إعداد: وائل طه محي الدين ان خصائص ومميزات الحركة الطلابية كحركة او فئة اجتماعية هى مفهوم مرن ومتحرك اى انه غير ثابت لاينفصل عن البعد الزمنى فأى تغييرات فى التركيبة الأجتماعية والاقتصادية والنفسية لهذه الفئة بالضرورة يفرز نمطاً جديداً له خصائص ومميزات النمط القديم، كما لايجب فصل الطلاب عن المجتمع وظروفه وواقعه عند الحديث عن سمات حركة الطلاب باعتبارها جزء من المجتمع لاينفصل عنه برغم استقلاليته وواقعه الخاص . هناك سمات ووقائع تاريخية لحركة الطلبة ارتبطت بتاريخها وبالاحداث البارزة فيها، اهم سمة لحركة الطلبة فى فترة ما قبل الاستقلال ان النضال ضد المستعمر كان الهدف الاساسى لحركة الطلبة والسكة المميزة لنشاطها وتفاعلها. ويتمثل هذا الموقف الطليعى لحركة الطلبة فى النضال ضد المستعمر فى الصراع ضد الجمعية التشريعية حيث كان الطلاب فيصل اساسى ومصادم شارك بقوة من خلال الاضرابات التى كانت فى الكلية والمظاهرات التى كانت تدعمها القوى التقدمية فى الشارؤع متمثلة فى الجبهة المعادية للاستعمار ففى فوران الصراع ضد الاستعمار وتطلعات السودانيين نحو الاستقلال والتقدم الاقتصادى وسط تصاعد تحركاتهم سواء قيادات الاحزاب الوطنية او حركات العمال والمزارعين والمثقفين ولدت حركة الطلاب المنظمة كاستجابة مباشرة لهذه التفاعلات. لقد كان للتحالف بين الطلاب والعمال فى تلك الفترة الاثر البالغ فى تقوية جبهة النضال ضد الاستعمار ونذكر هنا تظاهرات التضامن الطلابية مع اضطرابات العمال فى الخرطوم وعطبرة ومزارعى النيل الابيض . ايضا فى تلك الفترة كانت هناك ثمة تاثر الحركة الطلابية بوصيفتها المصرية، فألاعداد الكبيرة من الطلاب السودانيين التى كانت تدرس فى مصر، إنخرطت فى الحركة السياسية الطلابية المصرية بواقع الحركة القضية المشتركة المتمثلة فى الاستعمار الانجليزى للبلدين، وفى معمعان هذا الصراع استشهد طالب سودانى فى انتفاضة 1964 م بل ان الطلاب السودانين عملو داخل المنظمات والاحزاية المصرية الطلابية وغيرها من المنظمات. فى فترة مابعد الاستقلال السياسى كان هناك سمة اساسية بارزة لحركة الطلبة وهى موقفها المصادم لكافة الانظمة العسكرية ورفضها للدكتاتورية وتطلعها الدائم للحرية والديمقراطية . فالعلاقة بين الحركة الطلابية والسلطة السياسية ظلت ذات طابع متوتر وصدامى منذ الاستقلال ولم تشهد هدوءأ نسبيا الا فى الفترات الديمقراطية، ويعود هذا الى النزوع العميق لحركة الطلبة نحو الديمقراطية وحرصها على استقلالية اجهزتها النقابية ونشاطها، وبالمقابل ساهم طول فترات الحكم اللاديمقراطى فى تقوية شعور العداء تجاه السلطة ومعارضتها فى اواسط الطلاب. الانظمة العسكرية استهدفت ضمن ما استهدفت الحركة الطلابية ومنابرها النقابية بمحاولات تراوحت بين الأحتواء تاتدجين او المحى ولم تكترث لواقع التعدد والتباين الفكرى والسياسى وسط حركة الطلبة واستحالة صبها فى قالب وموقف واحد , لذا وبغض النظر عن لون السلطة السياسى والآيدولجى ظلت القطيعة والصدام قائمة بين الطرفين. اما من جهة الوضع الطبقى للطلاب، ومن خلال التعريف العلمى للطبقة الاجتماعية يتضح ان الطلاب ليسوا طبقة اجتماعية كما ذهب بعض المنظرين بل يشملون فى مجتماعتهم ابناء وبنات البرجوازية الصغيرة والفئات المهنية وفى بعض الحالات العمال، اذا هم ينتمون الى اصل طبقى مختلط ومن هنا يعكسون الافكار المتناقضة لمختلف الطبقات والخلفيات الاجتماعية التى جاءوا منها، لا بالمعنى الميكانيكى المباشر وأنما بشكل غير مباشر فى الطريقة التى يعالجون بها احيانا مسالة الثورة والتغيير الاجتماعى . هنالك مفكريين ماركسيين يصنفون الطلاب كبرجوازية صغيرة وعلى هذا الاساس يطونها خصائص هذه الطبقة فحركة الطلاب تتميز بنوع من العفوية فى تناولها للقضايا العامة وهى فئة تتميز بالقلق مما ينعكس على تقييمها واداءها فى كثير من القضايا، والانتلجنسيا بطبعه ميالين للعمل الفكرى والثقافى نسبة لعامل العى المتقدم ترتبط هذه النقطة بميزة التعالى او الصفوية التى ييصف بها حركة الطلبة فى تفاعلها مع باقى قطاعات المجتمع وفى هذه القضية بزرة اساسية للتفكير الشمولى حيث ان شرائح كثيرة من المثقفين ترى انها المنوط بها قيادة المجتمع دون باقى شرائح المجتمع وهذا ربما مرده الى الاحساس الجماعى