السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    عيساوي: حركة الأفعى    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدد من المثقفين يقدمون شهاداتهم حول قمع حرية التعبير والنشر
نشر في حريات يوم 16 - 07 - 2012

دشنت مجموعة من المنظمات والشخصيات الثقافية ( حملة الدفاع عن حرية التعبير والنشر ) .
وبدأت الحملة انشطتها بمؤتمر صحفي, ومعرض للصور اول امس 14 يوليو ,واشتمل المعرض علي شهادات عدد من المثقفين عن تجاربهم مع قمع حرية التعبير والنشر,نوردها ادناه .
مثقفو السودان والمصنفات الأدبية والفنية
شهادة: عبد العزيز بركة ساكن
الجدل الدائر في الأوساط الأدبية في السودان هذه الأيام، نتيجةً لرفض لجنة النصوص إجازة أعمال لشعراء سودانيين كبار لهم تجارب طويلة في الكتابة، أثار شجون قضايا الحريات من جديد، وبَيَّن أن المثقفين لم يستفيدوا من إشكالات سابقة بشأن هذا الموضوع، وأنهم يُلدَغون من الجُحر ذاته مراراً.
في نظرةٍ سريعةٍ لملفّ الكتب المحظورة في السودان، الذي بدأ فعلياً في العام 2005م، نجد أن القائمة ضَمَّت عناوين مختلفة منها الثقافي والسياسي والإقتصادي، وهي قائمة يصعب الإحاطة بها. بدأت الحملة بمجموعتي القصصية “على هامش الأرصفة”، ثم رواية “أماديرا” للروائية أميمة عبد الله، كما صُودِرَت رواية صنع الله إبراهيم “نجمة أغسطس” الصادرة عن دار شَهدي للكتاب التقدمي بالخرطوم.
ولم تسلم حتى الروايات المنشورة في الشبكة العنكبوتية؛ فحُظِرَت رواية محسن خالد “تيموليلت”، التي صدرت في حلقات على موقع “سودانيز أونلاين”. وفي معرض الخرطوم الدولي للكتاب 2007م، تَمَّت مصادرة بعض العناوين من دار عزة السودانية، في حين قُبِضَ على إثنين من عُمَّال مكتبة مدبولي المصرية بتهمة الإساءة إلى الدين، عندما وزعا كتاب “أم المؤمنين تأكل أولادها” الصادر في القاهرة.
كما تم حظر المجموعة القصصية “رحلة الملاك اليومية” للروائي والقاص عيسى الحلو الصادرة عن دار “مدارك”، ثم أُجِيزَت لاحقاً بعد تقرير إيجابي تقدم به الأستاذ الروائي إبراهيم إسحاق، كما تم حظر ما أطلق عليه البعض مجموعة قصصية الموسومة بعنوان “بنات الخرطوم” لسارة منصور، كما صودرت رواية “الجنقو مسامير الأرض” في 2010.
توالت قائمة المصادرات لتشمل أيضا الكتاب السياسي “الحركة الإسلامية السودانية، دائرة الضوء.. خيوط الظلام” للكاتب الإسلامي المحبوب عبد السلام. ولم تسلم حتى الكتب العلمية، فقد صادرت السلطات كتاب “مشروع الجزيرة وجريمة قانون سنة 2005″ للكاتب الصديق عبد الهادي أبو عشرة.
في العام 2011 حظرت السلطات كذلك 17 كتابا لدار عزة السودانية، كان يفترض أن تكون ضمن معرض الخرطوم الدولي للكتاب، منها “مراجعات إسلامية” للدكتور حيدر إبراهيم، وتم أيضا حظر كتب الأستاذ محمود محمد طه، إلى جانب عنوانين أجنبيين وكل كتب الشيعة.
في ضوء تجربتي الحزينة مع المصنفات الأدبية والفنية، يمكن تلمس الطرائق الغريبة التي يتم بها الحظر. فقد قامت وزارة الثقافة متمثلة في الخرطوم عاصمة للثقافة العربية بطبع ونشر مجموعتي القصصية “على هامش الأرصفة”، ثمَّ قامت وزارة الثقافة ذاتها بعد أيام قلائل بمصادرتها وجمعها وإخفائها إلى يومنا هذا.
