إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة تزوير (3)..؟ا
نشر في الراكوبة يوم 27 - 05 - 2010


راي 2
مسيرة تزوير (3)
رباح الصادق
مناظر الاقتراع
بسم الله الرحمن الرحيم
مسيرة تزوير (1-5)
يختلف الناس كثيرا ولا يزالون مختلفين، وحول الانتخابات السودانية الأخيرة مورس ذلك الاختلاف بشكل عجيب، بدأ الطيف بأولئك الباصمين بالعشرة أنها نزيهة وحقيقية، وانتهى بأولئك القاطعين يقينا بتزويرها الفاضح، مرورا بالمتسائلين والمتشككين هل يمكن حقا أن يفوز المؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب بهذه الأرقام الخرافية؟ وهل يمكن أن يجري تزوير كامل شامل هكذا في حضرة المراقبين؟ ونود أن نتتبع بنية التزوير لا بالدلائل والإحصائيات ولكن بمسيرة تقرأ منطقيا بنية التزوير منذ بدء عمليات الانتخابات.
ولنبدأ بالقول إن السير في انتخابات نزيهة يقتضي عدة متطلبات في البنية السياسية والعدلية والإدارية. أما من الناحية السياسية فالنية لإجراء انتخابات ذات صدقية (وذلك مصطلح استخدم غربيا للحديث عن درجة من التزوير ليست فاضحة ويمكن قبولها) يتطلب موافقة الشركاء خاصة الأحزاب السياسية على كافة عتبات السلم الانتخابي وذلك حتى يتم القبول بالنتيجة، ويقابله أو يعارضه السعي في مراحل الانتخابات (بمن حضر)، أما البنية العدلية فتغيير الطاقم القانوني المقيد وإصلاح القضاء والشرطة المعنيين بالفصل في النزاع والتأمين الانتخابي وذلك لفك القيد الحزبي عليهما. والمتطلبات الإدارية متعلقة بمفوضية شفافة ونزيهة وكفؤة وغير منحازة لطرف. وغني عن القول إن هذه المتطلبات غابت جملة وتفصيلا في العملية الانتخابية مما يؤكد النية على التزوير، بيد أن تتبع مسيرة التزوير تؤكد شيئان: الأول أنه كانت هناك بنية هيكلية للتزوير أو \"مشروع فساد كسياسة جامعة\" بتعبير الشيخ الترابي وقد نفى في البداية وجود ذلك المشروع (حوار معه في أخبار اليوم بتاريخ الخميس 13 مايو 2010م)، والثاني هو أن العملية كانت بالفعل غريبة على التاريخ السوداني وربما الإنساني. وبتعبير الترابي في ذات اللقاء المذكور (كان ينبغي أن أعلم أن السلطة يمكن أن تفسد الإسلامي أو غير الإسلامي إلى هذا المبلغ، لكن كنت أظن ألا يصلوا إلى هذا المستوى) وقال إن الفساد الذي عايشناه من قبل لم يصل لهذا المستوى ولا في العالم كله وعقب (أخذوا وراء ظنوننا يعني تجاوزوا آفاق ظنون السوء وهذا معناه أن السلطة يمكن أن تفسد الإسلاميين لأن عصبيتهم شديدة، وهذا يجعلهم يتجاوزوا في الفساد). كانت هناك خطط للتزوير مختلفة ومتضاربة ولا يمكن اتخاذها سويا، فذهنية التزوير المتبعة اتخذت كل ما يمكن من تزوير وإن كان بعضه ينقض بعضا. وبرأينا أن هذا الدمج الأعرج بين وسائل تزويرية متضاربة لم يكن مقصودا فقد كان ناتج \"شفقة\" من جهة، وناتج \"فشل\" من جهة أخرى. وإن كان الدكتور حسن الترابي في لقائه المذكور عزاها لأن القائمين بالتزوير كانوا أهل الأمن لا أهل السياسة.
دعونا نقفز فوق سيرة الانتخابات قفزا خفيفا متلمسين سيرة التزوير، وسنقف فقط في بعض المحطات مرتكزين على المنطق كما قلنا أكثر من الإحصائيات.
أشارت تقارير كثيرة ومقالات لما جرى في الإحصاء السكاني باعتباره خرق أولي للنزاهة. وأهم ما قيل نقدا للإحصاء انعدام الشفافية فقد تم تجنيد العاملين بالإحصاء بشكل حزبي ينم عن نية سيئة، وجرى تكتم على عملياته، وبالفعل كانت نتيجته مصدر دهشة لجهات عديدة ورفضتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وأخيرا اقتنع المؤتمر الوطني نفسه بحجة الحركة حول تلاعب الإحصاء بالنتائج في الجنوب وكان الاتفاق العجيب على الأربعين نائبا الإضافيين للحركة في الجنوب! ووجدت شكاوى واستغرابات بين أهل بورتسودان التي جاءت أقل في إحصائها من هيا، ثم ظلت شكاوى أخرى في الشمال معلقة مثل شكوى إهمال بعض الرحل، وقال البعض إن السجل يمكن أن يصبح أساسا لتعديل الإحصاء، ولكن السجل الانتخابي جاء حلقة أخرى من حلقات التلاعب كما سنرى.
