وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    روسيا ترفض لتدخلات الأجنبية في السودان ومخططات تمزيقه    البرهان يودع سفيري السودان لمصر واثيوبيا "الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي والسفير الزين إبراهين حسين"    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    السودان..البرهان يصدر قراراً    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية المؤامرة و الوقوف ضد حق تقرير مصير شعب جبال النوبة (5)
نشر في حريات يوم 09 - 05 - 2012


قراءة تحليلية نقدية…
هل الانقاذ امتداد طبيعى للاحزاب التقليدية فى المحافظة على دورة الصفوة مع تفاوت درجة التطبيق و التطرف؟
فى الحلقة السابقة أشرنا الى نظرية المؤامرة التاريخية ضد شعب جبال النوبة فيما قبل ما يسمى باستقلال السودان و بعده سواء عبر الانقلابات العسكرية او ما يسمى بالديمقراطيات، فالبرلمانات و المشاركة السياسية او الانقلابات العسكرية التى تسلمها الاحزاب السياسية للعسكر او تتراخى فى التصدى لهم كانت جزء من لعبة سياسية لها فصولها، فعبود فى نوفمبر 1958م سلمت السلطة له من قبل الاحزاب الطائفية و سلمها لهم فى أكتوبر 1964م، و نميرى سلمت له بعد تراخى فى مايو 1969، ليستلمها سوار الذهب فى ابريل 1985م ليقوم بتسليمها للاحزاب الشمالية فى 1986، و من ثم تتراخى هذه الاحزاب و تسلتمها الانقاذ فى يونيو 1989م، و هذا الامر يشبه الى حد ما دورة الصفوة التى أشار اليها عالم الاجتماع الايطالى فلفريدو باريتو برواسبها و مشتقاتها، و لذا فان مبرر ان الديمقراطيات لم تنضج قول مردود على مردديه لانها لا يمكن ان تستمر و تحمى جماهيريا فى ظل العقلية و الثقافة الاسلاموعروبية شمالية الاقصائية التى لم تعالج جذور المشكلة السودانية، بل ان جل تفكيرها منصب فى تامرها ضد الهامش و الاطراف و استخدامهم عبر مكانزيمات محددة لاستمرار تلك السيطرة، و من اراد ان يقنع نفسه من ابناء الهامش المعاد انتاجهم او الارزقية و خاصة بعض الاقلية من ابناء جبال النوبة بان تلك الانظمة سيرجى منها فانهم سيظلون مغيبيين الى مماتهم، و سيكونون باستمرار كمبارسا فى هذه الدائرة المغلقة سياسيا، و ما لم تتغير تلك العقلية الثقافية المركزية المضلله، فان السودان بعد ارتفاع درجة الوعى فى الاطراف سينقسم الى دويلات. و ربما يتساءل البعض لماذا تقوم بعض المحاولات الانقلابية من بعض الشماليين و خاصة فى فترتى مايو و الانقاذ؟، فنميرى الذى كان يعتقد بانه ربيب بيت انصارى كانت الطائفية تعتقد انه لا يمتلك سندا سياسيا و يمكن الانقضاض عليه بالضغط السياسى ليسلم كما فعل عبود او عبر انقلاب عسكرى باعتبار ان لهم قيادات كبيرة و ولاءات داخل الجيش، فغدر بهم نميرى فى احداث ود نوباوى و الجزيرة ابا فى مطلع السبيعنيات التى راح اغلبية ضحيتها الغرابة، و من ثم محاولة هاشم العطا فى السبيعنيات التى اعتبرتها الاحزاب الشمالية الطائفية و الدينية التى طردت الشيوعيين من داخل البرلمان انهم بضعفهم اذادوا ضعفا حينما استهدفهم نميرى بعد ان كانوا يده اليمنى. و ما ان احست الاحزاب الشمالية ان نميرى استمرأ حلاوة السلطة و بدأ يفكر فى استمرار ابدى، بدأت محاولات متعددة و كانت محاولات الاسلاميين بقيادة حسن حسين و عدد من ابناء الغرب وخاصة كردفان، فشلت و انتهت بمقتل حسن حسين و عدد من ابناء الغرب، و زج عدد كبير من ابناء الغرب فى السجون و نفى بعضهم بطريقة ما بعد انتهاء فترة سجنهم، و من ثم كانت محاولت ما يسمى بالجبهة الوطنية (التى سماها نميرى بالمرتزقة) بقيادة محمد نور سعد، حيث كان معظم مكونها القتالى من ابناء غرب السودان و دارفور بالتحديد، يلاحظ ان معظم المحاولات المذكورة وغيرها يكون فيها حطب النار و وقودها هم ابناء الهامش و الغرابة، و ان نجحت فسيأتى اولاد البحر لذلك انطبق مفهوم الجلابة السياسى عليهم (لانهم يجلبون الخير لانفسهم على حساب نضال الاخرين)، و هذا الامر مستمر الى و قتنا هذا، ففى الوقت الذى تدفع الاحزاب الشمالية سابقا الغرابة و غيرهم من ابناء الهامش فى وجه مدافع المعركة تجدهم يعقدون صفقات المشاركة مع الانطمة الدكتاتورية فى البحار، و ينصبونهم أأمه للسودان و يرسمونهم فى المال و يضعون قواننين سبتمبر المستهدفة للضعفاء و المتغاضية عن افاعيل الياقة البيضاء، و حينما تنقلب الدائرة يسمون عملاء نفس النظام الذى هم جزء اساسى منهم بالسدنة و مهربى الفلاشا، و يعقدون المحاكم الصورية بعد ابريل 1985م التى لم تقود القتلة لحبال المشنقة ولا حتى للسجون!!، و مع الاسف الشديد فان الحزب الشيوعى الذى كانت له مواقف خاصة بعد طرده من البرلمان فى الستينيات، تحولت تلك المواقف الى عروبية وخاصة فى فترة الانقاذ الاخيرة، بمعنى انه روض فى ظل سياسة تبادل الادوار و تحقيق المصلحة الشمالية الكبرى. و ما ذكره الكتاب الاسود فى المفاصلة ما بين القصر و المنشية فى عام 1999م كانت احصاءات و ارقام واقعية و لكنها لم تشير بصورة تحليلية نقدية للمشروع الاسلاموعروبى الشمالى و خطورة استمراره على وحدة السودان. و فى هذا المجال سنتعرض لاجتماع شهيرعقده الدكتور مجذوب الخليفة فى التسعينيات فى استراحة و زارة الزراعة بشندى و الذى كان خاصا بابناء الشمالية فى كل الاحزاب السياسية و حضرة أحد ابناء شمال كردفان الذى كان اسلاميا و منظما منذ ان كان طالبا ثانويا الى ان تخرج مهندسا زراعيا، و حضر الاجتماع بدعوة اعتقادا منه ستناقش قضايا تنظيمية هامة، ، وبعد التكبير و التهليل، بدأ الخليفة حديثه مشيدا بحضور ممثلى كل التنظيمات و الاحزاب، موضحا ان الانقاذ جاءت من اجلكم و عليكم الوقوف معها، مطالبهم بخلع جلاليبهم الحزبية و لبس جلباب الشمال، مشيرا ان الانقاذ جاءت من اجل الشمال، ذاكرا ان ما يا يسمى بالديمقراطية لن يحقق طموحاتهم و ان الاحزاب الطائفية كانت فى السابق ترسل اسماء مرشحين شماليين( ليس اشخاصا) زمن الانتخابات من الخرطوم الى الجزيرة ابا و كردفان و دارفور و النيل الازرق و شرق السودان، ليفزونهم ارضاءا لاسيادهم الذين يخدعون بالتبرك على احذيتهم و اثارها و ماء و ضوءهم، ذاكرا انه رغم استمرار تمسك البعض فى تلك الاقاليم بالاحزاب الطائفية الا ان ارتفاع مستوى