سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    قصة مانيس وحمدوك وما ادراك ما مانيس وتاريخ مانيس    ضياء الدين بلال: الرصاصة الأولى ونظريّة (الطرف الثالث)..!    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    وزير الخارجية يكتب: الإتحاد الأوروبي والحرب في السودان ..تبني السرديات البديلة تشجيع للإرهاب والفوضى    ماذا جرى في مؤتمر باريس بشأن السودان؟    العطا يتفقد القوات المرابطة بالمواقع الأمامية في الفاو والمناقل – شاهد الصور والفيديو    رفع من نسق تحضيراته..المنتخب الوطني يتدرب علي فترتين    استمرار حبس البلوجر هدير عاطف بتهمة النصب على المواطنين    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    حفظ ماء وجه غير مكتمل    ليفربول يسقط في فخ الخسارة أمام كريستال بالاس    خبراء: الهجوم الإيراني نتاج ل«تفاهمات أمريكية».. وجاء مغايرًا لاستراتيجية «طهران»    أحمد موسى: ده مفيش ذبابة ماتت من الصواريخ والمسيرات اللي إيران وجهتها لإسرائيل    إسرائيل تعيد فتح المدارس!    حزب المؤتمر الوطني المحلول: ندعو الشعب السوداني لمزيد من التماسك والوحدة والاصطفاف خلف القوات المسلحة    ضمن معايدة عيد الفطر المبارك مدير شرطة ولاية كسلا يلتقي الوالي    محمد وداعة يكتب: الاخ حسبو ..!    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدهش وتبهر مذيع قناة العربية الفلسطيني "ليث" بمعلوماتها العامة عن أبرز شعراء مسقط رأسه بمدينة "نابلس" والجمهور يشيد بها ويصفها بالمثقفة والمتمكنة    شاهد بالصورة.. إبن عضو مجلس السيادة رجاء نيكولا يحمل السلاح مدافعاً عن وطنه وجمهور مواقع التواصل يشيد ويعلق: (أبناء الإسلام والمسيحية في خندق واحد لحماية السودان من الجنجويد)    شاهد بالفيديو.. مالك عقار يفجرها داوية: (زمان لمن كنت في الدمازين 2008 قلت ليهم الجنا حميدتي دا أقتلوه.. قالوا لي لالا دا جنا بتاع حكومة.. هسا بقى يقاتل في الحكومة)    أرسنال يرفض هدية ليفربول ويخسر أمام أستون فيلا    بعد راحة العيد...المنتخب الوطني يُعاود تحضيراته أمس    تركيا تنقذ ركاب «تلفريك» علقوا 23 ساعة    تجاوز مع أحد السياح.. إنهاء خدمة أمين شرطة لارتكابه تجاوزات في عمله    بايدن بعد الهجوم الإيراني: أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل.. وساعدنا في إسقاط جميع الطائرات المسيرة    الموعد الأضحى إن كان في العمر بقية،،    إعلام عبري: طائرات أميركية وبريطانية تسقط مسيرات إيرانية فوق الحدود العراقية السورية    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    والي الخرطوم يزور رموز ونجوم المجتمع والتواصل شمل شيخ الامين وقدامى المحاربين والكابتن عادل أمين والمطرب عوض الكريم عبدالله    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    «العازفون الأربعة» في «سيمفونية ليفركوزن»    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    لن تنهار الدولة ولن ينهار الجيش باذن الله تعالى    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    انتحلوا صفة ضباط شرطة.. سرقة أكبر تاجر مخدرات ب دار السلام    "طفرة مواليد".. نساء يبلغن عن "حمل غير متوقع" بعد تناول دواء شهير لإنقاص الوزن    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    الضربة المزدوجة الإنهيار الإقتصادى والمجاعة في السودان!    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعدة ما أسعده يوم الحساب على حديدة يشوى عليها اللحم!! 1-2
نشر في حريات يوم 22 - 10 - 2011

يقول سعدة في صحيفة الغفلة: (بشرى للرافضة.. الغالية.. الإمامية.. الاثني عشرية بشرى لهم بقطع الدابر.. واستئصال الشأفة.. وذهاب الريح..) ولقد نسى سعدة أن هذه المهمة فشل فيها شيخه الأبتر وأفراخه منذ أربعة عشرة قرنا، وشيخه هذا كان يغيظه أن يصاح خمسة مرات في اليوم: أشهد أن محمدا رسول الله!! وقاوح صديقه وناصحه المغيرة بن شعبة موبخا: (وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات -أشهد أن محمدا رسول الله- فأي عمل يبقى؟ وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا دفنا!!). فدفن الحسود بن هند نفسه في حفرة حفرها بنفسه في جهنم!! ونسى سعدة كذلك قول نبينا الذي قال: اللهم والي من والاه، وعادي من عاداه..!! وعلى ضوء هذا القول لا أرى سوى ذهاب ريحك أنت ومن معك..فما أولياء نعمتكم إلا فتنة لكم ومتاع إلى حين!! ثم يضيف سعدة:
(وشوقي يريد أن يحول الأمر برمته إلى ملاسنة كلامية وتنابز بالألقاب.. وسخريات صغيرة.. ومسائل شخصية لا تعدو أن تكون مسائل انصرافية الغرض منها صرف الأنظار عن أباطيل الشيعة الرافضة ونشاطاتهم المحمومة تحت ستار الدبلوماسية مرة والثقافة مرة…).
