دعا عمر البشير الى تقليل (الانفاق الحكومي) و (زيادة الانتاج) و ( العودة لله والابتعاد عن الربا) . وكان يتحدث أمام مؤتمر القطاع الاقتصادي بقاعة الصداقة أمس 19 اكتوبر . وأضاف انه بعد انهيار الاشتراكية والراسمالية فان ( البديل الاقتصادي الذي يجب أن يقدمه السودان يقوم على العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة وتحويل الفقراء الى منتجين) . وعلق محلل سياسي ل (حريات) بأن عمر البشير في انفصامه المرضي عن الواقع يكرر ما ينبغي عمله ( الينبغيات) دون أن يتأمل في واقع انه رئيس لسلطة جثمت على البلاد لأكثر من واحد وعشرين عاماً ، ومسؤول مسئولية شخصية عن لماذا لم تتحقق هذه ( الينبغيات) ! ومما لا يذكره عمر البشير أن سلطته الانقلابية لا تستطيع أن تحكم الا بالاستناد على الأجهزة العسكرية والأمنية ، لفقدانها لشرعية الرضا من السودانيين ، مما يعني انها بحكم طبيعتها ستظل تركز على الصرف الأمني والسياسي والدعائي خصماً على التنمية والخدمات . اضافة الى حروبها على أهل الهامش وتبديدها للموارد في قتل مواطنيها . ولكن فضلاً عن معيقات السلطة السياسية والاجتماعية هناك معيقات أخلاقية ، فسلطة عمر البشير سلطة كاذبة ودعية ، سلطة تدفع مواطنيها الى شرب المياه مختلطة مع البراز ، ومع ذلك ليس لها فضيلة التواضع والاعتراف بالأزمة الاقتصادية الاجتماعية القائمة ، فتجتر الادعاءات الكبرى عن تقديم ( بديل اقتصادي) للعالم المتعطش الى (بدائل الانقاذ) المتجاوزة للاشتراكية والراسمالية !! والحقيقة ان الانقاذ أخذت أسوأ مافي النظامين الشرقي والغربي – من كل بستان شوكة ! فأخذت من الشيوعية الستالينية السيطرة الشمولية ومصادرة الحريات ، ولم تأخذ منها دولة الرعاية الاجتماعية وصرفها على الأولويات الاجتماعية . وفي المقابل أخذت من الراسمالية المتوحشة تخلي الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية ، ولم تأخذ منها الحرية السياسية وحرية التنظيمات النقابية التي توازن وتضبط التوحش الراسمالي ، وهكذا فان صيغة الانقاذ صيغة أسوأ طغياناً من الشيوعية الستالينية وأكثر توحشاً من الراسمالية التقليدية ! وأضاف المحلل السياسي بأن ( راسمالية أم دفسو ) هذه لا يمكن تبريرها بناء على أي منطق أرضي ، ولذا تحتاج الى القمع من جانب ، والى التضليل الديني بدعوى ( العودة لله) والدفاع عن ( العقيدة) !! ولكن مثل أي تضليل – لا يمكن ان ينطلي على كل الناس كل الوقت ، وهذا ما تؤكده تجربة أهل السودان الذين ثاروا ضد الحكم التركي المصري والمدعي بانه ( خلافة اسلامية) ، وانتفضوا على نظام نميري المتسربل بالدين . وان سلطة لا تعترف بأزمتها ، وتنحاز للأقلية الفاسدة والمترفة على حساب الأغلبية الساحقة ، وتحطم المؤسسات العامة والمشاريع الانتاجية بالسيطرة الحزبية ، وتعزل البلاد عن العالم ، وتجعلها طاردة لكفاءاتها وللاستثمارات والاعانات والقروض – سلطة كهذه سلطة مفلسة ، ولم يعد لها ما تعطيه سوى الأكاذيب والقمع ، ولذا ليس مصادفة أن ان يكون داعيها ومنظرها ومفكرها الأول في عهد انحطاطها المتأخر هذا عمر حسن البشير – الباشبوزق ، بلا قدرات وبلا مواهب ، سوى موهبته الفذة في القتل وهو مبتسم ، وقدرته على الكذب الفاجر حتى انه كان يطلق عليه في الجيش عمر الكذاب !!