ترسيم الدوائر كان حلقة تلاعب وقد جرى على مرحلتين، في المرحلة الأولى تم التلاعب في بعض الدوائر وقد استلمت المفوضية شكاوى الأحزاب من ذلك وقبلت بعضها ورفضت أغلبها. أما المرحلة الثانية فقد كانت مرحلة النظر في الطعون، حيث تم تلاعب فيها بقبول بعض الطعونات وبالتالي التغيير في دوائر كانت مقبولة ومتسقة مع المعطيات السكانية والإدارية، هذا التغيير الجديد لم يكن الطعن فيه متاحا وقد مر عبره كثير من التلاعب كما أوضح الأستاذ محمد شريف علي رئيس لجنة ترسيم الدوائر بحزب الأمة القومي.
أما التسجيل فقد سارت بتزويراته الركبان. وذكرنا في مقالات سابقة كيف أتيح للسجل أن يكون مزيدا بأسماء وهمية. ثم كيف حدث التواطؤ بين المفوضية القومية للانتخابات وبين أجهزة الإعلام وبين المؤتمر الوطني ليتم التعتيم على التسجيل فلا يحس به المواطن العادي، بينما قام بعض أعضاء المفوضية ومنهم الفريق الهادي محمد أحمد في لقاء معه بالإذاعة السودانية بإلقاء اللائمة على الأحزاب، وحينها، أي في مطلع نوفمبر 2009م توجسنا من حديث السيد الهادي واعتبرنا ذلك من \"ضلالات المفوضية\"، وفي ذلك الوقت كان مقالنا مستغربا وسط أجواء من الاحترام رفلت فيها المفوضية بفضل رئاسة مولانا أبيل ألير وعضوية بعض الشخصيات المرموقة، ولكنا لم نكن نصدق أن المفوضية التي تعرف خارطة البلاد جيدا وإمكانية الأحزاب بل التي يجب عليها أن تعرف أن التعليم والتثقيف الانتخابي هي مهمة رسمية في المقام الأول، لم نكن نصدق أنها تتنازل عن مهامها تلك وتلقيها على الأحزاب مع حالها المعروف بدون سوء نية. وبرغم الملاحظات على خروقات تسجيل القوات النظامية وعلى شهادات السكن المضروبة المعطاة بكرم حاتمي من قبل اللجان الشعبية والتي سمحت بتعدد التسجيلات للفرد وإضافة أسماء وهمية، وكل هذا وذاك مما رصده الراصدون، فإن السجل النهائي لم يظهر أبدا، وظل موقع المفوضية القومية للانتخابات خاليا من السجل مستضيفا لمراكز التسجيل بينما مسئولها الإعلامي السيد أبو بكر وزيري يكذب كذبا فاضحا داخل اجتماعات \"الآلية المشتركة لاستخدام الأجهزة الإعلامية\" ويقول إن السجل منشور بموقع المفوضية تابعا الكذبة بتقطيبة لا تنفك!! بل وحتى في الأسبوع الأخير قبل الاقتراع كان التسجيل يجري في جهات عديدة على قدم وساق وقد شكا مواطنو قرية أم سهيلة بالنيل الأبيض –كمثال- أن التسجيل كان يجري حتى عشية الاقتراع نفسها!.
والنقطة التي نريد التركيز عليها هنا والتي تدل على نية التزوير المسبقة أن المؤتمر الوطني لم يجتهد حتى في إيصال صوت التسجيل في أماكن وجوده المحتملة، لقد لعب في المضمون ولم يتلاعب في المحتمل، وحينما أجرت اللجنة العلمية في \"الحملة القومية لانتخاب الإمام الصادق المهدي للرئاسة خلاصا للوطن\" استطلاعا في أوائل أبريل الماضي في العاصمة الخرطوم وجدت أن نسبة الذين يؤيدون السيد عمر البشير بين العامة أكبر منها بين المسجلين، والعكس صحيح بالنسبة للإمام الصادق المهدي الذي ارتفعت نسبة مؤيديه بين المسجلين عنها بين جميع المستطلعين. وهذا برأينا راجع لما جنته براقش على نفسها، فالخرطوم هي أسوأ الولايات في الوعي السياسي وأكثرها تعرضا لدعاية المؤتمر الوطني وأجهزة إعلامه وتأثرا بها، ولذلك فإن تغييب الوعي بالتسجيل وسط سكانها دار على المؤتمر الوطني، ولو كان يريد حقا كسبا انتخابيا حقيقيا لكان عمل على رفع قيود التعتيم على التسجيل بدلا عن نصبها.. لكن المقصود لم يكن كسبا حقيقيا، كما أثبتت الحقائق التالية.