وعيهم النسبى قادهم فى انتخابات 1986م الى انتخاب ابنائهم باستثناء الجزيرة ابا، و بالتالى رغم سيطرة العنصر الشمالى على مفاصل الدولة كانت سيطرة الغرابة على البرلمان و الوزارات لها اثرها الكبير فى القرارات التى لم يمكن سهلا تمريرها لخدمة شمال السودان، أما الانقاذ و الحديث ما زال لمجذوب الخليفة فانها المسيطرة على المجلس الوطنى الانتقالى و تمرر القرارات بنعم لكل الاعضاء، و المالية تحت سيطرة الانقاذ لتمرير كل ما يطلبه الشمال من تنمية و الاعلام فى يدهم لتضليل كل متشكك بان عمران الشمال من ابنائهم المغتربين مع اننا نعلم ان بعض المقتربين عاجزين حتى عن بناء غرفه، مشيرا الى انجاز طريقى الانقاذ الغربى و الشرقى و الكبارى و السكه حديد و المستشفيات و المطارات و المصانع و الشركات و ثلاثة جامعات مكتملة الكليات فى ولايتن عدد سكانهما اقل من ولاية واحدة فى غرب السودان، و لهم فوق ذلك حق المنافسة على مستوى الجامعات الولائية و بالعاصمة و لهم نسبة 20% للقبول فى التمييز الاقليمى لكل جامعة وسياسة التعريب قصد بها فرض امر واقع فى التعليم على الجنوبيين و النوبة و الدارفوريين و غيرهم و ان سياسة التعليم العالى قصدنا بها تركيز كليات فى تلك الاقاليم الطرفية للتربية تخرج خرجيين متشربين باللغة العربية و لا يستطيعون المنافسة عن قناعة فى سوق العمل الدبلوماسى و شركات البترول و المنظات الدولية و غيرها، و ان التدريب و التأهيل و الدراسات العليا على المستوى الداخلى و الخارجى تتم السيطرة عليها و تكون الاولوية فيه لابناء الشمال، هذا غير الوظائف و القروض و الهبات التى يتحكمون فيها، محذرا انه من اراد ان يركب رأسة و يسير فى جوغة المعارضة فهذا يعنى انه ضد المصالح العليا لاهله و سوف نتصدى له بكافة الوسائل، و ما كان من ابن كردفان المخموم بالمشروع الحضارى الزائف الا ان لملم اطرافة و عاد الى قريته فى كردفان معلما بمرحلة الاساس كشئ يمكن ان يقدمه لاهله فى حدود امكاناته كما يفعل الاخرون.
بالاضافة الى المثال المذكور نستشهد بتعليق اخذناه قريبا بالنص من صحيفة سوادنيز اون لاين الالكترونية فى يوم 17/1/2012م من احد المعلقين من ام درمان الذين صحى ضميره اثناء حملة الابادة العرقية ضد شعب جبال النوبة قائلا:
( سودانى امدرمانى منذ 15 ساعة 17 دقيقة
قول الحقيقة واجب ومطلب دينى ولذلك الحق يقال فى حق النوبة ان يقرروا مصيرهم لأنقاذ ما تبقى من ش**** الذى دفع فاتورة استقلال السودان بكثرة ثورته ضد التركية والانجليز وفاتورة مشروع دفاع السودان المتمثل فى بناء المؤسسة العسكرية الوطنية التى تحولت بعد تمرد النوبة الى مؤسسة ح******ة ت****ر وتدافع عن قضايا عرقية ودينية فى عالم العروبة ، و ان الحقيقه التى اريد ان اقولها قبل مماتى ان احد اصدقاء خالى تحدثوا قبل شهرين فى صالون ثرثرة رجال السياسة ان المشروع الاستراتيجى الذى وضع فى مؤتمر الخريجين عام 1938 م الذى تم فيه تصنيف القبائل السودانية بغرض اضعافها مابعد الاستغلال وتدمير بناء اقتصادهم وتدمير هوياتهم ووضع تخطيط استراتيجى لاندماجهم داخل المنظومة العربية هذه كانت الأستراتجية الاولى كخطة ( أ ) والمدى الزمنى يستغرق ( 20 عام ) ويغلب فيه عامل الدين والتعليم المنهجى دور رئيسى فى ذلك ، وحال عدم نجاحها بسبب تاثير حركة التحرر فى الجنوب يجب استخدام الخطة ( ب ) هى ****ارة عن خلق عدم استقرار فى تلك المنطقة وتشريد ابناءها لاحداث حاله من عدم التعليم وحظر حركاتهم الاجتماعية التنويرية ويقولون ان هذا الامر نجح فى الديمقراطتين الاولى والثانية ولكن فى منتصف التسعينات البنج فك وبدات الانقاذ من غير استشارة عصبة المفكرين الاستراتيجين استخدام البعد الدينى للتفريغ بين النوبة المسلمين والمسيحين وقال احد المتحدثين مع خالى ان استخدام البعد الدينى هو ضمن الأستراتيجيات ولكن الانقاذ لم ترجع لمعرفة تفاصيل تنفيذ الخطة بالبعد الدينى وافسدت كل خطط عصبة المفكرين الاستراتيجين وكان احد الحاضرين طرح سؤال عن مستقبل اهداف عصبة المفكريين ؟ قد اختلفوا فى الاجابات واختلفوا فى ما بين استمرارية الجسم او انهاء مهمتة وان الخلاف الأول فى ظل تقدم الوعى لابناء النوبة الذى امتلكوا ادوات الصراع السياسى والعسكرى والثقافى من الص**** تمرير اى اجندة لتحقيق الاهداف والطرف الثانى يرى ان اسلوب استخدام القوة سيؤدى الى استسلامهم والتيار الثالث تحدث عن محور التفاوض والسلام وبعد عشرة سنوات تطمئن قلوبهم ونستانف نشاط العصبة بطريقة غير مباشرة ما دام منهج التعليم مستمر بنفس النهج والاخرين يروا على مستوى الوعى فى وسط المتعلمين وغير المتعلمين من ابناء النوبة ادركوا تفاصيل طبيعة الصراع وهنالك ازمة ثقة حقيقة بينهم وبين مرجعيات الفكر العروبى والدينى وكان اكبر مخاوف فى نقاشهم هو مسالة تطور افكار حق تقرير المصير بشكل عصبى ويستجيب لهم المجتمع الدولى وتبقى كارثة حقيقية لانهم اشاروا الى نتائج ملتقى المثقفين المصريين والسودانيين قبل فترة فى القاهرة وجاء فى تصريح احد النشطاء انه اذا استمر هذا النظام يمكن ان ينفصل جبال النوبة والنيل الازرق قبل دارفور والكلام والمؤامرات كثيرة فى هذا وانا قبل اسبوع شاركت فى ندوة فى جامعة النيلين وتفضلت بمداخلة ان سياسات كل الحكومات المتعاقبة لم تقف مسالة االانفصال عند الجنوب وقلت لهم انا من اولاد عرب ومسلمين واتحدى اى زول حسب قراءتى لتاريخ النوبة ان يجعل النوبة يتراجعوا ويعيشوا فى مربع الفرضيات وتحدثت مع احدا طلاب جبال النوبة فى الثالثة قانون اسمة نبيل وطلبت منه ان ينظم ندوة بعنوان مستقبل جبال النوبة وانا وهو نكون متحدثين رسمين ولكنه لم يستجيب و الظاهر انه خائف رغم علمى هو ليس حركة ش****ية ولا مؤتمر وطنى ولكن شاب فاهم طبيعة الصراع وانا مستعد انزل مقال بكل التفاصيل ولكن أسرتى وخاصة خالى جزء من هذا المشروع ولكن هذه هى حقيقة مشروع الدوله السودانية لم يتم اجازته لتكون دوله وطنية جامعة لكل السودانيين وانا ضد فكرة المفكريين الاستراتيجين التدميرين للامم والتحية لكل ابناء النوبة الثائرين الرافضين لظلم مشروع الدوله السودانية ناقصة الاركان والسودان لايمكن ان يستقر دونما النوبة ياخذوا حقوقهم) (انتهى الاقتباس).