جاء ذلك على الرغم من أن اللجنة التي أُنشئت للفصل في الأمر برئاسة المرحوم الأستاذ عون الشريف قاسم كان لها رأي إيجابي من خلال التقرير الذي كتبه الشريف، حيث أكد جودة العمل الأدبي المقدم إليها، ولكن في حوار مع وزير الثقافة في ذلك الزمان، أكد لي أن سبب مصادرة مجموعتي القصصية هو “لغتها الخادشة للحياء العام”، وعندما ذَكرّته بقصيدة له شهيرة تخدش الحياء العام والخاص معا، تبين له وللحاضرين أن سبب المصادرة كان شيئا آخر لا علاقة له باللغة أو الأدب.
والموقف الآخر هو مصادرة رواية “الجنقو مسامير الأرض” في 2010، بعد أن نالت جائزة الطيب صالح من مركز عبد الكريم ميرغني، وظلت إدارة المصنفات تماطل في ذكر الأسباب الداعية لحجبها من التوزيع، بعد أن تمت طباعتها في مصر، وفي الأخير تبين أنّ سبب المنع هو مخالفة “الرواية” -وليس الكاتب- للمادة 15 من قانون المصنفات الأدبية والفنية.
عندما عُرضت القضية في المحاكم وأظهرت مجريات الأمور أن ذلك ليس سببا دستوريا أو منطقيا، أفرجت المصنفات عن اللائحة السرية للمحكمين الذين أولت إليهم أمر البت في مصير رواية “الجنقو” وأعمال أدبية أخرى لكاتبات وكتاب سودانيين منها نصان للقاصة والصحفية الراحلة أزاهر كمال.
كان الأمر أقل ما يُقال عنه إنه أكبر فضيحة ثقافية في تاريخ السودان، ولو أن القائمة كان بها بعض الأبرياء، الذين وردت أسماؤهم نتيجة لالتباسات غير مبررة، لكن الموضوع كان مفجعا، وأصاب الساحة الثقافية في مقتل، وأيقظ السؤال القديم الجديد: جدلية المثقف والسلطة.
ثُم شكل الأمر شبه إجماع ثقافي بأن قانون المصنفات المذكور لا أهمية له، وأن الأصل هو حرية الكتابة والنشر والتعبير، وأن القانون الجنائي السوداني يكفي للفصل في القضايا التي تنجم عن سوء استخدام المبدعين للحرية المُعطاة لهم، أي في حالة أن يبدو أن العمل الفني قد أساء إلى شخص ما حقيقي أم اعتباري، ويستعين المُعْتدي عليه بسلطة القانون للفصل في القضية، التي فيها المُتهم بريئا ما لم تثبت إدانته، ولا يتم ذلك بأسلوب محاكم التفتيش وتخيل الإساءات كما هو الحال الآن.
والقضية المُثارة اليوم في الأوساط الأدبية فيما يخص رفض لجنة النصوص إجازة أعمال شعرية لشعراء سودانيين كبار هي تجربة جديدة، ويبدو أن المثقفين السودانيين لن يستفيدوا منها كثيرا، وستمر كما مرت سابقتها دون دروس مستفادة.
ولكن الغريب في هذه المرة هو أن أحد الذين رفضت اللجنة إجازة أعمالهم الفنية كان في يوم ما هو رئيس لجنة المصنفات الفنية والأدبية، وهو نفسه رفض أعمالا كثيرة والآن يُسقى من الكأس ذاتها بمرارة تأباها نفسه كثيرا، ونراه يحتج الآن ليس ضد القانون ولا ضد مصادرة الحريات، ولكنه يتحدث عن صياغة اللجان وتشكيلها، أي أنه قد يؤسس لمصادرة وكبت الحريات بصورة تضمن مرور أعماله هو في الأساس ولا يهم الآخرين!! والأحرى به أن ينتبه إلى أن موضوع الحريات لا يتجزأ، وأنه يجب استئصال الآلة من جذورها بدلاً من ترميمها وطلاء وجهها العابس القبيح بألوان ضاحكة.