ونذكره أنه هو الذي بدأ الملاسنات الكلامية والتنابذ بالألقاب والسخرية من الشيعة وأئمتهم والحط من مقدارهم وعلومهم وتكفيرهم، وتلبيسهم ما شاء نقلا من مراهقي الشات وما يخطه جهلة السرورية والوهابية!! ونذكره إنه لا يفعل ما يفعل ويكتب ما يكتب لله أو من وحي ضميره وشخصه الطبيعي، بل ينفذ مخططا إعلاميا مرسوما من تنظيمه السلفي السروري الذي يتربص بالسلطة ويداهن جهات أخرى داخل السلطة، فلم تجد “العصبة” أفضل من النيل أبي القرون ليتمرنوا عليه، واتخذوه جسرا يعبرون عليه إلى الجمهور لإسماعه نباحكم وفحيحكم وترهاتكم في الشيعة والتشيع لآل البيت. والمدهش أن النيل أبو قرون ليس شيعيا!! الرجل تفرغ للبحث والكتابة…وهذا ممنوع طبقا للقانون الأموي غير المكتوب.. كما سيفهم القارئ لاحقا!!
لقد أحسنوا الاختيار…لأنهم يعلمون أن النيل أبا قرون سيترفع ولن يرد على شغبهم وترهاتهم، وسيتجاهلهم بطبع العالم الورع كما يتجاهلهم الشيخ حسن الترابي!! واستمروا في غيهم..لغياب من يرد على شغبهم وترهاتهم، وتوهمت غرورا أنفسهم الانتصار!! وحين طلبت في مقالتي “صحفي آيل للسقوط” الرد على أسئلتهم التي أعدوها لأبي قرون..تهرب سعدة وأصر أن تكون قبلته مسيد أبي قرون، وهكذا يثبت سعدة مطلقا إنه لا يسعى لطلب الحق، يسعى بإخلاص لتطبيق مخططه التنظيمي لهدم الطرق الصوفية لصالح من “أستأجره”..فهو حقا كما قال زميله الكاتب والصحفي علي ياسين “نائحة مستأجرة”!!!
