السبت 18 ديسمبر 2010م ذهبت وأبنائي لزيارة أبوذر بسجن كوبر، وكانت هذه هي المرة الأولي التي يرى فيها أبنائي والدهم، منذ أن تم منعنا قبل ثلاثة أسابيع!!!!!!. كانت برفقتنا (والدة أبوذر) فهي تداوم على الزيارة معنا!!!!!!!!. وجدنا السجن مزدحماً، وبصعوبة أستطعت أن أجد مقعد شاغر لوالدة أبوذر التي لا تقوى على الوقوف، وأستأذنت من بعض النسوة أن يجلسنها بقربهن!!!!!!!!. وقفت أنا وأبنائي بالقرب منهن، وكانوا يتجاذبون أطراف الحديث ويدعون الله أن يفك أسر أبنائهن!!!!!!. توجهت إحداهن بالسؤال لوالدة أبوذر، وقالت: عندك منو، يا حاجة في السجن ؟؟؟ ردت عليها والدة أبوذر، عندي ولدي هنا!!!!!!. وقالت الحاجة: مالوا!!!!، ردت والدة أبوذر، والله ولدي مسجون (ظلم) وربنا ينتقم منهم!!!!!!، عليك الله شوفي، ديل أولاده ما بستاهلوا!!!!، ويا ريتك لو تشوفيه هسه، هو زاتو زول حنّين ووديع وما زولاً بتسجن، وشكيناهم على الله!!!!!!!!!. ولاحظت أن (والدة أبوذر) منذ أن سُجن أبوذر، وهي ترفع يديها وتشتكي (البشير) وناس الحكومة لي الله، وتقول دائماً: شكيناهم على الله…… وخليناهم لي الله، ينتقم منهم الجبار!!!!!!. أصبحت هذا الكلام على لسانها ليل نهار!!!!!!!، ويزداد، كلما أقترب منها أحد أو سألها عن أبوذر!!!!!!!!. التفتت والدة أبوذر، وسألت الحاجة التي تجلس بالقرب منها وقالت: وانتى يا حاجة عندك منو؟؟؟؟ قالت الحاجة: ولدي، وأنا جاية من (الأبيض) لزيارته!!!!!!!. صرخت والدة (أبوذر) بالصوت العالي حتى سمعها الجميع، من (الأبيض) يا حاجة…. انتي بتقدري على السفر الطويل ده!!!!!!. ردت الحاجة: أعمل شنو، لازم أجي أزوره وأطمئن عليه!!!!!!!. نظرت إلى (الحاجة)، وتحيرت فيما قالته، فكيف يمكن أن تقطع كل هذه المسافة جيئةً وذهاباً وهي سيدة في السبعينيات من عمرها، تبدو عليها آثار المرض والإرهاق والتعب!!!!!!. وتساءلت متعجبة، ألا توجد سجون في الأبيض؟؟؟، ولماذا لا تسُهل إدارة السجون الأمور على الأسر التي تأتي مسافرة لزيارة ذويهم؟؟؟؟؟ أليس من الحكمة والعقل أن يُسجنوا قرب أسرهم؟؟؟؟؟ هل تنقص الأسر مزيد من المشقة المادية والبدنية؟؟؟؟ ألا تكفيهم معاناتهم والآمهم في كدهم في حياتهم اليومية؟؟؟؟؟. وأكاد أجزم أننا في كل زيارة نصادف أناساً يأتون مسافرين من كل الأصقاع لزيارة ذويهم بالسجون وتبدو عليهم آثار المرض والرهق حتى أصبحت أعرفهم بأسمائهم وأسماء المناطق التي أتوا منها مسافرين!!!!!!!!. وأعتصر الآلم والحزن قلبي، عندما نظرت إلى (الحاجة) ووجدت أنها محملة بأكياس جلبتها معها لولدها السجين!!!!!، وازددت هماً على هم، وقلت في نفسي، إن هذه السيدة، طاعنة في السن، واهنة، يبدو عليها الضعف والهزال، وهي في أشد الحاجة لمن يرعاها ويلبي احتياجاتها، لا أن يحدث العكس!!!!!!. قلت لها، يا (حاجة) يمكنكم أن تطلبوا من إدارة السجن أن يتم تحويل ولدك إلى سجن (الأبيض) وخاصة أن هنالك تحويلات دورية تتم للمساجين، بعد كل فترة!!!!!!!. قالت لي، يا بتي، حاولنا وطلبنا من الإدارة التحويل ولم يحدث!!!!!!!!!. أحسست بأن صدري ينقبض حتى لم أستطع التنفس، وانتابتني حالة عارمة من الغضب والأستياء حتى انتفض جسمي كله، وشعرت برغبة في الصراخ بصوت عالٍ!!!!!!!. تمالكت نفسي بصعوبة ولم أجد ما أفعله، سوى أن اتجه لله رب العالمين بأن يخفف على هذه (الحاجة) آلمها ومعاناتها غير المحتملة!!!!!!!!. لم انتبه إلى نفسي، إلا أن سمعت صوت أبوذر محيياً، أبنائه ووالدته!!!!!!!!.