فقد أصبحت المصنفات مثل آلة العقاب في قصة فرانز كافكا، التي تأكل الجلادين أنفسهم. هل يحتاج المثقف لهذا النوع من التناقض لكي يعيش، بأن يصبح وفقا لموقعه كمبدع داعية للحريات وأن يكون هو الآلة ذاتها التي تقتلع حريات الآخرين؟ أليس ذلك نوعاً من انفصام الشخصية؟.
كانت مناقشة الماجستير مهزلة أكاديمية حقيقية
شهادة: د.هشام عمر النور
بدأت الانتهاكات بحقي في حرية البحث العلمي منذ أن تَقَدَّمت بطلبي للتسجيل كطالب ماجستير، إذ رَفَضَ القسم ورئيسه آنذاك موضوع رسالتي وكان في الفينومينولوجيا، وطالبني بتغييره بحجة أنه ليس هنالك أستاذ يمكن أن يشرف عليّ في هذا المجال، رغم أني كنت قد حصلت على موافقة بروفسير ميللر، وهو أستاذ أيرلندي عمل بقسم الفلسفة، وكان يعمل في ذلك الوقت في قسم علم النفس. ولم يكن هنالك مسوغاً لهذا الرفض؛ إذ أن هنالك بروفسير متخصص فيما أريد البحث فيه، وقد عَمِلَ في قسم الفلسفة لما يزيد عن الثلاثة عقود، وتحول لقسم علم النفس للحاجة الماسة له هناك. ثم أضافوا سبباً جديداً للرفض بأن هنالك سياسة لتعريب الجامعة، ولذلك من الأفضل كتابة الرسائل باللغة العربية. ولم يكن لدي خيار غير أن أُغَيِّر موضوعي وقد فعلت. وتقدمت برسالة الماجستير بعنوان “ظهور الفرد في الفكر الغربي” للمناقشة في عام 1996م بعد أن استوفيت الشروط المطلوبة لذلك. وانعقدت المناقشة وكان قرار اللجنة برفضها إجازة الرسالة إلاّ بعد تعديلها وخضوعي للإمتحان مرة أخرى بعد ستة أشهر، وأن تتم هذه التعديلات تحت إشراف الممتحن الداخلي، وهو قرار الأسوأ منه فقط أن تُرفَض الرسالة. وكانت الحيثيات الأكاديمية لهذا القرار تَستَنِد على أن الرسالة تطعن في الله ورسوله والقرآن الكريم في انتهاك صريح وواضح لحرية البحث العلمي؛ فالرسالة لم تتم مناقشتها من حيث استيفائها لشروط البحث العلمي المعروفة، بل كان هنالك إصرار من الممتحن الداخلي بأنه لن يجيز رسالة تنتمي في تفكيرها للقرن التاسع عشر، ويعني بذلك الماركسية (رغم أن الرسالة استندت على مفاهيم ألتوسير، وأوضحت ذلك بكل شفافية في فصلها التمهيدي الذي كرسته لشرح مفاهيمها الأساسية). لاحقاً قيل لي من الممتحنين: ما من أحد يفضح ماركسيته بتلك الطريقة، ومن ثم طَلَب مني الممتحن الداخلي شَطْب هذا التمهيد، بل وتعدى الأمر ذلك إلى شطب كلمة آيديولوجيا حيثما وردت في البحث، والاستعاضة عنها بالمعنى الذي أريده من استخدامها. ومع ذلك لم يكن قرار اللجنة حتى في انتهاكه لحرية البحث العلمي صحيحاً؛ فالرسالة لم تكن لها أدنى صلة بهذا القرار، فهي عن علاقة الفرد بالمجتمع، وتعالج