عادل عبد الرحمن.. كنت أشاهدها، قبل عام، على شاشة إحدى الفضائيّات (لا أذكر أيّها، فلينعلها الربّ جميعا: من شاشة السينما المتجوّلة، إلى البلوريّة المائعة هذي) وهي تردّ على سؤال عمّا ستفعله بعد الإنفصال هي التي وُلدت وترعرعت ودرست في الشمال، قالت استيلا بأنّها ستتقدّم بطلب لجوء إلى حكومة الخرطوم، كي تبقى في وطنها! قالت ذلك جادّةً/مازحة، أو لعلّها كانت مازحة/جادّة لا أدري سوى أنّها قالته بأسى. ومن المشين أن نشبّه قولها بالسخرية؛ فهي إنّما كانت في مجابهة مسخرة، بمثل ما عبّر عنها، مسخرته، عبد الله البردوني: {شماليّون في صنعا * جنوبيّون في عدنِ يمانيّون في المنفى * منفيّون في اليمن} فانتازيا واقعيّة جدّاً.. جدّا، أن تجد نفسك دون إطلاعك على نص أو حوار أو رؤيا لمُخرج أو بروفة ضمن جوقة عرض مسرحي مقام على خشبة مشروخة لنصفين، لمُحرِّك مجاميع منفصم يدعوك بأن تكون على شمالٍ بروحك، وعلى جنوب بجدّتك! أن تكون في آن: ممثّلا ومتفرّجا، على خشبةٍ في سودان، وضمن صالة في سودان.. * فلكِ الحقّ، يا عزيزتي/ استيلا، أن تبتئسي، ولكن لا تيأسي: فالوطن، قبل أن يكون حقّا مكفولا بالميلاد، فهو خيار.. خيارٌ إنسانيٌّ، وجوديّ، وروحيّْ لو ذهبتِ إلى جوبا، السوباط، أو رمبيك: ستجدين روحي قد سبقتكِ، إلى هُناكِ. [email protected]