لكن أفضح حلقات العملية الانتخابية فيما يتعلق بكشف التزوير ونيته كانت الطريقة التي أدار بها المؤتمر الوطني ترشحيات الولاة، وأول مصدر للريبة كان عزل الولاة الذين لم تتم تسميتهم كمرشحين، وهذا لضمان عدم عرقلتهم للخطة الموضوعة في الولاية بدافع الانتقام. وثانيها كانت طريقة الاختيار، فقد كانت المجالس الشورية الولائية تنتخب سبعة يرفعون للمركز وكان مجلس الشورى الاتحادي يختار خمسة من بينهم يرفعون لرئيس المؤتمر الوطني –رئيس الجمهورية- ليختار واحدا قد يكون بل غالبا ما يكون الحائز على أقل الأصوات من بين منافسيه الآخرين. كانت مهزلة بأية وجهة نظر ديمقراطية لم تركز على الأكثر شعبية أو قبولا وسط الجماهير بل الأكثر قبولا في الأوساط الأمنية. وهذا يعني بوضوح أنه لم تكن هناك أية نية للرجوع لتلك الجماهير حتى داخل الوطني ناهيك عن الشارع السوداني العام. لقد حولت عملية الترشيحات عددا غفيرا من عضوية المؤتمر الوطني لمعارضة صريحة لمرشح حزبهم ومؤيدين لمرشحين آخرين، حدث هذا في كل الولايات الشمالية تقريبا، وحينما كان العادون يعدون للمنافسين الولائيين كان مرشح الوطني في الغالب يأتي في الدرجة الثالثة أو الرابعة بينما يتنافس على المقعد مرشحين آخرين. وكنا نستغرب من ذلك ونعده من دقسات الزمان المؤتمروطنجية إذ أن الانتخابات لها منطقها والأحزاب التي تخوض الانتخابات العامة تخوضها أولا داخل دهاليزها لتتعرف على أكثر المرشحين شعبية ليفوز، أما أن تجري الانتخابات داخليا ثم تلوي عنقها وتزيح جانبا الحائزين على الأصوات العليا وتقدم الذين ما نالوا أصواتا إلا بالمال كما رشح عن ارتفاع أثمان الأصوات داخل مجالس الشورى الولائية، فمعناها أنك لا تفهم منطق الانتخابات.. لكن اتضح جليا أن المسألة لم تكن إلا حلقة من حلقات الطبخ. وبذلك سار المؤتمر الوطني بمرشحيه الأضعف داخل حزبه لا يأبه بالتظاهر ضدهم أحيانا بل يطلق على المتظاهرين من حزبه الغاز المسيل للدموع الكاتم للأنفاس ذاته.. نتيجة ذلك أنه لم تكن هناك أية فرصة للفوز لمرشحي الوطني في أية انتخابات حقيقية. وصار المرشح الأقوى للوالي في البحر الأحمر هو السيد عبد الله ابو فاطمة المستقل اسما والشعبي فعلا والذي تنازل له كل المرشحين الآخرين، والمرشح الأقوى في نهر النيل هو دكتور البخاري الجعلي من الاتحادي الأصل ولا منافس له ولا منازع، والمرشح الأقوى في شمال كردفان هو د محمد المهدي حسن من الأمة القومي ولا منافس حقيقي له، والمنافس الأقوى في سنار هو الناظر مالك الحسن أبو روف وتنافسه الحركة الشعبية لتحرير السودان بل لقد ارتعدت فرائص الوطني من حركته الواسعة وحاول تقييد حملته التي كانت تحوز على نجاح منقطع النظير ذلك أنه شكل قيادة صاعدة حازت على احترام الجميع وشكل مكسبا لحزبه لا يفله أن الانتخابات ضربت، وفي النيل الأزرق كان المرشح الأقوى هو الفريق مالك عقار عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، وهكذا.. ولو جئنا لكسلا لوجدنا التنافس بين مرشح الاتحادي الأصل ومرشح الأمة القومي، وحتى مؤيدي المؤتمر الوطني ماتوا غيظا من (فوز الخاسر) في ترشيحات الولاية، وأيدوا مرشحين منافسين.. نعم إن الطريقة التي أدار بها المؤتمر الوطني الانتخابات داخل حزبه هي الدليل الأقوى على انه لم يكن يزمع إجراء انتخابات ولا يحزنون..
نواصل بإذن الله
وليبق ما بيننا
مقال نشر بصحيفة الأحداث في يوم الأحد 16 مايو 2010م
بسم الله الرحمن الرحيم
مسيرة تزوير (2-5)
في الحلقة الأولى تتبعنا ما يدل على نية التلاعب في الانتخابات منذ مرحلة الإحصاء وترسيم الدوائر والتسجيل حتى الترشيح ونواصل اليوم في بقية الحلقات مواصلين ما تبقى لنا من تعليق حول مرحلة الترشيح ذاتها ثم الحملة والاقتراع على أن نواصل حول الاقتراع والعد والفرز في الحلقة القادمة بإذن الله.