لو تصرف سعدة تصرف أشباه العلماء، الحجة بالحجة، والرأي بالرأي والمصدر بالمصدر لزاد مقداره في أعيننا احتراما وإن كان خصما. ونذكره، رغم تغافله..وكثير يتغافلون، إن رأي أئمة وعلماء الشيعة وكتبهم ليست حجة عليه كسني أو على أي مسلم سني آخر…وإنما ما تحتج به الشيعة على علماء السنة وعوامهم هو من مصادر وكتب السنة نفسها – لذا يهرب سعدة وأمثاله ومن هم أعلم منه كأن يفتحوا مصادرهم وكتبهم السنية كما يتهرب كبيرهم القرضاوي!! لماذا يتهرب سعدة وأشباهه أن يسلكوا سلوك المتعلمين ويلجئون إلى التهريج والشتم والتكريه ولا يفتحون المصادر والكتب السنية المعتبرة!! فمن يخادعون؟ وحقا أين هي المصادر والكتب المعتبرة؟ لماذا لا يطبع أولياء نعمته في الخليج المصادر وكتب التراث الإسلامي السنية المعتبرة طبعات شعبية رخيصة ويجعلونها في متناول الجمهور؟ ومنذ نشأة الوهابية قبل قرنين خلت، كتبت الأمة الإسلامية حوالي 1000 في الوهابية باعتبارها ضربا من ضروب الخوارج؟ كيف اختفت هذه الكتب؟
ولماذا يستعينون عوضا عن المصادر السنية المعتبرة بوكلاء الوهابية الكتبة المأجورين؟ وإليك أمثلة ومعظمهم حملة دكتوراه منهم من له دور تاريخي في الارتزاق، وكلهم باع نفسه وساعد على اختراق مؤسسة الأزهر وكان الأزهر يمنع كتب بن تيمية وتلاميذه لقرنين خلون من أيامنا هذه، إضافة إلى مركز الشيخ صالح كامل للدراسات الوهابية (الاقتصادية!) الذي زرعوه داخل المؤسسة الأزهرية بقوة أموال النفط، وهكذا نجح الشيخ كامل صالح ما فشل فيه الشيخ حسن الشربتلي عام 1961م، وإليكم بعض الأسماء:
الناقلين للفكر الوهابي الأوائل لبلادهم: محب الدين الخطيب، وحافظ وهبي، ورشيد رضا، وأبو الحسن الندوي، وأحمد أمين، ومحمد حامد الفقي، خالد محمد خالد، والعقاد. الأزهريون الذين ساهموا في اختراق الأزهر لاحقا: القرضاوي، والشيخ كشك، ومحمود خفاجي، ومحمد عبد الله دراز، وعلي الشريف، وأحمد الميسر، محمد وهدان، وجمال النجار، و محمد عبد المنعم البرى، وجمال المراكبى، ومحمد السالوسى، وعمر عبد الرحمن، وعلى الشريف، وصلاح الصاوي، وإبراهيم بيومي، وعبد الله بركات، فريد التوني، يسرى زعفر، ومحمود مزروعة، ومحمد حسان كسبه، ومحمد سعيد، وسعد الدين صالح، وجلال عجوة، وأحمد رمضان، والعجمى الدمنهورى، ويحيى إسماعيل، ومحمد أحمد المسير، وجمال المراكبى، وجمال الجنيدى، والشيخ عبد الرحمن العدوى. الحدثانيين والمتفردين الذين تم شرائهم وصنعهم: عمرو خالد، وأبي بكر الجزائري، وإحسان إلهي ظهير، ومقبل الوادعي، ومنتصر البلوشي، ومحمد الهاشمي، والتولستوي، ومحمد عمارة، ومحمد جابر العابدي..والقائمة طويلة!!
تماما كما كانوا يفعلون مع الفكر الماركسي في العقود الأربعة الماضية يفعلون اليوم مع الشيعة، فبدلا من مناقشة الماركسية فكرا بفكر كانوا يلجئون إلى “البروباجاندا” أي أسلوب التكريه والتنفير والشيطنة لدحض الفكر الماركسي!! وعلى سبيل المثال لا الحصر كتب المفكر السيد الإمام محمد باقر الصدر كنابين: اقتصادنا وفلسفتنا قارع فيهما الماركسية والرأسمالية الحجة بالحجة، ولم يكفر الماركسية أو أتباعها، ولم يحيلهم إلى شياطين، فأغنى الفكر العربي والإسلامي والإنساني. وبالله من ينكر أن ماركس إنسان، كيف يصبح شيطانا؟ لقد شيطنه الأمريكان وموالي الأمريكان!! وكذلك للصدر كتاب: البنك اللاربوي في الإسلام – يكره القرضاوي أن ينطق به لسانه، ونجزم أنه استفاد من الكتاب في خفية!!