الفرد كظاهرة اجتماعية لم تكن موجودة وظهرت في أواخر القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر، وهو أمر أعلنه فوكو، وما فَعَلَته الرسالة أنها بَحَثَت في حيثيات هذا الظهور. فالرسالة لم تكن تناقش خلق الإنسان ولم تذكر نظرية داروين في التطور وهي لم تكن معنية بهذا الأمر. وقد كانت المناقشة مهزلة أكاديمية حقيقية لم تخرق فقط حرية البحث العلمي، وإنما التقاليد والإجراءات المرعية في لجان المناقشة؛ إذ عادةً ما يبتدر المناقشة الممتحن الخارجي بعد تقديم الطالب لبحثه، وفي حالتي قاطع الممتحن الداخلي تقديمي بعد دقائق معدودة، ومن ثم دخل معي في جدل بين خصمين (حتى إنهما لم يكونا متكافئين، إذ أن أحدهما يمتلك السلطة والآخر يمتلك المعرفة) استمر قرابة الخمس ساعات، وطوال هذا الوقت لم ينطق لا الممتحن الخارجي ولا المشرف بكلمة واحدة. وعندما أعلنت اللجنة قرارها لي غَضِبت، وطلبت فرصة للتعليق على قرارها قلت فيها أن هذا القرار ليس قراراً أكاديمياً، وأنه قرار غير منصف. هاجمني الممتحن الداخلي بأني لا أحترم أساتذتي، وأني طوال المناقشة كنت أستخفّ بهم. خرجت غاضباً وقررت ألا أعود لهذا المكان مرةً أخرى. ثم لاحقاً، وبعد تَدَبّر، توصلت إلى أن هذا هو ما يريدونه، أن أبتعد عن هذا المجال، فقررت أن أنصاع تماماً فذهبت إلى الممتحن الداخلي وطلبت منه أن يطلعني على ما هو مطلوب مني.
تَسَلَّمت في اليوم التالي كراستين ممتلئتين، نقلتهما كما هما فقط مع إضافة الهوامش والمراجع، وانعقد الامتحان مرة أخرى بعد ستة أشهر. فوجئت بالممتحن الداخلي يبتدر المناقشة مرة أخرى قائلاً بأني لم أقم بالتعديلات المطلوبة، وفي اللحظة التي بدأت محاولة الرد على هذه الفرية انفتح الباب ودخل د.كمال شداد لأمرٍ ما (أو لعله تعمَّد) إذ بادرني بالقول “هشام المتشددين ديل سقطوك”؟ ومن ثم جرَّ كرسياً وجلس رغم أنه غير مسموح بحضور المناقشة في جامعة الخرطوم لغير أعضاء اللجنة. وتفاجئت بأن أعلن الممتحن الداخلي انتهاء المناقشة ونجاحي، ومن ثم قام بتهنئتي. أعتقد أن هذه فرصة لأشكر بروفسير كمال شداد فلا أعتقد أنني كنت سأنال الماجستير لولاه.
الغريب أن الممتحن الخارجي بعد المناقشة الأولى أثنى عليَّ كثيراً حينما كنا وحدنا، متنبئاً بأنه سيكون لي شأن عظيم في الفلسفة في السودان، ولكنه لا يمكن أن يقبل ذلك على حساب دينه. لاحقاً أصدر هذا الممتحن الخارجي وهو بروفسير كتاباً عن أهم الرسائل التي ناقشها، ولدهشتي كانت رسالتي من بينها مع تعليق بأن عليّ أن لا تستلبني الفلسفة الغربية (أو ما معناه فأنا أكتب من الذاكرة).
