أ:عزيز كافى… تحل ذكري تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، المناسبة الغالية علي قلوب اعضاءها واصدقائها وعلي كل شخص جعل خدمة الشعب والوطن في المقام الاول من سلم اولياته، ففي السادس عشر من مايو عام 1983 قادت مجموعة من الرفاق الوطنيين حركة مسلحة من طراز جديد واعلنوا شرارة الثورة ضد الظلم والاضطهاد للتخلص من براثين الهيمنة التي ظلت تمارس عبر الحكومات التي رسخت حكم الاستبداد، بدأ هؤلاء الرواد ملحمتهم الثورية الكبري من اجل العدالة والمساواة والحرية وحقوق الانسان رافعين راية السودان الجديد، ومنذ ايامها الاولي اولت الحركة الشعبية إهتماماً فائقاً بفكر السودان الجديد كإطار فكري يعين السودانيين علي إستيعاب حقيقة المشكلة السودانية ويعين علي خلق حوار هادف حول هذه المشاكل مما يقود الي الحل الامثل وجسدت مبدأ المواطنة بشقيها المعروفين المساواة بين جميع السودانيين وحقهم في المساهمة في صنع القرار السياسي ومشاركة جميع القوميات في الحكم،عبرت بصدق عن الوحدة الوطنية الاصيلة لابناء الشعب السوداني علي إختلاف تلاوينهم القومية والطائفية ومشاربهم الفكرية والسياسية وحدة خالية من المشاكل، مطبقين بذلك وبإبداع بشكل خلاق في بنائها التنظيمي في برامجها ،اهدافها وشعاراتها وكان هذا سر نجاحها وبقاءها صرحاً شامخاً رغم المحن والكوارث التي مرت بها واستهدافها طيلة تاريخها المجيد. الحركة الشعبية تحتفل بالذكري ال 29 المجيدة لميلاد الكمرد في ظروف غير طبيعية تعيشها البلاد بسبب تمزق البلاد وتفاقم الازمة السياسية الحادة بين النظام ومناضلي الحركة الشعبية دون افاق قريبة او قبول الحركة كشريك سياسي من قبل النظام لإيجاد حلول منطقية تجنب الشعب من مخاطر عديدة في مقدمتها التقسيم والحروبات الاهلية وتدمير الاقتصاد الوطني فضلاً عن إراقة دماء المواطنيين من مختلف الفئات والقوميات والاديان والاعراق وبهذه المناسبة لابد من التذكير والإشادة بمواقف الحركة الشعبية من هذه الازمة العميقة وغيرها من الازمات، فلقد قدمت العديد من المقترحات والمذكرات التي تهدف الي تخليص العملية السياسية من مثالب واخطاء وتراجعات كان بالإمكان معالجتها إذا ما وجدت النوايا الوطنية التي تتحمل المسئولية المزدوجة تجاه الوطن والشعب. خلال المسيرة النضالية ضمت الحركة إلي صفوفها العربي والافريقي وكل قبائل السودان، من قوى الهامش في ملحمة تاريخية تشكل التنوع القبلي الذي يمثل الثراء الثقافي مفخرة السودان الحقيقي، جمعت المسلمين بكل طوائفهم والمسيحين بكل مذاهبهم كما ضمت في صفوفها اعضاء منحدرون من كل زوايا السودان بعد ان اعلن ابناء تلك المناطق قناعتهم التامه باهداف الحركة بسبب المرارات وتشويهم كمجموعات اقليه من خلال محاربتهم بالدين والعروبه، الامر الذي لعب دوراً كبيراً في المساعي الهادفة الي تشكيل مقومات الهوية الوطنية بعيداً عن التعصب الديني، وفي نفس الوقت ناضلت بثبات ضد السياسات الشوفينية والتميزية للحكومات الدكتاتورية المتعاقبة من اجل تمتع الشعب السوداني وسائر القوميات الاخري بحقوقهم القومية المشروعة في إطار سودان ديمقراطي وطن يقوم علي العدالة والمساواة، وكعهدها لعبت دوراً وطنياً بمثل ما لعبت دوراً مسئولاً في التاريخ السياسي منذ تأسيسها عام 1983 وفي جميع عهود الحكومات السابقة فهي حتي الان مازالت تلعب الدور الهادف الي إنقاذ البلاد من ويلات التدهور السياسي والإقتصادي والامني إضافة الي مهماتها الاخري وحرصها الوطني ونضالها من اجل الحفاظ علي وحدة السودان. الحركة مواقفها مشهودة في كل قضايا السودان، خاصة فيما يخص الدين والمتدينين والعروبه، وهي المشكلة التي تمثل