حول الترشيح أيضا
إن كان المؤتمر الوطني قد خاض الترشيح داخل صفوفه بما يوحي أنه لا يهتم بما تأتي به الصناديق كما أثبتنا، إلا أنه قام ببعض الممارسات التي تشي بأنه يصدق بالصناديق. فقد جرت مضايقات للعديد من المرشحين والمرشحات المنافسين والمنافسات ليتنازلوا، وهذا ما أثبته تقرير مركز كارتر بتاريخ 17/3/2010م واعتبر المركز أن هذه الأحداث تمثل (تهديدًا لحق الإنسان في الأمان على شخصه. وفي حال استمرت بالحدوث في الأسابيع المتبقية من فترة الحملات، فإنها ستمثل تعديًا على مجمل جودة العملية الانتخابية) وقد استمرت بدليل التهديد الذي وجه في 4 أبريل لمرشح حزب الأمة القومي بالدائرة كسلا القومية-1.
هنا نأتي لمسألة التضارب في استراتيجيات التلاعب كما سنشرح في الحلقات القادمة بإذن الله. إن اللعب في التلاعب هو الذي قاد لما شهدناه وما سنحاول –عبثا- وصفه من مسرح العبث واللامعقول!
الحملة الانتخابية
مرحلة الحملة الانتخابية، التي تلت الترشيح كانت سمتها الأولى الانحياز للمؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب من أجهزة الإعلام الرسمية كما وصفنا في مقالات سابقة وكما سقنا مزودين بالأرقام من تقرير مجموعة الإعلام والانتخابات التابعة لكونسرتيوم السودان الذي أوضح أن السيد عمر البشير حاز على 75% من أزمان البث لمرشحي الرئاسة والسيد سلفا كير 90% من أزمان مرشحي رئاسة الجنوب وأبان التقرير أن المؤتمر الوطني وممثلو الحزب نالوا حيزا كبيرا في التغطية التحريرية والتلفزيونية بمتوسط ٥٤ % من إجمالي زمن التغطية تليهم الحركة الشعبية لتحرير السودان والتي نالت ٢٨% ، كما نال المؤتمر الوطني 49% من إجمالي البث الإذاعي ونالت الحركة 21% منه. وقد أشار لذلك تقرير مركز كارتر كما أضاف ما كررناه كثيرا حول التقييد الرسمي من قبل المفوضية للحملة عبر منشور أنشطة الحملات الانتخابية الصادر في 18 فبراير، إضافة لما أشار له بيان شبكة منظمات المجتمع المدني المستقلة (19/4) من تأخير وضع سقوف للصرف على الحملة وفي النهاية وضع سقوف عالية. ونحن نضيف لنقد الشبكة أن هذه السقوف على علوها تجاوزها المؤتمر الوطني ولم يُجر تحقيق ولا وضعت عقوبة!
هذا الانحياز والتقييد هو ما حاربت الأحزاب من أجل إزالته داخل \"الآلية المشتركة لاستخدام وسائل الإعلام أثناء الحملة الانتخابية\" والتي أنشأتها المفوضية في فبراير 2010م تناغما مع ما ورد في قانون الانتخابات (المادة 66-3) فاختارت ستة أحزاب لتمثل في الآلية ولكنها غيبت الأحزاب في الاجتماع الأول، وحضرت الأحزاب بعده ثلاثة اجتماعات ثم قدمت مذكرة في 23/2 وانسحبت وأعلنت ذلك في 2/3/2010م. بعد ذلك عقد اجتماع للحوار مع الأحزاب بتوسط مجلس الصحافة والمطبوعات في 18/3/2010م غابت عنه الأحزاب المحتجة إلا حزب الأمة القومي، وخرج بضرورة مواصلة الحوار وإعلاء الشفافية، وبالرغم من ذلك فإن المفوضية قررت الاستجابة لطلب توسعة تمثيل الأحزاب باللجنة بدون أية مشورة. اجتمعت الأحزاب الخمسة المحتجة وقررت أن هذا لا يعكس إلا انحياز المفوضية للمؤتمر الوطني وبتعبيرها في البيان الذي أصدرته في 23/3 والذي جرى التعتيم عليه فلم تنشره الصحف إلا الحزبية للأحزاب المحتجة: (الأساس الذي دعونا له لاختيار الأحزاب بالآلية موضوعي وهو الأحزاب التي تخوض الانتخابات في كافة مستوياتها بما فيها الرئاسة، ولكن المفوضية أضافت عضوين من حكومة الوحدة الوطنية مثيرة تساؤلات حول أسس الاختيار فحكومة الوحدة الوطنية ممثلة أصلا بالمؤتمر الوطني والحركة الشعبية. قرار المفوضية يؤكد أنها واقعة تحت سيطرة المؤتمر الوطني كلية ولا تستطيع الاستجابة لمطالبات الأحزاب الموضوعية إلا بإرضائه بإضافة الأحزاب التبع التي تدعم مرشحيه علنا فالإضافة منها هي إضافة لممثلي المؤتمر الوطني وحسب.) وأيضا: (نرفض مجددا أن نكون في هذا الجسم الشائه الذي زادت تشويهاته والذي لن يفلح إلا في تجيير الإعلام لحزب يخرق القانون ويستخدم إمكانيات الدولة في دعايته الانتخابية.. نرفض المشاركة في تضليل الشعب السوداني، ونعلن عن استمرارنا في مقاطعة الآلية، ورفض الانضمام لها بالنسبة لمن تم ضمه لأول مرة) وبسبب ذلك التعتيم ظن عديدون أن الأحزاب المحتجة عادت إليها. إن التضليل الذي مورس ليس فقط باختطاف الإعلام، وظلم الآخرين، وتقييد حركتهم، بل وبحجب المعارضة والمقاطعة التي بدأتها الأحزاب للمفوضية منذ مارس وواصلت فيها حتى شملت مراحل الاقتراع والعد والفرز وبالتالي النتيجة. فهو ليس فقط تزوير بمصادرة الرأي وتضليل الناخب، بل وفي مواقف الأحزاب المحتجة نفسها!