الصحافة التي لا تؤثر في المجتمع إيجابياً لا قيمة لها
شهادة: رشا عوض
أنا المواطنة السودانية رشا عوض عبد الله العوض، في سياق سعيي لاستيفاء شروط المواطنة الراشدة، قررت أن أكون جزءاً من حركة إصلاح الحياة العامة في السودان، واخترت أن تكون دائرة فاعليتي في هذه الحركة جبهة التنوير الفكري والثقافي، واستنهاض الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي من أجل تغيير واقع التخلف المزمن في وطني؛ التماساً لحياة أفضل، واستشرافاً لمستقبلٍ مزدهر. من هذا الباب دخلت إلى عالم الصحافة منذ عام 2001م ككاتبة رأي غير راتبة بصحيفة الصحافة، ثم الحرية ثم الصحافة مرة أخرى، ثم كاتبة مقال أسبوعي منذ عام 2006م بصحيفة السوداني، ثم كصحفية محترفة منذ عام 2008م بصحيفة أجراس الحرية. في الثامن من يوليو 2011م عَلَّق مجلس الصحافة والمطبوعات صدور صحيفة أجراس الحرية وأمهلها شهراً لتوفيق أوضاعها، والمقصود بتوفيق الأوضاع هو أن لا يكون من بين حَمَلَة الأسهم في الشركة التي تصدر الصحيفة مواطن من جنوب السودان. وقبل أن يكتمل الشهر، تَمَّ سحب ترخيص الصحيفة وأغلقت نهائياً، مما يدل على أن هناك قرار سياسي مسبق بالتخلص من هذه الصحيفة رفضاً لخطها السياسي والفكري.
في أغسطس 2011 تلقيت دعوة كريمة من صحيفة الجريدة للانضمام إلى كتابها، وبالفعل بدأت الكتابة، تعرضت صحيفة الجريدة لمصادرات متتالية ومتزامنة مع نشرها لمقالاتي، وكذلك مقالات كل من الأستاذ فائز السليك والأستاذ خالد فضل، وسبب المصادرة، الذي أبلغه جهاز الأمن للصحيفة شفاهةً، هو استكتابها لكتاب أجراس الحرية غير المرغوب فيهم!! وبما أن جهاز الأمن له سلطة مطلقة على الصحف، ويملك سلطة المصادرة وتعليق الصدور وإغلاق الصحيفة بشكلٍ نهائيّ إن هي لم تُنَفِّذ توجيهاته (وهي في الغالب توجيهات شفاهية ومبنية على أسباب سياسية لا علاقة لها بالقانون أو المهنية) وَجَدت نفسي مُجبرة على التوقف عن الكتابة في الصحف المطبوعة، ولم يعد أمامي سوى النشر في الصحف الإلكترونية. ما حدث لي هو مجرد حلقة في سلسلة طويلة من انتهاكات حرية التعبير، والاعتداء على حرية التعبير يعني باختصار إغلاق الباب محكماً أمام إصلاح الشأن العام بالوسائل السلمية، كما يعني مصادرة الحلم بإمكانية التغيير، لأن الخطوة الأولى المفتاحية في إحداث أي تغيير إيجابي في الحياة العامة هي كشف الحقائق، وتسليط الضوء على جذور المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وإدارة الحوارات حولها بشفافية وحرية، ووضع الحكومة وحزبها في دائرة النقد والمساءلة باستمرار كحق أصيل للسلطة الرابعة: لسان الشعب وضميره وقرون استشعاره لكل ما يُهَدِّد مصالحه.
طيلة عملي في مجال الصحافة رأيت رأي العين ولمست لمس اليدين عدوانية النظام الحاكم في السودان على السلطة الرابعة، والعمل على تحجيمها وقمعها عبر القوانين المعيبة (قانون الصحافة والمطبوعات، وقانون الأمن والمخابرات الوطني)، والعمل على تدجينها بممارسة الضغوط الاقتصادية والترغيب والترهيب بمختلف الوسائل، ولا يتسع المقام هنا لتشريح أزمة الصحافة التي هي جزء من الأزمة العامة في السودان، وعنوانها الأبرز: الدكتاتورية والفساد.