و رغم علمنا بتفاصيل اخطر من ذلك نترك هذا الامر للقارئ و لا تعليق حول معلومات يدركلها الكثيرين، حيث ان مكاتبات كثيرة سرية ما بين المركز و الاقليم اشارت للعديد من اساليب التفرقة و الاستقطاب و خاصة قرب نهاية المرحلة الانتقالية، فخطاب طه لهارون و تهديد نافع للجنة الانتخابات المركزية و الولائية بعد هزيمة المؤتمر الوطنى من الحركة الشعبية لتحرير السودان فى كافة المستويات، وحديث الدغمسة للبشير فى القضارف فى ديسمبر 2010م الذى اعلن فيه ان السودان بعد انفصال جنوب هو دولة عربية اسلامية و لا يريد ان يسمع كلمة التنوع الثقافى الذى تطرف خاله الطيب مصطفى حينما قال انه حينما يسمع عبارة التنوع الثقافى فانه يتحسس مسدسة، و تم ابن اخته المقصر حينما قال فى مدينة المجلد فى يوم 27/4/2011م اثناء دعمه للحملة الانتخابية لمجرم الحرب احمد هارون حيث قال البشير ان لم نفذ بصناديق الاقتراع سنفوذ بصناديق الذخيرة ( و اللبيب بالاشارة يفهم)، و كما ان استراتيجيين امثال الدكتور حسن مكى يحذرون من الحزام الزنجى الذى يطوق العاصمة فى بلد سمى بلون زنجيتهم، و ان عنصريين أمثال الطيب مصطفى يطردون الجنوبيين الذين هم ااصل منهم فى هذا البلد، و الاثنيين الاسود الذى يردده كانت احداثة من صناعته و ما فعله يوم الثلاثاء بحق الجنوبيين العالم يدرك تفاصيله، و امنيين ينتقمون من الاطفال الابرياء الذين يسمونهم الشماسة بالتعذيب المهين بعد دخول قوات حركة العدل ام درمان فى علم 2008م، و يقتلونهم بالسم و الكيميائيات فى عام 2011م خوفا من اشعالهم المظاهرات كما فعلوا فى ابريل 1985م. و قائد فى تنظيم شبابى من ابناء الشمال تحدثت معه مباشرة اكد حجم التفاوت فى التعامل بينهم و بين ابناء جبال النوبة و بقية الهامش السودانى حينما يتم القبض عليهم من الاجهزة الامنية حيث كان صادقا فى شكل التفرقة فى التعذيب و الاساءات التى تصل الى مرحلة القتل، و تحالف جوبا الذى استضافته و رعته جوبا يسئ لها عبر هجليج و يدعم قوات المؤتمر الوطنى فى بيان واضح و صريح باسم هيئة الاجماع الوطنى، و أحزاب تهتدون و تفلحون ما بين المشاركة الجزئية و المعارضة الهزيلة، اما ناس سيدى الذين لا يفرقون ما بين شمال كردفان و جنوبها و نيلها الابيض و ازرقه فحدث و لا حرج!!!
و الكل يعلم ان مليشيات المراحيل و الدفاع الشعبى و تسليح بعض القبائل تم فى عهد ما يسمى بالديمقراطية الثالثة و تم التطرف فى استخدامة فى عهد الانقاذ لخلق فتنة بين مكونات شعب الاقليم لاضعافهم و استقطاب ما يمكن استقطابه، و فتوى الابيض فى عام 1992م لماذا لم تصدر من هيئة علماء السلطان بالعاصمة ان لم يكن هدفها خلق فتنه بين ابناء كردفان لاضعافهم.
و لكن تكمن المشكلة فى ان المعاد انتاجهم و كمبارس السياسة اهم مغيبون لدرجة انهم غير واعين، ام واعون ولكن تنقصهم الجرأة لكى يتحررون؟.
ان السودان بلد متعدد المجموعات الأثنية واللغوية والدينية، ولكن بدلا من الاستفادة من هذا التنوع لخلق شعب ذو هوية متميزة عن غيره، إلا أن إصرار النخب الأقلية التى حكمت السودان وتتطلع لحكمه آثرت على الإبقاء على نظرية المؤامرة والتعالى الثقافى المتوهم وتذويب الآخرين داخل المنظومة الإسلاموعربية المسيسة مستغلة جهل الناس وقدريتهم لابقاءهم فى أسفل درجات السلم الإجتماعى لضمان تبعيتهم الأبدية، وهى محاولات نجحت الى حد كبير من خلال ممارسات الخداع السياسى ولم تواجه إلا فى العشرين سنة الأخيرة من قبل عامة الشعب السودانى المخموم والذى عبر عن سخطة بالثورة فى مواقع مختلفة من السودان.
