دانيال كودى…. السقوط الى إست المشروع الحضارى (نموذج النفاق والانتهازية للساسة السودانيين) بقلم: كوكو تيه كِناسة اكتب كلماتى هذه ولست من البارعين فى امرالكتابة ولست من أهلها الذين تُبدع اقلامهم حين يسطرون بها مداداً على الاوراق فأولئك اناس تمرسوا على مايفعلون خبِروا اليراع وخبِرَهم فمنهم من كان رزقه فيما تسطره يداه ومنهم من خصه الزمان بمعرفة الكتابة فكان كاتباً ، اما أنا فلست سوى مغلوب على امره من سواد هذا الشعب كان قدره أن يكون حاضراً فى زمان سقطت فيه القيم وتغيرت معانيه فالصدق اصبح سزاجة ،السرقة اصبحت فلاحة ، الظلم امسى عدالة ، العدالة يقيمها الظالمون والنفاق والكذب اصبحوا صفة للحاكمين فوجدت نفسى فى زمن عجب ، شَرّهُ يُضحك ويبكى فى آن واحد ، فقدرى وقدركم أن جمعنا هذا الوطن الذى يحكمه عنوة عصابة طغى جبروتها وفاض ظلمها فرئيسنا الذى من المفترض علينا أن نفتخر به رجلٌ اصنج لايجيد الا الرقص فوق جثث بنى جلدته فأصبحتُ وأصبحتم أول شعب يحكمه مخبول لايستحى بأن يصرح أنه وعصابته قد قتلوا فى دارفور وحدها10000مواطن فقط لاغير فكنا بذلك أول دولة فى التاريخ الحديث يُسير دفتها مطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية وعلى كل ذلك يأتى إلينا من يمتدح ذلك الرئيس ونظامه وحكامه فى هذا الزمن النتن ليدخل الى ماخور سلطة الانقاذ من حيث تخرج الطبيعة هوائها وهذا مادفعنى لان اكتب ماتجود به قريحتى من كلمات وقد أصيب وقد اُخطى ولكننى حتما ابحث عن مساحة ازفر فيها مايعتمله فؤادى من آلم جاعلاً من ضميرى ضوء اسير به بين الكلمات مسطرا ماخبرته عن رجل يدعى دانيال كودى كنموزج للنفاق والانتهازية من ولاة امرنا فى زمن المشروع الحضارى لعله يعود الى الصواب ويرعوى . إن المتابع لمسيرة العمل السياسى فى الدولة السودانية سيجد ودون كبير عناء إن السمة التى اتسم بها معظم الساسة السودانين وعلى مر التاريخ هو ارتكانهم الى اتخاذ الكذب والنفاق وسيلة ليحققوا عبرها مكاسبهم السياسية ضاربين بذلك اسواء الامثلة حتى اضحى من المتعارف عليه أن كل سياسى وإن صدق فإنه كذّاب فمامقولة (كلام جرايد) قد اتت من فراغ فالجميع ظلوا يكذبون بل انه تحول مفهوم الحقيقة ليصبح (ماتقوله وتأكده وسائل الاعلام وتكرره وإن كان غير صحيح أصبح هو الحقيقة) فتاريخياً نجد أن الثورة السودانية الاولى التى التف حولها مختلف السودانيين فى إطار سياسى بغض النظر عن توجهها العقائدى قد ارتكزت على كذبة كبيرة اطلقها مؤسسها وصدّقه الاخرون واعنى بذلك إدعاء محمد احمد الدنقلاوى المولد بجزيرة لبب أنه المهدى المنتظر وفى ذلك شطح الرجل حيث لم تمتلئ الارض بعد جوراً وفساد ولم يظهر المسيخ الدجال بعد بل أنه ذهب الى ابعد من ذلك وجعل لنفسه نسب عربى نبيل لانزال نعانى من تبعاته الى يومنا هذا، وعليه فإن كان رب البيت ضاربُ للدف فلا عجب أن يكون سِمة أهله الرقص والطرب ،ونجد أن هذا الامر ظل يتكرر ويتراكم بنمط واحد وسيناريو متاطبق لاحقا لدى معظم الساسة السودانين ولذا لانعجب حين رفع الجنوبيين السلاح فى توريت فى عام 1955م قبل إعلان مايسمى استقلال السودان وذلك حين اكتشفوا مبكرا نفاق الساسة السودانين حلفاء الانجليز فى الحكومة المركزية فيما يخص تحقيق مطالبهم التى يروا انها عادلة فى ذلك