أصدرت محاكم كوستي الخاصة والتي شكلها رئيس القضاء قبل ثلاثة اسابيع بولاية النيل الابيض، أحكاما رادعة ضد ثمانية من المتهمين في بلاغات تهريب البضائع الى جنوب السودان، والذين تم القبض عليهم قبل اسبوعين على حدود البلدين. ووصلت الأحكام الصادرة ضد المتهمين في محاكم كوستي إلى السجن المؤبد، والسجن عشرة اعوام، ومصادرة البضائع لصالح اللجنة العليا للاستنفار بكوستي ومصادرة «اللواري» لصالح حكومة السودان. وكانت الشاحنات المصادرة ثلاثة تحمل مواد تموينية وغيرها، وبلغت في مجملها: 177 جوال بصل، وجوالين كبكابي، و15 زاوية حديد، وعشرة إطارات، وعشرة براميل جازولين. وتسلم وزير العدل، محمد بشارة دوسة، أول امس الأحد، تقريرا عن المحاكمات من رئيس نيابة مكافحة الارهاب والجرائم الموجهة ضد الدولة وجرائم التهريب بكوستي والمستشار العام للادارة القانونية النور بابكر أحمد. واكد النور للصحافيين ان المتهمين الثمانية تمت محاكمتهم بالتهريب والجرائم الموجهة ضد الدولة والمخالفة للقانون الجنائي وقانون مكافحة التهريب وقانون الجمارك لسنة 2008. وكشف عن فتح بلاغات جديدة في مواجهة متهمين بالتهريب، مبينا ان النيابة ستحيلها للمحكمة المختصة بعد انتهاء اجراءات التحري، واكد محاصرة ظاهرة تهريب البضائع الى الجنوب. وتأتي هذه الأحكام بعد صدور قانون الطواريء في الولايات الحدودية مع دولة الجنوب في إطار التصعيد الحربي مع الجارة الجنوبية. وفي إطار تصعيدي للحرب مع المقاومة الداخلية في الولايات الحدودية جنوبا، أعلن البرلمان السوداني أمس الإثنين رفضه دعوة الأممالمتحدة له بالتفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال الذي يقود مقاومة مسلحة لسياسات المؤتمر الوطني في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وضمن تحالف الجبهة الثورية تمتد مناشط المقاومة في دارفو. وقال مسؤول لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان محمد الحسن الأمين، في الجلسة التي عقدت اليوم: نرفض التفاوض مع الفرع الشمالي للحركة الشعبية لتحرير السودان، كما أعلنت بلاده منع وكالات المساعدات الإنسانية من الوصول إلى الولايتين الجنوبيتين المتواجد فيهما المتمردين. وقال الأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس هيئة القيادة بقوى الإجماع الوطني الذي يشكل التحالف الأبرز للمعارضة المدنية في البلاد إنه ناقش ضمن مجموعة من المحامين هذا الموضوع أمس، وقال: هذا جزء من الهبل السياسي الذي تسير فيه بعض دوائر الحزب الحاكم، أي السير في طريق التصعيد ودفع البلاد لأتون حروب لا تنتهي، ويعد كذلك دليلا على عدم المعرفة الدقيقة لأقوام السودان الموجودة في خط التماس، هذه الأقوام الشمالية تربطها بالجنوب المصالح المشتركة والتعاون والتصاهر لمئات السنين وهذه المحاكم تتنكر لهذه الحقائق، وهذا ما نبهنا له منذ اليوم الأول عندما قرروا فرض الطوارئ، وقلنا إن الغرض من إعمال قانون الطواري هو الإصرار على التضييق على حريات الناس واخراجهم من دائرة الخضوع للقضاء العادي لدائرة القضاء الاستثنائي الذي يحرم المتهم من حقوقه في الدفاع عن نفسه وينتهي به لأحكام قاسية، وحذرنا من ان ذلك سيؤدي لإضرار بالمصالح