في توزيع أدوار محسوب ، تظاهر عدد من مصلي الجامع الكبير أمس 19 أغسطس مطالبين بخروج قوات الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور ( يونميد) ، تلبية لدعوة امام المسجد كمال رزق. وكمال رزق أحد رموز السلفية الحربية ومؤسس ما يسمى بهيئة العلماء الشرعيين مع عبد الحي يوسف ، وقيادي في المؤتمر الوطني. ودعا في خطبة الجمعة أمس إلى الخروج في مظاهرة عقب الصلاة ، مشيراً إلى أنها جمعة الإنذار وجمعة الدرس الأول، وألمح إلى أن الدرس الثاني لن يكون بالاحتجاج والهتاف. وفي الخطبة وصف رزق قرار التمديد لليونميد بالاستعمار الجديد، معبراً عن حزنه لتخاذل الدولة وهوانها، وقال: (نحن أمة ارتضت الذل والهوان) ، وحذَّر رزق من مغبة صمت الشعب على هذا التخاذل والهوان. ودمغ رزق الدولة بالافتقار إلى القيادة المتوكلة على الله ، وطالب في ذات الوقت الدولة بتدريب الشباب على السلاح والقتال والاستعداد التام لحماية العقيدة والأمة. وخرجت أعداد من المصلين في مسيرة تجمعت بساحة ميدان أبو جنزير، وتهتف (الشعب يريد رحيل اليونميد) و(لا لا للتمديد) و(برا برا يونميد). وسبق وطالب رزق قوات الأممالمتحدة بالرحيل من البلاد في خطبة الجمعة 5 أغسطس ( ارحلي قبل أن ترحلي) ( ارحلي قبل ان تبحثي عن طريقة للخروج ولا تجدي طريقاً لذلك) . ورغم بعض انتقادات المزايدة التي يرددها كمال رزق عن الانقاذ ، الا انه من قياداتها ، ويتساوق مع موقفها المعلن برفض التجديد للقوات ، ويسعى الى تحسين موقفها التفاوضي بادعاء ان هناك ضغوط شعبية ضد تجديد القوات . وسبق وعلق محلل سياسي ل (حريات) بان الانقاذ في (آخرتها) ، انقاذ الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الحادة ، والابادة الجماعية – بالذبح المباشر ، وبالذبح غير المباشر بالافقار وسوء التغذية وانحطاط الخدمات الصحية وتدهور نوعية الحياة ، هي في ذات الآن انقاذ الفساد والامتيازات الطفيلية التي لا يمكن تبريرها بأي منطق أرضي ، وتحتاج الى منطق (اخروي) سماوي فرعوني ، ولذا تحتاج الى كمال رزق والطيب مصطفى وعبد الحي يوسف . وحين كانت الانقاذ في لحظات صعودها كان يعبر عنها الترابي خريج السربون ، واما في لحظات هبوطها (الآخر) فيعبر عنها خريجو معاهد شروني ، الذين يرون ابن تيميه بديلاً عن اقتصاديات التنمية ، والأحكام السلطانية بديلاً عن الديمقراطية ! ومنظرو الانقاذ المتأخرة منظرون لكيفية ( التسفير) الى الحياة (الأخرى) ، بالابادة الجماعية ، بطاحونة الدم التي تدور بلا قرار ، سواء بالاختلاف حول الملة ، أو بمجرد الاختلاف حول حكم ( ضراط الشيطان ) !! وفي الأزمنة المعاصرة ، هؤلاء مثل الحيوانات الضالة على طرق المرور السريع ، ربما تعطل السير وربما تضع نفسها تحت العجلات ، ولكن الطريق يظل الطريق ! وختم المحلل السياسي قائلاً ان (الفوات) التاريخي لشريعة الاسلامويين يتأكد من كونهم بلا اجابات مقنعة عن أسئلة المسلم المعاصر – (البيعة) أو (السيف) لقضايا تداول السلطة ، و(الردة) لحرية الاعتقاد ، و(الجزية) لغير المسلمين ، و(قدو قدو) للنساء ، ولذا فانهم ليسوا سوى (انغلاق مؤقت) في طريق المرور السريع .