الحين مما كان السبب فى دوران طاحونة حرب الحكومة المركزية ضد شعوب الهامش منذ ذلك الحين الى تاريخ كتابة هذه الاسطر ، وهذا هو ماسار عليه ورثة الحكومة المركزية فيما بعد فالكل يؤكد تعدد وتنوع السودان ثقافياًواثنياً ودينياً وجهوياً ولكن تبقى السياسة مركزية واحدة تعمل على نفى الآخر وكبته وقهره تارة بإسم الديمقراطية واخرى بإسم العروبة وثالثة بإسم العروبة والاسلام ورابعة تحت جبروت العسكروسلطانهم ليمارس الجميع النفاق دون استثناء فما مشاريع الدولة الدينية التى ظلت على الدوام هى المرتكز الايدولجى لمعظم الاحزاب السودانية سوى أن كان بمسمى (الصحوة الاسلامية)او (المشروع الحضارى ) او(دولة الخلافة) ماهى الى اكبر دليل على استخفاف الساسة السودانيين بعقول الشعب السودانى فقد ظل الحزبان التقليديان (الامة والاتحادى) اللذان ورث مؤسسيها الدولة السودانية بعد أن قدم لهم المستعمر كل مايمكن من امتيازات مادية تتمثل فى الاموال الطائلة والاراضى الشاسعة نظير خدماتهم التى قاموا بتقديمها للمستعمر وماسيقومون به مستقبلا فالمراغنة كانوا هم الدليل الاساسى للانجليز عند عودتهم لاستعمار السودان فقد كان كبيرهم ضمن الراكبين بقوافل الاحتلال يخبرهم اين الطريق الى نهب السودان اما آل المهدى فقد بلغ بهم الذُل والهوان بأن اقدم كبيرهم على تقديم سيف جده المهدى كهدية للملكة فكتوريا فى عيد ميلادها(تخيلوا) وهولاء السادة هم من قادوا دفة العمل السياسى فى دولة السودان لاحقاً مستندين فى ذلك على طائفة الانصار كقاعدة جماهيرية تقف خلف حزب الامة والتى اصبح قائدها الروحى والامام ورئيس الحزب شخص واحد متمثل فى (الامام السيد) الصادق المهدى ومن جانب اخر لاتزال طائفة الختمية هى القاعدة الجماهيرية التى تقف خلف الحزب الاتحادى والتى يؤمها ويرأس الحزب الاتحادى (مولانا السيد) محمد عثمان المرغنى وكل الحزبين ظل قادتها يخدعون انفسهم وقواعدهم الجماهيريه ومن خلفهم الشعب السودانى بان شرعيتهم مستمده من تفويض إلهى خصهم به الله نسبه لى نسبهم الشريف ويا له من كسب بواح وفجور فى النفاق لا يستقيم أن يصدقه عاقل. ويبقى هنالك شاهد اخر على نفاق الساسة السودانيين ولايزال اكثر حداثه ولم تنته فصوله بعد وهو ما قاله (الشيخ المفكر) حسن عبدالله الترابى وحوارييه اصحاب المشروع الحضارى الاسلامى الذى رُفعت فيه شعارات (هى لله هى لله لا للسلطه ولا للجاه) ،(لا لدنيا قد عملنا………….الخ) وغيرها من الشعارات البراقه عندما سُئل عن علاقته وعلاقة حزبه الجبهة الاسلاميه القومية بإنقلاب البشير الذى هتك ما يسمى بالديمقراطية الثالثه فى ليلة 30/6/1989م فانكر وحواريه حينها علاقتهم بذلك الانقلاب وإمعاناً فى تغبيش الرأى العام وتاكيداً لمتلازمة نفاق الساسة السودانيين وإن تدثروا بغطاء الدين ،فقد تم إقتياد الشيخ بعد مباركته للإنقلاب بأداء اليمين لمنفذيه من العسكر وعلى رأسهم عمر حسن احمد البشير وذلك حتى لاينفردوا بالسطة اذا ما نجح الانقلاب وتجدر الإشارة هنا الى انها كانت المرة الاولى التى يتعرف فيها الشيخ على البشير حيث كانت تقع مسئولية اختيارقيادة الانقلاب على عاتق (الشيخ) على عثمان محمد طه، لينضم بعدها فى السجن الى قادة الاحزاب السياسية السودانية .