يونس، على المشهد في ليبيا. الحياة: أفردت صحيفة “الحياة” عنواناً بعرض صفحتها الرئيسية يقول: في أول محاكمة علنية لزعيم مصري شاهدها جميع مواطنيه.. مبارك ونجلاه معاً في قفص الاتهام. وفي التفاصيل كتبت الصحيفة اللندنية: قدمت الثورة المصرية للعالم أمس نموذجاً متحضراً لأول محاكمة لحاكم مصري منذ عهد الفراعنة، نزولاً عند الضغوط الشعبية. وظهر الرئيس السابق حسني مبارك للمرة الأولى منذ خطابه الأخير، قبل تنحيه بيوم واحد في شباط (فبراير) الماضي، ليمثل أمام محكمة الجنايات، وهو ممدد على سرير داخل قفص الاتهام، الذي ظهر فيه أيضاً نجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية في عهده اللواء حبيب العادلي، وستة من كبار مساعدي الأخير. وغاب عن الجلسة الصديق الشخصي لمبارك، رجل الأعمال حسين سالم، الموجود في إسبانيا، والذي يحاكم غيابياً. وبعد تلاوة النيابة لائحة الاتهامات، التي تضمنت التحريض على قتل المتظاهرين، سأل رئيس المحكمة، القاضي أحمد رفعت، الرئيس المصري السابق عن هذه التهم، فنفى مسؤوليته وقال: “كل هذه الاتهامات أنا أنكرها كاملة.” وهي العبارة التي كررها من بعده ابناه، في رد على سؤال للقاضي حول لائحة الاتهام في جرائم تصل عقوبتها بالنسبة إلى مبارك والعادلي إلى الإعدام، وبالنسبة إلى علاء وجمال إلى السجن المؤبد. وطلب الدفاع عن مبارك حضور رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، ونائب الرئيس السابق، عمر سليمان، لسماع شهادتيهما في القضية. واقتصرت الاتهامات المتعلقة بالاتفاق والتحريض على قتل المتظاهرين على مبارك والعادلي ومساعديه، فيما يحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال وسالم عن وقائع تتعلق بقبول وتقديم رشاوى وفساد مالي وإضرار عمدي بالمال العام واستغلال النفوذ. وطلبت النيابة من المحكمة توقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات، والتي تصل إلى الإعدام شنقاً في ما يتعلق بالاتهامات الخاصة بالتحريض على قتل المتظاهرين مع سبق الإصرار، بينما تصل العقوبات إلى السجن المشدد في قضايا الفساد المالي. وأظهرت الجلسة أن المحامي فريد الديب يرأس الدفاع عن مبارك والعادلي في آن، ما يؤكد أنه لن يلجأ إلى إزاحة التهم عن واحد من موكليه وإلقائها على الآخر، وإنما سيعتمد أسلوباً يقوم على نفي التهم عن الاثنين. وحين طال الوقت شوهد مبارك وهو ينظر في ساعته ويتحدث إلى نجله جمال، كما لوحظ أنه يحتفظ في يديه بخاتم الزواج، ما يشكك في مزاعم حول تلقيه علاجاً. وظل مبارك فترات طويلة واضعاً يده اليسرى على جبهته ومغمض العينين، وتحدث إلى نجليه مرات، إذ أن هذا اللقاء هو الأول بينهم بعد إيداعهما سجن مزرعة طرة في 13 نيسان (أبريل) الماضي، وظل علاء وجمال واقفين إلى جوار والدهما في طرف قفص الاتهام، فيما جلس في الطرف الآخر العادلي ومساعدوه على مقاعد خشبية. الشرق الأوسط: وفي الشأن السوري، أبرزت صحيفة “الشرق الأوسط” عنواناً يقول: البيت الأبيض: سوريا ستكون أفضل من دون الأسد.. والشعب السوري سيحدد مستقبل بلاده.. كلينتون تبحث مع المعارضة السورية في “المرحلة الانتقالية” وتحضها على “توحيد جهودها.” وكتبت تحت هذا العنوان: شدد البيت الأبيض، أمس، من موقفه ضد الرئيس السوري، بشار الأسد، ونظامه، معتبرا أن سوريا ستكون في حال أفضل من دون الرئيس السوري، وقال الناطق باسم البيت الأبيض، جاي كارني، أمس، إن “سوريا ستكون مكاناً أفضل من دون الرئيس السوري”، مضيفاً: “نحن نراه مصدر عدم استقرار في سوريا.” وعلى الرغم من أن البيت الأبيض امتنع حتى الآن عن تكرار عبارة “عليه أن يرحل”، مثلما فعلت مع الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، والعقيد الليبي، معمر القذافي، فإن تصريحات كارني