هذا المقال يتناول مفهوم الثورة و الانتقال او التحول من وضع سياسى الى اخر افضل منه ,و كذلك يتناول الوضع السياسى فى السودان و اهمية الثورة لتصحيح مسار الدولة و الحكومة , و اقامة حكم لا مركزى ديمقراطى تعددى بصدد الخروج من الشمولية الجاسمة على صدر الشعب . الثورة كمصطلح سياسى هى الخروج من الوضع الراهن و تغيره سواء الى وضع افضل مثل الثورة الفرنسية و الثوره المصرية حديثا . او اسواء كما شهدنا فيما يسمى بثورة الانقاذ الوطنى و كذلك الثورة تشتعل بأندفاع يحركه عدم الرضا عن الاوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و التطلع الى الافضل او حتى الغضب من الظلم و الفساد و محسوبية العصبة و تهتك اعراض و كرامة الناس بفعل الطغاه و الجبابرة . ان للثورة اهداف و توجهات عامة منها , التغير الكامل من دستور الى اخر ,او التعديل على الدستور الموجود و ازالة كافة المظالم و اعادة ضمان ممارسة الحقوق السياسة و المدنية و اقامة الحكم الراشد . على الرغم من ان الثورة مهمة فى التاريخ السياسى كتحرك الجيوش و الشعوب لتغير نظام الحكم و استبداله بنظام جديد , فأن الانقلاب على مبادئى الثورة امر وارد اذا لم يتمكن الشعب من ازالة كافة التحديات و معوقات التحول و الانتقال من الثورة الى الدولة , لأن الثورة و سيلة و الغاية منه هو تحقيق مقاصد الثورة و استدامتها كموروث اجتماعى يتعاقب عليه الاجيال اخذين فى الاعتبار التغيرات الشكلية و الزمنية دون المساس بمضون ما اتفق علية و هو فحوة الدستور و مايتضمنه من حق الحياة و الكرامة للانسان , الا ان الثورة الارترية انزلقت لتكون نظاما شموليا و ثورتى اكتوبر1964 و ابريل1985 فى السودان لم يتمكن من تحقيق اهدافها العامة و لم يتجاوز فتراتها الانتقالية حتى انقلبت عليها الطغاه المدنيين و العسكرين لتسرق توجهات و تطلعات الشعب نحو الحرية و الديمقراطية و لم تكتمل النضج السياسى نحو بناء مشروع قومى تهدف الى توحيد الجهود السياسية و الاقتصادية لبناء وطن معافى من العلل و تستنهض بشعبها تحو الافضل. و ما زال االسودان فى مأزق تاريخى منها , ازمة حكم, و هوية و عنصرية بغيضة تمثلها النظام الحالى المؤتمر الوطنى و استفحلت كل ازماتة كألجسد المسرطن لا البتر و لا الكى علاج له , حيث انفصلت منه جزء عزيز كعلاج للأزمة الحكم و ما زال يعانى الشمال مرضا مزمنا و عدم التوافق و الانسجام السياسى بل الحروبات و انتهاك كرامة انسانه تحت دواعى السيادة الوطنية و بسط هيبه الدولة و الامن و فى الواقع الحرب تحت دواعى العنصرية و الكراهية العرقية مستخدميين فيها الدين و العرق و انتاج ازمات جديدة و السعى وراء التبريرات السابقة من استهداف الهوية العربية و الدين الاسلامى لخلق جنوب اخر بدواعى التأمر الصهيونى و ممارسة النفاق السياسى بأخفاء الحقائق عن غياب مشروع سياسى وطنى يبسط العدل و الحرية للجميع .. اذا لم تحقق مشروع الثورة اهدافها فلابد من اسباب او معوقات منها عدم الايمان بمشروع التغيير و الصدق نحو العمل او عدم تنزيل اهداف الثورة للواقع او سرقته و تغير مسارها بغرض تحقيق مصالح ضيقة تخص نخبب سياسية او تهيمن عليها تقافة محددة او هوية معينة و فى راى هذا هو سبب الفشل فى الثورات السودانية و خاصة منه ثورة اكتوبر و ابريل و لكن كيف نجحت الثورة الفرنسية قبل ثلاثة قرون تقريبا؟ الاجابة و اضحة, هنالك ضمير جمعى ووعى ثورى و وحده وطنية تجاه القضيا العامة , حيث نادت الثورة الفرنسية بالعدل و المساوة كمبدأ اساسى و الحرية كقيمة انسانية و المؤخاة كقيمة بشرية , بل ناهضت الثورة كل القيم السائد ه ما قبل الثورة من الظلم الطبقى و النظام الاقطاعى و الكهنوت و رجالات الدين اللذين يستمدون سلطتهم على تراكمية الوراثة و الحق الالهى . تم تفكيك و انهاء النظام الاجتماعى القديم و هنا تشير مضمون التفكيك الى وضوح علاقة المواطن بالدولة او الحكومة و مضمون الحقوق و الواجبات , حيث كونت مؤسسات حقيقية نادت بضرورة اكمال مشروع الثورة و ضمان انفاذ ما اتفق عليه فى المسودة الجديدة من ميثاق الحقوق فيما يعرف بالعقد الاجتماعى او البيان التأسيسى للدولة. الثورات من حولنا و بالاخص ما حدثت بشمال افريقيا و جزء من الوطن العربى فى عام 2011 ما هى الا انفجار الكبت و القمع ضد ارادة الشعوب و التطلع نحو الحرية و الكرامة الانسانيه , ان الظلم وحدت الشعوب ارادة و فكرا و عملا للأسترداد الديمقراطية ضد طغاتها , ان الثورة المعلوماتية و حرية الحصول و سرعة الانتشار للمعلومات و عالمية حقوق الانسان تحت اشراف و رعاية المنظمات الحقوقية مكنت او تطورت الشعوب نحو التحرر . نحن فى السودان نعانى القمع و التنكل بل القتل الممنهج و الفساد و المحسوبية القبلية و فرض هوية احادية و تدهور اقتصادى و تخلف تنموى و حرب اهلى و لم نتمكن من انتفاضة سلمية لتغير النظام و العمل الثورى المسلح لم يتكمن من الزحق نحو قصر غردون لتخلصنا من هذا الطاغى , ان سبب تأخير الثورة الشعبية او الانتفاضة و اكتمال الثورة المسلحة تكمن فى انقسام المعارضة مدنيا او عسكريا , تفكيك البنيه الاجتماعية و تنامى الجهوية و القبلية , اختلاف الرؤية و فقدان الثقة , بعض قادة المعارضة يلعبون دور الكومبارس و لهم توجهات ذاتية يعيق او يضعف عملية التغير بالشكل المطلوب او الضرورة الملحة للعملية التغير و الاصلاح السياسى . ان تنجح الثورة فى السودان لابد ان تمر بمرحلتيين , المرحلة الاولى و هى مرحلة الثورة التى نعيشها الان بشقيها العسكرى والمعارضة المدنية و ان كانت المدنى فى مرحلة الاستكانة , يجب توحد كافة الجهود العسكرية و المدنية تحت مشروع سياسيى واضح الاهداف للأسقاط النظام الحاكم فى السودان تعتمده مؤتمر دستورى تلتقى فيها كل مكونات الشعب السودانى المعارضة المدنية و العسكرية و حتى المؤتمر الوطنى يجب دعوته للمشاركة بصدد الوصول الى اتفاق و بناء ثقه و اقرار الاليات نحو مشروع التغير القادم بناء على النتائج سوف يكون هنلك شرعية الاجماع الوطنى و حينها يتحمل الكل ثمن المواجهة المحتدمة من اجل الاهداف المشروعة. اما المرحلة الثانية هو اعداد وثيقة الانتقال و الحكومة الانتقالية الذى بدورها يقوم بأنتقال السلطة من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية بأسس و جدولة زمنية منضبطة وفق ما يقره المؤتمر الدستورى للخلاص الوطنى . تفاديا للفوضة الشاملة الذى اوشك ان ينفجر فى كل بقاء من السودان بسبب سياسات المؤتمر الوطنى الهدامة منها اثارة النعرات العرقية و الجهويه و تسليح القبائل بغرض الدفاع عن نفسها يجب اسراع المعارضة العسكرية و المدنية التحضير الى هذا المؤتمر (المؤتمر الدستورى للخلاص الوطنى ) كما ينبغى على المعارضة تصحيح عيوبها و اكتمال نواقصها بغرض قيادة مشروع التغير الرائد , القائد الشجاع لا يكذب اهلة و لا ان يعتمد على عشيرتة وعصبته او جهته كمصدرا للقوة او التأيد السياسى بل يتقدم الصفوف لا اواخرها ويسبقها مشرروع الوحدة الحقيقة قيادة و تنظيما .. الفاضل النور كمبالا- 13/1/2012 [email protected]