د.أنور شمبال [email protected] كنت على يقين ان الحكومة تتراجع من ذاك القرار الذي اصدره وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود محمد تحت الرقم (19) عمم بموجبه الضريبة على القيمة المضافة على السلع الرأسمالية، والواردات الحكومية، ولكن ليس بهذه السرعة، ومن اسباب تيقني أولاً لانه قرار معطوب اصلاً، ثانياً انه لم يخضع لادني الاختبارات، ولو من بوابة البالونات التي ظلت تطلقها الحكومة لاختبار ردود الافعال من قراراتها السياسية، وثالثاً ان مثل هذه الزيادات لا يمكن ان تمرر الا بقانون الموازنة، وهو لم يتضمن ذلك، وحتى اذا تطلبت الحاجة اليه لابد من ان يوافق عليها البرلمان، لان العائد من هذه الضرائب كبير جداً، رابعاً ان القرار تم تمريره سراً لتنفيذه فوراً وفرض سياسة الامر الواقع الذي لا مفر منه، حيث لم يعلن في مؤتمر صحفي، أو تورده اجهزة الاعلام الرسمية، انما تم نشره في هذه الزاوية فقط يوم الاربعاء الماضي تحصلت عليه من مصادرها العليمة، ليأتي التراجع في ذات اليوم وبأوامر رئاسية. حيث أصدر النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه أمرين رئاسيين، قضى الأول بإعفاء واردات مشروعات التنمية الممولة من قروض ومنح أجنبية ومدخلات إنتاج الكهرباء المستوردة الخاصة بالتوليد والنقل والتوزيع من الضريبة على القيمة المضافة. والثاني بإعفاء السلع الرأسمالية من الضريبة على القيمة المضافة وفق جدول مرفق بالأمر، وتجاوز النائب الاول وزير المالية الذي اصدر القرار وألزم د. محمد عثمان ابراهيم الأمين العام لديوان الضرائب بتطبيق الإعفاءات الممنوحة بموجب هذين الأمرين. في ذات اليوم الذي نشرت فيه الصحف خبر الامرين برر علي محمود وزير المالية قراره بانه للتنظيم فقط وانه وجه بعدم تنفيذ قراره، لأن القانون يؤكد أن الإعفاءات من سلطة مجلس الوزراء وليست سلطته، وان رئيس الجمهورية سيصدر قراراً يقضي بسريان القرار السابق واستمرار الإعفاءات بحسب قول الوزير، ولا ندري هل كان الوزير يقصد الامرين اللذين اصدرهما النائب الاول أم قرار آخر يصدره رئيس الجمهورية؟!. لقد قرأت الخبر مثنى وثلاث ورباع ولم استطع فهم القصد من التبرير خاصة ان وزير المالية هو رئيس القطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء، وانتظرت ثلاثة ايام لتصحيح الخطأ ان كان هناك خطأ، ولكن لم يحدث هذا الامر الذي يجعلني اشك في مضامين، أوامر النائب الاول لرئيس الجمهورية، على انها لا تعني الغاء قرار الوزير جملة وتفصيلاً، أولاً لانه لا يعقل ان تكون رئاسة الجمهورية لا علم لها بالقرار الذي مر عليه أكثر من نصف شهر، ولا تعرفه الا من خلال الصحف وتتفاعل معه، ثانياً لانه لا يستقيم عقلاً ان يخطئ الوزير ويطلب التصحيح من الرئيس شخصياً، ان لم يقدم استقالته لغفران خطأه أو اقالته من منصبه، وعليه فان التفسير الوحيد هو ان قرار الوزير متفق حوله، ومختلف في كيفية اخراجه؟