* يجب ألا ننجرف وراء المخطط الخبيث لإشاعة الكراهية بين الشعب والشرطة، لأنها ضحية مثل غيرها من ضحايا النظام وليس عونا له كما يظن البعض، ويشهد بذلك ما تعرضت له من عمليات فصل وتشريد ممنهج ومنظم منذ استيلاء النظام على السلطة فى عام 1989 لم نشهد له مثيلا فى اى عهد سابق ولا فى اى مكان آخر فى العالم ولا تزال تتعرض له من حين لآخر وهو ما يعرفه الجميع ولا يحتاج لتعريف او الإتيان بدليل ..!! * بل حتى الاشياء و التصرفات التى تجعلنا نكره الشرطة ونلعن اليوم الذى عرف فيه العالم شيئا اسمه الشرطة، مثل القوانين المجحفة كقانون النظام العام والمواد سيئة السمعة فى القانون الجنائى العام كالمادة 151 (الأفعال الفاضحة ) وحملات النظام العام والمظهر العام والتدخل فى المناسبات العامة والخاصة، والجبايات المرورية واستخدام الشرطة فى اغراض الجباية المختلفة التى لا علاقة للشرطة بها واستخدام العنف المفرط فى تفريق الاحتجاجات البسيطة التى لا تستدعى استخدام العنف بتاتا، وحتى التصرفات العنيفة التى تقع فى كثير من الأحيان من بعض افراد الشرطة فى أحداث بسيطة جدا مثل الحادثة الاخيرة التى أدت لمقتل الشهيدة عوضية وسخط الناس على جهاز الشرطة، هى أكبر دليل أكيد على ان الشرطة ضحية من ضحايا النظام وليس العكس..!! * فالشرطى فى بلد مثل السودان لا تتوفر فيه القوانين الكافية لحماية حقوق الانسان ولا الوعى الكافى بحقوق الانسان للشرطى او لغيره شخص نظامى عليه ان ينفذ الأوامر التى تأتيه من قادته ورؤسائه بدون مناقشة، وللاسف فان البعض يستغل هذا الوضع أسوأ استغلال ويستخدم جهاز الشرطة لتحقيق مآربه وفرض سيطرته بدون ان يكون للشرطة حق الرفض وإلا تعرضت للمحاسبة والتنكيل وهو ما يفسر بشكل واضح لماذا ظلت الشرطة تتعرض على الدوام للفصل والتشريد فى هذا العهد والعهود الكتاتورية الاخرى ..!! * الأمرالآخر، فإن اسباغ القانون حصانة قانونية على الشرطة بحيث صار من المستحيل جر الشرطى للمحاكم ومقاضاته على اخطائه، أعطى بعض افراد الشرطة الذين جاء معظمهم من بيئات بسيطة وفقيرة تفتقد الى الثقافة والوعى شعوراً بالقوة والسلطة وصوّر لهم بأنهم ( سيوبر أشخاص) فوق القانون بينما بقية المواطنين مجرد أتباع ليس لهم إلا حق السمع والطاعة، فنتج عن ذلك الكثير من التجاوزات التى زادت من غضب الناس على الشرطة، بينما هى فى حقيقة الأمر ضحية لذلك القانون الفاسد وليس العكس. * كل ذلك وغيره من اركان ذلك المخطط الخبيث يهدف الى خلق حالة من العداء بين الشرطة والشعب، حتى إذا ما جاء الوقت الذى يحتاج فيه الشعب الى عون الشرطة وقفت منه موقفا سلبيا بل ربما تعاملت معه بعنف شديد كما حدث فى مصر بينما هى جزء أصيل من الشعب بل( إبن) مخلص له وستثبت لنا الايام ذلك كما اثبتته من قبل، بشرط ألا ننجرف الى ما يريدنا البعض أن ننجرف إليه ..!! الجريدة 13 مارس 2012