محمد عبد الله برقاوي.. لابأس وبعد الاذن المسبق من مولانا سيف الدولة حمدنا الله، أن ندلف الى قاعة تخصصه قليلا ، ليس من على منصة القضاء الجالس ولا من موقع القضاء الواقف ، وانما من مقاعد الشهود ووجهة نظرالمحلل لسير القضايا العامة ليس الا..على تواضع الاجتهاد ! فقد فعل الشاب حسن اسحق، الصحفي الذكي أمرا حسنا وهو يضع قضيته العادلة على طاولة الرأى العام ،في جرأة تحسب له دون شك ، على غير ما يفعل الكثيرون من الذين يلتزمون بنصوص التعهدات التي يستكتبونها قسرا ويوقعونها كرها تحت الضغط النفسي والعنف البدني والتهديد غير الأخلاقي من قبل أجهزة القمع الأمنية مقابل اطلاق سراحهم مع الاشتراط بعدم الافصاح عما تعرضوا له من ممارسات غير انسانية أثناء اعتقالهم أو استجوابهم ، وطبعا نحن نقدّر للانسان البسيط والذي لم يرتاد دروب و ضروب النضال طويلا ، حينما يتملكه الخوف في تجربته الأولي مثلا ، لاسيما من الأبناء والبنات صغار السن ، ممن يتعرضون بالمقابل لضغوط أسريه تجعلهم واقعين بين مطرقة التهديدات الأمنية و سندان التقريع العائلي الحاسب لعيون المجتمع من حولهم، بالقدر الذي يوقعهم في حالة نفسية نعرف جيدا أثرها ليس على قرارهم بالصمت فحسب، وانما على حاضرهم ومستقبلهم أيضا! فيما نثمّن وبتقدير عال مواقف الكثيرين ممن لا تكسرهم كل الأساليب الأمنية القذرة البعيدة عن القيم السودانية المتعارفة والتي كانت الشرطة وألأجهزة الأخرى تلتزم بها نصا وروحا وعرفا حتى في أسوأ مراحل الديكتاتوريات السابقة ، الى أن انحدرت بها سلوكيات ( المنبتين ) من عناصر أمن هذا النظام الى هذا الدرك السحيق ، وكما رواها الفتى حسن اسحق بالأمس ! ما لفت نظري وارتبط بعنوان المقال اعلاه ، ان الشاب سيق من ساحة المحكمة مباشرة ودون أمر من اية جهة عدلية أو نيابة عامة الى مقر شرطة المحاكم بالحاج يوسف ، حينما جاء بصفته الصحفية الاعتبارية حاملا ترخيصه الذي يخوله تغطية أى حدث عام ، لا سيما و من المفترض أنه يتم في هواء العدالة الطلق! وفق ما ذكر في افادته المنشورة على صدر راكوبة الثلاثاء! ولكن الشرطة التابعة للمحاكم الموقرة ، سلمته لجهاز أمن النظام الذي هدده بتلفيق أفلام اباحية تنشر بالمواقع الالكترونية لاشانة سمعته ، ثم جنحوا الى ترغيبه في أن يكون آذانا وعينا لهم أى جاسوسا بالمعنى الصريح ، وحجزت بطاقة قيده الصحفي دون مسوق قانوني أو تهمة محددة الا لانه يكتب لجريدة الميدان المغضوب عليها في ظل مجلس أعلي للصحافة أمينه العام المروح غادي و مشغول عن كناتينه بالتصريحات وتسريب شروط المحادثات مع الحركة قطاع الشمال ، وكأنه وزير الخارجية وليس المتحدث باسمه وفي غياب دور اتحاد الصحفيين الذي لايملك عصمة الدفاع عن أعضائه ! ولعل ذلك في مجمله لا ينبغي أن يقف في حدود تعرية مثل هذا الأمر أمام الرأي العام فحسب ، بل لابد أن تتشكل منه قضية توضع أمام القضاء السوداني ، لأختباره ان كان فعلا منبرا لتحقيق العدالة الحقيقية كميزان محايد ، أم أنه منحاز لقضاء حاجة النظام الحاكم ومنح أجهزته القمعية الباطشة حصانة دون استحقاق دستوري أو قانوني يمنحهم ذلك الحق، والتغطية على جرائم عناصرها التي يمارسونها ضد شرفاء القوم من رجال ونساء الوطن قولا مشينا لكرامة البشر وفعلا شنيعا في حق انسانيتهم المهدرة ، التي تكون تحت حماية العدالة في كل البلاد التي يتوفر فيها الحد الأدنى