عقد حزب الامة القومي صباح الأربعاء 15 ديسمبر 2010م مؤتمرا صحفيا لتدشين كتاب أصدرته اللجنة العليا للانتخابات بالحزب بعنوان (انتخابات السودان أبريل 2010م في الميزان)، وقد تحدث في المناسبة كل من الأستاذة سارة نقد الله رئيسة لجنة التنسيق باللجنة العليا للانتخابات، وبروفسور الطيب حاج عطية رئيس اللجنة القومية التي أعدت مسودة قانون الانتخابات، والدكتورة عائشة الكارب التي أرسلت مساهمتها مكتوبة ، والأستاذ كمال عمر من المؤتمر الشعبي وقد احتوى المؤتمر الذي غطته بعض الفضائيات العالمية والصحف المحلية على مداخلات من الحضور وتعقيبات من كل من الأستاذة سارة نقد الله والأستاذة رباح الصادق رئيسة لجنة الحملة الانتخابية الفرعية من اللجنة العليا للانتخابات. وقد ذكرت الأستاذة سارة نقد الله أن الكتاب وفيه 1055 صفحة حوالي سبعمائة منها تحتلها فصول الكتاب الثلاثة عشر بينما البقية للملاحق، يحتوي علاوة على سرد الوقائع والأحداث بشكل تسلسلي على أهم الوثائق والأدبيات المحلية والعالمية حول الانتخابات الأخيرة. وأن حزب الأمة القومي أصدر كتابه المذكور بناء على توصية من المكتب السياسي للحزب بضرورة توثيق ما دار في الانتخابات الأخيرة للاعتبار بدروسها مستقبلا وخاصة بالنسبة للاستفتاء الوشيك. وتحدث بروفسور الطيب حاج عطية في أربع نقاط: الأولى متعلقة بطبيعة الكتاب باعتباره صادر من حزب سياسي. قال: ” هذا الكتاب جمع بين أمرين: أنه يمثل آراء الحزب ولكن فيه مجال للأخذ والرد”. وانتقد ما سماه “سياسة السياسيين وحدتها وصعوبة الوصول لعمل مشترك بين الأحزاب” وقال إنه يعمل منذ مدة “في محاولة خلق ثقل سياسي وخلق حدود دنيا يلتقي عليها السياسيون لمصلحة البلاد”، وقال “هذا اللقاء وهذا الكتاب مثال لعمل غير العمل السياسي على مستوى التعبئة والحدة تكون فيه دراسة بروية”. والثانية أن الكتاب جزء من مساهمات أخرى لا غنى عنها لإكمال الصورة حول الانتخابات. وقال إنه يعمل الآن ضمن لجنة لتقويم الانتخابات تحت مظلة المفوضية، مؤكدا على أهمية الانطلاق من التحول الديمقراطي باعتباره الطريق الوحيد: “هناك خطر داهم على مسألة التحول الديمقراطي في السودان فهو عملية طويلة الأمد وشاقة وقاسية وهناك بلاد عريقة في الديمقراطية لم يتم فيها التحول الديمقراطي الكامل، الآن مهمتنا أن نتحول إلى انتخابات قادمة أفضل”. وقال إن الانتخابات مهددة وفي العالم الثالث كله لم تجر انتخابات قبل بها أحد. ورأى أن الكتاب يتناول الأمور على مستويات مختلفة ففيه “مادة سياسية تعبوية مصادمة وتريد أن تثبت حقوق، وفيه نقد معقول جدا ومقبول في تكوين المفوضية ويجب أن يكون أهدأ وتتوفر له حجج قانونية وتقدم فيه المقترحات والبدائل بشكل هادئ جدا. التقويم الحقيقي هو أن أي مفوضية قادمة ستواجه المشاكل التي واجهتها هذه المفوضية”. وتحدث عن المشاكل المتعلقة بكبر المساحة والبنية السياسية والطبقية الهشة ونفوذ المال الكبير ونادى بضرورة الاستفادة من تجارب غانا وجنوب أفريقيا وموزمبيق وتنزانيا (برغم أن تجربتها مؤلمة) كما نادى بضرورة تجنب الحفر التي في التجارب المصرية والمغربية. والنقطة الثالثة حول الناحية الأكاديمية وبعد أن ذكر إنه اطلع تقريبا على كل التقارير قال “إن أحسن عملية تقويمية في هذا الكتاب وأكثر مادة ثرية، تناول مقارنات طبيعتها تاريخية وهذه مسألة حميدة” ولكنه حذر من السعي لتجريم الآخرين كالمفوضية والمؤتمر الوطني بل يجب كما قال أن يتعايش الجميع. وفي نقطته الرابعة أشار لأهمية ثقافة الديمقراطية ونشرها ليس فقط في الدولة وداخل الأحزاب بل بدءا من الأسرة والحي والمدينة. وفي النهاية قال مخاطبا الحزب “أهنئكم على هذا الكتاب وعلى هذه الجلسة الراقية التي تناقش الأمر بما يجب، وأختلف في أشياء فيه صراحة ولا أحمل مشنقة لأشنق المفوضية أو المؤتمر الوطني أو غيرهم، نبحث عما يحفظ هذه البلد” محذرا من الانزلاق في الحالة