من الواضح جدا أن نزول شوكة كرم الله عباس والي القضارف المستقيل عن حلق الانقاذ ولو الى داخل أمعائها قد كانت بردا وسلاما على كثير من رموزها الذين كانوا يتوقون الى اقالته منذ وقت مبكر ! بل هو تحديدا ثالث الولاة المنتخبين الذين خرجوا بصورة عامة منذ الانتخابات الأخيرة وثاني الذين نسفهم الصراع مع وزير مالية النظام المدلل علي محمود ، بعد أن أزاح قبلا والي جنوب دارفور عبد الحميد كاشا ! كرم الله طبعا ليس انقاذيا بالاصالة وقد جاء الى المؤتمر الوطني كما هو معروف بخلفية اتحادية ، ممتطيا نفوذه وسط مزارعي وتجار المنطقة الغنية بمواردها في بورصة الحبوب والغذاء والتنوع الأثني وخرج منتصرا في كثير من المعارك وربما أبرزها ابعاد الوالي السابق عبد الرحمن الخضر عن حلبة المنافسة السياسية على عرين الشرق ! طبعا قد لا ينسى الكثيرون تلويح كرم الله في مرحلة ما بعد نيفاشا أو نحو ذلك بعصا تقرير مصير الاقليم أو الحكم الذاتي في ثلاثية ولاياته ..كسلاوالقضارف والبحر الأحمر ، وبالتالي يصبح الوسط بعد سقوط الجنوب اذا ما حدث ذلك مخنوقا في غذائه و موانيه وسياحته وحاجات تانية حامياني ! الآن الرجل خرج وقد افرغ صدره من هواء ساخن وبراكين حقائق تصل الى درجة اهانة الانقاذ على كافة مستويات قياداتها ، مطالبا اياها بالاستحمام ثلاثين مرة من نجاسة الفساد ، بدلا عن مطالبتها للمعارضة من قبل بالاغتسال سبعا من جنابة استحلامها باسقاطها ! طبعا مما لاشك فيه أن الرجل ايا كانت دوافعه ونواياه ان هي ذاتية أو جهوية أو وطنية خالصة ، فانه يسجل موقفا لابد من أن يؤخذ بجدية ولو في ظاهره ، فهو موقف دون شك قد أزعج الانقاذ من داخل عشها المتناثر وسط رياح كثيرة ، وربما كان كرم الله مستقويا بكثير من عوامل المغامرة والمقامرة بذلك الموقف ، ليس اهمها ولكنه كان اقواها عامل كونه منتخبا وليس معينا وهو فهم خاطئ في نظر الأنقاذ وان تظاهر رئيس الجمهورية بأخذه في الاعتبار حينما أحال استقالة الرجل الى المجلس التشريعي بولايته للبت فيها رغم أنه قد قبلها ضمنا وشكره على الفترة التي أمضاها مع الانقاذ ، وهو ما يناقض الطريقة التي اقال بها الرئيس الوالي السابق للنيل الأزرق مالك عقار اذ اتخذ القرار بمفرده دون أن يتذكر مجلس الولاية التشريعي ونسي أن الوالى ذاته منتخب وكذلك تصرف الرئيس بذات الكيفية غير الدستورية في قبول استقالة كاشا ، وكل ذلك يؤكد أن فصول مسرحية حماية سلطات الولاة والمجالس التشريعية المنتخبة ليست منسجمة مع روح الأنقاذ التسلطية ولا مبلوعة مستساغة الا اذا كان الوالي ومجلسه يسبحون بحمد النظام ورئيسه حبيب الملايين، وليسوا باعتبارهم حماة لارادة من انتخبهم من أهل الولايات ! الان سواء خرج كرم الله بارادته أو دفع دفعا نحو باب الخروج ورغم انه فرد وربما يكون وراءه نفر من المؤثرين أو قد يقف وحيدا تحت ظل سيف موقفه ذلك فانه قد وجه صفعة لتكتل المحفل المحتكر للواجهة الانقاذية المهشمة اصلا ،بل وبصق في الوجه القبيح لتمسكة باصرار منفردا بزمام الأمور دون مشاركة ممثلي الجماهير كما كان يدعى كذبا ، ويكشف حقيقة عدم احتمال أهل الانقاذ من الأصول الاسلامية السياسية وابناء حوش المؤتمر لمشاركة حقيقة من قبل مسئؤلي التبني سواء كانوا منتخبين أو من قبلوا الاستكثار في المن عليهم والأذي ! فهل يذهب كرم الله الى أهل ولايته ليبسط المزيد من الحقائق التي خرج بها وأغلبها من بديهيات المام الشارع ليشكل جبهة قد لا ترقى الى التحالف مع مجموعة كاودا الثورية ، ولكنها قد تفتح لها ممرات ولو ضيقة للتسرب من النيل الأزرق نحو الولاية المجاورة وأخواتها على غرار تمرد زميله النائب الاتحادي التوم هجو مع عقار! أم أنه سينكفي على معالجته جروحه الذاتية باستعادة وضعه التجارى وكفى ويحافظ علي شعرة المصالح الراسمالية مع قنوات الانقاذ الفاعلة تأثيرا في هذا الجانب ولو من الأبواب الخلفية أو نوافذ التعاطي، لاسيما وهو الذي ألمح الى ما حاق به من محاق اقتصادي ذاتي في سبيل التفرغ لخدمة الصالح العام ! والله من يعلم بسرائر العباد، وما سيحدث في مقبل الأيام . انه المستعان .. وهو من وراء القصد. [email protected]