القرضاوي لم يتورع في 9 سبتمبر 2008م وهو على مسافة قصيرة من لقاء ربه أن يتهجم على أئمة آل البيت وشيعتهم وعلمائهم ويبهتهم بما ليس فيهم عل أنهم “مبتدعين” ويدعي أن إيران غزت العالم العربي السني كاستعمار. فأجبرنا أن نسأل كيف أزداد التشيع في العالم العربي السني؟ في واقع الأمر لم تفعل إيران شيئا مسيئا يستحق الهجوم والازدراء، مثل شراء الذمم والضمائر عبر الرشوة المباشرة أو غير المباشرة، أو دفع الدولارات..الخ وقد أعترف سعدة بنفسه أن الرافضة “بخلاء”. ففي عام 2006م وفي قمة الصراع ضد سلاح حزب الله طلب وليد جنبلاط من إيران 3 مليار دولارا وتعهد أن يتشيع وقومه الدروز..فرفضت إيران، كان الجواب حب آل البيت والتشيع لهم لا يباع ولا يشترى!!
كل ما في الأمر أن إيران رفعت كل الكتب الإسلامية التراثية المهمة المعتبرة سنية وشيعية على صفحات الانترنيت، وأيضا علي شكل فايلات يمكن تحميلها ووضعها في الهارد ديسك الخاص بك! وعلى سعدانة أن يكون شاكرا للشيعة حين يتثقف إسلاميا من موقع شيعي واحد، ونكرر موقع واحد، فيه حوالي 4700 مصدر وكتاب سني وشيعي، وهو:
http://shiaonlinelibrary.com
ولا تتخيلوا مقدار انزعاج المهلكة السعودية ودول الخليج ومنها السودان من هذه المصادر الإسلامية التراثية الاليكترونية كأن تكون متوفرة لجمهور السنة!! فأصبحوا يطاردونها بالبروكسيات والفيروسات، وهي مواقع للكتب فقط..وليس مواقع شات!! هذا السلوك المتخلف يؤيده موقف القرضاوي الذي هاجم الشيخ الترابي في التسعينيات حين نادى الثاني بضرورة الفقاهة الجماهيرية، فجن جنون القرضاوي: ووصف فكرة الترابي بأنها طعن في الدين!! ومن لا يدري، الطعن في الدين يستوجب القتل!! هكذا أباح القرضاوي دم الترابي!!
ولعلنا ننبه القارئ الكريم أن كتب الشيعة هي على نوعين: 1) المؤلف الشيعي يخاطب في كتابه قارئا شيعيا.. فهذا أو كتابه لا حجة على العالم السني أو على أي قارئ سني، والنوع الثاني 2) قد يتوجه كتاب العالم الشيعي إلى العالم أو القارئ السني في مناظرة أو مجادلة ويحاججه بأن أرجع إلى كتبكم السنية أو الكتاب الفلاني السني من كتبكم صفحة كذا وكذا – وكانت مفاجأة لجمهور السنة المسلمين، أن كل ما يقوله أو يدعيه المؤلف الشيعي الإمامي في كتابه الموجه للسني هو موجود في كتبنا السنية.
ولحسن الحظ حلت الإشكالية المعاصرة للكتاب عبر الانترنيت، فدول الخليج سيطرت على طباعة الكتب منذ الخمسينيات، وجففت الإقليم من أي مصدر سني معتبر..بعدم طباعتها، ثم طرحوا بكثافة كتبا بعينها لأبن تيمية وتلاميذه بن القيم، والذهبي، بن كثير الخ، وكذلك كتاب العواصم من القواصم للقاضي المالكي: أبي بكر بن العربي، وهو أشبيلي أندلسي ولد عام 468ه..وكتابه هذا اكتشفه وحققه المرتزق محب الدين الخطيب، وأهداه لآل سعود كسلاح تكتيكي واستراتيجي فاتك بعقول المسلمين – ولهذا الكتاب القدح المعلى في صنع الفتنة في مصر بدءّ من السبعينيات!!
ولماذا يخاطب المؤلف العالم الشيعي العالم السني أو القارئ السني؟ هذه مسألة قديمة ولا دخل لها “بالتبشير” الإيراني الذي “يدعيه” القرضاوي!!
