انعقدت في بغداد اجتماعات القمة الثالثة والعشرين لجامعة الدول العربية حيث غاب عنها الكثير من نجومها المخضرمين بعد أن أطاحت بهم شعوبهم ، كما لم يحضرها اصحاب الجيوب المنتفخة من شيوخ الخليج العربي الأمر الذي أحبط المتسولين السياسيين من الزعماء الذين يتصيدون هذه اللقاءات بتركيزهم على الاجتماعات التي تعقد على هامشها ليمارسوا تسولهم الدولي باسم شعوبهم المغلوبة على أمرها ، وغلب عليها الرؤساء الانتقاليين الذين يشاركون فيها لأول مرة . وكما كان متوقعاً فقد تجاهل الزعماء العرب قضايا السودان خلال مخاطبتهم للقمة ،ومن تطرقوا لها ذكروها علي استحياء كالرئيس الصومالي الذي ركّز على علاقة السودان مع دولة جنوب السودان . وأسهب كل من تحدث من وفودها في الصراع السوري وضرورة وقف العنف وحماية المدنيين هناك ، متجاهلين في نفاق سياسي واضح المدنيين الذين مازال قتلهم وتشريدهم مستمراً في دولة عضواً معهم ، بل ومتجاهلين أن قاتلهم متربعاً في وسطهم ولم يستطيع الحضور اليهم الاّ خلسة خوفاً من القبض عليه بعد أن ثبت للعالم مسئوليته عن ابادتهم وتشريدهم ، وبعد أن ضمنوا له سلامة العودة فور الفراغ من قمتهم . وتجلّت قمة النفاق السياسي بهذه القمة في الخطاب الذي خاطبها به رئيس نظام الانقاذ الذي ثمّن فيه ثورات دول الربيع العربي متمنياً أن تنعم هذه الدول بالحرية والديمقراطية ، وبارك للشعب الليبي تخلصه من الطاغية الذي كان جاثماً على صدره ، وهو يعلم قبل علم من يخاطبهم من الزعماء ومن يستمع اليه عبر وسائل الاعلام بأنه هو ايضاً طاغية جاثم على صدر الشعب السوداني وهوالذي قضى على الديمقراطية في بلاده بالانقلاب عليها ، وهو من صادر في بلاده الحريات العامة التى يتمنى لهذه الشعوب أن تنعم بها بقيام نظامه بتكميم الأفواه واغلاق الصحف ومنع الصحفيين من الكتابة وإعتقال أجهزته الأمنية للنشطاء السياسيين صباحاً ومساء. كذلك حثّ هذا المطلوب للعداله الدولية مستمعيه من المنافقين العرب على تقديم الاغاثة العاجلة للشعب الصومالي الذي تتهدده المجاعة والكل يعلم بأنه يستخدم الطعام كسلاح في صراعاته الداخلية التي يخوضها داخل دولته بمنعه لوصول الغذاء والدواء الي عدد كبير من مواطني الدولة التي يحكمها بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق . ويتواصل النفاق السياسي عندما ذكر مخاطباً القمة بأنه يتمنى معالجة الوضع المتأزم في سوريا بطريقة تجنبها التدخل الأجنبي ، والجميع يعلم بأن ذات الجامعة الكسيحة التي يتربع داخل قمتها هي التي ذهبت بملف الصراع السوري الي مجلس الأمن الدولي ، بل أن بعض زعمائها من المنافقين المتواجدين معه في القاعة وصلوا اليها عبر غارات طائرات حلف شمال الأطلنطي ، ومساعدات عسكرية من قوات دول أخرى من بينها قوات دولته كما صرح هو بذلك ، كما أن القبعات الزرقاء تجوب في أنحاء بلاده وتحتل جزء كبير من المطار الذي استقل فيه طائرته متوجهاً الى من يخاطبهم . استحقت هذه القمة أن يطلق عليها قمة النفاق السياسي بجدارة فكل من فيها يظهر خلاف ما يبطن ، ويصفق لما يعلم تمام العلم بأنه الكذب بعينه . وتنحصر أهم إنجازاتها في انها مثلّت حفل تعارف كبير وأنيق بين المنافقين الجدد والقدامى . أمّا أكبر انجازات وفد السودان فيها فلن يخرج من ما ذكره المحلل السياسي لصحيفة حريات وهو أن يعود رئيس الوفد سالماً دون القاء القبض عليه. طارق محيسي