ختاماً الصحافة التي لا تؤثر في المجتمع إيجابياً لا قيمة لها، وعلى ضوء المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للواقع السوداني في هذا الظرف التاريخي، لا قيمة لصحافة لا تُسَلِّط الأضواء الكاشفة على معاناة المواطنين السودانيين في مناطق الحروب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وفي معسكرات النزوح في دارفور؛ لا قيمة لصحافة لا تجرد حساب الخسائر الوطنية للحرب، وتوضح للرأي العام من هم أنصار الحرب وماهي أسبابها، ومن هم أنصار السلام وكيف يمكن تحقيقه، لا قيمة لصحافة لا تُعَرِّي الفساد وتفضح المفسدين، لا قيمة لصحافة لا تكشف حقائق الأزمة الاقتصادية الماثلة وتربطها بمسبباتها الحقيقية وتُحَدِّد المسئولين عن انتاجها من صناع القرار السياسي والاقتصادي، لا قيمة لصحافة لا تعكس غليان الشارع ورغبته في التغيير، لا قيمة لصحافة لا تنشر أخبار انتهاكات حقوق الإنسان من اعتقالات سياسية وضرب وتعذيب للمتظاهرين، واغتيالات للطلاب العزل والمواطنين على أيدي القوات النظامية دون مساءلة، لا قيمة لصحافة لا تفضح استغلال الدين في السياسة وتوظيفه للمكاسب الدنيوية الرخيصة. وبكل أسف، الصحافة السودانية الآن، بسبب غياب حرية التعبير، مخنوقة ومكبلة عن أداء واجبها. وكل من يتصدى للقيام بواجبه من الصحفيين والكتاب يتم منعه من الكتابة، هذا المنع قلادة شرف للكاتب أو الكاتبة، ولكن لا شك أنه كارثة في الصحافة السودانية.
(حرية التعبير) لا تُشَكِّل سؤالاً عند صناع البرامج في الإذاعة والتلفزيون
شهادة: السر السيِّد
عملتُ في الإذاعة القومية منذ العام 1991م حتى مارس 1995م، بعدها انتقلت إلى التلفزيون القومي، مديراً لإدارة الدراما، في الفترة من 1995 وحتى 2001م، ثم عدت إلى الإذاعة مرةً أخرى في العام 2004م، ولازلتُ حتى كتابة هذه الشهادة. في هذه الفترة التي قضيتها بين الإذاعة والتلفزيون، أعددت وقَدَّمت وأخرجت العديد من البرامج في الثقافة والدراما والسياسة، كما تَقَلَّدت بعض المناصب المهمة كمدير تنفيذ أو مدير برامج لبعض الخدمات الإذاعية؛ كإذاعتي البرنامج الثاني والوِحْدَة الوطنية، مضافاً لهذا أنني كنتُ عضواً في أهم لجان هاذين الجهازين، كاللجنة العليا للبرامج ولجنة النصوص واللجنة الاستشارية. أتاح لي هذا الوضع، بالطبع، فرصةَ أن أكون قريباً من منطقة صناعة القرار، وأن أكون على مقربةٍ من الذهن الذي يُفَكِّر لهذين الجهازين؛ ليس فقط من خلال وضعي الإداري، وإنما أيضاً من خلال ما أُنتِجُه من برامج. لذلك تأتي هذه الشهادة مني كواحد يعرف طرائق تفكير هذين الجهازين في كل صغيرة وكبيرة.
