هذه الايام يكثر الحديث.. الحديث في كل شيء وعن كل شيء.. ذوبان الحكومة ذات القاعدة العريضة.. والغلاء.. الغلاء ومشاكل التعليم.. ونتائج انتخابات مصر.. والرقابة القبلية التي عادت.. بعد كل جلسة مناقشة احس بان حالة من التلبك الفكري اصابتني.. وفي جلسة صاخبة بالحديث عن حرية الصحافة وحرية التعبير.. تذكرت مقابلة اجراها ياسر ايوب مع صاحب كشك لبيع الجرائد في مجلة صباح الخير في ابريل عام 0991م صاحب الكشك اسمه امين فؤاد عبد الرحيم.. وقتها وقفت عند الاسئلة والاجوبة فقمت كعادتي بقطع المقابلة وضممتها الى ارشيفي.. فقمت ابحث عنها ووجدتها ورأيت ان يطالع قراء «صدى» جزءاً منها. (زمان في بداية الاربعينيات حين بدأت امارس هذه المهنة كانت اهم جريدة هي «المصري» ولم تكن تنافسها سوى جريدة «الأهرام» ولكننا كنا نحب جريدة «المصري» اكثر فقد كانت الحكومة تصادرها كل عددين او ثلاثة وكنا نفرح بهذه المصادرة لانها بالنسبة لنا كانت تعني زيادة الرزق والدخل وبعدها بسنوات قليلة كانت مجلة روز اليوسف وقد اصبحت اهم واحسن مجلة في مصر وكانت الحكومة تصادرها ايضاً واعتاد الناس ان يبحثوا عنها في مداخل العمارات والبيوت حيث كنا نحتفظ بها بعيداً عن اعين البوليس ونبيعها باربعة قروش او ثلاثة قروش ونصف القرش حسب حالة الزبون، اما سعرها الرسمي فكان ثلاثة قروش. وبعد الثورة كانت اهم المجلات المصرية هي المصور واهم الجرايد هي اخبار اليوم. وما هو اكثر يوم بعت فيه جرايد ومجلات؟ - اكثر ايام قرأ فيها المصريون هي يوم وفاة جمال عبد الناصر ثم يوم وصول مصر لنهائيات كأس العالم بروما ثم يوم اغتيال انور السادات. زبائن الامس وزبائن اليوم؟ - زبائن الامس كانوا اكثر هدوءاً وتركيزاً وصبراً.. كانوا يسألون عن الكتب الجديدة والروايات الجديدة.. ايضاً كان زبائن قلم معين او كاتب يشترون المجلة التي يكتب فيها اما زبائن اليوم فيريدون جرائد الصباح بسرعة والمجلات بسرعة دون ان يتوقف احدهم امام «الفرش» يختار ماذا يشتري وماذا يقرأ ولم تعد هناك اليوم الرواية التي تجذب الناس ويشترونها لم يعد هناك نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وحتى لو كتب نفس الشخص من هؤلاء رواية جديدة فلن يقبل عليها الناس كما كانوا يفعلون في الماضي ان زبائن اليوم معظمهم من الشباب الذي لا يهتم الا بالمجلات التافهة. الناس يقرأون اليوم اكثر ولكن نوع القراءة هو الذي اختلف فلم يعد اليوم احد يهتم بالادب او التاريخ.. الناس اليوم يبحثون عن ثلاثة انواع من الكتب كتاب الفضائح والجنس ثم الكتاب السياسي واخيراً الكتاب الديني.. رغم ان كتب الدين منذ سنوات قليلة جداً كانت هي اكثر الكتب مبيعاً على الاطلاق ولكنها تراجعت اليوم امام الكتاب السياسي والذي يكسب الجميع هو اي كتاب يتحدث عن فضيحة اما اذا كانت هناك ازمة فهي ليست في الثقافة وحب القراءة.. ولكن في سعر الكتاب). اكتفي بهذا الجزء من مقابلة ياسر ايوب مع امين فؤاد واترك للقارئ السوداني متعة الخيال.. وقتامة الواقع.. واقع الصحيفة وحرية التعبير.. هذا مع تحياتي وشكري