الصومالية والليبرية أو السيراليونية فنحن بلد “فيه ضغائن وفيه صغار وفيه كبار وإذا أشعل عود ثقاب يمكن أن ينفجر” ووصف الكتاب بأنه “مساهمة جيدة وستحتل مكانة بين المساهمات التي تمت في تقييم عملية الانتخابات”. ودعا أن ينظم له تدشين أكبر حينما يدخل للبلاد ويكون بيد الشعب السوداني وتقدم فيه أوراق لقراءته بشكل متعمق. أما مساهمة دكتورة عائشة الكارب فقد جاءت على نقيض رؤية البروفسور فيما يجمع الحكومة والمعارضة إذ لامت حزب الأمة على فكرة الحوار مع المؤتمر الوطني باعتبارها تخلق تشويشا لقاعدته وباعتبار أن الحزب جرب المؤتمر الوطني ويدرك عدم وفائه بالاتفاقيات. ولكنها اتفقت معه في الثناء على الكتاب وزيادة حينما أمنت على وصف رئيس الحزب للجنة التي كتبت الكتاب (بالرائعة) واقترحت أن يضاف لها (جدا) وقالت إنها انشرحت منذ أن قرأت في صفحة الشكر والعرفان اسم الأستاذة سارة نقدالله مذيلا باللقب “رئيسة لجنة التنسيق” معبرة عن استيائها لعدم تأنيث المناصب القيادية، وقالت إن ذلك يعد ريادة للحزب في مجال حقوق المرأة. ثم عبرت عن اتفاقها مع ما جاء في مقدمة الكتاب بقلم رئيس الحزب السيد الصادق المهدي بأن تجربة الانتخابات ستلقي بظلالها على الاستفتاء وضرورة أخذ العبرة منها مؤكدة أن التجربة قد كررت نفس الأخطاء. وقالت إنها حينما قرات الكتاب “تبصم بالعشرة” على ما جاء فيه. وقالت إنه الأول من نوعه لحزب سياسي وحثت الأحزاب السياسية أن تصدر روايتها لمثل هذا الحدث الهام. كما تحدث الأستاذ كمال عمر ممثل المؤتمر الشعبي الذي قال إنه لم يطلع على الكتاب ولكن فقط على ملخصه التنفيذي، وأمن على صحة قراءة حزب الأمة لاتفاقية السلام في انتقاد الثنائية والحصص الحزبية وذلك ما ورد في فصل الإطار الدستوري والقانوني، وأمن على دعوة بروفسور الطيب حاج عطية بضرورة عمل تدشين أوسع للكتاب، وقال “إن الذين يسعون لحجبه عن القارئ يجب أن يدركوا أن هناك وسائل كثيرة لدخوله فما يحصل في محاكمهم يطلع عليه العالم.” وإن الكتاب “عكس أن الجلد الذي حصل للفتاة طبيعي ممن يزور الانتخابات ويبدل الصناديق”. وأضاف: “نأمل أن يمثل هذا الكتاب توعية للشعب السوداني”. وتساءل صحفيون هل يحتوي الكتاب على مثالب الأحزاب السياسية في فترة التسجيل حيث لم يكن حضور الأحزاب كاملا في المراكز، وكذلك التردد بين المشاركة والمقاطعة مما خلق بلبلة بين الجماهير. وقد ردت الأستاذة سارة نقد الله بأن الكتاب يرصد المجهودات التي قامت بها الأحزاب في فترة التسجيل وقالت إن حزب الأمة لديه تقارير تفصيلية حول التسجيل، وإن الأحزاب كانت تشترط شروطا معينة للمشاركة وطالبت بها كشروط للنزاهة وفي النهاية كان يمكن أن ترضى بأقل قدر منها ولكن حينما تأكد أنها خالية من النزاهة انسحبت الأحزاب وحتى الاتحادي الديمقراطي والمؤتمر الشعبي اللذان خاضا الانتخابات اتضح لهم زيفها الفاضح بعد ذلك ورفضا الاعتراف بالنتيجة. وقالت الأستاذة رباح الصادق إن الكتاب فيه براح للنقد الذاتي فقد ذكر الفصل الخاص بالتسجيل الظروف التي أدت لسوء الأداء ومن أهمها أن دار الحزب كان في تلك الفترة محتلا ومنذ قبل بدء التسجيل، كذلك احتوى الفصل الرابع على ذكر أوضاع الأحزاب السياسية التي أفقرت وصودرت ممتلكاتها وحرمت من التمويل من الدولة في الشمال برغم نص المادة 67-3-ج من قانون الانتخابات على تمويل الأحزاب من الدولة وهو ما نفذته حكومة الجنوب دون الشمال. فالأحزاب كانت تجد صعوبة في توفير المراقبين بشكل كبير، ومثلما ذكر الكتاب الملابسات التي أدت للتردد بين المشاركة والمقاطعة فقد اعترف بأن ذلك خلق بلبلة وسط الجماهير. وقد ذكر الكتاب أسباب ذلك ليس من باب التبرير ولكن لفهم ما حدث على أرض الواقع. وردا على سؤال هل الكتاب محظور قالت الأستاذة سارة إن هنالك عراقيل في وجه دخوله لا نعلم إن كانت مقصودة أم لا ولكن لم نخطر بأنه محظور وسنسعى لإدخاله وإكمال الإجراءات.