( عماد عبد الهادي- الجزيرة نت ) يحذر كثير من الاقتصاديين السودانيين من فجوة غذائية “ربما تصبح مجاعة حقيقية” إذا ما فشلت الحكومة في دعم مخزونها الإستراتيجي ولم تضع في الحسبان حاجة البلاد المستقبلية من الغذاء. ورغم وصفهم إياه بسلة غذاء العالم فإن السودان مهدد بمجاعة حقيقية بحسب خبراء الاقتصاد وليس بفجوة غذائية كما يعتقد بعضهم، مرجعين أسباب ذلك إلى ضعف هطول الأمطار هذا العام بنسبة أقل من المعدل من جهة واتباع بعض السياسات الحكومية الخاطئة من جهة أخرى. وبحسب الخبراء فإن معدلات الإنتاج في عدد من المناطق الإنتاجية وصلت إلى درجة الصفر رغم تأكيد بعض المسؤولين عكس ذلك. ويرون أن القمح -الذي يعد المحصول الرئيس للشعب السوداني ويستهلك منه ما يقدر بمليوني طن سنوياً يستورد القطاع الخاص منه ما يعادل نحو 85% لتغطية حاجة البلاد، فيما يغطي الإنتاج المحلي في أحسن أحواله نحو 15% فقط- سيمثل غيابه المشكل الحقيقي مستقبلا. وكان والي ولاية شمال دارفور يوسف كبر توقع حدوث فجوة غذائية بولايته بجانب خروج ولاية القضارف وجنوب كردفان وغرب وشمال دارفور من الإنتاج لهذا العام. استيراد القمح وتؤكد مصادر رسمية أن هيئة المخزون الإستراتيجي المنوط بها تأمين الغذاء للبلاد شرعت في استيراد نحو 300 ألف طن من الذرة بغرض استقرار أسعار المحصول وسد أي فجوة ربما تحدث في مقبل الأيام. ويقول المدير العام لهيئة المخزون الإستراتيجي بالإنابة إبراهيم البشير أحمد إن الهيئة بصدد استيراد آلاف الأطنان تحسباً لأي فجوة أو تأخر القطاع الخاص في الاستيراد والمقدرة نسبته بنحو 85% من الاستهلاك المحلي الذي يصل إلى مليوني طن سنويا. لكنه نفى وجود فجوة غذائية حالية بالبلاد، مؤكدا استعداد الهيئة لسد أي نقص قد يحدث في الغذاء بالسودان حاليا أو في القريب العاجل. لكن والي ولاية القضارف –أكبر ولايات السودان إنتاجا للذرة- كرم الله عباس وصف الموسم الزراعي بالولاية بالفاشل، معتبرا أن عدم هطول الأمطار بالمعدلات المعقولة “كان كافيا لإخراج المنطقة من دائرة الإنتاج”. ضعف واضح وقال للجزيرة نت إن قلة الأمطار بالولاية أدت إلى ضعف واضح في كافة المحاصيل الزراعية وقادت الولاية لفقدان ميزتها الإنتاجية، مؤكدا ما تناقله المزارعون عن ضعف الموسم الزراعي بالولاية. لكن عباس استبعد أن يتسبب ضعف الموسم الحالي في أزمة غذائية بالسودان لأن الولاية تمتلك مخزونا إستراتيجيا كافيا لفترة طويلة. وتوقع أن يواجه الرعاة بشرقي البلاد أزمة كبرى بسبب انحسار مواقع الرعي، مشيرا إلى إمكانية مناقشة ذلك مع الحكومة الإثيوبية. غير أن الخبير الاقتصادي أحمد مالك أرجع الأزمة الغذائية إلى نظيرتها العالمية بجانب العوامل الطبيعية الأخرى كثقب الأوزون، معتبرا أن ذلك أحدث خللا في النام الكوني بأسره. وقال إن السودان أصيب ضمن الدول الأفريقية بالعوامل الطبيعية، متوقعا ارتفاع أسعار الغذاء إلى أكثر من 40% مما كان عليه بالعام الماضي. وربط في حديثه للجزيرة نت أزمة الغذاء في السودان بدخول أعداد كبيرة من الصوماليين والإثيوبيين والإريتريين وبعض لاجئي الدول الأفريقية الذين تعاني بلدانهم من المجاعة. وقال إن السودان وعلى الرغم من طرحه برنامج النهضة الزراعية فإنه لا يمتلك أي جهاز لإدارة الاقتصاد، مشيرا إلى أن مناخ الاستثمار في السودان يفتقر للنظم والمؤسسية. وانتقد مالك تولي السياسيين أمر الاقتصاد والزراعة في السودان “دون أي اكتراث منهم بما يحيق بالسودان من مشكلات”، مطالبا في الوقت ذاته باتخاذ تدابير حقيقية لمعالجة المشكلة.