ثم تدور الايام ويتوهط الاسلاميين على مقاليد السلطة ويتمكنوا سياسياً واقتصادياً وتضحى الخرطوم قبلة للاسلاميين من مشارق الغرب ومغاربها وتقوى شوكتهم ويعلنوا الجهاد فى حربهم ضد شعوب جنوب السودان وجبال النوبة والانقسناويفتى الشيخ وغيره من علماء السلطان وينقاد خلفهم طوعاً من كان يحلم بمعانقة الحور العين فى جنات الخلد والفردوس ومجاورة الشهداء والصديقين فى جنات النعيم.وقد استخدموا فى ذلك كل ما اتيح لهم من آلة دعائية واعلامية مستخدمين الى جانبها سيناريوهات درامية سخيفة تنافى الطبيعه البشرية وذلك باقامة ما يسمى بعرس الشهيد فى محاولة بائسة لتلبيس الحزن ثوب الفرح الى جانب إطلاق الاكاذيب الفاضحة بإدعاء وقوف العناية الالهية الى جانب الموهومين الذين يطلق عليهم مجاهدين وذلك بتظليل الغيوم لهم عند إشتداد الحر(اشارة الى تشبيههم بالرسول صلعم) ونزولها مطراً عند حوجتهم للماء وقيام القرود بدور سلاح المهندسين بأستخراج الالغام فى ارض العمليات ….الخ، أما مَن لم يكن يؤمن بذلك فكان حتما عليه أن يتشرد من وظيفته أو أن يرضخ ويتم تجييشه عبر معسكرات الدفاع الشعبى بغض النظر عن الجنس ليلقى لقمة العيش أما الطلاب فكان مصيرهم الاسواء حيث تم إلزامهم بدخول معسكرات التجييش تلك والتى كان دخول الجامعة يتم عبرها والتىكثيرا ما لايصلون اليها اما أن يموتوا فى القتال أو يصبحوا معاقين عقليلاً أو جسديا أم يتم أغوائهم بالبقاء داخل المؤسساتالعسكرية ومن لم يكن من تلك الفئات فإن حملات الخدمة الاجبارية كانت كفيلة بإصطياده وكان ناتج ذلك أن عم الحزن كل الاسر السودانية بعدأن كثرت المأتم دون فرز وقد استمر ذلك الحال ردحاَ من الزمن كان فيه الشيخ يزداد كل يوم انتفاخاَ وتيهاَ فرحاً بالسلطة والتمكين فى الجاه الى أن كبرت فى رأسه الفكرة واراد أن يتوجه نحو عالمية دعوته بعد أن يزيح العسكر من السلطة ويصبح هو الكل فى الكل ونسى أن الذين كانوا بالأمس حوارريه قد قويت شوكتهم واشتد ساعدهم وأن العسكر قد طابت لهم السلطة والجاه فكانت المفاصلة الشهيرة لينقسم فيها حزبه الى شطرين ليبقى العسكر وكبار الحواريين فى السلطة ويذهب هو ومن آمن به الى خارج السرب غير مأسوف عليهم وليذهب هذه المرة الى السجن مجبورا لامختاراَ ويبقى البشير فى القصر هانئاَ ومختالاَ وحينها تسقط الاقنعة وتفوح نتانة وزيف مبادئ الشيخ الذى سقطت عن ذاكرته ماكان بالأمس رجس من عمل الشيطان من نكران لعلاقتهم بأنقلاب 30/6/1989م ليقول قولته الشهيرة ( ذهبت الى السجن حبيساً وذهب البشير الى القصر سجيناً ) ومن ثم قام بحملة شعواء ضد اصحاب السلطة وفى ليلة وضحاها أصبح شهداء الامس هم ليسوا بشهداء ليبهت كذبه من كان مؤمن به بالأمس مما ادى الى ذهاب عقول الكثير مِن مَن آمن بالمشروع الحضارى واقتيد الكثيرين نزلاء بمستشفى التجانى الماحى بعد أن ذهب عقلهم او أضحوا هائمين فى الطرقات لايلون عن شئ واصبح الجهاد والحور العين ولاللسلطة ولاللجاه وهى لله هى لله(كلام جرايد) ومن ثم أم الشيخ وجهه شطر الضفة الاخرى لينضم الى (الكفرة الفجرة) من ابناء الجنوبيين والنوبة و(الخونة والعملاء) من الاحزاب السياسية السودانية ويصبح نجم المعارضة السودانية هذه الايام وكأن شى لم يكن اليس هذا يستحق الوقوف والتأمل فى تجذرنفاق الساسة السودانين وانعدام الوازع الاخلاقى لديهم.( ونواصل)