تعرضت قناة النيل الازرق لظلم بين، فقد تم استهدافها عبر حملة منظمة، شارك فيها مسؤولون بالدولة وتنظيمات سياسية معروفة وصحف تابعة لها، وشارك في الحملة بعض ممن يسمون أنفسهم “علماء السودان” وأئمة مساجد، تناوبوا الهجوم على القناة وقيادتها، وصوروها وكأنها منبع للفحش وهدم القيم ونشر الرذيلة، ومستهدفين برنامجا بعينه، وكأنهم بينهم وبينه “تار بايت”. خضعت أجهزة الدولة المسؤولة عن الإعلام للضغوط والابتزازت، وأجبرت قناة النيل الأزرق على تغيير موعد بث برنامج “أغاني وأغاني” إلى الساعة الحادية عشرة مساء، بعد أن احتل ولسنوات طويلة موعده بعد الإفطار مباشرة، وبدا هذا وكأنه الخيار الأفضل بدلا من خيار الإلغاء. حدث هذا مع قناة النيل الأزرق تحديدا، وبرنامج “أغاني وأغاني” بالخصوص، فمنحت القناة، وبدون تخطيط مسبق، الموعد الذهبي لبث البرنامج، لبرامج أخرى، وأخلت الساحة لمنافسيها، فانطلقت كل القنوات، حكومية ونصف حكومية وخاصة، لتقدم برامجها الغنائية في هذا التوقيت، خلا لها الجو فباضت واصفرت. أما قناة النيل الازرق فنقلت البرنامج لساعة بث ميتة بكل المقاييس، ولا مقارنة بينها وبين موعد البث الأول. كانت الأسر السودانية تتناول إفطارها وتصلي المغرب، ثم تدير مؤشرات التليفزيون نحو القناة وبرنامج أغاني وأغاني. وهي مواعيد يكاد كل السودانيين يلزمون خلالها منازلهم، ولا يغادرونها إلا لصلاة التراويح. ولأن ليل رمضان طويل، اعتاد الناس الخروج للأماكن العامة والأسواق والمتنزهات، وحتى الزيارات الاجتماعية بعد التراويح، وقليل من يبقى بالمنازل عندما تبدأ لحظات بث برنامج “أغاني وأغاني” في موعده الجديد، ولهذا، وقياسا على حالتي وحال من أعرفهم، فإن البرنامح فقد أعدادا كبيرة من المشاهدين المنتظمين. عودة للفضائيات الأخرى، يبدو أنها شعرت بحالة إحباط عامة، فنفذت برامجها على عجل، فجاءت ماسخة وبلا طعم، استثني قناتي “هارموني” و”أمدرمان” فقد استعصى علي تقصي دربهما في سماء البث، ولم أشاهدهما مطلقا، ولا أعلم بالتالي إن كانتا نفدتا من سجن الرتابة وجفاف المادة أم لا؟ تليفزيون السودان ممل، وليس في هذا جديد، و”بيني وبينكم” لا فرق بين حلقات هذا العام، والذي سبقه، وكل البرامج السابقة خلال سنوات طويلة، وقد فتش دفاتره القديمة فلم يجد سوى إعادة مسلسل “دكين”، فلله الأمر من قبل ومن بعد. سلمى السيد مليحة المظهر و”مهضومة” من المشاهدين، هذا فيما سبق، أما في “أعز الناس” على قناة “الشروق” فليست هناك فكرة أو مادة للحوار، والضيفان ليسا من النوع سهل التحاور، لذلك ظلت وضيوفها تكرر في جمل وعبارات خالية من المضمون. ليتها تختصر حديثها في كلمتين وتنتقل مباشرة للفنان وردي ليغني، وكان الله يحب المحسنين. أما “مع محمود” فلم أفهم منه شيئا، لكن وللأمانة فأنا لا أحب محمود عبد العزيز، وأظن أن صوته تشوه وفقد قدراته الغنائية منذ زمن طويل، وبقي منه شبح يتعلق به الشباب، وهم مخيرون في ذلك. دوبلاج طارق الأمين في “النيل الازرق” لم يتطور، والمقدمة والخاتمة أطول مما يقدم في الحلقة، وأظن أن طارق لم يتعامل معه هذا الأمر بالجدية الكافية، فهناك استسهال واستهبال لا يليقان، وبينما كان من الممكن تقديم مادة كوميدية راقية من خلال هذه الفكرة. ونفس الأمر ينطبق على “بيت الكل” الذي يصر بعض الممثلين فيه أن الكوميديا لا تنهض إلا على ساقي “العبط…والعوارة”. نصوم رمضان، كما أمرنا، إيمانا واحتسابا، وقد احتسبنا ايضا ساعات الترويح التي كانت تقدمها لنا بعض برامج الفضائيات في السنوات السابقة.