الاقتراع
تلت مرحلة الحملة الاقتراع. وحكا عن محن الاقتراع الشاعر! قصائد كثيرة تبودلت، ومنها تلك التي حثت على مقاطعة الانتخابات تحديدا مرحلة الاقتراع:
قوموا إلى المقاطعة
إذ أنكم تفرقون بين العرس بين الفاجعة
قوموا إلى المقاطعة
يرحمكم الله وهذه البلد معا
لأنكم لن تمسحوا الدماء بالصديد
ولأنكم قلتم لمن قتل الكرامة
والسلامة، والشهامة، والشهيد
مليون..لا
قلتم لمن ذبح النشيد
مليون..لا
وبمناسبة الأصوات المناوئة والتي تقول لا هذه، نذكر بعض خطرات حول لافته دعائية كبيرة للسيد عمر البشير كمرشح للرئاسة منصوبة قرب دارنا بالملازمين وفي مقابل سجن أم درمان، مكتوب عليها تعليقا على صورة المرشح: تتعدد الأصوات والكلمة واحدة: نعم! وتلك اللافتة برأينا هي من ضمن ما يجب أن يدرس في فشل الحملات الانتخابية في استخدام لغة جذابة! لأن المقولة التي يستند إليها الشعار هي: تتعدد الأسباب والموت واحد! وقارئ اللافتة سرعانما يربط بين \"الموت\" وهو النتيجة التي تتحدث عنها الصيغة المحفوظة، والفوز للبشير وهو النتيجة التي يتحدث عنها الشعار. وهو ربط غير مقصود يؤدي لنتيجة عسكية، على نحو دعاية شركة نفطية المنصوبة في نفق الجامعة بالخرطوم: Go .. Go well، وقد ترجمتها بعد لأي: اذهب ل... تذهب للسلامة، هذه الدعاية مصاغة برأينا بشكل يدفع قارئها لاستبدال كلمة ويل أي السلامة بهل Hell أي الجحيم، ذلك أن الناس كثيرا ما تلعن بالقول: اذهب للجحيم! أكثر من دعوتها بالخير قائلة: اذهب للسلامة، فعلى صائغ الدعايات التنبه لمثل هذه الزلات، وهذا كلام آخر!
الشاهد، لعل أكبر حدث أثار السخرية وتدوولت حوله القصائد أثناء مرحلة الاقتراع هو حادثة \"خج\" أي هز صندوق الاقتراع بعد حشوه ببطاقات ملأها ضباط الانتخابات أنفسهم! الحادثة التي صورها الشاب مصطفي طاهر عثمان بمركز الاقتراع موسيت بدائرة الأوليب بالبحر الأحمر وهو مندوب عن خاله المرشح بالدائرة عن الاتحادي المسجل، قال مصطفى فيما نشرت صحيفة سودانايل إن عملية التزوير بدأت في اليوم الأول للاقتراع وطالبناهم بالتوقف ولكنهم رفضوا وفي اليوم الثاني عند حضوري للمركز وجدتهم منهمكين في عملية التزوير وقمت بتصويره بهاتفي المحمول وأنا أقف علي الشباك وقلت لهم إنني قمت بتصويركم ولكنهم لم يهتموا لأمري وقالوا نحن نعمل لصالح الحكومة وهذه تعليمات وبعد ذلك قمت بتسليم ذاكرة الهاتف لخالي مصطفي عثمان الحاج مرشح الاتحادي الديمقراطي المسجل المنافس للمعتمد مرشح الوطني، وقد سلم خالي الذاكرة إلي الحزب، وذكر الشاب أسماء موظفي المفوضية وهم عبد السلام محمد علي وهو ابن عم المعتمد مرشح المؤتمر الوطني وحسن أوهاج ومصطفي عيسي أوكير من موظفي المفوضية وحول رده علي أسئلة الصحفيين هل وجد تهديد أم لا أكد انه وجد تهديد من جهات لم يسمها. ونحن لا نريد أن نتتبع الطريقة اللا مسئولة التي تم التعامل بها إزاء هذه الفضيحة، ولكننا نورد فقط بعض ما وردنا من شعر عبر الفضاء السايبيري، أوله قصيدة مزيلة باسم معاوية المدير، وعنوانها \"قصيدة النوكيا الصور الخج\" وفيها:
هلو، يا أهلنا يا طيبيّن
سلآم... يا أهلنا يا صامدين، ويا صآبرين..
