إذا كان السوق في بلادنا قد حير الحكومات التي عجزت عن ضبطه فإن السوق في عهد الإنقاذ التي اعتمدت سياسة التحرير الاقتصادي “غلب الكبار والقدرو” بعد أن ترك له الحبل على الغارب بلا ضابط ولا رابط. ما يحدث في السوق كله كوم وما يحدث في سوق السكر كوم آخر، بين كل فترة وأخرى نفاجأ بزيادة في سعره يتبرأ منها الجميع ولا نعلم من الذي فرضها، لكن أصابع الاتهام دائماً تشير إلى شركات التوزيع التي تحتكره وتوزعه كيف تشاء ولمن تشاء. التقرير الاقتصادي الذي أعدته الصحفيتان ابتهاج متوكل وسلوى حمزة ونشر في “السوداني” في الصفحة العاشرة “مال وأعمال” بعدد الأمس أشار إلى معلومات كشفت بعض ما يدور حول هذه السلعة الاستراتيجية الأهم خاصة للشرائح الفقيرة التي ليس لها مقدرة على تعويض السكر بالفواكه والحلوى. الزيادة التي أشارتا إليها في تقريرهما طبقت بالفعل وسط شح متعمد منذ أيام العيد حتى كتابة هذا الكلام وهي زيادة كانت “السوداني” قد سبقت بأكثر من شهر عبر توقعات مدروسة الإشارة إليها في مساحة مال وأعمال أيضاً وحذرت من اتجاه لإلغاء الدعم من بعض السلع من بينها السكر. أغرب ما في التقرير تصريحات رئيس غرفة تجار السكر بولاية الخرطوم حسن عيسى الحسن الذي قال ل”السوداني” إنه تم إخطارهم بحدوث زيادة في أسعار السكر بمعدل “11″ جنيهاً للجوال زنة “50″ كيلو، ولكنه لم يشر من الذي أخطرهم بذلك. وصف التجار في ذات التقرير الزيادة في سعر السكر بأنها مفتعلة ولكنهم لم يحددوا لنا من الذي افتعلها واكتفوا باتهام شركات التوزيع التي لم توزع السكر أيام العيد، الأمر الذي تسبب في شحه بهذه الصورة الظاهرة واختفائه من الأسواق تمهيداً لإنزاله بالسعر الجديد. بعد ذلك يخرج علينا بعض المسؤولين عن القطاع الاقتصادي ليحدثونا عن انخفاض سعر السكر في بلادنا مقارنة بسعره في بلدان مجاورة وأن ذلك يشجع على التهريب مبررين بذلك الزيادة التي يضعونها هم دون إعلان رسمي أو كما قال رئيس غرفة تجار السكر بولاية الخرطوم. إن المسؤولين عن الاقتصاد والتجارة يعرفون الأسباب والحلول الممكنة التي سبق تجربتها لمحاصرة مثل هذه الألاعيب وليس هناك ما يبرر هذا الصمت المريب عما يجري في سوق السكر.