ولكى يضمن اصحاب ذاك الخطاب السياسى الإسلاموعروبى إستمرار اجندتهم الخفية فإنهم يتصيدون المتميزيين من أبناء الريف والهامش السودانى عبر وسائل مختلفة منها المال والوظيفة والمصاهرة وغيرها للإستفادة من تميزهم وإعادة إنتاجهم بما يخدم منظومتهم. لذلك فإن بعض أبناء الأطراف أو الهوامش المتميزيين كانوا أدوات إستخدمت ضد التطور الطبيعى لاهلهم وأعيد إنتاجهم عبر أنظمة سياسية دينية أو طائفية، ولقد استفادوا كأشخاص بفهم أنانى ضيق، بل لعبوا أدوارا سلبية وبتبريرات غير منطقية لجر أهلهم لتلك التنظيمات بإقناعات غير واقعية لم يجنى منها الريف والهامش السودانى بلا إستثناء إلا سوءا فى احواله المعيشية والتعليمية والتنموية، وكلما أحس المركز بتراخى أو تراجع المعاد إنتاجهم من الريف فإنه يحركهم بأدواته لزيارات ميدانية ماكوكية لأهلهم وخاصة فى زمن الأزمات والحروب والإنتخابات، لذلك فإن دائرة التطور التلقائى والطبيعى مفقودة لأن مفاتيح المجتمعات يعاد إنتاجهم بطريقة ذكية ويستغل فيها ثقة أبناء المنطقة المعينة فى إبنهم المعاد إنتاجه لإقناع الجماهير بأن مصلحتهم مرتبطة بذاك الخطاب السياسى، بل يذهبون الى أكثر من ذلك فى التشكيك و القتل السياسى والاعلامى للمقتدرين على التغيير من أبناء الهامش،مما أثر فى كثير من مثقفى الهامش وبرر بعضهم بصورة واهية انتمائهم لتنظيمات المركز او هروب و انزواء بعضهم او قبول قدرهم الاستعبادى المصنوع، و هو يؤثر فى الثورة التى تحتاج لتجدد الفكر والادبيات فى كل مرحلة من مراحلها، و لن تتطور دولة او حزب او قضية بدون مراجعات فكرية.
فالرسالة والخطاب السياسى الذى يستخدمه اصحاب السلطة لاحتواء تطور الاطراف يختلف بين كل مجموعة و إثنية ودين، فكل يفصل له مقاسا يتناسب مع الخم السياسى الذى يترآئ فى مظهره منطقيا ولكنه فى واقعه خبيثا، وحتى داخل المجموعة الواحدة او الاتجاه الجغرافى الواحد يستخدم المركز عدد من خطابات التباعد بينهم بما فيه تفضيل قبيلة على اخرى او دين على اخر اوبقعه جغرافية على اخرى و هكذا، وهو نوع من التذاكى السياسى المكشوف.
و بالمقابل نجد ان النخب المركزية الشمالية قد كسرت حاجز الإختلافات السياسية بينها حتى ولو كانت تنتمى الى تنظيمات سياسية مختلفة عبر المصاهرة والقرابة والمصلحة الإقتصادية وفاقدى الهوية والمعاد إنتاجهم، وهو ما يظهر جليا داخل الأحزاب الطائفية والدينية والعقائدية الشمالية حيث نلاحظ الكثير من التقاطعات تؤكد ان منهاج التفكير الاسلاموعروبى المسيس لا خلاف جوهرى بداخلة، وبالتالى فإن درائرة اللعبة السياسية مغلقة ومتداولة على المستوى البنائى التنظيمى وعلى مستوى أجهزة الدولة وصناعة القرار سواء كان ذلك عبر الانظمة الشمولية الدكتاتورية او الديمقراطيات الهشة، لذلك يفتقد او يتم تناسى عامل المحاسبة حتى فى حالات القتل والابادة لأنها جميعا تتم فى الأطراف وبأبناء الهامش نفسهم، بمعنى السناريو فى مسرح العمل السياسى هو مسألة تسليم وتسلم للسلطة، ورغم الدهاء أو التذاكى السياسى للنخب المركزية فى تقاطعات علاقاتها داخليا، إلا أن إستمراريتها مربوطة عسكريا وإقتصاديا بالهامش عبر الذين يعاد إنتاجهم ليحركون اهلهم كحطب للنار فى الأزمات التى تخلق فى الأطراف لزعزة أمنه وإستقراره وإيقاف تنميته وبالتالى تطوره الطبيعى. لذلك فإن الثورات التى قادها ثوريين من الأطراف ضد المركز فى الاطراف جند لهم نفس أبناء جلدتهم ليقاتلونهم، وبالتالى فإن القتلى من الطرفين هو تدمير لطرف واحد عمليا وخلق نوع من التباعد النفسى والالتقاء مما يسهل من عملية الاستقطاب بمسميات دينية أو إثنية أو مصلحية، ويستفاد من الفئة المهمشة المنبوذه طرفيا فى تحقيق منعة عسكرية و أمنية وتدوير العملية الاقتصادية فى مزارع ومصانع ومؤسسات الصفوات الحاكمة.
وبالتالى فإن سياسة ضرب العبد بالعبد والمهمش بالمهمش وغيرها من مسميات العقل الباطن للنخب الشمالية المركزية السياسية الفاشلة ما هو إلا محاولات متكررة لتغييب الأطراف عن حقوقها وتفكيكها وتخلفها وإبعادها عن بعضها البعض لتكون أداة طائعة تخدم بالوكالة الأجندة الضيقة للنخب السياسية الزائفة فى المركز.
هذه التعقيدات النفسية خلقت تراتبية إجتماعية مشوهة وتركيبة ثقافية فاقدة للهوية، وبالتالى أصبح طابع الإنتماء لتنظيمات النخب السلطوية المركزية ذو إرتباط نفسانى أكثر من هو واقعى، وبالتالى إنصب التفكير فى التطور الذاتى للنخب أكثر منه للشعب لتضمن سيطرة إقتصادية وإستمرارية فى السلطة حتى ولو كان بصورة تداولية وهو ما حدث فى السودان.