انا النوكيا، البخُج الظآلم الطَغيان
تعالوا اتوحدوا اتلموا
وأعلنوا ضدهم عِصيان
وروهم عزيمة شعب وكتين ينفجر بُركآن
كذلك القصيدة التي مطلعها \"خجة خجة تزيدة غرورك\" وفيها مخاطبة لمن قام بالخج من أهلنا بالشرق:
قول ليّ يا ادروب
عليك وجع السنين.
خجيتو ليه؟
خليهو يا ادروب
عشان ناساً غلآبة وكادحين
خليهو يا ادروب
عشان ناساً بتحلم من سنين
بوطن صحيح من غير جراح
من غير ألم، من غير انين
خاجيهو ليه؟
خليهو يا ادروب
عشان شجر الأراك
يفرح يعانق ديم عرب
..إلى آخر القراءة الشعرية لحادثة الخج!
وفي الحقيقة فإن مرحلة الاقتراع دار حولها كلام كثير في الصحف السيارة وبين العامة وصاحبتها طرائف أكثر فبعد أن بان طرف الصورة منذ أول يوم اختلط الغضب بالسخرية. وسنذكر في المقال القادم بعض ما تم تداوله إذ أنه من العبث محاولة رصد أو الإحاطة بما جرى في هذه المقالة وأخواتها الممحوقات.
نواصل بإذن الله
وليبق ما بيننا
مقالة نشرت بصحيفة الأحداث في يوم الأحد 23 مايو 2010م
بسم الله الرحمن الرحيم
مسيرة تزوير (3-5)
مناظر الاقتراع
في المقالين السابقين تطرقنا لبعض ملامح التلاعب في عمليات الانتخابات منذ الإحصاء وترسيم الدوائر والتسجيل والحملة الانتخابية ونواصل اليوم حول الاقتراع الذي شهدنا في المقال الماضي بعض مناظره، ونواصل في المناظر اليوم.
لقد دار حول الاقتراع كلام كثير بذكر حالات وأحداث، ولكننا قبل ذكر هذه الحالات نود التأكيد على أنها كانت سياسة مخططة وشاملة وذكرها في حالات معدودة لم يكن راجعا لمحدودية انتشارها ولكن فقط لانتباه بعض المراقبين إزاء \"دقسة\" الآخرين، فقد كانت سياسات التلاعب شاملة منذ سحب البطاقات أيام التسجيل، وحتى ما سنذكر أيام الاقتراع وأبلغ دليل على ذلك ما ذكرته بعض المراكز من أن الحبر يزال بالماء أو بالمزيل المسمى \"كلين\"، فذلك لم يكن مقتصرا على مركز أو مركزين، ولكن الذين بلغوا كانوا أكثر تيقظا.
إجراءات التلاعب شملت:
- فشل المفوضية في إيصال مواد الاقتراع لكل المراكز (بيان شبكة منظمات المجتمع المدني في 19/4/2010م) وهذا أدى لتأخير الاقتراع في ولايات كالنيل الأبيض وفي مراكز كثيرة ليوم كامل أو لساعات ممتدة.
- تم توزيع الناخبين على المراكز بشكل فيه خلط كبير فعدد كبير تم تحويله من المركز الذي سجل فيه بشكل فيه تلاعب وقيل إن هذه أخطاء فنية. مثلا ما صرحت به الأستاذة جلاء الأزهري من أنها سجلت في مركز بحضور الإعلام المكثف ثم جاء اقتراعها في مركز آخر بشكل غير مبرر.
- تم الإبلاغ عن عمليات تسجيل سبقت عملية الاقتراع بيوم كما ذكرنا، وتسجيل أثناء الاقتراع (تم ضبطها في الخرطوم كما في موقع مونتر انتخابات السودان).
- خيمة المؤتمر الوطني في المراكز كانت تحتوي على مسئولي اللجان الشعبية وكانوا يصدرون شهادات سكن لكل حاضر للتصويت ويحلون له مشكلة عدم التسجيل. تواتر الإبلاغ عن ذلك.
- الحبر يزال بكل سهولة. وشهد بذلك الشاهدون.
- في البداية أعلنت المفوضية أن تمديد الاقتراع من يوم واحد نص عليه القانون لثلاثة أيام لن يؤثر على النزاهة وسيستمر الاقتراع 3 أيام متصلة كأنها يوما واحدا ثم يتم الفرز مباشرة بعد نهاية الاقتراع. ولكن قررت بعد ذلك أن يكون الاقتراع من 8 ص إلى 6 مساء وقالت يمكن لوكلاء الأحزاب البقاء بالمراكز لحراسة الصناديق، وفي النهاية تم طرد المراقبين من المراكز وعدم السماح لهم بالمبيت قرب الصناديق.