عليه، وفيما يخص (حرية التعبير) ووضعيتها في الإذاعة والتلفزيون القوميين، أستطيع القول أن عبارة (حرية التعبير) لا تُشَكِّل سؤلاً عند صناع البرامج في الجهازين!. ولعلّ مردّ هذا، من وجهة نظري، هو غياب المسافة بين صُنَّاع البرامج والجهاز الذي يعملون فيه؛ بمعنى غياب الإحساس بالفردية. فمُنتِج البرنامج في هذين الجهازين لا يَستَشعِر أن ما يقدمه هو وجهة نظره الخاصة في المقام الأول، وكذلك الجهاز لا يستشعر أن ما يُقَدَّم عبره من برامج هو، ولو إلى درجةٍ ما، يُعَبِّر عن وجهة نظر صاحبه (مُعِد/مخرج/مؤدي/إلخ)، لذلك عندما يحدث التَدَخُّل، بالحذف أو الإضافة أو حتى الإيقاف، لا يَستَشعِر منتج البرامج أن هناك تَدَخُّلاً في حرية التعبير، وكذلك لا يستشعر الجهاز أنه تَدَخَّل في حرية التعبير الخاصة بأحد منسوبيه! ولأن هذا الأمر يحدث بهذه البساطة المُعَقَّدة، لم يستشعر منتجي البرامج ولا نظام الجهازين وضعية (حرية التعبير) من حيث الإتاحة أو المنع، بل من حيث أنها حق يكفله الدستور وتكفله المواثيق الدولية. وهذا ربما هو ما جعل حرية التعبير في الجهازين تخضع إلى آلية ذات طابع شخصي، تقوم على التقديرات الخاصة، حيث لم يعرف الجهازين معايير محددة وواضحة تحكم المنع والإباحة. ويكفي أن نشير هنا إلى غياب الرقابة القبلية في الإذاعة ووجودها في التلفزيون (لجنة المشاهدة)، مع ملاحظة أن وجود الرقابة أو عدمها يقومان على غياب المعايير الواضحة، لندلِّل على هيمنة التقديرات الشخصية؛ فمثلاً أجازت لجنة المشاهدة في التلفزيون مسلسل (الأقدام الحافية)، وبَثَّت منه عدداً من الحلقات، لكن مدير التلفزيون أوقفه لتقديرات تخصه! ومثال آخر قررت لجنة المشاهدة حذف مشهد من مسلسل (دماء على البحر) لأنه خادش للحياء العام على حد تقديرها ولكن جاء مدير البرامج وألغى قرار اللجنة! وفي إذاعة FM100 حَدَثَ أن بُثَّت حلقة تناقش الخيانة الزوجية، بعدها اتخذ مدير الإذاعة القومية قراراً بإيقاف مقدمة البرنامج! وحَدَث في الإذاعة السودانية أن استضيف المخرج قاسم أبو زيد على الهواء، وفي سياق حديثه تَعَرَّض لسياسات مدير التلفزيون تجاه حقوق المتعاونين، فما كان من مدير الإذاعة، بعد أن بُثَّت الحلقة، إلا أن أَوْقَف مخرج البرنامج عن العمل لما يقارب العام.
هكذا هي حرية التعبير في الإذاعة والتلفزيون، تخضع بشكل مباشر للتقديرات الشخصية، خاصةً تقديرات المدير العام أو مديري البرامج؛ فعلى سبيل المثال يكون مسموحاً باستضافة فلان، ثم فجأة يُحظَر فلان! مع ملاحظة أن الحظر لا يكون قبلياً فى كل الحالات؛ فهو فى أحيانٍ كثيرة يَتِم بعد استضافة الشخص أو علم المسئول بنِيَّة استضافته. ومن الأمثلة هنا صلاح قوش، وحسب الله عمر، وفيصل محمد صالح (تحولات في الموقع السياسي). ومثال آخر نُدَلِّل به على هيمنة التقديرات الخاصة هو ما حدث مع أغنيات وردي؛ فقد كانت الإذاعة تمنع بث أغنيات وردي، ولكنها، عندما استضافت الطيب محمد خير، وزير الثقافة الأسبق، وطلب أغنية لوردي بُثَّت الأغنية وفكَّت الحظر عن وردي. باختصار: حرية التعبير في الإذاعة والتلفزيون مُنتَهَكَة ولكن عبر آليات خارج دائرة التساؤل، ليس فقط بالنسبة لصناع البرامج (صحايا الانتهاك)، وإنما أيضا بالنسبة للمدافعين عن حرية التعبير؛ فلم نسمع لهم صوتاً فيما يخص الإذاعة والتلفزيون كالذي نسمعه فى حالة الصحافة المقروءة، على الرغم من الشواهد الكثيرة الدَّالة على انتهاك حرية التعبير؛ كالعديد من البرامج التي تم إيقافها، والعديد من المُعِدِّين والمخرجين الذين تم إيقافهم، وفي بعض الأحيان مصادرة برامجهم، وكذلك العديد من الضيوف الموضوعون في القائمة السوداء من سياسيين وصحفيين ومفكرين ومبدعين، إضافةً إلى حظر تناول بعض الموضوعات، أو التعرض بالنقد لبعض المؤسسات كالشرطة والبرلمان وغيره.
