الشكر أولا .. لتيار (الأسلام السياسى) فى مصر – بشقيه – الذى لا يختلف كثيرا عن باقى التيارات (الأسلامويه) فى المنطقه، بعد أن أنضم لهم (السلفيون) الذين كانوا حتى وقت قريب يرفضون (الخروج) على الحاكم طالما كان مسلما حتى لو كان ظالما وفاسدا، ولذلك لم يشاركوا فى الثوره المصريه عند بدايتها، مثلما كانوا يكفرون بالسياسه وبالديمقراطيه التى تتأسس على التداول السلمى للسلطه وعلى فصل السلطات وتعنى حكم الشعب بواسطة الشعب من خلال صناديق الأنتخابات ولا تميز بين مواطن وآخر ، رجلا كان أو أمرأة ، مسلما أم مسيحيا الا بوطنيته وعلمه وخبرته فى الحياة ومساهماته فى العمل العام وكلما يفيد وطنه، ويرون – جماعة الأسلام السياسى – أن (الشورى) أفضل من (الديمقراطيه) لأنها (شريعه) رغم تعريفها الشائع وهو (حكم الفرد الراشد للتبع القصر) الذين يشاورهم فى الأمور دون أن يلتزم برأيهم حتى لو كان صائبا، ومن يشاورون ليسوا كافة (المواطنين) بل هم جماعه تعرف (بأهل الحل والعقد) وآية ذلك فى القرآن (وشاورهم فى الأمر فاذا عزمت فتوكل) وقلنا اذا جاز هذا الأمر لنبى كريم يأتيه الوحى ويصححه اذا (أخطأ)، فكيف يعطى ذلك الحق لبشر عادى (غير معصوم) كثيرا ما تتدخل اهواء نفسه وتنجرف نحو خيار غير سليم، وقد سمع العالم كله بقضية النائب البرلمانى المصرى السلفى (البلكيمى) الذى كان من الجائز فى (الدوله الدينيه) أن يصبح (خليفة) أو (اماما) أو على الأقل (واليا)، لولا أنه ظهر على أحدى القنوات الفضائيه وأدعى تعرضه لأعتداء من (بلطجية) فأتضحت الحقيقه على خلاف ذلك وأنه قام بأجراء عملية (تجميل)، لكنه فضل الكذب وهو من الكبائر فى الأسلام على أن يعترف لرفاقه بأجراء تلك العمليه (الحرام). مع أن الديمقراطيه التى يرفضونها ويتعاملون معها بالقدر الذى تمكنهم من السلطه، لها مكانتها فى (الأسلام) لا (الشريعه) ومنصوص عليها فى القرآن وبصوره واضحه وآياتها (فذكر انما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) .. وآية أخرى أكثر وضوحا تمنح الناس حرية بلا حدود وتقول (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) فالأسلام أعطى الأنسان حق أن (يكفر) لكن (الشريعه) لا تمنح ذلك الحق والآيه واضحه وتقول (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم). وفهم مثل هذه الآيه الذى لا يعلن جهرا هو السبب فى العنف الذى تمارسه بعض (الجماعات) الأسلاميه بصورة مطلقه، بل يظهره بعض (المسلمين)، الذين يعيشون فى الغرب وكانوا حتى وقت قريب مسالمين يحبون ويودون اصدقاءهم ورفاقهم المعتنقين لديانات وعقائد أخرى .. وللأسف لا يميز كثير من (الأسلاميين) بين (الأسلام ) ككل وبين (الشريعه)، مع أن الفرق شاسع. فالأسلام مثلا يساوى بين (الرجل) والمرأة والآيه تقول “لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ”. وحتى الآيه التى تتحدث عن (تفضيل) ما، وتقول ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ” ، فكما هو واضح انه ليس تفضيلا (مطلقا) وأنما تفضيل مشروط ينتفى بانتفاء السبب وهو (القوه الجسمانيه) و(العضليه) التى كان يتمتع بها الرجل يوم أن كانت القوه العضليه هى التى تحسم المعارك والخلافات والآن (القوه) للقانون الذى يساوى بين الجميع ويحسم خلافاتهم، والسبب الثانى هو (الأنفاق) المادى، والآن اصبحت المرأة تعمل وتنفق مثل الرجل تماما، بل احيانا تنفق على زوجها