وصف الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تدمير إسلاميين لأضرحة أولياء في مدينة تمبكتو المالية بأنه “غير مبرر بتاتاً”، داعيا إلى المحافظة على الإرث الثقافي لمالي، بحسب ما أعلنه المتحدث باسمه مارتن نيسيركي. وجدد دعمه لجهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والاتحاد الإفريقي وبلدان المنطقة لمساعدة الحكومة والشعب الماليين لحل هذه الأزمة بالحوار. وبدأ إسلاميو مجموعة أنصار الدين الذين يسيطرون على تبمكتو منذ ثلاثة أشهر، منذ السبت بتدمير أضرحة أولياء مسلمين في المدينة، وتواصلت هذه الأعمال أمس الأول الأحد. وأكدت المجموعة أنها تتصرف “باسم الله” ردا على قرار منظمة اليونيسكو في 28 يونيو/حزيران إدراج تمبكتو على قائمة التراث العالمي المهدد بالزوال. ووصفت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا الأحد تدمير الأضرحة، بأنها بمثابة “جريمة حرب”. وكانت اليونيسكو أعربت عن أسفها للتدمير “المأساوي” لأضرحة تمبكتو من جانب الإسلاميين المسلحين الذين يسيطرون على شمال مالي، وذلك بعد يومين من إدراج اسم هذه المدينة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي المعرض للخطر. ووصفت أليساندرا كامينز رئيسة اليونيسكو في بيان لها هذا التدمير بالمأساة الجديدة، لا سيما الأضرار التي لحقت من دون سبب بضريح سيدي محمود في شمال البلاد، داعية كل الأطراف المعنية في النزاع في تمبكتو إلى “تحمل مسؤولياتها”. في المقابل أعلن المتحدث باسم جماعة أنصار الدين لوكالة “فرانس برس” أن هذه الجماعة الإسلامية المسلحة التي تسيطر على شمال مالي ستدمر “كل أضرحة” الأولياء المسلمين في مدينة تمبكتو. وردا على سؤال حول عملية التدمير الجارية منذ صباح السبت، قال المتحدث باسم أنصار الدين ساندا ولد بوماما في تمبكتو إن “أنصار الدين ستدمر اليوم كل الأضرحة في المدينة دون استثناء”. وبحسب البعثة الثقافية في تمبكتو، فإن 16 ضريحا في هذه المدينة الواقعة بمحاذاة الصحراء والمعروفة باسم “مدينة ال333 وليا” مدرجة على لائحة التراث العالمي. وكان المتحدث باسم أنصار الدين تحدث في وقت سابق مع وكالة “فرانس برس” حول عمليات التدمير هذه، ملمحاً إلى أن الأمر يتعلق برد على قرار اليونيسكو. وكان عدد من رجال حركة أنصار الدين الإسلامية بمدينة تمبكتو التاريخية، شمالي مالي بإقليم أزواد، خرجوا وهم يحملون عدتهم الخاصة: معاول وفؤوس وأدوات للهدم، متجهين نحو مقابر المدينة التاريخية في أول حملة يقومون بها لتسوية القبور منذ سيطرتهم على المدينة مطلع إبريل/نيسان الماضي. وكانت البداية من مقبرة سيدي يحيى التي تقع في المنقطة الشمالية من المدينة بحي أبراز الشعبي، أحد أكبر الأحياء في المدينة، حيث دخلها رجال أنصار الدين وهم مسلحون بالرغبة في كسب الحسنات وتغيير المنكر الذي قالوا إنهم “كرسوا حياتهم له حين ابتعدوا عن ملذات الدنيا وانخرطوا في الجهاد في سبيل الله”، بحسب ما ذكره موقع “صحراء ميديا” الموريتانية. ويقول أبو البراء، أحد رجال أنصار الدين، إنه “من المعلوم أن الشريعة السمحاء أمرت بتسوية القبور الزائد حجمها عن القدر الشرعي وهو شبر، وذلك خشية تعظيمها واتخاذها أصناماً تعبد من دون الله ويسأل أصحابها ما لا يقدر عليه إلا الله، كما هو شأن كثير ممن يجهلون حقيقة هذا الدين”. وكانت مراسم الهدم ذات طابع خاص.. رجل يحمد الله بعد هدمه لأحد الأضرحة كان بارزاً من بين القبور، وآخر يشكر الله أن منّ عليهم بهذه الانتصارات ومكنهم من تطبيق شرع الله على أرضه وتغيير المنكر فيها، بينما يقف أحد المقاتلين مفعماً بالإحساس بالنصر وهو يتمنى أن تعيش كل بلاد المسلمين هذا الإحساس. وكانت الأدوات التي بحوزتهم غير كافية لتغطية كافة الرجال المشاركين في الحملة، فكانوا يتناوبون عليها مبدين حرصهم الكبير على المشاركة في إزالة كل العلامات التي تميز بعض القبور عن الأخرى. فيما كان أبو تراب يورد الآيات والأحاديث التي تحث على تسوية القبور، معتبراً أن الحملة التي يقومون بها تدخل في إطار “تغيير المنكر الظاهر في الشوارع والمؤسسات، فهدم القباب والدور المبنية على القبور أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث مروي عن علي بن أبي طالب”. أبو تراب أكد أنهم تشاوروا مع جميع أولي الشأن قبل الشروع في تسوية القبور، وأضاف “لقد تم التواصل مع الأئمة فكانت خطبهم يوم الجمعة في الحث على تسوية ما زاد عن شبر من البنيان على القبور ووجوب ذلك”، مؤكداً أنهم “اتبعوا الطريقة التقليدية في الهدم حفاظاً على حقوق القبر لأن (كسر عظم ميتٍ ككسره حي)، ومراعاة لحقوق الأحياء من أولياء الموتى، فلم نستخدم الجرافات ولا أي متفجرات لأننا نقوم بهذا العمل استرضاء لربنا جل وعلا”، على حد تعبيره.