وضع الخلفاء والسلاطين وعلماء السنة وجمهورهم أئمة الشيعة وعلمائهم وجمهورهم موضع الاضطهاد والإقصاء وحتى الذبح والسحل في كل العقود الإسلامية. ويعزى السبب إلى أن أئمة آل البيت وعلماءهم وشيعتهم كانوا يرفضون الاعتراف بشرعية الخلفاء غير الشرعيين وبخاصة الطواغيت والجبابرة منهم..لذا سموا شيعة آل البيت “بالرافضة”، وقصة ذبابة أبي جعفر المنصور ليست بعيدة عن الأذهان، حين سأل الطاغية أبو جعفر المنصور الدوانيقي الإمام جعفر الصادق: لماذا خلق الله الذباب؟ وكان يَرِّك كثيرا على وجه جلالته!! فقال له جعفر: لكي يذل به الجبابرة!! فموقف الشيعة الإمامية كان أبدا موقف المعارضة “السياسية والدينية” ضد “الفراعنة” وموقف الدفاع عن النفس طيلة أربعة عشرة قرنا!! ونفس الشيعة الإمامية كبيرهم وصغيرهم يحبون عمر بن عبد العزيز ويجلونه ويحترمونه ويدعون له في صلاتهم بالخير ويقولون عند ذكره رضي الله عنه!! إذن يخاطب المؤلف الشيعي العالم السني من موقع الدفاع ليقيم علي خصومه الحجة، يقول المؤلف الشيعي لعلماء السنة: أنظروا في كتابكم الفلاني صفحة كذا!! مع الملاحظة على القارئ الكريم ألا ينسى أن تاريخ المسلمين هو تاريخ عضوي واحد سنيا أم شيعيا – هؤلاء تشيعوا لعمر وأبي بكر وللأمويين وهؤلاء تشيعوا لعلي ولآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم!!
ماذا يعنى هذا بالمجموع؟ لماذا يولول القرضاوي أو تولول سعدة ضد الشيعة؟ لماذا الحرب على الشيعة؟ باختصار: جنت على نفسها براقش!! فطيلة أربعة عشرة قرنا تعمد علماء السنة تجهيل جمهورهم السني ويستحمرونه ويضللونه، يكتمون ويحرفون الوقائع وينتفونها ويؤولونها له، ويحصرون العلم في صدور بضعة رجال حصرا. ومن يفعل ذلك معناه أن هنالك “شيئا” خفيا يرغبون في إخفائه، وهذا صحيح. واعترف يوسف القرضاوي بهذه “الشيء” بين ولكنه قاله بشكل ملتوي، يقول القرضاوي في 9 سبتمبر 2008م:
(كما حذرت من أمرين خطيرين يقع فيهما كثير من الشيعة، أولهما: سب الصحابة، والآخر: غزو المجتمع السُني بنشر المذهب الشيعي فيه. ولاسيما أن لديهم ثروة ضخمة يرصدون منها الملايين بل البلايين، وكوادر مدربة علي نشر المذهب، وليس لدي (جمهور) السنة أي حصانة ثقافية ضد هذا الغزو. فنحن علماء السنة لم نسلحهم بأي ثقافة واقية، لأننا نهرب عادة من الكلام في هذه القضايا، مع وعينا بها، خوفاً من إثارة الفتنة، وسعياً إلي وحدة الأمة).
أنظر قوله الخفي “مع وعينا بها“!! وقد يمر القارئ الكريم بها مرور الكرام وربما يقرأها دون فهمها في العمق. وكلماته “نشر المذهب الشيعي” لا معنى لها. ولعل القارئ يسأل القرضاوي لماذا تهرب، وأي إثارة للفتنة وأي سعي لوحدة الأمة التي تمنعك من فتح كتب التراث السني؟ ونقول له ولسعدة دعكما من كتب الشيعة أتركوها على جنب، ونسأل يوسف القرضاوي وسعدة: هل هنالك غزو فكري أو مذهبي يتم بدون كتب؟ نقول لهما أنسيا كتب الشيعة مؤقتا وتعالا معا نفتح مصادرنا وكتبنا السنية، نكرر كتبنا السنية. ما لا يتخيله القارئ الكريم، لا يوسف القرضاوي ولا سعدة ولا غيره سيقبلون بفتح الكتب السنية “خوفا من إثارة الفتنة”، و”سعيا لوحدة المسلمين” كما يزعم شيخهم، سيرفضون بألفاظ غائمة على طريقة الكنائس القديمة في العصور الوسطى، مثلما قال الخوف من الفتنة والحرص على وحدة المسلمين. عبارات فضفاضة وكاذبة!!
