نعلم ان الهموم الاقتصادية والضائقة المعيشية هي الاولى بالاهتمام في هذه المرحلة ولكننا نعلم ايضا انها من بعض آثار الازمة السياسية العامة التي تسببت في كل التداعيات الماثلة ابتداء من انفصال الجنوب والنزاعات القائمة وحتى الازمة الاقتصادية والضائقة المعيشية ذاتها. لذلك فاننا نستهدف الازمة السياسية من اجل الوصول الى الاتفاق القومي الاهم ليس لمحاصرة تداعيات ما يجري في الساحة الداخلية وانما لمعالجة القضايا العالقة بين دولتي السودان بعيدا عن الضغوط والاملاءات الخارجية. لهذا فاننا ندفع بكل مبادرة من اين اتت خاصة المبادرات السودانية وفي هذا نتفق مع طرح الامام الصادق المهدي الذي جاء في محاضرته في ندوة الاهرام بالقاهرة الخميس الماضي التي كانت بعنوان (المشهد السياسي السوداني والمصري على ضوء التحديات الراهنة). ان الخيار الثالث الذي ظل الامام الصادق المهدي يطرحه، الذي يرفض فيه رؤى التيارات الاسلامية المتطرفة ورؤى التيارات العلمانية المتطرفة انما يهدف الى العمل من اجل تحقيق تسوية سياسية شاملة نرى انها يمكن ان تخلص البلاد من مخاطر الحرب والعنف والتشظي الجهوي والاثني. ان التسوية السياسية الشاملة هي الطريق الاجدى لتأمين السلام المهدد حاليا، واعادة اعمار العلاقات السودانية السودانية بين دولتي السودان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واستكمال السلام في دارفور وتحقيقه في كل ربوع السودان الباقي. *التسوية السياسية الشاملة هي المخرج السلمي الآمن، تتطلب تكثيف الجهود الوطنية الصادقة من اهل السودان عامة، لا تستثني المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية الشمالية بل لابد من اشراكهما في اجازتها لضمان استدامتها. حتى لاتكون التسوية السياسية مجرد حلم للامة السودانية لابد من العمل على تنزيلها عمليا من خلال خطوات ملموسة تبدا بالاتفاق على حكومة تكنوقراط يمثلون الطيف السوداني العريض تكون مهمتها عقد مؤتمر السلام وانجاز الدستور المتراضى عليه من اهل السودان ووضع خارطة طريق للاصلاح السياسي والاقتصادي والتشريعي والعدلي والتحضير لانتخابات حرة يكون التنافس فيها على البرنامج الذي يطرحه الحزب لتنفيذ خارطة الطريق للاصلاح المنشود. نرى ايضا ضرورة الاتفاق على سياسة خارجية تعيد اعمار علاقات السودان الخارجية، اولا مع اشقائنا في دولة جنوب السودان ثم مع جيراننا ومع محيطنا الاقليمي ومع العالم اجمع، وتوظف علاقاتنا الخارجية لصالح الوطن والمواطنين.