تذكر بعض التقارير من بين أسباب إنهيار الاتحاد السوفيتي؛ قصة جاسوس روسي جندّته أمريكا ووصل إلي أعلى المراتب في الدولة السوفيتية… وكانت مهمته المكلف بها من المخابرات الامريكية (غريبة بعض الشئ)..! حيث لم تكن مهمته جمع المعلومات العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية او الدبلوماسية، ولا تخريب المنشآت الحيوية، ولا نشر الشائعات التي تصنع البلبلة وتضعف الجبهة الداخلية، كما انها لا تتصل بالعمل على إفساد كبار المسؤولين السوفيت، أو تجنيدهم لمصلحة الغرب… انما كانت (مهمته الوحيدة) تنحصر في ترشيح (أقل الاشخاص كفاءة) لشغل المناصب العليا في أجهزة الدولة السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية، وكذلك من يترأسون المؤسسات الاقتصادية والعلمية والتعليمية والثقافية والإعلامية والصحفية…!! وهذا ما نجح فيه هذا الجاسوس (بكفاءة عالية) على مدار ما يقارب ربع قرن من الزمان، حتى ساد أصحاب الامكانات الضعيفة البلاد، وقادوها الي هاوية الانهيار، في الوقت الذي كانوا يتصوّرون كما قال كاتب عربي أورد هذا التقرير انهم (هدية السماء للأرض) وأكثر الناس إخلاصاً وولاءً للنظام.. مع انهم أضافوا إالى انعدام كفاءتهم وتأهيلهم العلمي، ضعفهم الداخلي، وعنجهية السلطة، والشره للمال والرفاهية، والطمع الشخصي الذي لا تحدّه حدود.. ثم كانت حصيلة ذلك ما هو معروف من سقوط النظام، وانكسار المجتمع، وتضعضع الدولة، وانهيار الاتحاد السوفيتي بالكامل.. وانسلاخ أقاليمه…!! هذه هي قصة الجاسوس الامريكي في الاتحاد السوفيتي.. وسواء صدقت هذه الرواية بحذافيرها، أو اختلف الناس حول ترتيبها في جدول الأسباب التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي – بكل هيله وهيلمانه- فإن في القصة عبرة لا تخطئها العيون التي في المحاجر، أو الأفئدة التي بين الصدور…!! ما يحدث في السودان الآن من حيث تقلّد المناصب العليا في شتي المجالات (أمر فيه نظر).. ويكاد الانسان يذهل من تسنّم مناصب الدولة العليا بواسطة أصحاب الكفاءات المتدنّية والضعيفة و(المعدومة).. ليس فقط من حيث قصور التأهيل الإداري والسياسي والعلمي والأكاديمي والمعرفي، أو من حيث ضعف رصيد الخبرات والتجارب، بل أيضا من حيث (وَهَنْ العارضة الاخلاقية).. دعك من صحيفة السوابق المرصودة (في ميدان الجنايات) أو في (مخالفة القوانين الإدارية) و(مشاكسة اللوائح المالية) ومعاندة إقرارات الذمة.. أو في مجال (الثراء الما راكب عدلو) وارتكاب (الهوائل المشهودة) التي ترقي إلي (قريب جداً) من مرتبة الاختلاس الصريح …!! هذا هو الذي (ينقض غزل الأمم) ويُذهب ريحها؛ أن يتولى الأمر فيها غير أهله… وكما جاء في الاثر: اذا أُسند الأمر إلي غير أهله فانتظر الساعة..!! وليس أسرع في فناء الدول واقتيادها الي حافة هاوية الانهيار و(الانفصال الإجرامي) غير ان يكون على رأس شؤونها العامة ومناصبها العليا الأقل كفاءة وخلقاً.. والأدني خبرة ومعرفة ومسؤولية..!! ابحثوا في السودان عن (الجاسوي الروسي)…!