ما نود أن نخلص إليه: فالسنة العرب الذين تشيعوا تشيعوا إذن بناءا على مصادرنا السنية التراثية، لأنه لا كتب الشيعة المحضة ولا علماء الشيعة حجة على المسلم السني.
إذن مأزق علماء المذهب السني هو كبير، لا يستطيع علماؤه تنزيل المصادر والكتب السنية وجعلها مشاعة للجمهور لكي يفتحها وحده ويتسلح أو يتحصن بها ضد هذا “الغزو” الشيعي على زعم القرضاوي!! كل ما يملكه عوام السنة هو ما يعطونه لهم في المدارس!! أنظر قوله: (وليس لدى (جمهور) السنة أي حصانة ثقافية ضد هذا الغزو). ولقد صدق القرضاوي! ولكن ليس لأن جمهور السنة كسالى أو لا يرغبون في الدين، أو لأن إيران أو الشيعة يرصدون الملايين والبلايين لتشييع السنة، بل لأنه هو وأمثاله وكذلك السلف الصالح أغلقوا على المصادر وكتب التراث السنية عن الجمهور، ولا يتجرؤون ولا يستطيعون تنزيل هذه المصادر وكتب التراث السنية لجمهور العامة وفتحها خوف اكتشاف الجمهور للحقيقة، أو اكتشاف الجمهور للأكاذيب الأموية الكبيرة – وهذا ليس في مصلحة السلطة السياسية القائمة!! وهذه مع الأسف سنة “السلف الصالح” – ونحن لا نسخر أو نبالغ، فحين يحذف الطبري –على سبيل المثال لا الحصر- من تاريخه الكبير مناظرة محمد بن أبي بكر مع معاوية، ويقول: كرهت ذكرها خوف فتنة العامة!! وقال نفس الشيء ابن الأثير في الكامل عن نفس هذه المناظرة فالكتمان إذن هو سنة قديمة توارثه علماء السنة كابرا عن كابر وخلفا عن سلف، ويعمل علماء السنة بمنهج الكتمان إلى اليوم وراء ظهر الجمهور السني! إذن أي صلاح وأي سلف صالح هذا الذي يدفعهم للكتمان وإغلاق الكتب؟
وبالعكس من السنة فالشيعة تفتح وتدرس الكتب السنية!! وماذا يضير في ذلك؟.. إلا دي!! كما تقول أستاذتنا نادية عثمان!! ففتح الكتب والمصادر السنية ودراستها دراسة علمية غير مسموح به للجميع، كائنا من كان، فقط مسموح به لفئة قليلة من “العلماء” تتبع وتعطي ولاءها لسلطة دينية مؤسسية أو سياسية قائمة في كل عصر وزمان. على ألا يتجاوزوا خطوطا حمراء، وهو قانون أموي غير مكتوب..يتوارثونه عبر التلمذة..في دائرة محكمة!! بينما المذهب الجعفري الأثنا عشري مذهب مفتوح للدراسة والبحث والبحوث، لا خطوط حمراء أو صفراء، وعلماء أهل البيت وشيعتهم ليس لديهم ما يخافون منه، وحتى لو اختلفت معهم لن يكفروك..يحاجونك الحجة بالحجة!!
وفي الحق عداء الخط الأموي القرشي لظاهرة الكتب والتدوين هو قديم…لا يختلف فيه اثنان، منع “بعض” مهاجرة قريش الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص أن يدون كل كلمة للرسول (ص) بدعوى إنه بشر يرضى ويغضب!! وستر عبد الله هذا “البعض” حين قال “نهتني قريش”، فمن هم يا ترى؟ سأل عبد الله النبي (ص) هل يكتب؟ فأومأ الرسول إلى فمه وقال : “أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق”، وقد روجوا لمنع كتابة ما يصدر من النبي (ص) فنرى آخر عمرو بن شعيب يسأل نبيه، قال: “قلت: يا رسول الله أكتب كل ما أسمع منك؟ فقال الرسول نعم، قلت: في الغضب والرضا؟ قال الرسول: نعم فإني لا أقول في ذلك كله إلا حقا”.
