فاجأني النهار…. وأنا ماشي بيناتا….. أتساقط باقي حنين….. سارقاني أنامل …شربت من لون شوقي سنين…… ولسه عيونك ياها عيونك…… تكسر باب الدم السري…… وتجري تنعس عشب القلب…… وتبكي سماهو فراش…… أه من وضوحك يا نهار…… أه من حضورك يا حنين…… يا ناعس بين الخلوة وريحة الصندل…… فلت الطين… النيل قصا ضفيرتو…… وشراها رماد.. وفجر حنين….. يسرى الحلم الموجوع .. لابطلع وقت اللقياء ولا بهجرني وجواي ضلوع يا مولود مظلوم في رئتك ميز ريحة المطره أو اٍتخيل بيناتنا رزاز أنا حلفت بنات الشجر الماطر ماتنزل صفقه تعري صفير الريح يلقي غناهو صرصار الليل الماكر همست شجرة لتاني شعاع رباني شاقي الحله يدخل صرة شافع ويطلع ايقاع نوبه اٍحنا حفايه في بلدك اٍتلفتت فوق كتفينا ود العين ندى وطار عصفور نبت فيني الريش صفقت جريت فرحان ما تغطيني ….عرقان من وهج الفيني لون التمرة وطعمك ….ما الحمي !! ما تغطيني ***** أربع سنوات .. مرت على رحيل المبدع مجدي النور ** بس أربع سنوات “فرت” مرت على رحيل المبدع مجدي النور، ومجدي عندما تعارفنا كان ذلك بالمقرن – مقر منظمة سودانا للمسرح الجوال- وهي واحدة من المشاريع الثقافية التي تبنتها الحركة الحركة الشعبية بعد الاتفاقية مباشرة، وقد كانت في الأصل فكرة المسرح الجوال فكرة الرفيق باقان أموم وبلورة الرفيق عبد الباقي مختار. وتمّ إسنادها له لكي ينجز المشروع، وقد تمّ تكليف الرفيق عبد المنعم رحمة بإدارته وتنفيذه، وكنت آنذاك في أول إعادة لتشكيل قيادة القطاع الشمالي برئاسة الرفيق الحلو نائباً للسكرتير الثقافي، وعندما كان الرفيقان يجتمعان بالمسرحيين والتسكيليين وكل قبائل المثقفاتية لتسوية الفكرة وشرحها.. وهو نشر قيم السلام والمحبة والتصالح بين الناس عن طريق المسرح الجوّال وإزالة المرارات التي خلّفتها الحرب في السنين الماضية، والمشروع ارتكز بأنّ يصل إلى النازحين وسكان الأطراف على اعتبارهم أكثر المتضررين. المشروع وبداياته كان له القبول القوي والحضور والأفكار الجيّدة في تنفيذ الفكرة والأعمال وطرق الإخراج و… إلخ. كانوا كلّهم هناك.. بمن فيهم مجدي النور.. شخص في غاية التهذيب والذكاء.. تعارفنا حينها وعندما انتهت الفترة التدريبية لاختيار الممثلين والمؤدين طلبني مجدي بأنّ لديه مشروعا يرغب في أن يناقشه معي بصفتي تلك.. التقينا بعد البروفات في سودانا طرح مجدي أن نتبنى نشاطا مسرحياً موجوداً بكثافة في المدينة.. فقد حضر احتفالات كثيرة تقام بهوامش العاصمة، وغالباً ما تقدم فيها أعمال مسرحية، فالجمعيات الثقافية والطلاب والكنائس وغيرهم عندما يحتفلون في أطراف المدينة غالباً ما تكون هناك أعمال درامية صغيرة وخفيفة تقدم.. لماذا لا نقوم بتبني هذه المجموعات الصغيرة ونقوم بورشة ضخمة تدريبية لهم كما فعلنا مع مجموعة سودانا، ويمكن أن نتعاون مع خريجي المسرح في إخراج أعمالهم.. وعلينا أن نقوم بتنظيم منافسة لهم في مركز المدينة، ويتم إشراك النقاد والمسرحيين فيه على أن يتم تخصيص جائزة باسم الدكتور قرنق. كان في منتهى الحماس للفكرة، فطلبت منه أن يأتي بالمشروع مكتوباً حتى أعرضه على رؤسائي.. يومان فقط واستلمت المكتوب.. وأذكر أنّ التكلفة كانت زهيدة لتنفيذ المشروع. ولكن.. ولكن للأسف أولويات العمل السياسي كانت هي الطاغية، والتنظيم كان الطاغي.. وفعلاً كنا في حاجة ملحة لتنظيم الحزب، ولكن لماذا لم نهتم بهذا الأمر.. لا أعفي نفسي من ذلك، لأنني بعد فترة استلمت السكرتارية كاملة.. وأذكر أنني عرضت الفكرة على الرفيق ياسر عرمان الذي قبل بالفكرة ولكن.. ولكن كما قلت القضايا السياسية كانت هي التي تستهوينا.. علماً بأنّ مشروع السودان الجديد في الأساس مشروع ثقافي، والذي من المفترض أن تتمكن فيه الأدوات الثقافية جميعها، ونهتم بها، ونرعى أي