المشتركة لأقوام هذه المناطق وطالبنا بأن يوقف تطبيق قانون الطواري خصوصا في هذه المناطق الملتهبة فهو تصعيد في الوقت الذي فيه نال فيه الواطن ما يكفيه وهو محتاج للتهدئة. وأضاف أبو عيسى بأسف: كل توقعاتنا حدثت. وعلق أبو عيسى على تلك الأحكام التي اختلف الناس حول أساسها وقد صدرت من محاكم خاصة وهناك من قال إنها أنشئت وفق قانون رد العدوان الذي لم يصدر من المجلس التشريعي بعد وهو لا يزال مشروع قانون، وعلى أي حال فإن ما حدث هو إعمال للروح العدوانية الشريرة التي يتقمصها القانون المطروح أمام البرلمان المسمى قانون رد العدوان. وأضاف: في ظل الطوارئ لسنا محتاجين لقانون خاص وقبيح كهذا. وحول المدانين بالأحكام القاسية قال: أشك في انهم مكنوا من الدفاع عن انفسهم واتخاذ محامين من اختيارهم، وفي الحقيقة ليست لدينا معلومات، فالمعلومات حول الأمر غير متداولة وغير واضحة، ولكننا نحذر الجهات المسئولة من السير في هذا الطريق الى الآخر لأنه يصب نيران جهنم على مستقبل هذا الوطن، والمواطن تكفيه السنين الأخيرة الطويلة لا يستحمل قانون وقسوة جديدة. ونادى أبو عيسى بالرجوع عن طريق التصعيد والاستماع لمن أسماهم الأصوات العاقلة في الحزب الحاكم، قائلا: لا حل إلا في الاطار الذي تقوده بعض الاصوات العاقلة في المؤتمر الوطني على راسها وزارة الخارجية وارجو الا يستجيبوا للضغوط من جناح الصقور ودعاة الحرب وان يصمدوا في موقفهم وفيه مصلحة البلد ويتجاوب معه كل الخيرين من اهل السودان الاخرين وأن يواصلوا في اتجاه التهدئة بدل التصعيد والسلام بدلا عن الحرب. وحول قرار البرلمان أمس بالتحفظ على ما جاء في قرار مجلس الأمن من مفاوضة الحركة الشعبية قطاع الشمال قال أبو عيسى: هذه صرخة في وادٍ، السودان ليس أمامه سوى السير في طريق وزارة الخارجية وهو صوت العقل والحكمة. وشرح أبو عيسى بأن “هذا قرار صادر أصلا من الاتحاد الافريقي الذي كنا نتحوى وراءه وقلنا انه يقف ضد كذا وكذا من اعدائنا فالخروج عن القرار مدمر وغير ممكن برأيي وليس لهم طريق لتنفيذه الا اذا ارادوا ان يخصعوا الوطن للعقوبات الفظة في الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، وهي عمليات عسكرية واسعة تدمر الاخضر واليابس في الوطن الذي امتلأ بجروحه وما عاد يستحمل جروحا زيادة”. وقال أبوعيسى إن الحكومة صارت معزولة من المجتمع العربي ومن المجتمع الافريقي والدولي برغم الصراخ الشديد، ولا توجد طريقة للتراجع عن طريق وزارة الخارجية المتمثل في القبول بالقرار والعمل على استخلاص مصالح للسودان عن طريق التفاوض فهذا هو الطريق الوحيد. وأضاف: هذا كله لعب على الدقون واقتسام للأدوار واعادة توزيعها بعضهم يصرخ رافضا وبعضم يقبل ، وفي تقديري إن الماكينة التي تصنع القرار في المؤتمر الوطني قبلت هذا القرار من الألف للياء، وهذا صراخ خارج الحلبة لا يسمن ولا يغني من جوع. وأضاف: المجلس الوطني فيه مئات الناس مفترض يكونوا حكماء وينظروا بعيون الشعب الذي لا يريد الحرب ولا التصعيد ولا له مصلحة في الحرب، وفي النهايئة لا طريق لهم سوى ان يقبلوا تنفيذ خريطة الطريق كاملة ولا فرصة لسلوك انتقائي انفذ هذا منها ولا أنفذ ذاك، ومصالحك تعززها من خلال الحوار في التفاوض.