فضت الأجهزة الأمنية السودانية اليوم الأربعاء وقفة احتجاجية في العاصمة الخرطوم نفذتها شبكة الصحفيين السودانيين، احتجاجا على ما أسمته كبت الحريات العامة والصحفية على وجه التحديد، وذلك بعد أيام من وقفة احتجاجية مماثلة قام بها محامون في الخرطوم. وفرضت الأجهزة طوقا على مقر المفوضية القومية لحقوق الإنسان، قبل أن يتمكن بعض الصحفيين من تسليمها مذكرة أشاروا فيها إلى ما تمر به البلاد من ظرف دقيق “يستوجب تكامل كافة الجهود لإصلاح الواقع العام الذي تعانيه”. وجاء في المذكرة أن الصحافة السودانية الحالية تمر بفترة هي الأسوأ في تاريخها بسبب فرض جهاز الأمن والمخابرات الوطني الرقابة القبْلية عليها، “في تعدٍ جائر على الحق الذي كفله دستور البلاد الانتقالي”. واشتكت المذكرة مما وصفته بالاستهداف الممنهج من قبل الأمن والمخابرات، عبر مصادرة الصحف بعد طباعتها لإحداث أكبر قدر من الخسائر المادية والمعنوية على الصحفيين والمالكين. وذكرت أن الرقابة القبلية مثلت ضربة قاصمة للحق في حرية التعبير وإبداء الرأي، وأضعفت كثيراً من محتوى المادة الصحفية المقدمة للقارئ. كما أشارت المذكرة إلى منع أكثر من 17 صحفيا عن مزاولة مهنتهم دون مسوغ قانوني، مما يشكل “استهانة بالغة بوثيقة الحقوق الدستورية”، لافتة إلى ما يتعرض له الصحفيون من انتهاك وتوقيف واعتقال. وناشد الموقعون المفوضية اتخاذ ما يلزم من خطوات وتدابير لضمان الحق الدستوري للصحفيين في ممارسة حريتهم الصحفية، وإلغاء قانون الأمن الوطني فورا “لعدم توافقه مع نصوص الدستور، ولأنه يمثل حجر عثرة أمام دولة الحريات ويغلق الباب أمام حرية التقاضي وتحقيق الإنصاف والعدالة”. ويقول خبراء سودانيون إن أجهزة الأمن تتمتع بصلاحيات واسعة بموجب ميثاق الشرف الإعلامي الذي يطلب من الصحفيين الدفاع عن مصالح ووحدة السودان، بينما يشير تقرير لمنظمة العفو الدولية إلى استغلال الأمن لهذا البند بهدف تجريم حرية التعبير، بما في ذلك فرض قيود على تغطية الصراعات المسلحة في السودان. وكانت هناك وقفة احتجاجية أخرى نفذها محامون سودانيون الخميس الماضي، احتجاجا على أوضاع البلاد المتردية بحسب قولهم. وانتقد المحامون حملة الاعتقالات التي قالوا إنها “طالت عددا من زملائهم”، بما يزيد من الاحتقان السياسي العام في البلاد. وأفادت الشبكة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات بأن أجهزة الأمن اعتقلت نحو ألفي ناشط سياسي، كما أعلنت عن إصابة مئات الطلاب والناشطين جراء ما أسمته الاستخدام المفرط للغاز المُدمع والعصي والهري لتفريق المحتجين.