أما كمبارس العملية السياسية المركزية من الهامش فهم نخب فقدوا الثقة فى أنفسهم من أجل التغيير بأبناء الهامش الذين هم الأكثر عددا، وبالتالى إتخذوا أقرب الطرق النفسية لتؤكد قربها من المجموعة الأولى وتميزها عن أبناء الهامش أنفسهم، رغما أن إعادة الأنتاج لا تخرجهم عن دائرة النظرة الدونية حتى لو تم تزويجهم أو مصاهرتهم والدليل على ذلك ما نراه من وضعيتهم على مستوى التدرج فى المنظومة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية حتى لو كانوا متفوقين فكريا وعلميا وعمليا، وهم يدرون ذلك، وما فرفرات أبناء دارفور وكردفان داخل المنظومات الطائفية والدينية والعقائدية السياسية الشمالية للوصول الى رئاسة تلك التنظيمات والحصول على مواقع مؤثرة وصانعة للقرار فعليا لا شكليا ما هو إلا محاولة فاشلة تنقصها الجرأة السياسية الثورية فى قيادة تنظيمات بنفسها أو الانضمام لتنظيمات الهامش التى أضعفت بسببهم، فهم فاقدى الثقة فى ذواتهم على الرغم من أنهم خلقوا قاعدة جماهيرية هشة لتلك التنظيمات، ومع أنها تمت عبر طرق خداعية انانية فإنها تكسرت نتيجة للوعى الشعبى التلقائى وأصبح هذا الكمبارس المسخر كادوات لخدمة النخب المركزية يواجه من قبل الشعب، ورغم تخلخل وضعيتهم النفسية إلا أنه يساورهم الخوف الكبير للتخلى عن تلك النخب المركزية الشمالية و احزابها خوفا من ضياع وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الشائهة. فإنه بجانب ما ذكر نجد أن النخب المركزية تستخدم معهم أساليب الترغيب والترهيب لأنهم يمتلكون جزء من اسرار النخب المركزية بما فيها المخططات ضد أهلهم بينما تمتلك تنظيماتهم الاسرار الكلية عنهم لاستخدامها فى أغتيال شخصياتهم وجعلهم كبش فداء بسناريوهات حتى أمام أهلهم، وبالتالى فإنهم يستسلمون للظلم والمرارة والجلوس فى أدنى درجات السلم الاجتماعى والسياسى وتأتى البيوتات الطائفية والأحزاب الدينية بأبنائها وبناتها لتدربهم لخلافتهم ويظل هؤلاء المعاد إنتاجهم يتظاهرون بمعارضة هذه الوضعية شكليا وينعتون هؤلاء فى جلساتهم الخاصة بأولاد البحر والجلابة وينتقدونهم من خلفهم ولكن تنقصهم الجرأة للإفصاح عن ذلك فى إجتماعاتهم العامة أو مبارحة تلك التنظيمات، مما خلق فى دواخلهم شخصيات متضاربة وصراعات فى دواخلهم تنتهى بالأمراض والأزمات القلبية، ودائما ما يقنعون أنفسهم بمبررات واهية يربطونها بتاريخ آباءهم واجدادهم داخل تلك التنظيمات وهى محاولات تطمينية ذاتية اكثر منها واقعية.
أما الجانب الإجتماعى والثقافى والنفسى من خلال تلك التراتبية المتوهمة لصفوات المركز هى محولات لتضرب على نفسها طوقا من التميز والتعالى عبر دوائر واوصاف تهميشية نسبية تبدأ ببنى جلدتهم وتطرف بشدة كلما إبتعدت عن دوائر المركز، حيث نجد أوصافا رغم واقعية بعضها إلا أن طبيعة مكان وزمان وموقف التعبير بها يؤكد دلالات غير معناها كالغرابى والكردافى وأدروب والحلبى والبقارى والجنوبى والنوباوى والطقش والخادم والعب و أن البعض قد خلقوا بعد الذباب (الضبان) وغيرها ما هى إلا مسميات لتثبيت دونية الآخرين وإنطلقت تاريخيا من المسيطريين على أجهزة الدولة، وتم تثبيت هذه الادعاءات عبر المنهج والتناقل الشفهى والمكتوب وتستخدم بعناية فى مستويات توحى للفئات المذكورة ان هذا هو قدرها فى درجات السلم الإجتماعى وهو ما يسمى بالقهر الثقافى والإجتماعى المكتسب، وبالتالى فإن الصعود الى درجة أخرى مرتبط بالتقرب من جهاز الدولة وإظهار الطاعة له كأداة تستخدم تحت أغراض متنوعة وقد تم ذلك فى حالات كثيرة، ولكن الواقع يؤكد ان برمجة درجات السلم الإجتماعى والتدرج السياسى لها حدودها وسقوفها لأبناء الأطراف مهما كان ولاءهم وإنتماءهم بل حتى إقتتالهم لأهلهم وإنهم فى خاتمة المطاف سيكنون ضحايا الأنظمة المركزية وخاصة أمام المجتمع الدولى وهو ما نشاهده هذه الايام رغم الإصرار غير المنطقى.
لذلك كان تركيزنا فى القضايا الثقافية باعتبارها سابقة للسياسة، كما ان السياسية لا يمكن فصلها عن الاطر الثقافية التى تراعى التنوع و التعدد و التاريخ و البيئة و الانسان كعوامل اساسية، و انتقال الثقافة عبر الحمل و الاتصال و الاشعاع لا يعتمد على مبدأ قوة السلطة، بقدر ما يعتمد على الانتخاب الطبيعى فى ظل اتاحة فرص متكافئة للثقافات للتجاور و التحاور و التبادل و تثقيف بعضها ببعض دون تحيزيات، و هو ما يجنب حدوث صراعات مستقبلية، و يقلل من مكانيزمات جدلية المركز و الهامش للحفاظ على الترابيات الاجتماعية المزيفة و التى يركز فيها المركز كما اشار لذلك الدكتور أبكر أدم اسماعيل على الاتى:
1- أعادة الانتاج: و هو عملية اعادة انتاج الناس داخل البنية الهيكلية المؤسسة على التراتبية الاجتماعية للحفاظ على العقلية المركزية، و استمرارها فى وجه التناقضات التى يعززها الصراع التلقائى بين المركز و الهامش، واستيعاب هذه التناقضات من خلال تحويل محددات الثقافة- الثوابت- الى اسلحة ايديولوجية لتبرير التراتبية الاجتماعية، و فى حالة ظهور افراد متفوقين بين افراد الهامش او العامة يتم استيعابهم فى المركز او هامشه، ليتحولوا الى جزء من المركز و يبقى وضع العامة فى حاله.
2- الترميز التضليلى: و هو فى الواقع عملية تمثيلية يستعملها المركز عند استشعاره ببوادر التمردات و التغيرات لاضفاء شرعية و استمرارية الاوضاع، و ذلك من خلال شكلين:-
أ- تمثيل العدل: كأن يقوم الحاكم مثلا بالانتصار لفرد من العامة فى قضية معينة، أو مشاركة العامة فى بعض امورهم مثل الطقوس الاجتماعية و الدينية كإظهار زائف بان درجات المساواة و العدل مكفولان، فى الوقت الذى تظل توجهات الواقع هى هى.
ب- إدخال بعض مكونات ثقافة الهامش فى الخطاب الرسمى للمركز، لاعطاء انطباع بالمشاركة الثقافية و إخفاء حقيقة القهر الثقافى.
ج- الاستقطاب و القمع: فى حالة ظهور التمردات و محاولات الثورة التى تهدد الاوضاع برمتها، فإنه يتم الاستقطاب و القمع للافراد و الجماعات الثائرين و ذلك من خلال محاربتهم أيدلوجيا بتشويه حقيقتهم، أو ماديا من خلال استعمال الجيوش.
أما ميكانيزمات الهامش لمواجهة المركز فيمكن اختصارها فى الاتى:-
1- المقاومة السلبية: من خلال الاحساس بوطئة الواقع و الاحساس بالظلم يبدأ التمرد عليه، و السعى للحصول على اوضاع أفضل، من خلال وسائل سلبيه مثل الهروب و الهجرات، او محاربة الواقع من خلال الاساءة اليه عبر المأثورات الشعبية مثل الامثال و النكات او عبر الاداب و الفنون، او الاستنجاد بالالهه و الدعاء ضده و الامنيات و الاحلام بزواله.
