llمهما يكن تقييم المراقبين للتطورات الاخيرة في سياسة الرئيس المصري محمد مرسي بعد قرار الغاء حل البرلمان واعتبار البعض لهذه القرارات تراجعا عن وعود الرئيس المصري في خطابه الاول باقامة دولة مدنية حديثة في مصر تستوعب التنوع الثقافي والديني .. مهما يكن حجم الجدل الدائر الان فان دخول الرئيس المصري الى حلبة السلطة بتحرر من بيعته للمرشد او تحرر المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين من بيعة مرسي باعتباره اصبح رئيسا لكل المصريين هذا المدخل الجرئ للدكتور محمد مرسي يجب ان يكون قد علق حبال تساؤلات فكرية وسياسية ملحة وعاجلة في فضاء حركات الاسلام السياسي في العالم ومن بينها الحركة الاسلامية في السودان .. هل الدولة المدنية تتعارض مع فكر الحركات الاسلامية وهل بالضرورة ان يعيد قادة الدولة في السودان حتى امس الاول إعلان خطابا إقصائيا للاخرين بعد خروج نسبة كبيرة من غير المسلمين من حدود الدولة السودانية بسبب انفصال الجنوب ..؟! ان بداية عهد مرسي في مصر يؤكد وجود فرصة جدلية في مناقشة فكرة الدولة الدينية لرئيس او حزب اوجماعة تحمل هذا الفكر ثم تصل الى السلطة المتداولة اي المتغيرة بدورات محددة تسمح لاخرين ان يحلوا محلهم في يوم من الايام ..ممايجعل فكرة الدعوة للطرح الفكري الخاص بتلك الجماعة ومحاولة بثه ونشره انسب وافضل بالنسبة لهم من عملية فرضه بالكرباج او بالقانون .. السؤال يبقى شديد الالحاح هل بالضرورة ان يكون وصول حاكم او جماعة الى سدة الحكم في ظروف متغيرة يملي عليهم تطبيق فكرتهم السياسية ام اعتبار الوصول للسلطة ضمان لنشر الفكرة في ظروف مهيئة ثم تكون عدالة الممارسة في الحكم ضمانا ذهبيا لحشد الملايين للفكرة نفسها .. بمعنى ان الشيوعيين مثلا لو وصلوا للسلطة في السودان هل بالضرورة ان يطبقوا الفكر الماركسي او حتى يطبقوا النظرية الاشتراكية في عهد حكمهم ام سيقدرون ان الاقدام على مثل هذه الخطوة قد يفقدهم الفرصة في الاقناع بفكرتهم او الترويج لها في المستقبل .. لو رضخ مرسي للمتطرفين من اخوانه سيكرر تجارب اخرى معروفة وبائنة الفشل ولكن لو استمر بافكاره المتوازنة سيؤسس لضمانات مستقبلية كبيرة لفكر الاخوان المسلمين في مصر فياتي زمان يختار فيه معظم الناخبين المصريين مرشح الاخوان حاكما لهم بفارق حقيقي وليس فارقا تكتيكيا ومرحليا كسبه مرسي في جولته الثانية خوفا من عودة رجال مبارك للحكم مرة اخرى .. ونعود