- كذلك تم ضبط موظفي المفوضية وهم يقومون بحشو الصناديق بأوراق اقتراع في عدد من المراكز. (تسجيل الفيديو المذكور) وشهادة صحافية مثبتة في موقع سودانايل إنها وجدت ضباط المركز يصوتون ويحشون الصناديق ولم يتنبهوا إلا بعد دخولها.
- وتم ضبط بعضهم وهم يصوتون لنساء أميات في موضع الشجرة بدون اتفاق معهن (موقع حزب الأمة وتقرير بعثة الاتحاد الأوربي).
- تم ضبط بدء فرز الأصوات قبل نهاية الاقتراع في بعض المراكز كما حدث في دائرة الدبة. (موقع مونتر انتخابات السودان)
- تم توجيه للشرطة بعدم قبول بلاغات بشأن التزوير في الانتخابات. لذلك حينما بلغ البعض عن حوادث استبدال الصناديق، أو وجود كراتين بها بطاقات اقتراع في منزل عادي لم تقبل الشرطة فتح بلاغ، بل لقد قامت المفوضية بتأكيد أنها سمحت للشخص المقبوض عليه من قبل وكلاء الأحزاب بالاحتفاظ ببطاقات الاقتراع. ولكن تم القبض على هذه الكراتين في الجنوب (أجراس الحرية 23/4).
- كانت هناك مراكز اقتراع سرية لم تعلن بها الأحزاب وبالتالي جرت بدون مراقبين (تم الإبلاغ عن مركز ببحري- في موقع Sudan vote monitor).
- تم إرهاب كبير للمرشحين ووكلاء الأحزاب وللناخبين، تم تهديد بعض المرشحين بضرورة الانسحاب كما حدث مع مرشح حزب الأمة القومي في الدائرة 1 كسلا القومية قبل نحو أسبوع من الاقتراع كما ذكرنا، وكذلك تم اعتقال عدد من الوكلاء الحزبيين. مثلا في ثاني أيام الاقتراع تعرض للقهر وكيل حزب الأمة القومي محمد المأمون شرف الدين بمركز الاقتراع حقل دفرا الدائرة 10 أبيي بولاية جنوب كردفان. حيث أبلغ عن اختطافه بعد احتجاجه على سير العملية الانتخابية بالمركز فتم استدعاؤه من قبل جهة أمنية. كذلك اعتقلت سلطات محلية كلبس بولاية غرب دارفور خمسة من وكلاء الأحزاب بحجة اعتراضهم داخل مراكز الاقتراع ولم يتم إطلاق سراحهم حتى أواخر أبريل (أجراس الحرية 24/4). كما وافق والي غرب دارفور (أبو القاسم إمام الحاج) على رفع الحصانة عن معتمد محلية أم دخن عبد الله أحمد حسين لاتهامه بإصدار توجيهات بطرد جميع المرشحين ووكلائهم باستثناء منسوبي المؤتمر الوطني من مراكز الاقتراع العشرين بالمحلية (أجراس الحرية 24/4). كذلك شكت المواطنة آمنة حامد/ بود مدني من تلقيها تهديدا من إحدى منسوبات المؤتمر الوطني التي زارتها في بيتها وحثتها على الاقتراع لمرشح المؤتمر الوطني للرئاسة وحينما قالت لها إنها تنتمي لحزب الأمة القومي ولن تذهب للاقتراع هددتها محذرة إياها أنها إذا لم تصوت للبشير أن تخرج من بيتها بعد اليوم! (صوت الأمة 14 أبريل).
- أحيانا كان عدد بطاقات الاقتراع لدى الفرز أكبر من عدد البطاقات المسجلة أثناء الاقتراع (مثال الدائرة 18 الخرطوم المركز رقم 11 نقطة اقتراع رقم 2)- موقع مونتر السودان.
- هذا بالإضافة للأخطاء المسماة فنية والتي تمثلت في سقوط بعض المرشحين، أو استبدال الرموز بينهم، أو الخلط في الرموز عامة، أو الخلط في أوراق الاقتراع بين الدوائر، وهي أخطاء لا يمكن عزوها للقصور الفني فكما عبر الأستاذ حيدر المكاشفي إنها في الغالب لم تطل رموز المؤتمر الوطني (في مقاله إلا الشجرة).
- تم أخذ القسم من العديدين لقاء مبالغ مادية أو منافع مختلفة للتصويت للمؤتمر الوطني، كذلك تمت الاستفادة من الحبر المضروب لتعدد التصويتات لكثيرين (لقاء مع الناشطة والمراقبة الوطنية عشة الكارب في موقع سودانيز أون لاين)
- الخرق الأساسي لمطلوبات سرية الاقتراع وهي مطلوبات قانونية. لا وجود للستارة التي تم الحديث عنها لضمان سرية التصويت، فمكان التصويت عبارة عن لوحين متقاطعين مثبت عليهما ما يصلح كدكة للتصويت في الأركان الأربعة الناتجة عن التقاطع، ويوضع غالبا بالقرب من ضباط وضابطات الانتخابات بما يتيح لهم ولهن الاطلاع على فحوى التصويت، وقد برعت صيحفة \"رأي الشعب\"، الموقوفة ظلما الآن، طيلة أيام التصويت في نقل هذه الحالة الخارقة للقانون (الشفافية في موضع السرية) وذلك بالصور الموثقة.