وقبل رحيل النبي (ص) بأربعة أيام قال “رجل حسبنا كتاب الله” ومنع الرجل وحزبه النبي (ص) من كتابة وصيته الأخيرة، وحرق أبو بكر 500 حديث في يده في أول خلافته، ثم حرق عمر كل الأحاديث التي في أيدي الصحابة، ومنعت مهاجرة قريش تدوين ورواية الحديث النبوي (فصارت اللارواية سنة عمرية استمرت لقرن ونصف)، ثم حرق عمر مكتبة الإسكندرية الضخمة على يد عامله عمرو بن العاص في مصر، ثم حرق عثمان المصاحف بتفاسيرها، ويكفي الشيعة فخرا هي التي أسست مدرسة المدينة النبوية في القرن الأول بعد ذبح الحسين عليه السلام، ثم انشئوا مركز الكوفة وهي العاصمة العلوية العلوي فأنجبت أوعية العلم ويرتجف منها الخلفاء الأمويون والعباسيون، وثم النجف وكربلاء لاحقا، وثم قم، وعلى يد الفاطميين الأزهر ومدرسة القيروان الخ وربما تصيبك الغمة إذا تابعت المكتبات التي حرقت أو دمرت..وإلى اليوم آثارها موجودة مطمورة مثلا في قلعة صلاح الدين وتعمد إلى تدمير المكتبة الفاطمية ونمت سابقا في عهد الفاطميين واحتوت على ما لا يقل عن مليون كتاب وأكثر!!
فالبيئة الثقافية السنية هي معادية للثقافة الليبرالية منذ نشأتها، وتتبع دولة السلطان مباشرة. ولنتأمل ماذا كتب الكاتب الإسلامي صائب عبد الحميد:
قال الزبير بن بكار (في الموفقيات): قدم سليمان بن عبد الملك إلى مكة حاجا سنة 82 ه، فأمر أبان بن عثمان (بن عفان) أن يكتب له سير النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومغازيه. فقال له أبان: هي عندي، قد أخذتها مصححة ممن أثق به. فأمر سليمان عشرة من الكتاب بنسخها، فكتبوها في رق، فلما صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وفي بدر، فقال: ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمصوا عليهم، وإما أن يكونوا ليس هكذا! فقال أبان: أيها الأمير، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا. فقال سليمان: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين، لعله يخالفه. ثم أمر بالكتاب فخرق، ورجع فأخبر أباه عبد الملك بن مروان بذلك الكتاب، فقال عبد الملك: وما حاجتك أن تقدم بكتاب ليس لنا فيه فضل، تعرف أهل الشام أمورا لا نريد أن يعرفوها؟! قال سليمان: فلذلك أمرت بتخريق ما نسخته. ومن هذه الواقعة تظهر عدة ملاحظات هامة:
إن هذه الواقعة لتنطق بصوت خفي بأن تلك الصحف التي حفظت من حق الأنصار ما أثار انتباه الأمير ودهشته ثم استنكار الخليفة من بعده، لم تكن تحفظ شيئا من حق علي وبني هاشم الذين هم لبني أمية خصوم العقيدة والتاريخ. ولهذه الملاحظة ما يؤيدها من سيرة أبان بن عثمان (بن عفان)، إذ كان هواه على الدوام مع خصوم علي، ففي مستهل شبابه في السادسة عشرة من عمره خرج مع أصحاب الجمل لقتال علي، ثم كان هواه من الأمويين وعمل لهم واليا على المدينة المنورة سبع سنين وإذا كانت هذه الملاحظة قد جاءت هنا خفية، فإنها قد استولت بالكامل على المشهد الآتي:
قال المدائني: أخبرني ابن شهاب بن عبد الله (الزهري)، قال: قال لي خالد القسري: اكتب لي السيرة! فقلت له: فإنه يمر بي الشيء من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟ قال: لا، إلا أن تراه في قعر الجحيم! فهذا القول الصريح لا يقصر عن أن يكون برهانا على ما نسبناه إلى تاريخ أبان بن عثمان (بن عفان) آنفا. هنا انتهى كلام الكاتب الإسلامي صائب عبد الحميد هنا. وللمراجعة:
http://www.rafed.net/books/turathona/38-39/02-1.html
وسنواصل في الحلقة الثانية..
(كاتب) و (محلل سياسي)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.