وشقيقها (العاطل). لكن (الشريعه) تميز بين الرجال والنساء فى الشهاده .. وفى الميراث بل حتى فى حق السفر مهما كان (آمنا) فالمراة حتى لو كانت عجوزا لا يرغب فيها الرجال، ليس من حقها فى (الشريعه) أن تسافر بمفردها للحج دون محرم! د حادثة (البلكيمى) .. الأتهام الذى وجه للشيخ/ حازم ابو أسماعيل، ولم يفصل فيه حتى الآن وهو مرشح (سلفى) لرئاسة الجمهوريه، وبأنه اخفى حقيقة حصول والدته على (الجنسيه) الأمريكيه، كما أكد أحد تلاميذه، وهو رجل دين كذلك .. ومع تحفظنا على منع أى انسان من التمتع بحقوقه السياسيه والمجتمعيه، بسبب جنسيته المزدوجه أو جنسية أحد اقاربه .. لكن ذلك هو (القانون) المعمول به فى بلده، ويجب أن يحترمه ويبقى فوق الجميع خاصة من الذين يدعون بأنهم يلتزمون الأسلام فى حياتهم ويريدونه منهجا ومرجعية لدستورهم وحكمهم .. ومن زاوية أخرى اليست هذه أمريكا نفسها التى يتهمون بها كل من يخالفهم الرأى خاصة الديمقراطيين والليبراليين وبأنهم حلفاؤها وعملاؤها؟ اليست هى (امريكا) التى انشد فى حقها رفاقهم فى السودان (أمريكا قد دنا عذابها)؟ الشاهد فى الأمر .. أننا ظللنا نناهض مشروع (الدوله الدينيه) حرصا على الأسلام أكثر من الذين يتدثرون به ولفترة طويله من الوقت، وقلنا لا يوجد شئ اسمه دوله دينية، أسلاميه كانت أو مسيحيه أو يهوديه، والدول تنشأ فى العصر الحديث على اساس مواطنى ومدنى وأنسانى وتبنى على عقد اجتماعى ودستور تشارك فى وضعه كافة شرائح المجتمع وعلى سيادة القانون واحترام الحريات الشخصيه، وقلنا لا يضيرنا شيئا بل يسعدنا جدا أن يكون المسوؤل فى أى موقع (متدينا) اذا كان الدين يعنى التزام المعايير الأخلاقيه ومراعة الضمير والحق والعدل فى التعامل مع الآخرين .. وقلنا لسنا ضد (الاسلام) لكنا ضد (تسييس) الدين أو (تديين السياسه). ولذلك ظللنا ندعو قدر استطاعتنا ومعرفتنا لدولة (المواطنه) التى تساوى بين الناس جميعا دون تمييز بسبب العقيده أو الثقافه أو الجنس أو القبيله أو اللون وبغيرها لا ينتفى الظلم ولا تتوقف الحروب والنزاعات. ونحن نرى أن الدوله المتحضره العادله – فى أى مكان – يجب أن يجد فيها أى ( انسان) نفسه لا المواطن ابن البلد وحده، بل حتى الضيف الأجنبى القادم من الخارج وحتى لو كان عابرا لا مقيما، و الا يشعر بأنه غريب أو حقه مهضوم أو أن أعتقاده منبوذ. وهذا لا يمكن أن يتأتى الا بدستور (أنسانى) يستهدى بكل القيم الفاضله التى تتوفر فى مختلف الأديان والأفكار ومن خلال أجتهادات المصلحين والمفكرين والباحثين . وبحمد الله وتوفيقه اكد (الأخوان المسلمين) فى مصر وهم (اصحاب) هذا الفكر (الأصليين) ما كنا نردده بأنه لا يوجد انسان كامل حيث نأتمنه على حرياتنا، فيشاورنا دون أن يتقيد برؤانا حتى لو كنا أغلبيه وكنا الأقرب للصواب ولذلك يجب أن يكون الدين لله والوطن للجميع. والسياسه تعرف (التكتيكات) والمناورات وتبدل المواقف، وما يجوز للأحزاب الليبراليه والديمقراطيه، لا يمكن أن يجوز لحزب يدعى أن مرجعيته هى الأسلام ، وهم يعرفون الحديث الذى يقول آية المنافق (إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ, وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ, وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) وفى رواية أخرى (اذا عاهد غدر واذا خاصم فجر)، ويحفظونه عن ظهر قلب، ومعلوم أن المنافق فى الدرك الأسفل من النار ويفضله مكانة (الكافر) الواضح! فكيف يفسر الأخوان المسلمين فى مصر مواقفهم المتناقضه منذ أن نجحت الثوره المصريه وتنحى مبارك؟ وهل هى السياسه والحيلة والدهاء، أم (الدين)؟ فقد سمعناهم يقولون بأنهم لن يعملوا للحصول على أكثر من 30% من مقاعد البرلمان ومن أجل ذلك، سوف يترشحون على حوالى 50% من المقاعد، لكنهم رشحوا اتباعهم فى جميع الدوائر وسعوا للفوز بها كلها ، وكان بامكانهم الأنسحاب بصوره تحدث فى أرقى الدول الديمقراطيات فى العالم لمرشحين وطنيين يعلمون انهم لن يفوزوا بسبب عقيدتهم، مثلما كان عليهم أن ينسحبوا لعدد من النساء ، لكن ضعف مشاركة (المرأة) هدف له مكانته فى دواخلهم لا يعلن فى مرحلة التمكين والمشاركه! ثم جاءت قضية (الجمعية التأسيسيه) المنوط بها كتابة الدستور، فتخلوا عن الوفاق وسعوا للهيمنه على تلك الجمعيه والهدف هو دون لف أو دوران كتابة (دستور أسلامى)، وبرروا تصرفهم بمبررات واهيه وأستنادا على الأغلبيه، مع أن الدساتير لا تكتبها الإغلبيه وأنما المجتمع كله، وفات على الكثيرين أن يقولوا لهم أن النائب البرلمانى صحيح يفوز بما يحصل عليه عدد اصوات غالبه فى دائرته، ومن حق الحزب الذى يحصل على عدد نواب أكبر فى البرلمان أن يشكل الحكومه، لكن هل جميع المواطنين فى الدوائر موافقين على برناج النائب الذى فاز وحصل حزبه على الأغلبيه؟ واذا فاز نائب من (الأخوان) مثلا فى دائره بعدد من الأصوات بلغ 100 الف صوت وحصل الذى يليه والمنتمى للتيار الليبرالى على 90 الف صوت، أى بفارق 10 الف صوت هل يلغى حق هؤلاء ال 90الف بالكامل فى الدستور بسبب فوزه ؟ ومن زاوبة أخرى، هب أن البرلمان بكامله لم ينجح فيه محام أو عالم قوانين أو فقيه دسايتر، فمن يقوم بصياغة القوانين وضبطها؟ الا يحتاجون لذلك الخبير القانونى من خارج البرلمان؟ ثم جاءت الطامة الكبرى وهو ترشيح (الأخوان) لأحد قياداتهم فى (تنظيم) الأخوان لا من (حزب العداله والمساواة)، رغم أعلانه لأستقالته من (الجماعه) فى عملية (ديكوريه)، بعد أن اعلنوا من قبل انهم لن يرشحوا لمنصب الرئيس واحد منهم ، بل قالوا أنهم لن يساندوا مرشحا ينتمى لحزب أو تيار اسلامى، لكنه مسلم !! فشكرا لهم جميعا .. اذا اكدوا بأن (السياسه) مثل (تلقيح النخل) عمل دنيوى لا (دينى) يجعل من حق الأنسان أو الحزب أن يغير من تكتيكاته وأستراتجيته ، وأن يتنافس الناس والأحزاب كافة من خلال (برامج) لا عقائد وديانات .. وأن يبقى الدين منزها ومقدسا يلجأ له كل انسان على نحو فردى أو جماعى حينما تنغلق السبل وتنبهم، فيجدوا فيه راحة نفسية وأن يستعينوا به لممارسة السياسه والأعمال العامه والتجاريه على أخلاق وقيم لا (بميكافيليه) وأنتهازيه .. لا أن يظهروا جميع اصناف القبح لكنهم يرتدوا (قميص) الدين لكى يضللوا البسطاء والجهلاء وأنصاف المثقفين. والشكر ثانيا .. للنخب والمفكرين والمثقفين المصريين الذين قاطعوا (الجمعية التاسيسيه) حتى لا يشاركوا فى هذه المهزله ويضيعوا وطنهم، ولم يفعلوا مثل بعض المثقفين عندنا الذين غلبوا مصالحهم الذاتيه على مصالح الوطن فدعموا وساندوا نظام (الأنقاذ) خلال 23 سنه رغم ديكتاتوريته وشموليته وفساده وأستبداده ورغم انه قسم الوطن الى جزئين ولا زال يواصل التقسيم والتفتيت والتجزئه وللأسف البعض سارك فى تزوير الأنتخابات وفى تزييف ارادة المواطنين وفى بقاء (الحاكم) الظالم حتى اليوم. [email protected]