2- إستشعار الذات و الوعى بالظلم و العمل على تغييره من خلال التنظيم و المطالبة للضغط على المركز لتغيير الاوضاع.
3- الحرب: عندما تشتد وطأة الواقع و تتعمق التناقضات تقوم بعض الجماعات بالعمل على الانقلاب على الاوضاع بالقوة و من ثم الحرب.
4- الثورة: عندما تنضج عوامل المقاومة تقوم الثورة، و هى التغيير الشامل الذى يهدم التراتبية الاجتماعية القديمة و معاييرها ليقيم على اثرها تراتبية جديدة على اسس و معايير جديدة.
و لعل المتابع لنظرية المؤامرة، و استمرار دورة الصفوة وتوزيع الادوار، فان النخب الاسلاموعربية شمالية، تميل الى استغفال الهامش بما فيه شعب جبال عبر مشاركات كمبارسية فى السطلة اطلقنا عليهم مصطلح “الجراتق للرجال و الضريرة للنساء و هما مكملان للعرس و لكنهما غير ضروريات فان و جدهما العرسان يتم العرس و ان لم يجداها ايضا يتم العرس”!! و عبر شق الصفوف من خلال مؤامرة فرق تسد.
و فى حالة تقدم الاطراف و خاصة شعب جبال لنيل حقوقه وخاصة حق تقرير المصير فتحاك و تذداد المؤمرات، فلقد اشار الدكتور منصور خالد فى أحد مقالاته التى يقيم فيهل تجربة التجمع الوطنى الديمقراطى و مؤتمر اسمرا للقضايا المصرية فى عام 1995م حيث عرض حق تقرير المصير للشعوب المهمشة بما فيها جبال النوبة ولكنها رفضت من قبل الاحزاب كحق للشعوب المهمشة باستثناء جنوب السودان، و هى التجربة التى لا ينبغى ان تنطلى على تحالف كاودا، فالاحزاب و التنظيمات و الافراد الاسلاموعروبين الشماليين الذين يعتقدون ان وجودهم سيكون بعدا سياسيا يدحض افتراءات المؤتمر الوطنى و مخاوف الصادق المهدى، فقراءتهم لن تكون صحيحة، فان اتى هؤلاء بجيوشهم او بمن يقف خلفهم لاستخدام ادوات النضال الاخرى بفعالية فستكون المعادلة الى حد ما موزونه، اما ياتون افرادا فانهم سيكررون نموذجا اسوأ من التجمع الوطنى لان الفضاء السياسى الذى يحاولون الانطلاق منه هو نفسه الفضاء المهادن او المنبطح مع المؤتمر الوطنى سواء كان بصورة مباشرة ( ابناء المهدى و الميرغنى) او بصورة مباشرة كحزب الميرغنى او بصورة حريفة لكنها مكشوفة كقوى الاجماع الوطنى، و هذه الحقائق التى اشار اليها الدكتور منصور خالد يجب ان تكون عظة، حيث ذكر ان:
اول تفاعل جمعي بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والتجمع الوطنى الديمقراطى كان في القاهرة (أبريل 1990م)، من بعد لقاءات ثنائية عديدة تمت بين الطرفين في اديس ابابا ونيروبي. في إجتماع القاهرة إلتقى وفد التجمع الوطني وفداً من الحركة الشعبية، وأوردت الحركة خلاله أفكاراً بدت لوفد التجمع أمراً غير مألوف.
فحين كان يرى ممثلو التجمع أن قضية السودان ستحل بعودة الديمقراطية بشكلها المعروف: استرداد الحقوق المدنية (حرية التجمع، حرية التعبير، حرية الضمير)، ثم الانتخابات، رأت الحركة أن في منظومة حقوق الإنسان حريات تعلو على الحقوق المدنية على رأسها الحقوق الطبيعية. ما أرادت الحركة قوله هو أن الإنسان قبل أن يتمتع بحقوقه المدنية، لابد له من أن يكون (To be)، أي يتمتع بحق الحياة (security of life) وهو أول الحقوق الطبيعية. ولربما رأى البعض في إثارة ذلك الأمر سفسطة فلسفية، ولكن الذين ظلوا خلال أربعين عاماً منذ الاستقلال يحاربون في الجنوب، و الشرق والغرب، لم يفعلوا ذلك من أجل استرداد الحقوق المدنية بل من أجل حقهم في البقاء، دون تقليل من أهمية الحقوق المدنية. لا نريد بهذا إنكار دور قوى وطنية عديدة في الدفاع عن، وحماية مصالح المستضعفين، وإنما نود فقط التنبيه إلى المغالطة الكامنة في الظن أنه متى ما أتيحت الفرصة، عبر الانتخابات، لهذه القوى لكي ما تستولي على، أو تسترد السلطة سيصبح حال البلاد لبناً وعسلاً. هذا الظن دحضه سعى تلك الجماعات لأخذ حقها بيدها، بالعنف حيناً (الحروب الأهلية)، وبالسياسة أحيانا أخرى (تحالفات قوى الريف في البرلمان). وذلك خير دليل على عدم ثقة هذه الجماعات في منهج التغيير عبر الانتفاضات بتحالفاتها اللوبية ومواثيقها التي تعنى الشئ وضده. الخلاف الثاني كان حول تقويم الانقلاب. فحين كانت قوى التجمع من الأحزاب الشمالية والنقابات تتحدث باعتبارها صاحبة حق تاريخي في الحكم والسياسة ، لم تأخذ تلك القوى في الاعتبار أن القوة التاريخية لا تعني شيئاً في موازين السياسة.القوة الحقيقية في السياسة هي تلك التي تتمتع بها الجماعة في اللحظة الحاسمة (in the material time). في ذلك قال قرنق أن انقلاب البشير أحدث تغييراً نوعياً لأنه انقلاب قام به حزب ذو أيديولوجية إقصائية شعارها من ليس معنا فهو ضدنا. أضاف أن الحديث عن تغيير نظام الإنقاذ عبر انتفاضة جماهيرية يساندها الجيش بانحيازه لجانب الشعب يغفل متغيرات هامة ينبغي أن لا تغيب عن فطنة عاقل، خاصة وحزب الجبهة الإسلامية يعرف جيداً مقاتل نظامه من تجارب الانتفاضات الجماهيرية التي شارك في بعضها. هذه المتغيرات هي: أولاً: حزب الجبهة القومية الإسلامية ليس فقط حزباً سياسياً بل هو حزب مسلح. فإذا افترضنا جدلاً أن ذلك الحزب لا يمثل أكثر من خمسة بالمائة من أهل السودان، وإذ افترضنا والحال هذه، أن خمسة من هؤلاء يحملون غدارات لا كلاشنكوفات تصبح المعركة محسومة لصالح الخمسة. ثانياً: لتحييد الجيش قام نظام الإنقاذ بعمليتين متوازيتين: الأولى هي إفراغ الجيش من كوادره التي لا يأتمن، والثانية هي خلق جيش مواز، بل جيوش