مشروع يمكن أن يوصل رسالتها.. ومجدي النور رجل هامش وموجوع بقضايا الهامش، وجل أعماله المسرحية من هناك.. أعني الهامش السوداني.. فإن وجد مسرحاً أو تيّاراً مسرحياً يهتم بقضايا الهامش فالمؤكد مجدي النور هو مؤسسه.. أرغب في أن أقول هنا بأنّ مشروع مجدي النور عن تطوير وتبني مشروع هوامش الخرطوم لم ير النور!!! ** عندما اتصل بي الرفيق عبد المنعم رحمة معلناً لي وفاة مجدي النور بدون مقدمات أحسست بغصة في حلقي لم أستطع أن أتكلم كثيراً معه في التلفون.. أوقفت العربة طرف الشارع.. وانهمرت دموعي لأنني أحسست بأنني خذلته.. نعم خذلته فقد رحل سريعاً قبل أن أقنع رؤسائي في القطاع بأهمية تنفيذ الفكرة والمشروع آنذاك.. فقد وافق الكل.. ولكن… ولكن… ولكن دي المطلعة عيني.. تألمت جداً عندما عرفت بأنّه بعد الحادثة أخذ زمناً طويلاً جداً جداً دون أن يتم إسعافه فنزف كثيراً ولم يجد أكسجين لصدره الذي انكسرت بعض أضلعه.. فمن مستشفى الشرطة إلى مستشفى بحري، والذي فارقت فيه روحه جسده.. هكذا رحل عنا مجدي النور كتلة هائلة من مشروع مسرحي سوداني حقيقي.. بإهمال كامل.. الحكومة التي أهملته لم تبيّض وجهها لو أصلها عندها وش، ولم تغسل ذنوبها لو أصلاً يمكن أن نحصي ذنوب الحكومة.. فلم نسمع شيئاً قط عن هذا المبدع تبنته الحكومة له أو حتى لأسرته الصغيرة.. ونحن لا نتوقع منها أي شيء، فهي حكومة لا يمكن أن تهتم بالمبدعين والعباقرة.. بل هي حكومة الأقزام في الفكر والرؤية.. حكومة لا تحتفي إلا بالحرامية والمطبلاتية والمبدعين وليس المبدعين والأنقياء وأصحاب الحب الحقيقي للإنسان السوداني من كل حتة فيه.. إنّها حكومة لا تعرف قيمة إنسان السودان البسيط فكيف تعرف قيمة المُبدع.. إنّها حكومة السجم والرماد… ** فقط أربع سنوات ولم نجد أي شيء من زملائه ومن أصحابه.. فقط سنتان الثالثة ذكراه كانت خجولة والآن تماماً لا شيء عن مجدي النور لا المسرح لا التلفزيون الذي أخرج له أعمالا عديدة ولا حتى الفرق التي غنّت بأرق أغنياته عقد الجلاد وغيرها.. لا شيء .. ماذا حدث هل الواجب انتهى.. أن نبكيه فقط وبعد أربع سنوات ننسى.. طيّب يا أصحاب مجدي فيكم زول سأل عن عياله.. أولاده..؟ مازن.. مصطفى.. زوجته.. وأخبارهم..؟؟ وهل أصدقاء مجدي قلة..؟ حتى لا نحيي ذكراه حتى ولو بعرض إحدى أعماله لو في المسرح أو حتى في التلفزيون أو حتى يتلموا ويغنوا أغنياته.. ألم يكن ذلك ممكناً..؟؟ ما الذي يمنع ذلك.. ضيق اليد..؟ هو أصحابه بهذه القلة حتى تغلبهم أي طريقة لإحياء ذكرى فراقنا له.. طيب إذا كانت حكومة السجم والله أنتم أصدقاء ومعارف مجدي النور انتو السجمانين وتستاهلوا تحكمكم حكومة سجمانة زيّكم… ** إنّ ذكرى مجدي النور لا تعني اللمة.. بل يمكن أن نسلّط الأضواء على أعماله خاصة النقاد المتخصصين والعارفين بأدوات النقد المسرحي.. وشكراً للأخ الصادق الرضي الذي خصص بالأمس نصف صفحة وعمود بالسوداني لذكرى الراحل مجدي النور، فهل لا يوجد صديق أو من معارفه إلا الصادق الرضي..؟؟ إنني موجوع حقاً؛ ذلك لأنّ فترة تعارفنا وتعاملنا مع مجدي النور كانت قصيرة جداً، وحفلت بالعديد من المناقشات كنت أمامه تلميذاً أفتح فاهي مستغرباً من غزارة أفكاره وتناسقها.. كنا حينها في بدايات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.. كنا كلنا السودانيين عدا المؤتمرجية نعتقد بأنّها كانت اتفاق جنتلمان لن تكون فيها أي “لولوة” أو عراقيل كما حدث فيما بعد.. ولكن الحماس كان لمجدي النور بأنّه قد حان وقت ذهاب الكل إلى الأطراف.. إلى الهوامش لأشعاع الأمل وغسل الجراحات، وتأصيل التصالحات ونسيان المرارات حتى نبني بلداً تعم المحبة فيه جميع أفراده.. كان يرى الأمر بهذه الصورة.. فلماذا ننساه أيّها الرفاق وبهذه السرعة..؟ لماذا…؟؟