بالتعالى وسايكولوجية الطور النفسى الذى يوجد فيه الطلاب فى الجامعات. ان تصنيف الطلاب كبرجوازية صغيرة يعتمد فى الاساس على موقعهم من عملية الانتاج فالطلاب فئة غير منتجة كطلاب، نجد هذه الميزة مرتبطة بانعدام مسؤليتهم المباشرة اتجاه الاسرة وعدم زواج معظم المجودين داخل المؤسسة التعليمية هذا عموما يدفعهم الى الميل اتجاه القضايا العامة فى شكل تضحيات، وتفرغ نسبى لهذه القضايا . هناك سمات عامة لحركة الطلبة ابرزها النزوع العميق للطلاب نحو تاديمقراطية وحرصهم على استقلال اجهزتهم النقابية ونشاطهم السياسى والاجتماعى، ايضاً حركة الطلبة حركة ذات ايقاع سريع بعكس باقى الحركات الاجتماعية ويرجع ذلك الى الروح الجماعية بين للطلاب نسبة لترابطهم فهم دائما مجتمعون فى مكان واحد حول قضايا واحدة بطريقة تفكير واحدة، اذا حركة الطلبة تتقدم متوحدة وتتراجع متوحدة هذا الوضع بالضرورة يعطى حركة الطلبة ميزة سهولة التنظيم فيها . ايضا يمكننا التاكيد على حقيقة ان الحركة الطلابية السودانية حركة مسيسة حتى النخاع، وان فرز الكيانات والتجماعات فيها يتم على اساس سياسى وفكرى وليس مطلبى مباشر ( ابرز هذا العامل مؤخرا وبشدة مع تفاقم الازمة الاقتصادية ورفع الدولة يدها عن دعم تكلفة التعليم ) لهذا كانت حركة الطلبة عموما جزرية فى مواقفها من الانظمة بقربها او بعدها عن قضايا الديمقراطية , السلام والتنمية. دكتور جعفر محمد على بخيت يرى ان الطلاب فى جامعة الخرطوم مرتبطوا الجزور بمجتماعتهم وصلاتهم الاسرية قوية التاثير على مشاعرهم واتجاهتهم وهم يعيشون وجدانيا على مستويين: اصيل وظاهرى، ففى المستوى الاصيل يتصرفون وفق نزعاتهم الفطرية ووصفهم الاجتماعى وفى المسستوى الظاهرى يماشون التيارات السائدة. وان تقليدية الحركة الطلابية بشقيها اليمينى واليسارى ليس محل خلاف بل فى حقيقة الامر لاتعكس تصرفات الطلاب اى تباين فى اساليب تفكيرهم وهوية مذاهبهم وفى اكثر الاحيان نجد ان مذهبيتهم هى اتجاه تقليدى فى تقبل افكار محددة مصاغة فى قوالب جامدة لا يتصرفون فيها ولا يتجاوزون وكانها ترتيل، وحتى اليساريون نراهم يخافون من التحريفية خوف اليمنيين الزيغ والضلال. وقيام الحركة الطلابية (على التقليدية ) جعلها مثل تنظيمات الحركة السياسية للاحزاب قائمة على الوجود التاريخى والحياة بتاثير دفع الاحداث ولهذا كان خط سيرها متعرج وتجاوبها مع الاحداث متفاوت، ورغم كل المذهبيات التى يوهمنى الطلاب بانها تسير حياتهم فأن حركتهم فارغة الحتوى المذهبى ولا تستند على فلفسفة ما، بل والتفكير الطلابى ينقصه الاتجاه الاكاديمى القائم على المذهب الاستقرائى، ولهذا فالحركة الطلابية فى جامعة الخرطوم قد تتناقض كليا او جذئيا مع منطقها وشعارتها دون ان تجد فى ذلك حرج. يرى الباحث محمد حسن النعمان رؤية دكتور /جعفر محمد على أنها صحيحة الى حد ما على مستوى (تقليدي) حركة الطلبة السودانية والتى عجذت عن خلق واقع خاص مفصول عن تقليدية الحركة السياسية السودانية العامة، وتعاملها مع هذه التقليدية الاخيرة كأمتداد فقط اوذارع للكيان السياسى المعين داخل الحركة الطلابية ليس باستطاعته تقديم رؤية مستقلة عن مجمل الاشكالات العرضة والقضايا الملحة (فكرية كانت ام سياسية ) وفعلا كان هذا ومازال حال التنظيمات السياسية فى الجامعة ( يمينا ويسارا ) والتى تجتهد ايما اجتهاد فى تبرير سياسة واتجاهات منظومتها على مستوى الشارع دون التفكير والتقييم المستفل، ان الاشكال الحقيقى هو فى سقوط المنظومات الحديثة ( الجبهة الديمقراطية والحركة الاسلامية ) فى هذا الغلط الفادح ،وباعتبارها منظومات حديثة، كان الاجدر ان يكون شكل خطابها السياسى فيه مزيد من الاستقلالية والعلمية يقوم بعكس ( المؤسسية ) المفترضة فى هذه التنظيمات وما تجربة سكرتارية الجبهات التقديمية وموقف الحركة الاسلامية الطلابية منذ 30/ يونيو/1989م وحتى الان الى اثبات لهذه الاخفاقات , اضف الى ذلك ندرة او انعدام المنظومات الفكرية والسياسية الطلابية البحتة ذات الوجود الحقيقى والبرامج والاهداف الواضحة . لكن رغم ذلك لايتفق الباحث مع فكرة فراغ المحتوى المذهبى لحركة الطلبة وغياب الفلسفة المحدده. - المصدر : محمد الحسن النعمان، بحث تكميلي لنيل درجة البكاروليوس في العلوم السياسية، جامعة الخرطوم، 2000م