* شهدت جلسة البرلمان أول أمس جدلاً حول أداء الشرطة، خاصة شرطة المرور وبعض تصرفات أفرادها بين الدكتورة سامية هباني ووزير الداخلية، وجميل جداً أن تطرح الطبيبة المعروفة هذا الموضوع وتتناوله بجرأة لم نعهدها في السادة أعضاء البرلمان الموقر، وأن يتفاعل وزير الداخلية بشكل إيجابي مع هذا الطرح ويصل إلى تحليل موضوعي مفاده أن سبب هذه التصرفات هو ضعف مرتبات الشرطة ..!!* وفي حقيقة الأمر فإننا نظلم الشرطة كثيراً جداً بتعميم (ظاهرة) ليس هنالك شك في أنها لا تنطبق على معظم من يعملون بالشرطة التي يوجد بها الكثيرون جداً من الأكفاء الأمناء المخلصين المتفهمين لمهنتهم وعملهم وطبيعة ونوع المجتمع المتنوع الذي يتعاملون معه والظروف الصعبة التي يواجهها ..!!* لقد قرأت وعايشت تعاملات أفراد الشرطة مع المخالفات البسيطة في الكثير من دول العالم منها على سبيل المثال أوروبا وأمريكا ومصر وسوريا ..إلخ، وأجزم أن الشرطي السوداني في تعامله مع تلك المخالفات وتفهمه للدوافع التي حدت لارتكابها وردة الفعل إزاءها ونوع الإجراءات التي يتخذها ضد مرتكبيها، هو أفضل بكثير من رصفائه في الكثير من الدول، ولو وجد التدريب المناسب وشروط الخدمة المناسبة لكان أفضلهم على الإطلاق، وعلى سبيل المثال فإن الشرطي في الكثير من الدول حتى أكثرها تقدماً لا يتعامل مع المخالفة مهما كانت بسيطة وغير مؤثرة إلا بالطرق القانونية الجامدة التي تهدر على المواطن وعلى الشرطة وعلى الدولة الكثير من الوقت والجهد والمال، بينما يحسن أفراد شرطتنا التصرف إزاءها بما يجعل الإنسان بالفعل يحمد لهم هذه الميزة الفريدة، كما أن أفراد الشرطة في الكثير من الدول يتعاملون مع مرتكب المخالفة بشكل وحشي جداً بينما تتعامل شرطتنا بشكل مقبول في غالبيته مع اعترافنا بوجود الكثير من النقائص والتجاوزات التي لا بد أن تجد النقد والكشف للرأي العام بغرض الإصلاح وهو ما نفعله دائماً ولن نتخلى عنه بإذن الله ..!!* شرطتنا مثل كل قطاعات الخدمة المدنية والعسكرية في بلادنا مظلومة ظلماً كبيراً، فهي لا تجد التدريب الكافي والمناسب خاصة ضباط الصف والجنود، بعد الالتحاق بالعمل إلا نادراً ولو حدث فهنالك الكثير من الخيار والفقوس في الاختيار، بالإضافة إلى فقر الإمكانات ( لدرجة أن المتحري يشتري ورقة الفلسكاب التي يكتب عليها تحرياته من جيبه أو جرورة من الدكان المجاور) مع سوء شروط الخدمة بشكل مجحف جداً، ثم التدخل السياسي المستمر في عملها بما يضعها في خيار صعب بين مسؤولياتها المهنية البحتة و رغبات الساسة، ويجعلها محل تذمر المجتمع والمواطنين في معظم المواقف والمناسبات..!!* إذا أردنا شرطة ذات كفاءة عالية لا بد من معالجة كل هذه النقائص بخطة متزنة ومرنة، وإلا سيظل الحال كما هو عليه ومن الظلم أن نلوم عليه الشرطة وحدها ..!!