- حدثت حالات عديدة بالتصويت لمتوفين أو تصويت باسم أشخاص انتحالا لشخصياتهم، حيث حضر كثيرون للمراكز للتصويت ووجدوا أنهم تم التصويت باسمهم (شهادة الأستاذة درة قمبو الإذاعية، وشهادة مراسل فضائية الحرة التلفزيونية، وما ذكره د. عثمان إبراهيم من خيبة أمل ابنته التي كانت تريد التصويت للدكتور كامل إدريس ولكنها وجدت أنه تم التصويت باسمها)!!
هل يبرر هذا النتيجة؟
برأينا إن كل هذا التلاعب الذي وثقه كثيرون لا يفسر النتيجة الغريبة باكتساح الوطني اكتساحا والتي احتار لها البعض حينما رد فكرة أن تكون النتيجة بأسباب التزوير الدارجة لأن هذا يتطلب غياب كامل للمراقبين وتواطوء كامل لموظفي الاقتراع، كما رد فكرة أن تكون النتيجة صحيحة بحسب معرفتنا للواقع السوداني التعددي. هؤلاء لم يضعوا في حساباتهم الخيار الثالث والذي سنتحدث عنه ناقلين ما ساقته أقلام وأنباء.
كذلك حاول تفسير النتيجة آخرون بحديثهم أن المؤتمر الوطني لم يكن بحاجة للتزوير استنادا لاستطلاع رأي جرى قبل عامين أثبت أن الوطني لا منازع له.. الاستطلاع وشى بأن وضع الوطني في الريف أفضل منه في الحضر، وأنه بطل السودان الشعبي الأول بلا منازع. ونحن لا نقف لدى الشك في بيوت الخبرة التي ينشئها الوطني ويلجأ إليها لتضليل الرأي العام، بل نقول إن أي حديث عن شعبية للمؤتمر الوطني (خاصة في الريف) ينفيه الحضور الهزيل في حملات المؤتمر الوطني دون الرئاسية في مقابل شعبية حملات الأحزاب الجماهيرية وحملات مرشحيها، حدث ذلك في كسلا التي يبدو على قول السيد الميرغني أن القاش ابتلع جماهيرها، وفي كردفان التي أعرضت عن الوطني واتجهت للأمة، وفي الجزيرة التي حصبت عربات بعض مرشحي الوطني، وفي سنار التي انزعج واليها وحاول الوطني مضايقة منافسيه، وفي غيرها من مناطق. أما حملة الوطني الرئاسية فقد كانت تصرف فيها أموال قارون لتخرج بالشكل الشعبي الذي نقلته أجهزة الإعلام في الشمال وفي الجنوب. ولكن الغرابة أن النتيجة الرئاسية في الجنوب كانت هزيلة للغاية وفي الشمال كانت صاروخية الارتفاع، وكانت المحصلة أن النسبة التي فاز بها رئيس الجمهورية تتضاءل أمام نسب زملائه الولاة والتشريعيين الذين لم تشهد حملاتهم ولا عشر معشار نجاح حملة الرئيس! ذاك إنما يدل على أن جماهير حملة الرئيس كانت مصنوعة في الحالتين (الشمال والجنوب) أما صناديق الاقتراع فقد تم التلاعب بها في الحالين كذلك بفعل فاعل!
حينما سئلت د. عشة الكارب في مقابلة معها باللغة الإنجليزية نشرت بموقع سودانيز أون لاين حول تعليقها على أن النتيجة على أية حال تؤكد شعبية المؤتمر الوطني قالت إنه حصل عليها بسبب الممارسات المذكورة من القبضة على الإعلام وشراء الذمم وتعدد التصويتات بسبب الحبر المضروب وحشو الصناديق وغيره، أي بسبب المناظر! ولكن الحقيقة أنه وبرغم كل ذلك، وبرغم غياب المنافسة الحقيقية بانسحاب حزب الأمة القومي والحركة الشعبية لتحرير السودان، فإنه لا هذا ولا ذاك من أساليب كان سبب النتيجة التي احتار لها فكاكو الألغاز.. فما هو السبب؟ إن الفيلم، فيلم الاقتراع الأساسي هو السبب، ولا يمثل ما ذكرنا إلا (المناظر).. وموعدنا ولوج ذلك الفيلم في لقائنا القادم، لو أذن الله..
وليبق ما بيننا
* مقال نشر بصحيفة الأحداث في يوم الأربعاء 26 مايو 2010م
وليبق ما بيننا
الأحداث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.