الجديدة تعتبر الأشد. ورداً على سؤال حول التعامل الأمريكي مع التطورات في سوريا، خلال مؤتمر صحفي، أمس، قال كارني: “نحن ننظر إلى طرق لزيادة الضغوط” على النظام السوري. واعتبر أن “الوحشية الشنيعة ضد الشعب، التي تظهر في الصور التي تخرج من سوريا، تظهر طبيعة هذا النظام مجدداً”، وأضاف أن “تصرفات الرئيس السوري ونظامه، تضمن بأنه سيُترك في الماضي، بينما الشعب السوري الشجاع سيحدد مستقبل سوريا.” القدس العربي: من جانبها، أبرزت صحيفة “القدس العربي”، عنواناً في الشأن الليبي يقول: ليبيا: دعوات بأوساط الثورة إلى إقالة وزراء في المجلس الانتقالي بعد اغتيال اللواء يونس. وجاء في تفاصيل العنوان: دعت تنظيمات ليبية، شاركت بشكل أساسي في الثورة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي، الأربعاء، إلى إقالة عدد من الوزراء في المجلس الوطني الانتقالي، على خلفية اغتيال قائد قوات الثوار اللواء عبد الفتاح يونس. وقال “ائتلاف السابع عشر من فبراير”، في بيان: “نندد بهذا العمل الإجرامي والإرهابي، الذي صدم الشعب الليبي، وكان له تأثير سلبي على معنويات الثوار على خطوط الجبهة'” وقتل اللواء يونس الجمعة الماضي في ظروف غامضة، بعد أن استدعاه المجلس الانتقالي إلى بنغازي لاستجوابه حول أمور عسكرية.. والمعروف أن اللواء يونس كان من أركان النظام قبل أن ينشق وينضم إلى الثوار. ويضم ائتلاف السابع عشر من فبراير تنظيمات وجمعيات عدة، شاركت في الانتفاضة على نظام العقيد القذافي. ويطالب البيان بإقالة علي العيسوي المكلف بالشؤون الدولية في المجلس الانتقالي، الذي كان وقع على طلب اعتقال اللواء يونس، كما طالبوا أيضاً بإقالة القاضي جمعة الجزاوي العبيدي، الذي استدعى اللواء يونس لاستجوابه. ودعا الائتلاف إلى إجراء “تحقيق كامل ومستقل” مع الاثنين، لتحديد الدور الذي قاما به في “الاعتقال غير الشرعي والمهين” للواء يونس، والذي تزامن مع احتدام المعارك مع القوات الموالية للقذافي. ويطالب الائتلاف أيضاً بإقالة وزير الدفاع، جلال الدغيلي، ونائبه فوزي أبو قطيف، “اللذين اختارا مغادرة البلاد” بعد أن أُعلما باعتقال اللواء يونس. وكشف مقتل يونس عمق الخلافات بين قوات المعارضة، وكشف عن تشوش المجلس الانتقالي، الذي بدا مشلولاً من خلال البيانات المتناقضة والكاذبة حول من قتل اللواء وكيف قُتل. الأهرام: وبالعودة مرة أخرى إلى الشأن المصري، عنونت صحيفة “الأهرام” صفحتها الرئيسية: مبارك ونظامه في قبضة العدالة حضورياً.. إيداع الرئيس السابق المركز الطبي العالمي بالقاهرة. وذكرت الصحيفة القاهرية في التفاصيل: فى داخل الأكاديمية نفسها التي أنشأها الرئيس السابق لمصر، حسنى مبارك، والتي حملت اسمه “أكاديمية مبارك للأمن”، انعقدت أمس أولى جلسات محاكمة مبارك، والتي تُعد واحدة من أبرز محاكمات العصر الحديث. ففي مشهد تاريخي غير مسبوق في مصر، رقد الرئيس المخلوع على نقالة داخل قفص المتهمين، ووقف بجواره نجلاه علاء وجمال، بينما جلس في الجانب الآخر من القفص بقية المتهمين، وعلى رأسهم حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق. ووجهت المحكمة، برئاسة المستشار أحمد رفعت، إلى المتهمين، وعددهم 11 متهماً، هم الرئيس السابق ونجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، ومساعدوه الستة، تهم الاتفاق والتحريض على قتل المتظاهرين عمداً ومع سبق الإصرار، وإلحاق الضرر بأموال ومصالح الجهات التي عملوا بها. ويحاكم مبارك ونجلاه ورجل الأعمال الهارب، حسين سالم، عن وقائع تتعلق بقبول وتقديم رشاوى وفساد مالي واستغلال النفوذ، بهدف تربيح الغير (حسين سالم) دون وجه حق، في شأن صفقة تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل، والحصول على أراض شاسعة في شرم الشيخ.