ما أطهر ما مهرت من دمك أيها الباسل المغوار. ما أعظم ما زكيت به من جسدك وجهدك ومالك ووقتك أيها القائد المقدام. ما أشرف ما تشرفت به من شهادة أيها الجسور يوم اللطام. ما أفضل ما قدمت من نفيس لحسن الختام. فأمضى يا خالد فلا خوف عليك ولا ندام ... لا، لم ولن أجد كلمات تعبر بصدق أكثر من قلب أم وهى تروى بعد إستشهاد إبنها. تعالوا معى نسمع … تقول أم الشهيد: (كان يصبرنى ويشعرنى بالحنان دائما كأنه أمى ويقول إن النصر قريب. نزل للإحتجاج مسالما كبقية إخوانه لا يهاب غير الخلقه سبحانه ليقول قولة حق ويزيل الذل عن المتضهدين ويدفع الظلم والقهر عن المظلومين. لم اخف عليه من بطش الظالم الرعديد لانى على يقين بان إبنى ومن معه على الحق والله سينصرهم بالتاكيد. كنت أتابع دايما معهم بالتلفون هو وإخوانه. إنت وين؟ شدوا حيلكم .. ربنا معاكم .. الله يصبركم .. الله ينصركم. أنا فرحانة بيكم … فالحمد لله الحمد لله الحمد لله. ولدي ما مات .. وأنا شايفة كل أبناء جيله هم إبنى .. أنا حاسه أنا لم أفقد إبنى… وجاءنى الخبر ولم أصدق حينها. احسست بصدري ثقيل وتنهمر عليه شلالات من القلق وفى حلقى غصة مرة بطعم الحنظل وعيناياى ترقرقان خوفا من سقوط سحب الحزن السوداء الملبدة فى سماء ناصيتى. ثقلت قدماى وانا أهرع للمشفى للتأكد من الخبر. ولكن إنقشع كل هذا الأسى الدفين الذي كان ينتظرنى بمجرد ما رأيته. جاءنى الصبر عندما دخلت عليه فى المشرحة ووجدته ممدا فى ذلك السرير الحديدى الضيق الذى بالكاد يسع جسده النحيل. رأسه وثيابه مخضبة بالدماء بالكامل. جاءنى صبر عجيب. إرتميت على صدره ووضعت خدى فى حضنه وقبلته فأحسست بإيمان عميق وسلام غامر… ثم إطمئنان وسكينة. وأحسست بصبر جميل..وثبات.. بل وعرفت معنى الصبر الجميل. فكيف لا وفؤاده يخبرنى بأن “لا تحزنى يا أمى فإن نفسى مطمئنة راضية برضاك عنى يا أمى، وهى راجعة لبارئها مرضية”. فالحمد لله أن ألهمنى وأعطانى ربنا كل هذا الصبر بعدما كنت عاجزة عما سأفعل. وتأكدت ان ربنا بيحبه فعلا لأنه كتب له الشهادة. والحمد لله إبنى عمل العليهو. ولا أقدر أن أوصف لكم كمية سعادتى وإنو كيف ربنا رحمته كبيرة بنا. فأملى بس أن يطيل الله فى عمرى وأن يوفقكم، ولكم منى خالص دعواتى، وأن أشوف و أرى البلد كما تمناها ولدى … ). هذه كلمات من والدة الشهيد البطل. فلسان حالها أصدق وأشرف وأشجع وانبل وأطهر وأحكم وأقوى من كل ما يكتبه أحد … فهؤلاء أمهات الشهداء. شاهد معى أمنا والدة أخونا البطل البوشي قوة المواجهة. ووالدة أخونا المناضل د. بشرى قمر فأملى هو الله.. وهو ليس بظلام للعبيد. فنصيحتى لكل من تسول له نفسه ويتصور أنه سيكسر ويخرس إرادة الشعب السودانى البطل بكل الوسائل أقذرها وأقذعها وأفظع الأساليب إنه واهم لأنه إنجب من بطون هؤلاء العفيفات الطاهرات. نصيحتى لكم يا من تحمون الظالمين لا تضعوا أنفسكم فى مواجهة هؤلاء الأمهات الباسلات الصابرات. فصبرهن وقوتهن وعزتهن وعزيمتهن وإيمانهن بالله عز وجل أكبر من كل شئ. وإيمانهن بقضية أبناءهن وبناتهن وجيلهم يمكن أن تسقط عشرة من أمثال طغمتكم الحاكمة الظالمة ومن يساندكم من أخوان الشياطين وكل من وراءكم وأمريكا وكل ما تنبطحون له. ونصيحتى لك يا عمر وكل من حولك أن تغربوا فى الحال وتتقوا دعوة أمى المكلومة المظلومة عليكم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب فتالله لن تسلموا منها. فالله أكبر ولا نامت أعين الجبناء. فزغردى أمى ولا يهمك شئ … وإنها لثورة حتى النصر بإذن الله.. والله مع الصابرين.