من حيادية القضاء واستقلاله عن تبعية السلطة العسكرية و التنفيذية ! لقد عرف القضاء السوداني بنظافة اليد و دقة تطبيق العدالة الحقة ليس على المستوى الداخلي فقط ، وانما ضربت سيرته الحسنة الآفاق وكانت الدول الناشئة ولا زالت تتسابق على انتداب قضاته لتأسيس المحاكم أو العمل فيها ! وحتى في ظل تغول هذا النظام على كل مفاصل السلطات دون فصل بينها ، بما فيها سلطة القضاء التي وطد استغلالها دون مواربة او استحياء لقضاء حوائجه المريبة ، فاننا نقول بكل صدق وأمانة، فباستثناء قلة من القضاة الذين غطت ضمائرهم على وسائد السلطة الانقاذية الحاكمة ، لا يساورنا شك في نزاهة القاضي السوداني رغم كل الظروف الضاغطة والتوجيهات المهينة من رئاسة القضاء المدجنة باصدار الأحكام في قضايا الرأى السياسية تلاعبا بالقوانين لصالح الحكم تماما باعتبارها محض جرائم جنائية في حق الصالح العام ، مما يؤكد عدم أهلية تلك الرئاسة لتولى هذا الكرسي الذي ظل مطهّرا من كل شائبة الا فيما ندر من المراحل المتقطعة ، ولعل هجرة الكثيرين من قضاتنا نأئيا بأنفسهم عن التلوث بمناخ التسلط ا لأيدلوجي السافر للنظام الذي ملاْ رئات ساحات العدالة وأفسدها وهجران الكثيرون منهم للمهنة الى سلك المحاماة ، لهو دليل واضح و غمز في قناة نزاهة العدالة التي طالتها يد السلطان ، ولوت ذراعها لمصلحته ، مثلما جيرت علم الفقهاء وأصحاب الفتيا لتبرير صبوة وغرض النظام وتذليل كبواته المتلاحقة في كل مضامير مسيرته التي ظلت تقوده من خطل الى فشل حتى اقعدته كسيحا في هذه المرحلة ، من توتره وبطشه و تعديه على ابسط حريات البشر ، بعد أن قضى على أخضر ويابس معيشتهم وفي أهم مقوماتها ! اذن نخلص الى ضرورة أن تنشأ وسط قانونينا الأحرار من المحامين والمستشارين هيئة ادعاء و حسبة مدنية عامة انابة عن المجتمع كله، تلتقط مثل تلك الخيوط التي رمى بها الزميل حسن اسحق ،لتنسج منها قضية كبرى تجر مثيلاتها من تلك التي يتدثر اصحابها بثياب الخوف أو الحياء والخجل من تعييب المجتمع وهي كثيرة خلف تلك الستور، ولابد من أن تكون نتائجها الفاضحة في كل مراحلها محرجة للنظام من سلوك عناصر أجهزته وهو المحاصر بركام من الاخفاقات و التهم والكراهية أصلا وان طال مشوار التقاضي فيها زمنا ! ولا نطمح في هذا الجو الانقاذي المعتم ولن نتعشم بالطبع في أن تجرجر لنا تلك العدالة الفريق محمد عطا رئيس الجهاز شخصيا ، الى ساحتها ، فحسبنا من البعير اذنه المتمثلة في الأفراد الذين يرتكبون مثل تلك التجاوزات ان هو تبرأ منهم ومن خروقاتهم وقد تكررت كثيرا بحكم الحماية والتستر ! فحساب الكبار له يومه ما بعد سقوط النظام وبعدالة الثورة القادمة في رياح الغد القريب باذن الله تعالى . ولا ينبغي أن نترك الأمرفي كل مرة ، يمر مثل قضية اغتصاب أجهزة الأمن للشابة الناشطة صفية اسحق التي ضاعت شمارا في مرقة الانحياز القضائي السافر الذي حول المجرم الى ضحية ! فتركت البنية أهلها وديارها هربا من ظلم قضاء نظام يتحدث بأحكام الشريعة الاسلامية ، باحثة عن دفء العدالة الاجتماعية والأمان في أحضان الأجانب من غير المسلمين فيما وضعها قضاؤنا وهي الضحية الضعيفة في موضع الكذوب ! وأودع شهود الدفاع عنها من الصحفيين والكتاب والناشطين النبلاء قفص الاتهام دون وجه حق ! ولكّن عدالة الله فوق كل ظالم .. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]