أقول أن موضوع حرية التعبير في الإذاعة والتلفزيون القوميين أمر يحتاج إلى الفضح، لأنه يتم في السر، عبر تراضٍ مُتَوَهَّم بين الجميع بأن هذه الأجهزة ملك الدولة؛ هذا القناع الذي أعاق نمو هذين الجهازين، وحَرَم جماهير شعبنا، من مستمعين ومشاهدين، الكثير من الإبداعات القيِّمة في الفكر والثقافة والسياسة والاجتماع. فيكفي أن تكتشف أن رموزاً مهمة في حياتنا الإبداعية لم يسمع صوتهم ولم تُرَى صورتهم.
السر السيد
ليس هناك قانون ولا إجراءات تدعم ما تَعَرَّضنا له
شهادة: أبوذر علي الأمين ياسين
بعد إغلاق جهاز الأمن لصحيفة رأي الشعب، طَلَب مني الزميل أحمد يونس، الذي كان وقتها مديراً لتحرير صحيفة الحرة، أن أواصل كتابة سلسلة (مقالات السجن) على صحيفة الحرة. وجرى بيننا نقاش أوَّلي بحضور صاحب الصحيفة نفسه. وكان أن وافقت على نشر مقالات السجن على صفحات الحرة. ثم دفعت بأول مقالٍ لي، وكان يتناول البنقو بالسجن. ولكن المقال لم يُنشَر، وكنت قد حضرت وقتها للصحيفة وقابلت الأخ أحمد يونس وسألته عن نسخة لأنظر في المقال، ولكنه قال لي أن المقال لم ينشر والسبب أن رئيس التحرير، أحمد عبد الوهاب، أبلغنا في اجتماع هيئة التحرير أنه تلقي تحذيراً من ضباط الأمن بعدم السماح لنا بالكتابة. وروى أحمد يونس أن رئيس التحرير أبلغهم ذلك قائلاً بالنص، نقلاً عن أحمد عبد الوهاب، أن ضباط الأمن قالوا له “..أنتوا قايلننا قَفَّلنا مباني؟.. أنحنا وَقَّفنا أقلام! نَوَقِّفُهم نِحنَ تَشَغِّلُوهُم إنْتُوا؟!”.
إن الأمر يتعلق بطريقة الإيقاف!!؟، والتي تجري وفقاً لطريقة لا تُمَكِّن المتضرر من الاحتكام للقضاء أو حتى توجيه شكوى لأية جهةٍ كانت؟!!. ولكن هذا معتاد من جهاز الأمن مع المؤسسات الصحفية التي يقوم بإغلاقها ومصادرة أو حجز ممتلكاتها، لأن ذلك لا يتم وفقاً لإجراءات، أو حتى تقديم أسباب!!؛ بل لن تمنح أية مؤسسة وَقَع لها إغلاق، مؤقت أو دائم، أية وثيقة من أي نوع تُوَضِّح أن جهاز الأمن قام بإغلاق أو مصادرة عدد صحيفة أو حجز ممتلكاتها.
كما أن الطريقة التي تم بها إيقافنا عن الكتابة جَرَت لآخرين، وبذات الطريقة التي يُبلَغ فيها رئيس التحرير أو غيره بمنع (فلان) من الكتابة. قليل من تم إيقافهم بإبلاغهم مباشرةً من قبل جهاز الأمن، ولكن أيضاً بدون وثائق مكتوبة تُوَضِّح أن هناك إجراء قام به جهاز الأمن بمنع (فلان) عن الكتابة.
هكذا تُضيَّع حقوقنا، وفي بلدنا، وبقهر السلطة فقط. ليس هناك قانون ولا إجراءات تدعم ما تَعَرَّضنا له. وليس لنا من مستند يدعم شكوانا أمام أي محفلٍ قانونيٍّ أو سياسيّ أو حتى أهلي. لكنا رغم كل شئ سنقاوم وسنواصل الكتابة. وهذا مني بمثابة اعتراف بمنعي عن الكتابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.