موازية، يلجأ لها عند الضرورة: قوات الأمن، الدفاع الشعبي، المجاهدين، مجندي الخدمة الوطنية. ثالثاً: أن الإنقاذ أصبحت له قوة اقتصادية بسبب سياسة التمكين وهي قوة لا تملكها الأحزاب الأخرى، كما له أصدقاء قادرون وراغبون في دعمه. رابعاً: فلاح النظام في إعادة هيكلة النقابات أفرغها من محتواها، كما أن سيطرته النسبية على الحركة الطلابية وتسليحه لعناصر منها أفقد العمل المعارض قوة كانت فاعله في الانتفاضات. وإن كان في الماضي لله جنود منها السيخ، فله بين الطلاب في عهد الإنقاذ جنود يحملون الكلاشنكوف، ويجيدون استعماله. ما أراده قرنق ليس هو تثبيط الهمم وإنما إبلاغ رفاقه التجمعيين أن التاريخ لا يقف عند أكتوبر 21 وأبريل 1985م. مثل ذلك القول بدعة في نظر فقهاء الانتفاضات في السودان، إذ أن لذلك الفقه عند فقهائه ثوابت لا يمكن تجاوزها، وقطعيات معلومة لا ينكرها إلا مهرطق. ولئن خابت عند أرباب العقائد الثوابت المنسوبة زعماً للدين، فما بالك بالثوابت السياسية المتوهمة. كبديل للإستراتيجيات التي ألِفَها السياسيون في الشمال وأبوا مفارقتها رغم تبدل الأزمنة تم الاتفاق في النهاية على أن يكون منهج العمل هو:أولاً: النضال المسلح (العمل العسكري) والذي تقوم الحركة بالجزء الأكبر منه لأسباب تاريخية. فالعمل العسكري – الجماهيري لم يكن أداة من أدوات النضال ضد الحكومات في الماضي (كان ذلك قبل بروز حركات دارفور).ثانياً: العمل الجماهيري الذي يحقق عائده بصورة تراكمية ثالثاً: العمل الدبلوماسي رابعاً: الحل السلمي المتفاوض عليه، وبهذا ترك التجمع الباب مفتوحاً لحل سلمي. ما هي الغاية من النضال ضد النظام عند الحركة الشعبية؟ بالقطع ليس هو عودة الديمقراطية بوجهها القديم، أي السير قُدماً إلى الوراء، إن جاز التعبير، كما حدث في غير انتفاضة. لهذا كان لابد من التراضي على برنامج حد أدنى يعمل التجمع على إنجازه، وبعد نقاش طويل تم الاتفاق على برنامج يتناول مجمل القضايا المعلقة في مجالات السياسة، و التنمية، و الإدارة. المعالم الرئيسة للبرنامج الذي أقره التجمع، في مؤتمر أطلق عليه أسم مؤتمر القضايا المصيرية، هي: حق تقرير المصير كحق أصيل وأساسي وديمقراطي للشعوب (وليس فقط لجنوب السودان- رغم ان قوى سياسية رفضت تمريره الى الاقاليم الاخرى)، والاعتراف بأن ممارسة ذلك الحق توفر حلاً لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة، وتسهل استعادة وترسيخ الديمقراطية والسلام. اتخاذ موقف موحد من خيارين يطرحان على استفتاء: الفيدرالية والكونفيدرالية كنظام للحكم. المساواة الكاملة بين أهل الأديان، والاعتراف بتعدد الأديان واحترامها، ومنع أي فعل يحرض على إثارة النعرات الدينية أو العرقية ابتناء كل الحقوق السياسية والمدنية على أساس المواطنة. وضع برامج للفترة الانتقالية تتناول الاقتصاد، السياسة الخارجية، برامج إزالة آثار نظام الجبهة القومية الإسلامية، ميثاق العمل النقابي، قانون الصحافة والمطبوعات. هذه البرامج شكلت اقترابا شاملاً من قضايا السودان التي ظلت، كما سلف القول، تُرحَل من نظام إلى نظام، ومن عهد إلى عهد. لهذا يصح القول أن فصائل التجمع قد عقدت العزم على أن تعالج مجتمعة الأخطاء التي ارتكبتها فرادى. مع ذلك، ظل رئيس الحركة يقول هذا برنامج جيد ولكن تحقيقه رهين باستعادة الفضاء السياسي الذي تحتله الإنقاذ، وذلك لا يتأتى إلا بتفعيل أدوات النضال التي أقرها التجمع. ليس هذا مَقاماً لمقالٍ عن كيف تم تفعيل “النضال"، أو كيف استجد التجمع في تحقيق أهدافه الطامحة ومنها “اقتلاع النظام من الجذور". ذلك الهدف العملاق كان يتطلب لإنجازه جهداً عملاقاً، وهذا ما لم يتحقق كما تقول النتائج. تكفي، إذن، الإشارة إلى أمرين هامين: الأمر الأول هو الشكوك التي ظلت تتواتر حول مصداقية بعض قيادات التجمع في المضي بالأمر إلى نهاياته بعد أن يؤول إليها الحكم، أي بعد “الاقتلاع من الجذور". والثاني هو طفوح بعض الأعراض التي أبتلى بها الجسم السياسي السوداني، خاصة في فترة الديمقراطية الثالثة، والتي كان لها اثر ضار على العمل العسكري والسياسي معاً.حول الموضوع الأول سألت الادارة الامريكية الميرغنى “ما هو الضمان في أنكم ستنفذون البرنامج الذي أقررتموه في أسمرا عندما يؤول إليكم الحكم”. قال الميرغني: “الضمان هو الالتزام السياسي من ثلاثتنا (شخصي والصادق المهدي وجون قرنق)". وكان هناك حسن إدراك أغلب قيادات التجمع، بمن فيهم الميرغني، للنتائج غير المستحبة التي يمكن أن يقود لها التخلي عن برنامج القضايا المصيرية. بيد أن حدثاً طرأ بعد لقاء الميرغني مع رايس، ألا وهو انسلاخ رئيس حزب الأمة عن التجمع بل وإعلانه عقب اتفاقه مع البشير في جيبوتي " نداء الوطن" أن ذلك الاتفاق حقق 90% من برنامج التجمع، اى انه حقق في ساعة واحدة ما كان التجمع، بمن فيه حزب الأمة، يسعى إلى تحقيقه عبر نضال طويل أعدت له الجيوش وما (استطعتم من قوة). ليته قال أنه فتح باباً لتحقيق برنامج أسمرا، خاصة وليس في إعلان جيبوتي ما هو أكثر من العموميات التي كانت تحفل بها المواثيق التي انتهت جميعها بحق إلى مزبلة التاريخ. مثل هذه التصريحات لا تعين على تكذيب الظنون حول مدي التزام كل فصائل التجمع بما تعاهدت على إنفاذه من قرارات أسمرا. و نقصر الحديث عن احد العوامل التي أعاقت العمل العسكري كثيراً، رغم الإسناد المادي والمعنوي