الخطاب السياسي لكل الحكومات المتعاقبة لإستعطاف الشعب، هذا الموقف الذي إتسم بالإقدام الكامل والدعوة للتسامح والتعايش السلمي بين الاديان والمذاهب وعدم زج المعتقدات الروحية والوجدانية في الصراعات السياسية لانها ستكون اكبر إساءة في الدين نفسه وتؤدي الي تناحرات خطيرة ربما تصعب السيطرة عليها وهو ما نشهده في الزمن الحالي البالغ خطورة. إستطاعت الحركة الشعبية تكوين اوسع قاعدة جماهيرية إجتماعية ديمقراطية فتصدرت النضالات السياسية والاقتصادية، قادة بجدارة الحروبات التي إندلعت ضد الطغيان والعسف ومصادرة حق الشعب في التعبير عن رايه وتمتعه بحرياته اسوة بشعوب الارض، فضلاً عن سيادة الثالوث المقيت المتمثل بالفقر والجهل والمرض الذي كرسته انظمة الحكم المتعاقبة، بنت الحركة الشعبية إستراتيجيتها بصواب في ضرورة التحالفات بين القوي السياسية الوطنية والديمقراطية واحقيتها في تمكين الشعب بطبقاته وفئاته الاجتماعية المختلفة من المساهمة في هذا الصراع وحسمه ضد جلادية وسارقي ثرواته، هذه الاستراتيجيه ارعبت النظام فانشاوا تحالفات غير مقدسه لقطع الطريق علي نضالاتها وتعطيل مسيرتها فجاءت سياساتهم الظالمة عبر حملات الكراهية والتزوير لإبعاد قادتها وتصفيتها من الوجود السياسي فاستجابت لسياساتهم دماء المناضلين من اعضاء الحركة في الشوارع والمعتقلات تحت وطأة التعذيب وخاب فألهم وفشلوا في تحقيق احلامهم الشريرة، لقد تناسي هؤلاء المجرمون عبر التاريخ ودروسه الثورية التي تشير بوضوح ما بعده وضوح ان شراسة الارهاب ووحشية القتل واساليب التضليل وشراء الذمم واللجوء الي احط الوسائل واكثرها دناءة لم ولن تحقق احلامهم المريضة لتصفية الحركة الشعبية وإخراجها من الساحة السياسية لانها ضرورة موضوعية وتاريخية يحتاجها الشعب السوداني إحتياج الارض العطشي للمطر طالما بقي إستغلال الاقتصاد والاضطهاد السياسي والاجتماعي في بلدنا السودان. مرور 29 عاماً علي تاسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان يؤكد نجاحاتها في كل الميادين السياسية والعسكرية ونشير الي الذين يقولون ان الحركة لا تريد سلام بانه حديث متناقض مع ما تم فعله بتوقيع إتفاقية السلام الشامل، عكس النظام الذي لا يحتكم ولا يلتزم بالاتفاقيات مما ادخل السودان بلدنا العزيز في مراحل غاية الصعوبة والتعقيد، يعيش ازمة طاحنة شاملة علي جميع الاصعدة بسبب التركة الثقيلة في بناء العملية السياسية من قبل الحاكمين علي اسس خاطئة تجسدت في المحاصصة الطائفية والاثنية، مما خلق صراعات ومهاترات يومية علي كعكة السلطة وتستحوذ علي كامل المشهد السياسي،الاقتصادي، الاجتماعي والثقافي، والامن والاستقرار مازال بعيد المنال عن السودانيين المتعطشين له في وجود هؤلاء علي كرسي السلطة واضحي غياب الخدمات بانواعها هاجساً يومياً مرعباً كغالبية ابناء الشعب فيما البطالة تحلق باجنحة النسور، لا سيما بين الشباب والنساء ويواصل اخطبوط الفساد المالي والاداري مد ازرعه الي اصغر الزوايا وابعدها وبسببه تهدر ثروات السودان ويجري بعضها جهاراً نهاراً دون رادع اوخوف من عقاب. الحركة الشعبية وهي تحتفل تجدد الثقة بقدرة شعبنا وجماهيرنا والقوة الوطنية والديمقراطية علي تخطي كل الصعوبات والتعقيدات الموجودة حالياً وتعول عليها في ممارسة دورها الحقيقي ونشاطها الضاغط والمتعدد الاوجه لتكون بإستطاعتها تغير المعادلة السياسية الحالية المشوة وتحقيق ما تصبو إليه. ولا يسعنا إلا ان نقول مليون تحية و إجلال واكبار لشهداءنا الابرار. عاش الجيش الشعبي وعاشت الحركة الشعبية لتحرير السودان والمجد لكل الشهداء، والنصر حليفنا في بناء السودان الديمقراطي المزدهر.