الكبير لذلك العمل من جانب الأصدقاء. ذلك العامل هو غيرة بعض العسكريين من الدور الرئيس الذي كان يلعبه الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية ولأسباب موضوعية مثل: حجم جيش الحركة، إعداده للقيام بحرب غير نظامية، تمرسه القتالي (battle-hardiness)، انضباطه تحت لواء قيادة واحدة معلومة. ذلك الموقف كاد أن يقود إلى انسحاب الجيش الشعبي، لاسيما عندما طلب قائد عسكري شمالي ، لا خلاف في قدراته العسكرية، من القائد سلفاكير ضم جيش الحركة لفصيله، وإيلاء القيادة لذلك الضابط ذي القدرات التي لا تنكر. ولئن تركنا الغيرة جانباً، فالله أعلم بالسرائر، ونسبنا الأمر للطموح نقول أن الطموح أمر مشروع، أما الطموح الجامح الذي يقفز فوق نفسه (o'er leaps itself)، يؤذى من يجترحه. تلك كانت هي مأساة ماكبث. ذلك الموقف الطامح الذي كاد أن يحمل القائد سلفا على سحب قواته إلى من حيث أتت يعبر عن شئ آخر هو عدم الحساسية السياسية خاصة في ظل موروثات ثقيلة من الظنون. فأكثر من ثلثي فصيل الجيش الشعبي في الجبهة الشرقية (ما يربو عن السبعة آلاف مقاتل)، كانوا من أبناء الجنوب في حين بلغ من جاء منهم من الشمال(بمن في ذلك قائدهم عبد العزيز الحلو) اقل من الثلث. وبحجمه ذلك كان فصيل الحركة العسكري هو اكبر فصيل في الجبهة الشرقية، وهكذا ظل إلى أن تم ترحيله بعد اتفاقية السلام وفق ما نصت عليه تلك الاتفاقية بشأن إعادة انتشار القوات. هذا أمر نذكره بغير قليل من الأسى لأنه حرم التجمع من دعم فصيل انتسبت إليه مجموعة من خيرة مثقفي السودان كانوا يتطلعون إلى تغيير هيكلي في السياسة السودانية، وكان لقرنق تقدير كبير لبعض المدنيين والعسكريين في ذلك الفصيل. الحساسية نحو الآخر هي التي حملت قائد الحركة جون قرنق على رفض اقتراح تقدم به مبارك المهدي بأن يصبح قائد الحركة رئيساً للتجمع وهو يقول “ليس من اللياقة أو الحكمة السياسية أن أصبح رئيساً لتجمع يضم الميرغني". ولما طلب منه أن يكون نائباً للرئيس اقترح كبديل عنه لذلك المنصب الفريق فتحي احمد علي إذ كان من رأيه أن ضباطه وجنوده لن يرضوا أن يصبح قائدهم هو الرجل الثاني في ميدان هم فيه القوة الضاربة الأكبر ( انتهى الاقتباس من مقال الدكتور منصور خالد بعنوان التغيير السياسى فى السودان).
اذا برؤية تحليلية ان الجانب النظرى فى مقرارات اسمرا كل لابأس بها، و لكن نضوج الفكرة فى محتواها التبيطقى لحد ما تعارض مع اشكالية التغيير الاجتماعى و العقلية الباطنة لمعظم النخب الشمالية السودانية فى الالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه، و هو من الاسباب التى ادت لانفصال جنوب السودان، و قد تؤدى لانفصال مناطق أخرى، اذا ان اتفاق السلام الشامل رغم ما تعرض لنقد من قوى سياسية بدوافع انانية، الا ان تطبيقة الامثل كان قد يكون سببا فى اعادة بناء هيكلة الدولة السودانية باسس جديدة و عادلة، مما يحافظ على وحدة الوطن، فهل ستكرر نفس الاخطاء التى قادت الى انفصال الجنوب و ظهور جنوب آخر، ام ان السودانيين سيعون الدرس و ينتقلون من الحلول السطحية الى الحلول المتعمقة و الجذرية للمشكلة السودانية، و رغم تفاؤل قلة فى امكانية حدوث تغيير عبر الانتقاضة او ما يسمونه بالنضال المدنى، الا ان قرائن الاحوال تقول ان مؤسسات الاحزاب الشمالية ظلت تردد ذلك و فى نفس الوقت تشارك و تقاوض و تدعم مواقف المؤتمر الوطنى سرا و علنا، و قد ظل المؤتمر الوطنى بين مدحها و فضحها بتمويلها و نبذ قيادتها بالسجمانيين، و اكد المؤتمر الوطنى علنا و سرا مساندة الدول العربية و الاسلامية التى دعمت الربيع العربى انها تقف معه فى خندق واحد بل ان البشير اعلن فى اكتوبر 2011م من القضارف ان تحرير طرابلس تم بدعم سودانى 100%، و ان الاسلحة التى استخدمت فى ليبيا اعيدت للسودان و الكل شاهدها فى دنقلا و تم استخدامها فى النيل الازرق و جبال النوبة، لهذا فان البشير يردد ان الربيع العربى قد تم منذ العام 1989م و بالتالى حسب قوله المنتطر عليه ان يلحس كوعه لان انتظاره سيطول!! و لم يواجه تحدى البشير باى خطوات عملية من كل الاحزاب الشمالية و مؤسساتها و ما يعرف بهيئة الاجماع الوطنى بل انهم ينتظرون و ينظمون انفسهم لسرقة ثورة الهامش اذا ما استطاعت اسقاط النظام لكى تدور دورة الصفوة التى اشرنا اليها سابقا، !!، فهذ الربيع العربى غير انظمة عربية بانظمة عربية و دكتاتورين باسلاميين، و لكن وضع السودان مغاير، فاذا تم التغيير فانه سيكون من الاقلية الى الاغلبية و من الاسلاموعروبيين الدكتاتورين العنصريين الدمويين، المصنفين فى قائمة اللارهاب و المطلوبين للمحاكم دوليا الى السودانيين و هو ما يرفضه اصحاب المشروع العروبى اسلاموى. لذلك فان المطالبة و العمل على حق تقرير شعب جبال النوبة ضرورى للانفكاك من دولة تحاك فيها المؤمرات ضدهم من زمن بعيد و الى وقتنا الحاضر، و ان ترديد امتلاك كل السودان التى تنطلى على كثير من ابناء الهامش و خاصة جبال النوبة هى كلمة حق اريد بها باطل لن تتم فى ظل العقلية التآمرية التى اشرنا اليها بالادلة و البراهين كفضيحة تاريخية.
و نواصل
Gogadi Amoga
محاضر جامعى سابق- باحث اجتماعى و انثروبولوجى/
8 مايو 2012م
[email protected]
نظرية المؤامرة و الوقوف ضد حق تقرير مصير شعب جبال النوبة (5)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.